عندما أُسقط النظام البائد، وانطوت صفحته المظلمة، تعالت أصوات الشعب بتبني الديمقراطية متمثلة بأهداف أولها حرية الرأي، وخاصة في ما يخص السلطة الرابعة، وهي الإعلام والصحافة، وهو أمر إيجابي اذا نظرنا اليه من زاوية واحدة، ولكننا لو لاحظنا المسألة من جوانب عدة، نرى في النهاية أن حرية الرأي لا تعني التسقيط وتهميش الاخر وتهميش منجزاته على حساب نجاح الجهة المتبنية للحدث القائم ومن ثم تجاهل المنجزات والامكانيات والمجهودات لإعطاء صورة مناقضة للواقع: كالتناقض بين اللونين الأبيض والأسود..! ان هذا لا يمكن أن نعتبره حرية رأي، بل بالعكس، انه التسقيط الفعلي لما تبذله جهة معينة وضياع جهودها سدى.. وهذا ما التمسناه من خلال ما طرحته بعض القنوات - التي لا تستند على أخبار وتقارير علمية رصينة - عن مدينة كربلاء المقدسة، لتضع الشك في قلب من يسمع ويرى اولاً، ومن ثم تجاهل ما قام به اهالي مدينة كربلاء من منجزات ثانياً..!.
وعليه يجب أن ندعو من يحاول أن يتغاضى عن المنجزات التي تحققت في كربلاء، ليتمعن قليلاً وليشاهد الفرق بين كربلاء قبل سقوط النظام الدكتاتوري وبين الواقع المتدرج في تطوره كل يوم. لقد كانت مدينة كربلاء مهمشة في عهد النظام وكانت تفتقر لأبسط مقوماتها ومقاماتها كمدينة سياحية على الصعيد الديني عالميا..! وبسبب ذلك وأسباب أخرى سياسية قمعية كان عدد الزوار لا يقارن مع ما نشاهده اليوم بعد التقدم والازدهار الذي تحقق في العتبتين المقدستين الحسينية والعباسية، حين صرفت أموال طائلة لإعادة ترميهما وتطويرهما، لتصلا الى الصورة العمرانية المدهشة التي نراها الآن والتي أصبحت آية من آيات العمران التراثي العالمي يشهد له الجميع.
ومن الجدير التنويه ان الإعمار والتحديث والتطوير في هاتين العتبتين المقدستين في عمل متواصل لم ينقطع حتى الآن، وهذا ما نلمسه في كل رحلة اليهما، وعلى الصعيد الاقتصادي عمل القائمون على العتبتين على تطور الاقتصاد في المدينة المقدسة لتكون بذلك اول المدن تمكينا اقتصاديا تنفع أهلها وجميع المحافظات الأخرى.
ونلاحظ ذلك جليا في مزارع (فدك) للتمور والتي منع استيراد التمور لكثرة منتجاتها وجودة انواعها، ناهيك عن اقامة المزارع البلاستيكية لإنتاج المحاصيل التي لا يصلح زراعتها في غير موسمها، إضافة إلى جودة المحصول المنتج على أعلى المستويات وبأيدي خبراء في الزراعة، كما لا ننسى أحواض الأسماك التي ساهمت في تربية انواع الأسماك التي يرغبها السوق العراقية بأسعار جيدة جعلت المواطن العراقي يبتعد عن شراء الأسماك المستوردة.. ثم لا ننسى الجانب الصحي الذي تقدم في مدينة كربلاء المقدسة، فقد اقامت العتبتان المقدستان الحسينية والعباسية أحدث المستشفيات التي تقف في تطورها ومعداتها وكوادرها في مصاف الدول الكبرى مثل: مستشفى الكفيل التخصصي، ومستشفى الإمام زين العابدين وغيرها..
أضف إلى ذلك القيام بتعمير المدينة ورفع مستوى الخدمات وتطوير الشوارع والبنى التحية، وكل ذلك أدى إلى رفع مستوى الرفاهية للمواطن الكربلائي وللقادم إليها باعتبارها مدينة للسياحة الدينية.
أما الجانب الثقافي، فقد نال حصة كبيرة من اهتمام العتبتين المقدستين الحسينية والعباسية، فقد لا يمر شهر واحد دون ان يقام مهرجان او مؤتمر او محفل في مجال الثقافة والادب حتى استقطبت اعدادا كبيرة من المثقفين العراقيين والعرب على السواء ولم ينسَ القائمون وسط هذا الزحام من التطور قيمة الطفل وحاجة الطفل فبادروا إلى إقامة مهرجان المسرح الحسيني الصغير الدولي لمسرح الطفل، إضافة الى مهرجانات أخرى خاصة بالطفل، وتعنى بالرسم والقصة والخطابة وغيرها من الفنون التي طورت عند الطفل الكربلائي خاصة والعراقي عامة نظرته للأدب والفن.
كل ذلك وغيره من المنجزات جعلت من مدينة كربلاء إيقونة الحضارة بين باقي المحافظات العراقية ككل، فليتحرر رأي الإعلام قبل أن يُدلى به، وليتحرَّ عن كم الجهود التي بُذلت ثم يراها على أرض الواقع، بعدها يدلي برأيه.. فالأقلام لا ترحم..!
تعليق