إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

رؤيا في ملكوت الصحو

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • رؤيا في ملكوت الصحو


    لم أرتبك أبداً، فكان الوضع مطمئنا رغم غرابة الموقف، قلت وبكل هدوء: سيدي المعذرة، قصة تمسح فطرس بالإمام الحسين (عليه السلام) حال ولادته قصة مشهورة عندنا، تلقاها علمائنا بالقبول، فذكرها الشيخ الطوسي في دعاء من الأدعية التي ذكرها في (مصباح المتهجد)، وذكرها الصفار في (بصائر الدرجات) وابن قولويه في (كامل الزيارات) والشيخ الصدوق في (الأمالي) والنيسابوري في (روضة الواعظين) والطبري في (دلائل الإمامة) وابن حمزة في (المناقب) والراوندي في (الخرائج والجرائح) وابن شهر آشوب في (المناقب) وابن ادريس في (مستطرفات السرائر) والمشهدي في دعاء من أدعية المزار وابن طاووس كذلك والكفعمي في (المصباح) والمجلسي في (البحار) وغيرهم.
    وذكر الوحيد في (تعليقة على منهج المقال) أن حكاية فطرس مشهورة مقبولة، لكن الذي حيرني هو كيف سترضي الاخر بقصة لها ملكوت خاص من الوعي، ولا يمكن قبولها إلا بالإيمان الكامل بعالم التمكن الغيبي، فهذا رجل يدعى الشمراني ابو جراح يقف إمامي يقول لي: كيف تصدق كلاما لا يعقل ولا يصدقه المجانين.
    أجبته اني اصدق بإيماني بتلك القدرات التي وهبها الله تعالى لأهل العصمة.
    الشمراني: هم جند الله، وإنهم طائعون ويفعلون ما يؤمرون به، ولم يذكر أن أحداً من الملائكة، عصى الله تعالى إلا ابليس.
    يقول الله تعالى عن طاعة الملائكة ((عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ))(1). ومن هنا نثبت أن الله (عز وجل) أكرم الملائكة بخواص وكرامات منها طاعته دون معصية (عز وجل) وهم عباده وجنده الكرام البررة، وقد أمرنا الله تعالى ان نؤمن بالملائكة بعد الايمان بالله تعالى، بل جعل الإيمان بهم شرطاً من شروط الايمان.
    ابتسم لي سيدي وقال: هل اربكك هذا المنطق المرتبك.
    قلت: سيدي الغالي، أنا لم أؤمن بهذا الكلام الذي يبحث في عقلنيات الامور وأؤمن شديد الايمان بمحبة أهل البيت (عليهم السلام)، لكني أتمنى أن أسمع منك ردا، عسى ان يقنعه او يقنع امثاله.
    ابتسم لي سيدي، ومد يه الكريمة، وقال بكل حنو:ـ اولاً.. دعني اروي لك الحكاية كما رواها سيدي ابي عبد الله (عليه السلام) قال: "إن الله عرض ولاية امير المؤمنين (عليه السلام) فقبلها الملائكة، وأبى ملك يقول له فطرس, فكسر الله جناحه، فلما ولد الحسين (عليه السلام) بعث الله جبرئيل في سبعين الف ملك الى النبي محمد (ص), يهنئونه بولادة الحسين (عليه السلام), فمر بفطرس, فقال له فطرس: يا جبرئيل الى اين تذهب؟
    قال له جبرئيل: بعثني الله الى محمد (ص) اهنئهم بمولود ولد في هذه الليلة, فقال له فطرس: احملني معك, وسل محمداً يدعو لي، فقال له جبرئيل: اركب جناحي فركب جناحه, فأتى به الى محمد (ص) فدخل عليه وهنأه, فقال له: يا رسول الله، إن فطرس بيني وبينه اخوة, وسألني أن أسالك أن تدعو الله له أن يرد عليه جناحه.
    فقال رسول الله (ص) لفطرس: أتفعل؟ قال: نعم, فعرض عليه رسول الله (ص) ولاية امير المؤمنين (عليه السلام) فقبلها.
    فقال له رسول الله (ص): شأنك بالمهد فتمسح به وتمرغ فيه.
    قال: فمضى فطرس الى مهد الحسين بن علي (عليه السلام) ورسول الله يدعو له. وعرج مع جبرئيل الى السماء، فصار الى موضعه، وهو يقول: من مثلي وأنا عتيق الحسين, وآل على نفسه أن يوصل سلام كل من يسلم على الحسين بن علي (عليهم السلام) الى قبره, فما من أحد يسلم على الحسين (عليه السلام) إلا وسلامه يصل الى قبر الحسين، بواسطة الملك فطرس".
    وهذه الحادثة رويت ايضا تحت مسميات اخرى عند علماء ابناء العامة، فكان اسم فطرس لديهم هو الملك دردائيل، فقد ذكرها الحمويني وهو من كبار علماء اهل السنه، ونقل الخبر بسنده عن ليث بن ابي سليم عن مجاهد عن ابن عباس قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم يقول: ان للّه تبارك وتعالى ملكا يقال له دردائيل سلب الله اجنحته، فلما ولد الحسين (عليه السلام) اوحى الله تعالى الى مالك خازن النار أن أخمد النيران عن اهلها لكرامه مولود ولد لمحمد (ص) في دار الدنيا, وأوحى الله تعالى الى ملائكته ان قوموا صفوفاً بالتسبيح والتمجيد والتكبير لكرامة مولود ولد لمحمد (ص) في دار الدنيا، وأوحى الله تعالى الى جبرئيل (عليه السلام): أن اهبط الى نبيي محمد (ص) في الف قبيل من الملائكة ان يهنئوا محمداً (ص) بمولوده، وأخبره اني سميته الحسين (عليه السلام)"(2).
    قلت:ـ وانت سيدي ما جوابك؟
    قال لي مولاي وسيدي:ـ الجواب على ذلك، أن ما ارتكبه الملَك لم يكن ذنباً، فالرواية أفادت أنه أبطأ في الامتثال، ولم تقل أنه عصى الأمر الإلهي، وقصد من الإبطاء ترك الامتثال، فما صدر من الملَك لم يكن معصية وإنما هو مخالفة للأولى، وكان ينبغي على الملك المبادرة في الامتثال.
    ومن المعلوم أن المخالفة للأولى يمكن صدورها من المعصوم، فقد يترك المعصوم ما هو مستحب في حالات نادرة، ولا يكون ذلك منافياً للعصمة، فالمبادرة للامتثال أمر مستحب، وليس أمراً واجباً حتى تكون مخالفته معصية.
    وأما لماذا كسر الله جناح الملَك، فذلك يتضح من معنى كسر الجناح، فهو ليس بمعنى إعطاب عضوٍ أو تهشيمه؛ لأن الملائكة من المجرّدات، والتعبير بالكسر إنما هو لتقريب المعنى للذهن، فمعنى أنه تعالى كسر جناحه هو أنه سلبه القدرة على التحليق، وذلك ليس من العقوبة بمعنى الجزاء على الذنب، حتى يقال أن ذلك ظلم بعد أن لم يكن الملك قد ارتكب ذنباً.
    فالتحليق منحة إلهية أعطاها الله (عزّ وجل) للملك ثم سلبها عنه لمخالفته للأولى، فقد يمنح الله (عزّ وجل) بعض عباده نعمة، ثم إذا قصَّر هذا العبد في شيء - وإن كان مستحباً - يسلب عنه تلك النعمة، فقد يرزق الله بعض عباده رزقاً وافراً ثم يسلبه منه إذا لم يتصدق صدقة مستحبة، والأمر إليه تعالى.
    أقول: وإذا قلنا بأن الملائكة لا يتركون الأولى استلزم ذلك أنهم أفضل من الأنبياء وهذا خلاف الصواب, قال التفتازاني: ((ذهب جمهور أصحابنا والشيعة إلى أن الأنبياء أفضل من الملائكة خلافا للمعتزلة والقاضي وأبي عبد الله الحليمي منا وصرح بعض أصحابنا بأن عوام البشر من المؤمنين أفضل من عوام الملائكة)).
    صحوت وأنا اردد: سلام عليك مولاي يا ابا عبد الله الحسين يوم مولدك المبارك.
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X