إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

قراءة في كتاب المراقد والمقامات في كربلاء ج1

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • قراءة في كتاب المراقد والمقامات في كربلاء ج1


    يشكل استحضارات التأريخ استلهاما شعوريا يحفز فينا تلقائية التلقي واستيعاب المدون البحثي، وخاصة حين تستحكم مقومات التجربة التدوينية التي تمنح مؤلفها خيرة ترسيخ عوالم البناء (الهدف ـ المعالجة) وتقديم الرؤى التي في مقدورها رفع المستوى الإدراكي للإحتفاء بالواقع المثير للاهتمام بمكوناته الروحية، وخاصة عندما يحمل الموضوع تأريخ قداسة لها قوة عمق متجذر في الوجدان، ومدينة مثل كربلاء تمتلك المؤثرات الفاعلة والفعّالة؛ وهي التي صنعت التأريخ الشيعي وابرزت هويته، جذوة استهلال تبدأه المقدمة لتثير فينا مجسّات التكوين، وتفتح امامنا منافذ الوعي لتشكيل الصورة الأسمى لهذا الحضور البهي...
    كتاب (المراقد والمقامات في كربلاء) للباحث القدير الأستاذ عبد الأمير القريشي... وهو من اصدارات قسم الشؤون الفكرية والثقافة في العتبة العباسية المقدسة طباعة بيروت، حيث يرى الباحث انه لابد للجهد البحثي أن يسع مواقع تفسير شواهد حية على تجليات مسيرة التأريخ والكتابة عن مثل هذه المكونات تكون مفعمة بالمشاعر، لكونها تحتوي على سمات قدسية تتجاوز حرفنة التدوين، وقد منحته التجربة محصنات أبعدته عن القوالب السردية الجاهزة والاستنساخ النقلي، فراح يبحث في عوالم المكان والشخصيات المعنية فيه تأريخها ثم السمات الوصفية للمرقد أو المقام...
    كما تعمّق في الاسلوب البحثي، وقدم لنا رؤى تحليلية؛ فهو يرى ان إحياء هذه الرموز المكانية يساعد على بقاء الشاهد حيا، كونها تمثل الامتداد الطبيعي للمرقد المبارك لسيد الشهداء عليه السلام، ومثل هذه الرؤى تمثل اضافة في اسلوبية المتابعة، والكشف عن مساحات أوسع في وجهات النظر؛ فأغلب المدون الموروث عبارة عن مشاهدات مؤرخين وباحثين ورحالة أجانب، لذلك عليه ان يستخلص المعلومة ويمررها عبر التجاذبات المعروضة من جدل واعتراض وقبول تأريخي...
    يقدم الرأيُ إقرارا أو استشهادا ليصل بها الى تصريح كالذي ورد من شك مفتعل بمكان مرقد حبيب بن مظاهر الاسدي، فاستشهد باعتراض السيد مهدي القزويني في كتابه (المزار) لكون القصة المذكورة كانت في عصر علماء لهم نفوذ ديني وسيطرة تمكنهم من انكار كل محدث...
    ثم يصوغ لنا الحاج القريشي رأيه المستخلص عبر مساحة الاشهار ومرجعية الاقرار، وتدفق مثل هذه الانطباعية التي تفعل لنا عملية التعالق الأمثل عبر المعالجات الانتقائية ليعرضها للتمحيص في نسيج متماسك يقف عند لجة بعض المقاتل التي تذكر ان الحر بن يزيد الرياحي عليه السلام كان متعاطفا مع الثورة منذ لقي الامام الحسين عليه السلام، وفاضت الترجيحات بتأثيرات الموقف النفسي، فالحاج عبد الامير القريشي يرى ان من انكر هذا التعاطف لم يقف عند العديد من النقاط الجوهرية؛ كالائتمام بالصلاة ومحاوراته، وقيام ابن زياد بوضع العيون على الحر لإنفاذ اوامره... كلها شواهد حية على ميول (الحر).
    وهذا يدفعنا للسؤال عن السبب الذي جعل (الحر) أن يكون اول من فرض الحصار على الإمام الحسين (ع)؟ وماهي دواعي تلك (الجعجعة)؟ واجمل ما في تأريخ الحر بن يزيد الرياحي هي امكانية الاستدلال على أحقية الحسين عليه السلام من خلال مسيرة الأحداث التي أهّلت نصرته واستشهاده، والاقرار بوجود الميول المبكرة تكشف عن خور وليس عن قوة، كما يراها السيد الباحث القريشي... ومثل هذا المسعى التدويني لايتوقف على امكانية مؤرخ بل يتعداه الى الجهد البحثي والنقدي، وهذه هي الصيغ السليمة التي نحتاجها لمواكبة الموروث التدويني وعدم الرضوخ لجميع حرفياته الموروثة...
    ومثل هذه الآراء تعيد فينا نشاط المتابعة، وسعي التركيز على حيثيات الواقعة ومناقشتها كرأي السيد أبن طاووس والخوارزمي في قول الحر: (كنت أول من خرج عليك، فأذن لي أن أكونَ أول قتيل بين يديك) ويرى السيد ابن طاووس انه قصد أول شهيد بعد الاستغاثة... وورد في كتاب (اللهوف في قتلى الطفوف) ويسمى أيضا (الملهوف على قتلى الطفوف) انه تاب قبل نشوب المعركة، ويرى الباحث الحاج القريشي ان سؤاله لأبن سعد: أمقاتل أنت هذا الرجل؟ يدل على زمن التحاق الحر بالإمام الحسين (ع) معلوم وواضح من خلال ما رواه الطبري وابن الاثير والعلامة المجلسي، فخاف ابن سعد انقسام العسكر، فقدم برايته واخذ سهما فرمى به مخيم الحسين، وقال: (اشهدوا لي عند الأمير اني اول من رمى).
    وبعد هذا فان أمنية (الحر) لم تتحقق فقد برز بعد استشهاد حبيب بن مظاهر الأسدي، فقد يكون هو أول قتيل من المبارزين عند استغاثة الامام عليه السلام بعد الحملة الأولى... والباحث الحاج عبد الامير القريشي بقول (قرة بن قيس) يستدل بمفردة (يتنحى) ولايشهد القتال، ويعني ان الحرب لم تقم بعد، وتعتبر مثل هذه الآراء وسيلة لإظهار الاستنتاجات البحثية التي توصل اليها من خلال عرض المادة التاريخية بأكثر من مصدر وأكثر من رأي، ويبين مواقع البيانات والاختلافات ليعطي رأيه منوّها بمفردة (رأيت) لبحث مسألة اختلاف الآراء هو مكان مثوى (الحر) وصولا الى توضيح مكان النواويس، حيث مرقد الحر الحالي، لكنه لم يرجح في هذه المسألة أي رأي، وإنما حاول عرض جميع وجهات النظر، مفسرا ان الموجود يعبر عن حقيقة الأمر دون ان يعترض على التباين...​
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X