إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الإنسانية و الدين وأيهما مقدم على الآخر

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الإنسانية و الدين وأيهما مقدم على الآخر

    ماهي الإنسانية والفرق بينها وبين الدين وأيهما مقدم على الآخر؟

    الجواب: غيابُ مفاهيمَ واضحةٍ للدّينِ والإنسانيّة هوَ الذي شكّلَ نوعاً منَ التضادِّ والتناقضِ بينَهما، الأمرُ الذي جعلَ المُناهضينَ للدّينِ يتّخذونَ موقفاً سلبيّاً منَ الأديان، وجعلَ بعضَ المُتديّنينَ يتّخذونَ موقفاً سلبيّاً منَ الإنسانيّة.

    فالإنسانُ في الثقافةِ العصريّةِ تمَّ حصرُه في البُعدِ الطبيعيّ والمادّيّ بعيداً عن المُعطى القيميّ والأخلاقي، وتمَّ تفسيرُ الإنسانِ غرائزيّاً وبحسبِ ما تُملي عليهِ حُرّيّتُه الشخصيّة، حتّى أحاسيسُه ومشاعرُه هيَ في الواقعِ ليسَت إلّا نتاجاً للطبيعةِ المُتأصّلةِ فيه.
    والعقلُ ضمنَ هذا التصوّرِ فاقدٌ للسّلطةِ وخاضعٌ بشكلٍ دائمٍ لميولاتِ النفسِ ورغباتها
    .

    فالحُرّيّةُ الشخصيّةُ المُتأصّلةُ في هذهِ الثقافةِ تعملُ على تحطيمِ كلِّ القيمِ والمبادئِ الأخلاقيّة، فلا يسمحُ للإنسانِ بالتفكيرِ في المعاني الروحيّةِ والبحثِ عمّا هوَ مُقدّس؛ لأنَّ ذلكَ يمنعُ الإنسانَ منَ الذوبانِ التامِّ في جانبِه الطبيعيّ والمادّي، وحتّى لو تمَّ الحديثُ عن القيمِ الأخلاقيّةِ فلا يتعدّى ذلكَ الدوافعَ الطبيعيّةَ القائمةَ على الأنانيّةِ والحرص ِعلى البقاءِ والمَنفعة.

    فالأنظمةُ والقوانينُ التي يتمُّ التوافقُ عليها تستهدفُ في الحقيقةِ الحفاظَ على البقاءِ المادّيّ للإنسان، وهكذا فالإنسانُ في هذه الثقافةِ هوَ جزءٌ لا يتجزّأ منَ الطبيعة، بخلافِ النظرةِ الدينيّةِ التي تجعلُ الإنسانَ جُزءاً يتجزّأ منَ الطبيعة.

    فلو استحالَ على الإنسانِ مفارقةُ الطبيعةِ مِن خلالِ بُعدِه الرّوحيّ والمعنويّ، فحينَها سيكونُ مُتبدّلاً ومتحوّلاً مثلَ الطبيعةِ والمادّة، وبذلكَ تنعدمُ الثوابتُ وتتلاشى المُشتركاتُ الإنسانيّة على المُستوى المعرفيّ والأخلاقيّ.

    وعليهِ عندَما تتحدّثُ الثقافةُ الغربيّةُ عن الإنسانِ كمبدأ أساسيّ إنّما تتحدّثُ عن الإنسانِ الطبيعيّ ذو البُعدِ الواحدِ وهوَ البُعدُ المادّي، أي الإنسانُ الخارجُ عن حدودِ القيمِ الأخلاقيّة، الأمرُ الذي يجعلُنا نتأكّدُ مِن ضبابيّةِ الشعاراتِ الإنسانيّةِ التي تتبنّاها الثقافةُ الغربيّة
    .

    فكيفَ يمكنُنا أن نتفهّمَ قيمةَ الإنسانيّةِ والإنسانُ ليسَ شيئاً خارجاً عَن المادّةِ العمياء؟

    فعدمُ الاعترافِ بالرّوحِ الإنسانيّةِ المُرتبطةِ بمصدرِ الكمالِ الغيبيّ لا يبقى معَه وجودٌ لأيّ مُبرّرٍ للقيمِ أو الفضائلِ أو الأخلاق
    فالحُرّيّةُ كقيمةٍ إنسانيّةٍ والديمقراطيّةُ والعلمانيّةُ والعقلنةُ والأسسُ العلميّةُ كلُّ ذلكَ جاءَ في إطارِ النظرةِ الطبيعيّةِ والمادّيّةِ للإنسان، حيثُ تتحرّكُ كلّها في إطارِ تكريسِ الجانبِ المادّيّ والأنانيّ في الإنسان.

    ومِن هُنا تختلفُ مُقاربتُنا لهذهِ القيمِ عندَما ننظرُ إليها كموحّدينَ ومؤمنينَ باللهِ تعالى.

    ومنَ الخطأ تحميلُ الثقافةِ الغربيّةِ وما يقعُ خلفَها مِن فلسفاتٍ مسؤوليّةَ هذا التباينِ والاختلاف، وإنّما الخطابُ الدينيُّ ساهمَ بشكلٍ كبيرٍ في خلقِ هذهِ التيّاراتِ المُناهضةِ للأديان، والسببُ في ذلكَ هوَ فشلُه في تقديمِ مفهومٍ واضحٍ للأديانِ يستبطنُ معَه مفهومَ الإنسانيّة.

    وبمعنىً آخر: لم يتمَّ تقديمُ الدينِ بوصفِه مشروعاً مِن أجلِ الإنسان، فبدلَ أن يدورَ الدينُ حولَ الإنسان أصبحَ الإنسانُ هوَ الذي يدورُ حولَ الدين، وبذلكَ غابَ الإنسانُ والقيمُ الإنسانيّةُ مِن مشهدِ الخطابِ الدينيّ
    .


    ​في المُحصّلة:
    -------------
    لا يمكنُ حسمُ الجدلِ الحاصلِ بينَ التيّاراتِ الدينيّةِ والعلمانيّةِ فيما يتعلّقُ بمفهومِ الإنسانيّةِ ما لم نُراجِع الخطابَ الدينيّ الذي فشلَ في تحديدِ مفهومٍ واضحٍ ومُنضبطٍ للدّينِ يتجلّى معَه مفهومُ الإنسانيّة.

    كما يجبُ أيضاً مراجعةُ الخطابِ المُناهضِ للأديانِ والذي فشلَ في تحديدِ مفهومٍ واضحٍ للإنسانيّةِ بعيداً عن الإيمانِ باللهِ تعالى
    .​

  • #2
    اللهم صل على محمد وال محمد
    احسنتم ويبارك الله بكم
    شكرا لكم كثيرا
    مأجورين

    تعليق

    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
    حفظ-تلقائي
    Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
    x
    يعمل...
    X