﴿بسم الله الرّحمن الرحيم﴾
📖 ﴿هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ* فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ سورة يونس، الآيتان 22-23.
﴿بسم الله الرّحمن الرحيم﴾
📖 ﴿اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ ۚ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ ۚ فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ ۚ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا ۖ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا﴾
سورة فاطر، الآية: 43.
من وصايا الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم*
🔷 قَالَ لَهُ رَجُلٌ: أَوْصِنِي بِشَيْءٍ يَنْفَعُنِيَ اَللَّهُ بِهِ فَقَالَ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ:
أَكْثِرْ ذِكْرَ اَلْمَوْتِ يُسَلِّكَ عَنِ اَلدُّنْيَا
وَعَلَيْكَ بِالشُّكْرِ فَإِنَّهُ يَزِيدُ فِي اَلنِّعْمَةِ
وَأَكْثِرْ مِنَ اَلدُّعَاءِ فَإِنَّكَ لاَ تَدْرِي مَتَى يُسْتَجَابُ لَكَ
وَإِيَّاكَ وَاَلْبَغْيَ فَإِنَّ اَللَّهَ قَضَى أَنَّهُ مَنْ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اَللّٰهُ
وَقَالَ: ﴿أَيُّهَا اَلنّاسُ إِنَّما بَغْيُكُمْ عَلىٰ أَنْفُسِكُمْ﴾
وَإِيَّاكَ وَاَلْمَكْرَ فَإِنَّ اَللَّهَ قَضَى أَنْ ﴿لا يَحِيقُ اَلْمَكْرُ اَلسَّيِّئُ إِلّا بِأَهْلِهِ﴾.
📚تحف العقول، ص: 35.
في هذه الرواية الرسول صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ يوصي الجل الذي استوصاه بوصايا قيمة أن التزم بها فسبيله الى النجاة من النار والفوز بالجنة، فذكر الموت أمر مستحب للعبد لأنه المعبر الى الحياة الأخرى الأبدية التي ينعم بها من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا، ويعذب بها من لم يؤمن وكان عمله سيئا، فقد ورد في هذه الرواية التي صدرت من النبي(صلى الله عليه واله) انه قال: (أَفْضَلُ الزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا ذِكْرُ الْمَوْتِ وَ أَفْضَلُ الْعِبَادَةِ ذِكْرُ الْمَوْتِ وَأَفْضَلُ التَّفَكُّرِ ذِكْرُ الْمَوْتِ فَمَنْ أَثْقَلَهُ ذِكْرُ الْمَوْتِ وَجَدَ قَبْرَهُ رَوْضَةً مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ) جامع الاخبار، تاج الدین شعیری، ص165.
والوصية الثانية الشكر وهو عرفان النعمة من المنعم وحمده عليها ، واستعمالها في مرضاته ، وهو من خلال الكمال ، وسمات الطِيبَة والنبل ، وموجبات ازدياد النِعم واستدامتها .
والشكر واجب مقدّس للمنعم المخلوق ، فكيف بالمنعم الخالق ، الذي لا تحصى نَعماؤه ولا تُعدّ آلاؤه ، والشكر لا يجدي المولى عز وجل لاستغنائه المطلق عن الخلق ، وإنّما يعود عليهم بالنفع ، لإعرابه عن تقديرهم للنعم الإلهية ، واستعمالها في طاعته ورضاه ، وفي ذلك سعادتهم وازدهار حياتهم ، لذلك دعت الشريعة إلى التخلّق بالشكر والتحلّي به كتاباً وسنّة والباري عز وجل يقول: ﴿اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا وَقَلِيلٌٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ﴾ سورة سبأ، الآية 13،
ويقول الإمام الصادق (عليه السلام) : (مَنْ أُعْطِيَ ثَلاَثاً لَمْ يُمْنَعْ ثَلاَثاً مَنْ أُعْطِيَ اَلدُّعَاءَ أُعْطِيَ اَلْإِجَابَةَ وَمَنْ أُعْطِيَ اَلشُّكْرَ أُعْطِيَ اَلزِّيَادَةَ وَمَنْ أُعْطِيَ اَلتَّوَكُّلَ أُعْطِيَ اَلْكِفَايَةَ ثُمَّ قَالَ أَ تَلَوْتَ كِتَابَ اَللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اَللّٰهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ، وَقَالَ ﴿لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ﴾ ، وَ قَالَ ﴿اُدْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ ) وسائل الشیعة، ج15، ص213.
والوصية الثالثة الدعاء، لمّا كان الإنسان عين الفقر والفاقة وبما أنه فُطر على أساس الطلب والحاجة إلى خالقه فهو قد فُطر على الدعاء. فالدعاء هو الالتجاء إلى الله تعالى وطلب سدّ النقائص وقضاء الحاجات منه. وفي الواقع إن هذه الحالة من التوجّه إلى الله واستمداد العون منه من خلال الدعاء غير مختصّة بالمؤمنين فقط بل حتى المشرك لا يخلو البتّة من هذه الحالة وإن أنكرها، فهو يختبرها عندما يقع في شدّة وتتقطّع به الأسباب ويزول كل ملجأ، عندها تتعلّق آماله به سبحانه تعالى وهذا ما أشارت إليه الآية الشريفة: ﴿هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُواْ بِهَا جَاءتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءهُمُ الْمَوْجُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُاْ اللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنِّ مِنَ الشَّاكِرِينَ﴾ سورة يونس، الآية 22.. فعندما أوشك هؤلاء على الغرق والهلاك توجّهوا بحسب فطرتهم بالدعاء إلى الله تعالى مسبّب الأسباب، وطلبوا منه النجاة.
فمنشأ الدعاء لدى الإنسان هو ضعفه واحتياجه الدائمان اللذان لا ينفكان عنه، وطالما أن الإنسان في هذه الدنيا فإنه لا يخلو من حالة نقصٍ وعوزٍ يحتاج معها إلى استمداد العون من الله تعالى، وهنا لا يملك إلا الدعاء الذي فيه مفاتيح الفلاح وقضاء الحاجات المعنوية والمادية على حدٍّ سواء. فهو سلاح الأنبياء الذي ينجي من الأعداء ويغسل الذنوب ويورث الطمأنينة والسكينة ويدفع البلاء ويدرّ الأرزاق وفيه الشفاء من كل داء .
فعن الإمام الرضا عليه السلام قال: (عليكم بسلاح الأنبياء، فقيل: وما سلاح الأنبياء؟ قال: الدعاء) أصول الكافي، ج2، ص 468. وعن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم قال: (ألا أدلّكم على سلاح ينجيكم من أعدائكم ويدرّ أرزاقكم؟ قالوا: بلى، قال: تدعون ربكم بالليل والنهار، فإن سلاح المؤمن الدعاء) نفس المصدر السابق.
والوصية الرابعة إياك والبغي، والبَغْيَ مجاوزة الحد وطلب الرفعة والاستطالة على الغير، في القاموس بغى عليه يبغي بغيا علا وظلم وعدل عن الحق واستطال وكذب وفي مشيته اختال والبغي الكثير من البطر، وفئة باغية خارجة عن طاعة الإمام العادل.
وقال الراغب: البغي طلب تجاوز الاقتصاد فيما يتحرى، تجاوزه أو لم يتجاوزه، فتارة يعتبر في الكمية وتارة في الكيفية، يقال: بغيت الشيء إذا طلبت أكثر مما يجب، وابتغيت كذلك، والبغي على ضربين محمود وهو تجاوز العدل إلى الاحسان، والفرض إلى التطوع، ومذموم وهو تجاوز الحق إلى الباطل وبغى تكبر وذلك لتجاوز منزلته إلى ما ليس له ويستعمل ذلك في أي أمر كان قال تعالى: ﴿فَلَمَّا أَنجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ ۗ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَىٰ أَنفُسِكُم ۖ مَّتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ سورة يونس، الآية 23، وَعَنْ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ أَنَّهُ قَالَ: (مَا مِنْ ذَنْبٍ أَجْدَرَ أَنْ يُعَجِّلَ اَللَّهُ لِصَاحِبِهِ اَلْعُقُوبَةَ فِي اَلدُّنْيَا مَعَ مَا اِدَّخَرَهُ فِي اَلْآخِرَةِ مِنَ اَلْبَغْيِ وَ قَطِيعَةِ اَلرَّحِمِ) مستدرك الوسائل، ج15، ص183 .
أما الوصية الخامسة إِيَّاكَ وَاَلْمَكْرَ، إنّ الله تعالى يصف نفسه بقوله: ﴿...وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾ سورة التوبة، الآية:30.
المكر في الأصل: صرف الغير عما يقصده، وهو عبارة عن التدبير الخفيّ المفضي بالممكور به إلى ما لا يحتسب.
فالمكر إذا نُسب إلى الإنسان، فمعناه إقامة الحيلة، والخديعة، والوقيعة بالآخرين.
أما إذا نُسب إلى الله تعالى، فهو يعني تدبيره تعالى الذي يخفى على الناس. ويكون بصورٍ وأشكالٍ متعدِّدة، منها إيصال الجزاء والعقوبة للماكرين من حيث لا يشعرون، ومنها إحباط وإبطال الأعمال الشيطانية والمؤامرات التخريبية التي يقوم بها أعداء الدين.
قال الإمام علي ( عليه السلام ) : (مَنْ أَمِنَ مَكْرَ اَللَّهِ هَلَكَ)غرر الحکم، ج1، ص612 .
وقال ( عليه السلام ) : (لاَ تَأْمَنَنَّ عَلَى خَيْرِ هَذِهِ اَلْأُمَّةِ عَذَابَ اَللَّهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى : ﴿ أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ ۚ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ﴾ سورة الأعراف، الآية: 99 ) نهج البلاغة، ج1، ص542.
⭐اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم
تعليق