مولاي اعذر بلطفك فيض هذا الجنون، الذي يجعلني اسير على نبضات الدهور، لأقف عند بابك بزهو سلام، سلام الله عليك سيدي ومولاي الامام الصادق ورحمة الله وبركاته، جئت متوسلا اليك لتحدثني عن جلالة هذه الـ(إقرأ) التي شعت في غار حراء، وزغردت بتواريخ الرؤى يوم السابع والعشرين من رجب، الـ(إقرأ) التي حملت سماوات حلم فتحت به ابواب الرحمة والجلال، وكأني اسمع جبرائيل (عليه السلام) يقول: خذ يا رسول الله فضاءات ربيع دائم الزهو بين يديك، واقرأ تاج النبوة في غبطة عز، توقر اذني بشفاعة هذا الخشوع البليغ.
:ـ بعدما اعتزل سبل التجارة، ورمى هندام السفر الى تجارة أخرى حيث تصدق واهب الحنو والعاطفة والحنين بكل ما يملك من رزق الله وساما يشرق بالربح والكرامة عند سفر الوجد من غار حراء.
كان يصعد سلالم هذي الـ(إقرأ)، لتزهر في القلب رايات الندى والهدى، ليغزل من المديات بهجة هذا اللقاء، كان (ص) يقرأ اوردة الحكمة في بدائع هذا الارتقاء، كان (ص) يقرأ وهو ينظر الى اكتاف السماء بما تحمل من اشراقات دعاء، وكان (ص) يقرأ غبطة الروح في محراب الصلاة ويصلي، وأربعين العمر في قلب تزكى فصار أجلّ وأطوع وأخشع وأخضع اذنا لأبواب السماء، التي فتحت بمفتاح الـ(إقرأ)، كان النبي (ص) ينظر الى ملائكة الله تعالى من شغاف غبطته، نزل الملائكة على مديات هذا الحنو، ونزلت الرحمة من لدن ساق العرش الى رأسه الكريم.
والنبي (ص) يدخل الروح في قلب غار، بهاء المشهد يشعل كل قناديل التوق، ويلملم اسرار الكون.
((اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ))(1).
يا إلهي.. من رأى مثلي عظمة هذا المشهد الكوني، خصب الروح والبسملة التي زلزلت الأرض، الجبال تنادي: السلام عليك يا محمد يا رسول الله، الصخور والمدر وكل شيء ينادي سلاما كغرس النماء.
قلت مولاي الصادق عليك سلام الله: دعني يا ابن رسول الله في حضرتك أزف الدمع في بهجة المبعث رايات ولاء، وأشعر بأن من هذا الطيف المزهو انبعثت ملامح كربلاء، وإذا بمولاي الصادق يترك على اطراف الرؤيا دمعته ويرحل.