اللهم صل على محمد وآل محمد
قال الراوي: لما الحد أمير المؤمنين عليه السلام وقف صعصعة بن صوحان العبدي رضي الله عنه على القبر، ووضع إحدى يديه على فؤاده والأخرى قد أخذ بها التراب ويضرب به رأسه، ثم قال: بأبي أنت وأمي يا أمير المؤمنين، ثم قال: هنيئا لك يا أبا الحسن، فلقد طاب مولدك، وقوي صبرك، وعظم جهادك، وظفرت برأيك، وربحت تجارتك، وقدمت على خالقك، فتلقاك الله ببشارته، وحفتك ملائكته، واستقررت في جوار المصطفى، فأكرمك الله بجواره، ولحقت بدرجة أخيك المصطفى، وشربت بكأسه الأوفى، فاسأل الله أن يمن علينا باقتفائنا أثرك والعمل بسيرتك، والموالاة لأوليائك، والمعاداة لأعدائك، وأن يحشرنا في زمرة أوليائك، فقد نلت ما لم ينله أحد، وأدركت ما لم يدركه أحد، وجاهدت في سبيل ربك بين يدي أخيك المصطفى حق جهاده، وقمت بدين الله حق القيام، حتى أقمت السنن، وأبرت الفتن واستقام الاسلام، وانتظم الايمان، فعليك مني أفضل الصلاة والسلام، بك اشتد ظهر المؤمنين، واتضحت أعلام السبل، وأقيمت السنن، وما جمع لاحد مناقبك وخصالك، سبقت إلى إجابة النبي صلى الله عليه وآله مقدما مؤثرا، وسارعت إلى نصرته، ووقيته بنفسك، ورميت سيفك ذا الفقار في مواطن الخوف والحذر، قصم الله بك [كل جبار عنيد، ودل بك] كل ذي بأس شديد وهدم بك حصون أهل الشرك والكفر والعدوان والردى، وقتل بك أهل الضلال من العدى، فهنيئا لك يا أمير المؤمنين، كنت أقرب الناس من رسول الله صلى الله عليه وآله قربا وأولهم سلما، وأكثر هم علما وفهما، فهنيئا لك يا أبا الحسن، لقد شرف الله مقامك وكنت أقرب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وآله نسبا، وأولهم إسلاما، وأوفاهم يقينا، وأشدهم قلبا، وأبذلهم لنفسه مجاهدا، وأعظمهم في الخير نصيبا، فلا حرمنا الله أجرك ولا أذلنا بعدك، فوالله لقد كانت حياتك مفاتح للخير ومغالق للشر، وإن يومك هذا مفتاح كل شر ومغلاق كل خير، ولو أن الناس قبلوا منك لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم، ولكنهم آثروا الدنيا على الآخرة.
ثم بكى بكاء شديدا وأبكى كل من كان معه
-----------------
بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٤٢ - الصفحة ٢٩٦
تعليق