الشيخ عبد الرزاق فرج الله الأسدي
الكفيل 909 شهر رمضان / 1444هـ - 23 / 3 / 2023م
بما أنّ الصوم لله عزّ وجل، فهو -إذاً- لا كبقية أعمال وطاعات العبد، حيث تولى الله تعالى جزاء الصائمين على الصيام، لأنهم في ضيافته عزّ وجل.فما على الصائمين إلا أن يبادروا إلى التعرض لنفحات رحمة الله عزّ وجل في أيامه المباركات، كما روي عن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله): «إنّ لربكم في أيام دهركم نفحات، ألا فتعرّضوا لها»[1].
وعليهم أنْ يسألوه العفو والتوبة والتوفيق لصيام هذا الشهر والفوز بدرجات الرضا والقبول، وأنْ يلتمسوا الوحدة على مائدة الله عزّ وجل، لذا أتينا ببعض ما ورد من الآثار مما اتفق عليه المسلمون في شأن تكريم الله تعالى للصائمين، وذلك ضمن عدة ملامح:
1- يغل الله عنهم الشياطين:
فعن الإمام أبي جعفر الباقر (عليه السلام) أنه قال: «كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا نظر إلى هلال شهر رمضان استقبل القبلة بوجهه ثم قال: (اللّهم أهِلّه علينا بالأمن والإيمان والسلامة والإسلام، والعافية المجللة والرزق الواسع، ودفع الأسقام، وتلاوة القرآن، والعون على الصلاة والصيام، اللّهم سلّمنا لشهر رمضان، وسلّمه لنا، وتسلّمه منا، حتى ينقضي شهرُ رمضان وقد غفرتَ لنا). [2]
ثم يقبل بوجهه على الناس فيقول: (يا معشر المسلمين، إذا طلع هلالُ شهرِ رمضان غُلّت مردةُ الشياطين، وفُتحت أبوابُ السماء، وأبوابُ الجنان، وأبوابُ الرحمة، وغُلقت أبوابُ النار، واستُجيب الدعاءُ، وكان لله عز وجل عند كل فطر عتقاء يعتقهم من النار، ونادى منادٍ كل ليلة: هل من سائل؟ هل من مستغفر؟» [3]
2- يستجيب الله دعاءهم:
إذ قال تعالى في سياق آية الصوم: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ﴾ [4]
وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «أربعة لا تُرد لهم دعوة حتى تفتح لهم أبوابُ السماء وتصير إلى العرش: دعوة الوالد لولده، والمظلوم على من ظلمه، والمعتمر حتى يرجع، والصائم حتى يفطر» [5]
3- يخرجهم الله من أطواق الذنوب:
في حديث عن الإمام محمد الباقر (عليه السلام) أنه قال:«إن لله ملائكة موكّلين بالصّائمين، يستغفرون لهم كل يوم من شهر رمضان إلى آخره، وينادون الصائمين كل ليلة عند إفطارهم: أبشروا عباد الله فقد جعتم قليلاً وستشبعون كثيراً، بوركتم وبورك فيكم، حتى إذا كان آخر ليلة من شهر رمضان ناداهم: أبشروا عباد الله فقد غفر الله لكم ذنوبكم وقبل توبتكم، فانظروا كيف تكونون فيما تستأنفون» [6]
4- يدخلهم الله جنته:
فعن سعيد بن جبير، قال: سألت ابن عباس: ما لمن صام شهر رمضان وعرف حقه؟ قال: تهيّأ يا بن جبير حتى أحدّثك بما لم تسمع أُذناك ولم يمر على قلبك، ثم قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: «لو علمتم ما لكم في شهر رمضان لزدتم لله شكراً، إذا كان أول ليلة منه غفر الله لأمتي الذنوب كلها سرّها وعلانيتها ورفع لكم ألفي درجة وبنى لكم خمسين مدينة...»[7]
ثم قال: «فإذا تم ثلاثون يوماً كتب الله عزّ وجل لكم بكل يوم مر عليكم ثواب ألف شهيد، وألف صديق، وكتب الله عزّ وجل لكم عبادة خمسين سنة، وكتب الله عزّ وجل لكم بكل يوم صوم ألفي يوم، ورفع لكم بعدد ما أنبت النيل درجات، وكتب عز وجل لكم براءة من النار، وجوازاً على الصراط، وأماناً من العذاب. وللجنة باب يقال له: الريّان لا يفتح ذلك إلى يوم القيامة، ثم يفتح للصائمين والصائمات من أمّة محمّد (صلى الله عليه وآله) ثم ينادي رضوان خازن الجنة: يا أمّة محمّد، هلمّوا إلى الريّان، فيدخل أمتي في ذلك الباب إلى الجنة، فمن لم يغفر له في رمضان ففي أيّ شهر يغفر له؟» [8]
5- يفرحهم الله عند لقائه:
فعن الإمام علي (عليه السلام) أنه قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): للصائم فرحتان؛ فرحة عند فطره، وفرحة يوم القيامة، وخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك» [9]
[1] -بحار الأنوار: 68/221
[2] - إقبال الأعمال للسيد ابن طاووس، 19
[3] - بحار الأنوار: 60/261
[4] - البقرة: 168
[5] - من لا يحضره الفقيه: 2/226
[6] - الأمالي الصدوق 108
[7]- وسائل الشيعة 7/ 174
[8] -المصدر السابق 106
[9] -(الأمالي لطوسي 496
تعليق