علي عبد الجواد
مقالات نشرة الخميس 910
عندما عادت ابنتي من مدرستها، بعد يوم من انتهاء حفل تكليفها الشرعي، رمت حقيبتها وجلست مهمومة سارحة وكأنها في عالم آخر.. هكذا قالت إحدى الأمهات.مقالات نشرة الخميس 910
جلست لأروّح عنها فقبّلتها وكرّرت تهنئتها، ورحت أعيد بعض المشاهد الجميلة التي حدثت بالأمس في حفلها البهيج.. ولكنها لم تبادلني هذا الشعور، فسألتها ما الذي يشغلك يا حبيبتي؟ وكأني أرى سعادتك قد اختفت فجأة، فهل من سبب وجيه؟
فقالت بامتعاض: أمي لماذا تحجّبت، إذا كان الحجاب يجعلني متخلّفة؟
صدمتني كلماتها، وأخذت دقات قلبي تتسارع، فلم أتوقع أبداً أن تبدر منها هذه الكلمات! ولكن حاولت أن أجمع شتات أمري، فشرحت لها بهدوء كيف أن الله تعالى قد خصّنا بهذه الهدية، وأننا تحت ظله وعنايته، ورحت أسوق لها بعض الآيات والأحاديث الشريفة التي توجب الحجاب، وأن المؤمنات الصالحات سِرن على تلك الخطى التي رسمها الباري عزّ وجلّ.
أمي: لقد سبق وأن عرفت ذلك منك، ولكن بعض البنات في المدرسة أخذن يسخرن مني عندما رأينني متحجّبة، وإحداهنّ قالت لي: لقد ظلمك أهلك، فهذا كان في الزمن الأول، ويُعدّ الآن رمزاً للتخلّف؛ لأن الفتاة تكون مقيّدة لا حرّية لها، ونحن الآن في عصر التطوّر، عصر الحرية والانفتاح..
فيا أمي: لماذا قيّدتم حرّيتي، وصرت محلاً لاستهزاء زميلاتي؟
يا عيون أمك: إن من يتكلّم بهذا الكلام إما جاهل، أو غافل، وأسأل الله تعالى أن يهديه، ابنتي: هل تذكرين عمّتك التي جاءت لزيارتنا العام الماضي، أنسيت أنها أستاذة جامعية في إحدى الدول الغربية، وتحضر في الندوات والمؤتمرات العلمية هناك، وتُعد من العلماء القلائل في تخصّصها، هل رأيت حجابها الشرعي الكامل وحشمتها التامة.. (ورحت أعدّد لها عدداً من النساء المشهورات في مختلف المجالات وهن ما زلن متمسكات بحجابهن)، فهل منع حجابهن من شق طريقهن وريادة أعمالهن، فالحجاب لا يقيّد بل يصون ويحمي..
ابنتي الحبيبة: لا تدعي كلام زميلاتك يؤثر عليك، فالله سبحانه لا يُشرّع شيئاً فيه ضرر على خلقه، بل كل الخير فيه، ولتعلمي يا بنتي أن ما يشرّعه الله لا يمكن أن يطبّق في زمان دون زمان آخر، فحلال محمد حلال إلى يوم القيامة وكذلك حرامه..
فجأة ارتمت ابنتي في أحضاني وعيناها تفيضان من الدمع، وقالت: أرحتيني يا أمي، وأعدك بأن لا أخلع حجابي أبداً.