تويت
كان في محلتنا القديمة شخص شرير لا أتذكر سوى اسمه الأول (حاتم ...) صاحب سمعة رديئة وشر عظيم، تقترن بذكره كل سيئات المعمورة! رأى البعض ان الزواج هو الشيء الوحيد الذي يستطيع أن يهديه الى الطريق القويم. تبرّع له الخيّرون بتكاليف العرس، وفعلا اختاروا له علوية يتيمة، صاحبة ورع وتقوى وجمال وذكاء... لكن المشكلة؟
مرّت الأيام وبقى (حاتم) على حاله لم يتغير منه شيء؛ بل بالعكس زاد اصرارا بفعل الموبقات، وأخذ يضربها ويؤذيها، وهي لاتملك سوى كلمة (الله كريم).
لقد تصوّر الناس ان ولادة طفلهما الأول (حسن) سيعيد له رشاده، لكن لا رشاد لإنسانٍ لا تسترقه براءة ابنه، وتسحره ضحكة ماجنة في ليل رخيص. تحسّر الجميع على حالها، وهناك من كان يلحّ عليها بالطلاق منه، وهي لاتملك سوى الدعاء، والعالم صار يتذكرها كلما تمر كلمة (الله كريم).
المهم ان (حاتم) تعرّض ذات يوم، وفي إحدى عبثياته، الى اصابة أقعدته بالشلل، وصار على زوجته أن تطعمَه وتسقيه، وتقضي جميع مفردات حياته...
الألم يعتصر قلب الجميع:ـ اتركيه... فهو لم يعاملْك يوما كانسانة، فلماذا تعاملينه اليوم كبشر؟
كانت تقول دائماً: (الله كريم، وهذي قسمته، وانا راضية بها، فله الحمد...).
اثر ذلك جاعت العلوية وابنها، وليس لديها سوى البيت العتيق، هو كل ماورثته من أهلها، فصار عليها أن تخلي بعض غرفه، وتعرضها لايواء الزائرين، مقابل أجر بسيط، وقررت اصلاح بنائه، كلما توفر لديها شيء من الايجار.
تنامت اثر هذا العمل الكثير من العلاقات مع عوائل من مختلف طبقات المجتمع، ومن جميع المحافظات. الجميع أحبها لطهارتها، وصبرها على البلاء، يدعو لها بالتوفيق، ويأمل أن يعوّضها الله خيرا.
وذات ايجار... وقفت عائلة بأجمعها تبكي، وهي تنظر اليها، الأب والأم والاخوة والاخوات، وهم يقولون: يا سبحان الله انها تشبه ابنتنا؟ استغربت العلوية وهي تصيح: من هي ابنتكم؟
ابنتنا شابة ماتت وزوجها اثر حادث سيارة، ياسبحان الله (حباية ومقسومة بالنص)، فصارت هذه العائلة لاتناديها إلا بإسم ابنتهم، يمرّون عليها دائما فيغدقون لها من الخير ما يُبعد عنها شبح العوز، ويرفعون معها أيديهم بالدعاء لشفاء زوجها، وهي تنظر لهم بدمعة فرح، وتقول:
الله كريم...