في السابع من شهر رمضان المبارك تحلّ الذكرى الأليمة لوفاة كافل رسول الله، وحاميه وناصره في رسالته السماوية، على رواية يختلف حولها المؤرخون ممن يقولون بتاريخ آخر لوفاة أبي طالب، يفصل عن وفاة السيدة خديجة بأشهر عديدة في عام واحد سمّاه النبي الأكرم "عام الحزن"، بيد إن حرصنا على ترميز هذه الشخصية الفذّة ذات الدور المحوري والأساس في نشر رسالة السماء، وأداء شيء من الحق إزاء ابو طالب الذي خلّد نفسه بنفسه رغم تاريخ الحكام والطغاة، هو الذي دفع بهذه الكلمات لتكون لافتة أخرى تُدين التاريخ ومن يقف خلفه بأن أبو طالب مات مشركاً، ومأواه "في ضحضاحٍ من نار"، كما تقولوا على النبي الأكرم، ظلماً وعدواناً.
لماذا لم يُعلن أبوطالب إسلامه؟!
لا علينا بالمتقوّلين على أبي طالب في عصرنا الراهن من المتعكزين على النصوص التاريخية المزيفة، فهؤلاء أجدر بالرثاء لموقفهم الحرج إزاء هذه الشخصية، إنما الحديث لابناء هذا الجيل من ابناء الأمة الباحثين عن الحقيقة.
في عقيدتنا أن عبد المطلب وإبناه ابو طالب وعبد الله المنحدرين من سلالة نبي الله اسماعيل، عليه السلام، التزموا منهج الحنفية في عقيدتهم، فكانوا يدركوا وجود الله الواحد الأحد، ولم يؤمنوا في سرّهم قطّ بتعدد الآلهة، وقصة عبد المطلب –جدّ النبي الأكرم- مع "ابرهة" ملك الحبشة، معروفة قبل عملية الاجتياح الفاشل عندما قال له: "للبيت ربٌّ يحميه".
هذه من الناحية العقدية، أما من الناحية الاجتماعية، علينا معرفة حقيقة تاريخية مهمة تتعلق بالنسيج المجتمعي لمكة قبل فجر الإسلام، فبعد هزيمة جيش إبرهة بحجارة الأبابيل، لمع نجم مكة في الجزيرة العربية، وتحولت الى قبلة للحجاج والتجار والزائرين من الجنوب ومن الشمال لحظوتها بمعجزة باهرة، ربما لم تشهدها الجزيرة العربية في تاريخها، واقترن هذا النصر المؤزر بموقف مشرّف وتاريخي من عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف الذي فاوض ملك الحبشة قبل الهجوم وأطلق ذلك الهتاف المدوّي، ثم قرر الصمود في الكعبة بعد هروب معظم اهلها في الفيافي والبراري خوفاً من بطش الفيلة والجيش الحبشي، مؤكداً إيمانه بأن الله حافظاً لبيته في كل الاحوال، وناصراً للمؤمنين، وبذلك تعززت المكانة الاجتماعية لعبد المطلب بين قبيلة قريش، وتعززت حاكميته في مكة وسدانته للكعبة التي طالما كانت محل تنافس شديد بين القبائل لما يعرفونه لها من منزلة معنوية كبيرة، ومن هؤلاء؛ عبد شمس شقيق هاشم، ثم ابنه أمية، فقد كان الحقد والحسد يغلي في قلوبهم لعدم جدارتهم بسدانة الكعبة، وثمة قصة مفصلة نتركها لمن يتابعها في كتب السِير عن عملية تحكيم جرت بين أمية وهاشم على إدارة وسدانة بيت الله الحرام، بحضور وجوه قريش ورجالها، وكانت النتيجة لصالح هاشم لما كان يتوفر على خصال وصفات حميدة مثل؛ إكرام الزائرين "بهشم الثريد" وإطعامهم، ونجدة المظلوم، وتجنب الرذائل مثل؛ الخيانة والغدر والفجور.
وهكذا بقيت سدانة البيت الحرام بيد ابناء هاشم (بنو هاشم)، فتقاسموا المهام، فقد كان على العباس بن عبد المطلب السقاية، وعلى أبو طالب الضيافة، وبقي الأمويين بعيدين عن الهيمنة على الكعبة المشرفة، بل وبعيدين عن زعامة قريش بشكل عام.
بين هذه المكانة الاجتماعية المرموقة بزغ نور الإسلام على يد الشاب المتألق والخلوق؛ محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم، وشاءت الاقدار أن يواكب أبو طالب في سنوات حياته الاخيرة الايام الاولى من ظهور الرسالة الخاتمة والدين الإسلامي، فكان اختباره العسير والاستثنائي من رجل وحيد يرث الفضائل والمكارم من أسرته، أمام مجموعة من الذئاب المتحينة لفرصة الانقضاض عليه وتقلّد زعامة مكة والكعبة المشرفة.
فلم يكن أمام أبوطالب سوى استثمار هذه المكانة الاجتماعية لنصرة الرسالة، ومساندة النبي الأكرم، والحفاظ على حياته من كيد المشركين الرافضين بشدة تخليهم عن عبادة الأوثان والإيمان بالتوحيد، وكان نجاحه باهراً في التزام الحياد الايجابي لصالح الإسلام، فعندما كان يفاوض المشركين من ابناء عمومته؛ الأمويين وغيرهم من القبائل المتحالفة، كان يحمل صفة الزعيم والوجيه المحترم، فلم يكونوا يتجرأوا على تجاوزه وانتهاك حرمته بإلحاق الإذى بالنبي، في نفس الوقت كان في نظر القريشيين والمجتمع المكّي بشكل عام مدافعاً عن ابن اخيه، وهي مسألة مفهومة قبلياً واجتماعياً، وبذلك يكون نظيراً لمؤمن آل فرعون الذي كان يكتم إيمانه، وقد شرح لنا القرآن الكريم قصته، وكيف أنه صار درعاً غير مرئياً يحمي النبي موسى من الموت، فأهون شيء عند فرعون كان قتل المعارضين بأبشع الطرق؛ بإلقائهم في الزيت المغلي، او تقطيع أوصالهم، فقال ذات مرة: {ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ}، فبرز شخص من بين الناس وصفه القرآن بـ"مؤمن آل فرعون"؛ {وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّي اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كَاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ}، وبهذه المحاججة المنطقية والعقلية كان يحول بين فرعون وتنفيذ تهديده بقتل موسى.
ولنفترض أن هذا الرجل في المجتمع الفرعوني، لم يكتم إيمانه، وأعلن تأييده لموسى ولرسالته، ونفس القرار اتخذه أبوطالب؛ تشهّد الشهادتين، وعلم الجميع في مكة أنه أسلم وصار في جبهة النبي الأكرم، هل يكون بالإمكان نصرة الحق والرسالة السماوية أمام من يكفر بها؟ بل النتيجة ستكون خسارة الحاجز الفاصل بينهما وبين قرار القتل الفوري والمبرر بالنسبة للمشركين لأنهم سيقولون أنهم يدافعون عن أنفسهم في مواجهة مكشوفة.
التضحية بالسمعة والجاه لأجل اهداف عظيمة
لم يكن أبوطالب يعبأ بالمكانة والجاه في مكة، فقد كان كل شيء لديه في خدمة الرسالة والنبي الخاتم لنصرته والدفاع عنه، ولا أراني بحاجة الى تكرار ما كتب وقيل في حق أبوطالب، وكيف أنه تكفله صبياً بعد جده عبد المطلب، ثم رافقه في شبابه، موفراً له كامل الحماية والدعم، وحتى مسألة اقترانه بخديجة، وكيف أنه جسّد دور الأب الحنون والمتكفل لكل تكاليف الزواج تكريماً وتعزيزاً لمكانة ابن اخيه في المجتمع، وكيف كان يفدي ابنه علي، أمير المؤمنين، لتوفير الحماية للنبي، ويرد الصاع صاعين على كل من يتطاول على النبي بالأذى والإساءة حتى قرار المقاطعة الاقتصادية والاجتماعية القاسية في "شِعب أبي طالب"، وخلالها أصيب أبوطالب بالهزال الشديد والمرض مع كبر سنّه، بسبب الجوع الشديد إثر المقاطعة والحصار منع وصول الطعام والشراب الى المسلمين.
واذا كان التاريخ قد ظلم أبوطالب، بما لم يظلم أحداً غيره، كما كتب صاحب "سيرة المصطفى"؛ السيد هاشم معروف الحسني، فان أبوطالب، بالمقابل ألقى الحيرة القاتلة في جوف هذا التاريخ وأقلامه المأجورة، والى جانبهم؛ وعاظ السلاطين، ومن شروا الضلالة بالهدى حتى تاريخنا المعاصر، بسقوطهم في الجدل العقيم حول إسلام أبوطالب، وقبولهم بالرأي المصطنع بأنه مات مشركاً رغم كل مواقفه المساندة للنبي الأكرم، والأنكى من ذلك؛ التقوّل على النبي الأكرم بأنه قال في حق عمه بأن في النار، مع وجود الأدلة والبراهين القاطعة على إسلامه بأحسن وأكمل ما يكون، يكفي دليلاً واحداً يستوقف الجميع وهي وجود زوجته فاطمة بنت أسد، وهي مؤمنة آنذاك، وقد نهى الإسلام بصريح الآية القرآنية بعدم جواز بقاء المرأة تحت رجل مشرك، فكيف تمّ ذلك في حضور النبي الأكرم؟!
وبذلك؛ ربح أبوطالب بتضحيته العظيمة، منزلة أعظم في التاريخ، ويوم القيامة، وخسر كل من تشبث بالألقاب والسمعة والجاه من مؤرخين وكتاب ومحدثين لما اقترفوه من تزوير بشع لن ينطلي على ابناء الجيل الجديد والاجيال القادمة.
من شبكة النبا المعلوماتية
كتبه محمد علي جواد تقي
لماذا لم يُعلن أبوطالب إسلامه؟!
لا علينا بالمتقوّلين على أبي طالب في عصرنا الراهن من المتعكزين على النصوص التاريخية المزيفة، فهؤلاء أجدر بالرثاء لموقفهم الحرج إزاء هذه الشخصية، إنما الحديث لابناء هذا الجيل من ابناء الأمة الباحثين عن الحقيقة.
في عقيدتنا أن عبد المطلب وإبناه ابو طالب وعبد الله المنحدرين من سلالة نبي الله اسماعيل، عليه السلام، التزموا منهج الحنفية في عقيدتهم، فكانوا يدركوا وجود الله الواحد الأحد، ولم يؤمنوا في سرّهم قطّ بتعدد الآلهة، وقصة عبد المطلب –جدّ النبي الأكرم- مع "ابرهة" ملك الحبشة، معروفة قبل عملية الاجتياح الفاشل عندما قال له: "للبيت ربٌّ يحميه".
هذه من الناحية العقدية، أما من الناحية الاجتماعية، علينا معرفة حقيقة تاريخية مهمة تتعلق بالنسيج المجتمعي لمكة قبل فجر الإسلام، فبعد هزيمة جيش إبرهة بحجارة الأبابيل، لمع نجم مكة في الجزيرة العربية، وتحولت الى قبلة للحجاج والتجار والزائرين من الجنوب ومن الشمال لحظوتها بمعجزة باهرة، ربما لم تشهدها الجزيرة العربية في تاريخها، واقترن هذا النصر المؤزر بموقف مشرّف وتاريخي من عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف الذي فاوض ملك الحبشة قبل الهجوم وأطلق ذلك الهتاف المدوّي، ثم قرر الصمود في الكعبة بعد هروب معظم اهلها في الفيافي والبراري خوفاً من بطش الفيلة والجيش الحبشي، مؤكداً إيمانه بأن الله حافظاً لبيته في كل الاحوال، وناصراً للمؤمنين، وبذلك تعززت المكانة الاجتماعية لعبد المطلب بين قبيلة قريش، وتعززت حاكميته في مكة وسدانته للكعبة التي طالما كانت محل تنافس شديد بين القبائل لما يعرفونه لها من منزلة معنوية كبيرة، ومن هؤلاء؛ عبد شمس شقيق هاشم، ثم ابنه أمية، فقد كان الحقد والحسد يغلي في قلوبهم لعدم جدارتهم بسدانة الكعبة، وثمة قصة مفصلة نتركها لمن يتابعها في كتب السِير عن عملية تحكيم جرت بين أمية وهاشم على إدارة وسدانة بيت الله الحرام، بحضور وجوه قريش ورجالها، وكانت النتيجة لصالح هاشم لما كان يتوفر على خصال وصفات حميدة مثل؛ إكرام الزائرين "بهشم الثريد" وإطعامهم، ونجدة المظلوم، وتجنب الرذائل مثل؛ الخيانة والغدر والفجور.
وهكذا بقيت سدانة البيت الحرام بيد ابناء هاشم (بنو هاشم)، فتقاسموا المهام، فقد كان على العباس بن عبد المطلب السقاية، وعلى أبو طالب الضيافة، وبقي الأمويين بعيدين عن الهيمنة على الكعبة المشرفة، بل وبعيدين عن زعامة قريش بشكل عام.
بين هذه المكانة الاجتماعية المرموقة بزغ نور الإسلام على يد الشاب المتألق والخلوق؛ محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم، وشاءت الاقدار أن يواكب أبو طالب في سنوات حياته الاخيرة الايام الاولى من ظهور الرسالة الخاتمة والدين الإسلامي، فكان اختباره العسير والاستثنائي من رجل وحيد يرث الفضائل والمكارم من أسرته، أمام مجموعة من الذئاب المتحينة لفرصة الانقضاض عليه وتقلّد زعامة مكة والكعبة المشرفة.
فلم يكن أمام أبوطالب سوى استثمار هذه المكانة الاجتماعية لنصرة الرسالة، ومساندة النبي الأكرم، والحفاظ على حياته من كيد المشركين الرافضين بشدة تخليهم عن عبادة الأوثان والإيمان بالتوحيد، وكان نجاحه باهراً في التزام الحياد الايجابي لصالح الإسلام، فعندما كان يفاوض المشركين من ابناء عمومته؛ الأمويين وغيرهم من القبائل المتحالفة، كان يحمل صفة الزعيم والوجيه المحترم، فلم يكونوا يتجرأوا على تجاوزه وانتهاك حرمته بإلحاق الإذى بالنبي، في نفس الوقت كان في نظر القريشيين والمجتمع المكّي بشكل عام مدافعاً عن ابن اخيه، وهي مسألة مفهومة قبلياً واجتماعياً، وبذلك يكون نظيراً لمؤمن آل فرعون الذي كان يكتم إيمانه، وقد شرح لنا القرآن الكريم قصته، وكيف أنه صار درعاً غير مرئياً يحمي النبي موسى من الموت، فأهون شيء عند فرعون كان قتل المعارضين بأبشع الطرق؛ بإلقائهم في الزيت المغلي، او تقطيع أوصالهم، فقال ذات مرة: {ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ}، فبرز شخص من بين الناس وصفه القرآن بـ"مؤمن آل فرعون"؛ {وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّي اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كَاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ}، وبهذه المحاججة المنطقية والعقلية كان يحول بين فرعون وتنفيذ تهديده بقتل موسى.
ولنفترض أن هذا الرجل في المجتمع الفرعوني، لم يكتم إيمانه، وأعلن تأييده لموسى ولرسالته، ونفس القرار اتخذه أبوطالب؛ تشهّد الشهادتين، وعلم الجميع في مكة أنه أسلم وصار في جبهة النبي الأكرم، هل يكون بالإمكان نصرة الحق والرسالة السماوية أمام من يكفر بها؟ بل النتيجة ستكون خسارة الحاجز الفاصل بينهما وبين قرار القتل الفوري والمبرر بالنسبة للمشركين لأنهم سيقولون أنهم يدافعون عن أنفسهم في مواجهة مكشوفة.
التضحية بالسمعة والجاه لأجل اهداف عظيمة
لم يكن أبوطالب يعبأ بالمكانة والجاه في مكة، فقد كان كل شيء لديه في خدمة الرسالة والنبي الخاتم لنصرته والدفاع عنه، ولا أراني بحاجة الى تكرار ما كتب وقيل في حق أبوطالب، وكيف أنه تكفله صبياً بعد جده عبد المطلب، ثم رافقه في شبابه، موفراً له كامل الحماية والدعم، وحتى مسألة اقترانه بخديجة، وكيف أنه جسّد دور الأب الحنون والمتكفل لكل تكاليف الزواج تكريماً وتعزيزاً لمكانة ابن اخيه في المجتمع، وكيف كان يفدي ابنه علي، أمير المؤمنين، لتوفير الحماية للنبي، ويرد الصاع صاعين على كل من يتطاول على النبي بالأذى والإساءة حتى قرار المقاطعة الاقتصادية والاجتماعية القاسية في "شِعب أبي طالب"، وخلالها أصيب أبوطالب بالهزال الشديد والمرض مع كبر سنّه، بسبب الجوع الشديد إثر المقاطعة والحصار منع وصول الطعام والشراب الى المسلمين.
واذا كان التاريخ قد ظلم أبوطالب، بما لم يظلم أحداً غيره، كما كتب صاحب "سيرة المصطفى"؛ السيد هاشم معروف الحسني، فان أبوطالب، بالمقابل ألقى الحيرة القاتلة في جوف هذا التاريخ وأقلامه المأجورة، والى جانبهم؛ وعاظ السلاطين، ومن شروا الضلالة بالهدى حتى تاريخنا المعاصر، بسقوطهم في الجدل العقيم حول إسلام أبوطالب، وقبولهم بالرأي المصطنع بأنه مات مشركاً رغم كل مواقفه المساندة للنبي الأكرم، والأنكى من ذلك؛ التقوّل على النبي الأكرم بأنه قال في حق عمه بأن في النار، مع وجود الأدلة والبراهين القاطعة على إسلامه بأحسن وأكمل ما يكون، يكفي دليلاً واحداً يستوقف الجميع وهي وجود زوجته فاطمة بنت أسد، وهي مؤمنة آنذاك، وقد نهى الإسلام بصريح الآية القرآنية بعدم جواز بقاء المرأة تحت رجل مشرك، فكيف تمّ ذلك في حضور النبي الأكرم؟!
وبذلك؛ ربح أبوطالب بتضحيته العظيمة، منزلة أعظم في التاريخ، ويوم القيامة، وخسر كل من تشبث بالألقاب والسمعة والجاه من مؤرخين وكتاب ومحدثين لما اقترفوه من تزوير بشع لن ينطلي على ابناء الجيل الجديد والاجيال القادمة.
من شبكة النبا المعلوماتية
كتبه محمد علي جواد تقي