هو أخو عثمان لأمه ، ولا خلاف بين أهل العلم بتأويل القرآن ـ كما يقول في الإِستيعاب ـ فيما علمت ، أن قوله عزَّ وجلّ : ﴿ إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ . . . ﴾ سورة الحجرات، الآية: 6.
الآية نزلت في الوليد بن عقبة .
وجاء : أن امرأة الوليد جاءتْ إلى النبي (صلى الله عليه وآله) تشتكيه بأنه يضربها ، فقال لها : إرجعي وقولي إن رسولَ الله قد أجارني . فانطلقتْ ، فمكثت ساعةً ، ثم جاءت فقالت : ما أقلعَ عني . فقطع (صلى الله عليه وآله) هدبةً من ثوبه ثم قال لها : اذهبي بهذا وقولي إن رسول الله قد أجارني . فمكثت ساعةً ثم رجعت فقالت : يا رسول الله ما زادني إلا ضرباً .
فرفع يديه وقال : اللهم عليكَ بالوليد . مرتين أو ثلاثاً .
وأقام بالكوفة أميراً من طرف عثمان ، وكان يدني الشعراء ويشرب الخمر ، ويجالس أبا زَبيد الطائي النصراني . وصلىٰ الصبح بالناس في المسجد الجامع أربعاً وهو سكران ، وقرأ في صلاته :
فلما سلّم ، التفت إلى الناس وقال : أأزيدكم ؟ فإني أجد اليوم نشاطاً .
فقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ـ وكان على بيت المال ـ ما زلنا معك في زيادة منذُ اليوم ! . ثم تقيأ في المحراب . وفيه يقول الحطيئة :
وخطب ذات يومٍ ، فحصبه الناس بحصباء المسجد ، فدخل قصره يترنح ويتمثل بأبيات لتأبط شراً :
وأشاعوا بالكوفة فعله ، وظهر فسقُه ومداومتهُ شربَ الخمر ، فهجم عليه جماعة من المسجد فوجدوه سكراناً مضطجعاً على سريره لا يعقل ، فأيقظوه من رقدته فلم يستيقظ ، ثم تقايأ عليهم ما شرب من الخمر ، فانتزعوا خاتمه من يده ، وخرجوا من فورهم إلى المدينة ، فأتوا عثمان بن عفان فشهدوا عنده على الوليد أنه شرب الخمر . فقال عثمان : وما يدريكما أنه شرب الخمر ؟ فقالا : هي الخمر التي كنا نشربها في الجاهلية ، وأخرجا خاتمه فدفعاه إليه ، فزجرهما ودفع في صدورهما .
فخرجا من عنده وأتيا علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأخبراه بالقصة ، فأتى عثمان وهو يقول : « دفعتَ الشهودَ وأبطلتَ الحدودَ ! فقال له عثمان فما ترى ؟ قال : أرىٰ أن تبعث إلى صاحبك فتحضرهُ ، فإن أقاما الشهادة عليه في وجهه ولم يدرأ عن نفسه بحجّةٍ أقمت عليه الحَدَّ .
فلما حضر الوليد ، دعاهما عثمان ، فأقاما الشهادة عليه ولم يدل بحُجَة ، فألقى عثمان السوطَ إلى علي(عليه السلام) . فقال علي لابنه الحسن(عليهما السلام) : قم يا بني فأقم عليه ما أوجب الله عليه . فقال : يكفينيه بعض من ترىٰ ، فلما رأى إمتناع الجماعة عن إقامة الحد توقياً لغضب عثمان لقرابته منه ، أخذ عليٌّ(عليه السلام) السوطَ ودنا منه ، فلما أقبل نحوه سبّه الوليد وقال : يا صاحب مكْس . فقال عقيل بنُ أبي طالب وكان ممن حضر : إنك تتكلم يا بن أبي مُعَيْط كأنك لا تدري من أنت ؟! وأنت عِلجٌ من أهل صفّورية . . فأقبل الوليد يروغ من عليّ ، فاجتذبه عليٌّ(عليه السلام) فضرب به الأرض ، وعلاه بالسوط . فقال عثمان : ليس لك أن تفعل به هذا . قال : بل وشراً من هذا إذا فسق ومنع حق الله تعالى أن يُؤخذ منه (2) .
وحدّث عمر بن شبة ، قال : لما قدِم الوليد الكوفة ، وفد عليه أبو زبيد الطائي النصراني ، فأنزله الوليد دار عقيل بن أبي طالب على باب المسجد ، فاستوهبها منه ، فوهبها له ، وكان أول الطعن عليه لأن أبا زبيد كان يخرج من منزله يخترق المسجد إلى الوليد وهو سكران ، فيتخذه طريقاً ويسمر عنده ويشرب معه .
وعن ابن الأعرابي قال : أعطىٰ الوليد أبا زُبيد الطائي ما بين القصور الحمر من الشام إلى القصور الحمر من الحيرة وجعله له حمىً ، فلما عُزل الوليد وولي سعيد انتزعها منه وأخرجها عنه .
قال : ولما قدم سعيد بن العاص الكوفة موضع الوليد قال : إغسلوا هذا المنبر ، فإن الوليد كان رجساً نجساً . فلم يصعده حتى غسل .
ومات الوليد فوق الرقة . وبها مات أبو زبيد ، ودفنا في موضع واحد ، فقال في ذلك أشجع السلمي وقد مر بقبرهما :
_______________________________________
1. النصائح الكافية، ص: 165 .
2. مروج الذهب، ج 2، ص: 335 .
3. النصائح الكافية، ص 172 الحاشية .
الآية نزلت في الوليد بن عقبة .
وجاء : أن امرأة الوليد جاءتْ إلى النبي (صلى الله عليه وآله) تشتكيه بأنه يضربها ، فقال لها : إرجعي وقولي إن رسولَ الله قد أجارني . فانطلقتْ ، فمكثت ساعةً ، ثم جاءت فقالت : ما أقلعَ عني . فقطع (صلى الله عليه وآله) هدبةً من ثوبه ثم قال لها : اذهبي بهذا وقولي إن رسول الله قد أجارني . فمكثت ساعةً ثم رجعت فقالت : يا رسول الله ما زادني إلا ضرباً .
فرفع يديه وقال : اللهم عليكَ بالوليد . مرتين أو ثلاثاً .
وأقام بالكوفة أميراً من طرف عثمان ، وكان يدني الشعراء ويشرب الخمر ، ويجالس أبا زَبيد الطائي النصراني . وصلىٰ الصبح بالناس في المسجد الجامع أربعاً وهو سكران ، وقرأ في صلاته :
علِقَ القلبُ الربابا | بعد أن شابَتْ وشابا |
فقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ـ وكان على بيت المال ـ ما زلنا معك في زيادة منذُ اليوم ! . ثم تقيأ في المحراب . وفيه يقول الحطيئة :
شهدَ الحطيئةُ يوم يلقى ربَّه | أن الوليدَ أحق بالعذر | |
نادىٰ وقد تمت صلاتُهم | أأزيدكم ؟ سكراً وما يدري | |
فأبوا أبا وهب ولو أذنوا | لقرنتَ بين الشَفعِ والوِترِ | |
كفوا عنانك إذ جريت ولوُ | تركوا عنانك لم تزل تجري (1) |
ولستُ بعيداً عن مدام وقينةٍ | ولا بصفا صلدٍ عن الخير معزلِ | |
ولكنني أروي من الخمر هامتي | وأمشي الملا بالساحبِ المتسللِ |
فخرجا من عنده وأتيا علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأخبراه بالقصة ، فأتى عثمان وهو يقول : « دفعتَ الشهودَ وأبطلتَ الحدودَ ! فقال له عثمان فما ترى ؟ قال : أرىٰ أن تبعث إلى صاحبك فتحضرهُ ، فإن أقاما الشهادة عليه في وجهه ولم يدرأ عن نفسه بحجّةٍ أقمت عليه الحَدَّ .
فلما حضر الوليد ، دعاهما عثمان ، فأقاما الشهادة عليه ولم يدل بحُجَة ، فألقى عثمان السوطَ إلى علي(عليه السلام) . فقال علي لابنه الحسن(عليهما السلام) : قم يا بني فأقم عليه ما أوجب الله عليه . فقال : يكفينيه بعض من ترىٰ ، فلما رأى إمتناع الجماعة عن إقامة الحد توقياً لغضب عثمان لقرابته منه ، أخذ عليٌّ(عليه السلام) السوطَ ودنا منه ، فلما أقبل نحوه سبّه الوليد وقال : يا صاحب مكْس . فقال عقيل بنُ أبي طالب وكان ممن حضر : إنك تتكلم يا بن أبي مُعَيْط كأنك لا تدري من أنت ؟! وأنت عِلجٌ من أهل صفّورية . . فأقبل الوليد يروغ من عليّ ، فاجتذبه عليٌّ(عليه السلام) فضرب به الأرض ، وعلاه بالسوط . فقال عثمان : ليس لك أن تفعل به هذا . قال : بل وشراً من هذا إذا فسق ومنع حق الله تعالى أن يُؤخذ منه (2) .
وحدّث عمر بن شبة ، قال : لما قدِم الوليد الكوفة ، وفد عليه أبو زبيد الطائي النصراني ، فأنزله الوليد دار عقيل بن أبي طالب على باب المسجد ، فاستوهبها منه ، فوهبها له ، وكان أول الطعن عليه لأن أبا زبيد كان يخرج من منزله يخترق المسجد إلى الوليد وهو سكران ، فيتخذه طريقاً ويسمر عنده ويشرب معه .
وعن ابن الأعرابي قال : أعطىٰ الوليد أبا زُبيد الطائي ما بين القصور الحمر من الشام إلى القصور الحمر من الحيرة وجعله له حمىً ، فلما عُزل الوليد وولي سعيد انتزعها منه وأخرجها عنه .
قال : ولما قدم سعيد بن العاص الكوفة موضع الوليد قال : إغسلوا هذا المنبر ، فإن الوليد كان رجساً نجساً . فلم يصعده حتى غسل .
ومات الوليد فوق الرقة . وبها مات أبو زبيد ، ودفنا في موضع واحد ، فقال في ذلك أشجع السلمي وقد مر بقبرهما :
مررتُ على عظام أبي زبيدٍ | وقد لاحت ببلقعة صلودِ | |
وكان له الوليد نديمَ صدقٍ | فنادم قبرُه قبرَ الوليد (3) |
1. النصائح الكافية، ص: 165 .
2. مروج الذهب، ج 2، ص: 335 .
3. النصائح الكافية، ص 172 الحاشية .
تعليق