السيد محمد باقر السيستاني
مقالات نشرة الخميس 912
إنّ من المعروف أنّ الدين يتألف من إيمان وعمل..مقالات نشرة الخميس 912
فالإيمان: هو الاهتداء إلى الحقائق الكبرى في هذه الحياة من وجود الله سبحانه وصفاته الكريمة ومن رسله المبعوثين كلهم ولا سيما خاتم الرسل(صلى الله عليه وآله ) وأوصيائه (عليهم السلام). والإذعان ببقاء الإنسان بعد هذه الحياة في يوم القيامة.
وأمّا العمل: فهو تطبيق تعاليم الدين في سلوك الإنسان في مختلف نواحي الحياة مما يتعلق بارتباط الإنسان بالله سبحانه أو فيما يتعلق بالتعامل مع الخلق أو فيما يتعلق بسلوك الإنسان مع نفسه.
ولأجل ذلك نجد أنّ معيار الفلاح في القرآن الكريم دائماً يأتي بعنوان (الإيمان والعمل الصالح)، قال تعالى: (وَبَشِّرِ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ) [1].
لكن من المعلوم أنّ عقائد الإنسان وسلوكه إنّما هي نتاج خصاله التي تكوّن شخصيته، فتلك الخصال هي التي تهيئ للإنسان التحري الملائم والإذعان الراشد والسلوك السليم، فما من عقيدة صائبة أو سلوك سليم إلا وهو مبني ومستقر على أساس خصلة راقية وكريمة من الخصال الإنسانية، فلابدّ من بناء الإنسان لشخصيته بناءً عميقاً وملائماً حتى يسير في مسيرة مستقيمة لا يتردد فيها ولا يزيغ عنها ويكون من الذين آمنوا وعملوا الصالحات فعلاً...
وبعدُ
فإنّ الإنسان المؤمن والمتقي -كما يقتضيه الإيمان والتقوى- لهو مجمع الفضائل، كما وُصف في القرآن الكريم وفي كلمات أمير المؤمنين (صلوات الله عليه ) في خطبة المتقين، فهو أشد الناس رشداً وتعقلاً وحكمة، وأكثرهم إيماناً ويقيناً بالله سبحانه وبالدار الآخرة، وأفضلهم خُلقاً في الصدق والوفاء والعفاف والعدل والشكر والتواضع والرحمة والغيرة، وأقواهم عزيمة وإرادة، وهو مجدّ مجاهد مكافح في الحياة كفاحاً ينتهي به إلى الفلاح، وقد قال الله سبحانه (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ)[2] .[1] - سورة البقرة الآية 25
[2] - سورة العنكبوت الآية 69