يشكل المطبخ بكل تفاصيله من انواع طعام وادوات طبخ وتطور اساليب الطبخ وابتكارات الطباخين للاطعمة الجديدة أو الغربية مادة مهمة من مواد الثقافة الشعبية على مر العصور، وتشكل كتب "الطبيخ" التي دونها عدد من الدارسين المسلمين مادة اساسية لدراسات المطابخ الشعبية، ومن هؤلاء التنوخي في كتابه (نشوار المحاضرة)و الاصبهاني في(الاغاني) وابو القاسم حسين الاصبهاني في(محاضرات الادباء) وابن عبد ربه في(العقد الفريد) وغيرهم كثير.
ويتميز المطبخ العراقي عبر التاريخ بتنوعه واتصاله المباشر بالمطابخ التركية والايرانية والشامية وتنوع الاطعمة فيه اضافة لكثرة الادوات المستخدمة في المطبخ وتنوع احجامها إذ يكون لكل وليمة ما يناسبها من الادوات، ولكل طعام انواع من الانية التي تتشابه مع الاواني المخصصة لأطعمة اخرى.
ويرى باسم عبد الحميد حمودي باننا بحاجة لدراسة هذا الجانب الحيوي الاجتماعي من تقاليد المطبخ العراقي واطعمته القديمة والحديثة واسباب زوال اغذية ودخول اخرى اضافة الى الصورة الاجتماعية لهذا النوع من الطعام دون سواه، فقد كتب المعماري رفعت الجادرجي يوما عن اكلة البامية في العراق دراسة مستفيضة تعرض فيها الى تقاليد تناول هذه الاكلة الشهيرة، كما ان طبقات المجتمع العراقي تحرص على تقديم انواع من الطعام دون غيرها في مناسبة من مناسبات دورة الحياة أو في تفاصيل الاعياد، ففي الولادة يقدم للنفساء ماء اللحم والدجاج، وللمرضع الحلوى، وفي الوفيات تذبح اعداد من الخراف أو سواها، ولكن حساء (القيسي) يتقدم المائدة، وفي الزفاف الوان وفي الختان الوان لابد من ان تدرس اسبابها.
ولكل بيئة لون من الطعام هو السائد ولكل عصر انواع مفضلة والوان لم تكن موجودة من فواكه وخضراوات فمن المعروف ان (الطماطة) لم تكن موجودة كمادة غذائية في العراق حتى مطلع القرن العشرين، ويذكر الشيخ جلال الحنفي ان النساء كن يحمرن الحساء باضافة عصير الرمان له في بغداد.
ان تفاصيل عديدة يمكن ان تجمعها دراسات متعددة في تطور المطبخ العراقي وتقاليده واوانيه وهو موضوع نتمنى ان نجد له صدى في مستقبل دراسات من هذا النوع.لمعرفة الأصيل ونبذ المستورد الشاذ لأنه يدخل غي خانة الغزو الثقافي والذي ينبغي الإلتفات إليه لمنع تسلل تلك الثقافات داخل بيوتنا وبالتالي منع نفوذ بقية الثقافات الفكرية المستوردة .
ك