بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
يقول الله تعالى في كتابه العزيز: {كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ..}1، { وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ * كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ }2، {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ}3 ، {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ الله كِتَاباً مُّؤَجَّلاً}4.
ويقول عز وجلّ : {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ}5، { أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ} 6 ، {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} 7، {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاء إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّى وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً } 8.
من خلال هذه الآيات المباركات، نستطيع أن نخلص إلى حقيقةٍ، وهي أنّ الموت قضاءُ الله تعالى على عباده جميعًا، ليس فيه طبقيّة ولا مستوًى اجتماعيّ، وليس فيه صغيرٌ ولا كبير، ولا علاقة للموت بمسألة القرب من الله تعالى، فقد يختار أنبياءه وأولياءه قبل أعدائه والمبارزين لهم بالمعصية، كلُّ ذلك سنّة الله القاهرة لمن في الأرض كلِّهم جميعًا.
والموت يخترق الحصون المشيّدة، والأبراج العالية، وكلّ شروط الأمن والسلامة، حتَّى أنّ الإنسان ليأتيه الموتُ في كلِّ يومٍ، عندما ينامُ على فراشه، وقد ورد عن رسول الله (ص): "والّذي بعثني بالحقّ، لتموتُنَّ كما تنامون، ولتُبعثُنَّ كما تستيقظون"
والله تعالى هو الذي يختار زمان موت الإنسان، ويختار مكانه، وأمّا الإنسان فيختار أمرًا واحدًا، وهو حال الموت: على أيّ حالٍ يأتيه الموت؛ على طاعة الله أم على معصية الله! هل يأتيني الموت وأنا أغتابُ أو أنمّ أو أكذب أو أسرق أو أزني أو ما إلى ذلك! هل يأتيني الموت وأنا أسعى في خدمة الظالمين أو المفسدين أو الفاسقين، أم مع العادلين والصالحين والمصلحين! هل يأتيني الموت وأنا أعين ظالمـــًا في ظلمه، أو أعذره في فساده! هل يأتيني الموت وأنا في مجلس لهوٍ ومجونٍ وعبثٍ! هل يأتيني وأنا آلفُ مجالس البطّالين الذين لا همّ لهم إلا تقطيع الوقت وصرف العمر من دون فائدة!
إذا كنّا لا نملك أن نقدّم في موتنا أو نؤخّر،{ فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ} 9
فلنجعل كلّ جهودنا في ضبط أحوالنا وأوضاعنا، ولنسارع إلى الاستغفار قبل الرحيل، وإلى التوبة قبل السفر، وإلى التصحيح قبل أن ينقطع النفس وتبلغ الروح الحلقوم!
ولنذكّر هنا أنفسنا بما كان يذكّر به عليٌّ (ع) ولده الحسن (ع): اعلم يا بني أنّك إنّما خلقت للآخرة لا للدُّنيا، وللفناء لا للبقاء، وللموت لا للحياة، وأنّك في قُلعةٍ ودار بُلغةٍ وطريقٍ إلى الآخرة، وأنّك طريدُ الموت الذي لا ينجو منه هاربُه، ولا يفوتُهُ طالبُه، ولا بدَّ أنّه مُدركُه، فكن منه على حذرٍ أن يدركك وأنت على حالٍ سيّئة قد كنتَ تحدِّثُ نفسَكَ منها بالتّوبة فيحول بينك وبين ذلك، فإذا أنت قد أهلكْتَ نفسَك".
وعن أمير المؤمنين (ع) في وصفِ المأخوذين على غِرَّةٍ: "اجتمعت عليهم سكرة الموت وحسرةُ الفوت، ففتَرَت لها أطرافهم، وتغيّرت لها ألوانهم، ثمّ ازداد الموتُ فيهم ولوجًا، فحيل بين أحدهم وبين منطِقِه، وإنّه لبينَ أهله ينظر ببصره، ويسمع بأذْنه على صحّة من عقله وبقاءٍ من لُبِّه، يفكّر فيم أفنى عمره! وفيم أذهبَ ذهره! ويتذكّر أموالًا جمعَها، أغمض في مطالبها، وأخذها من مصرحاتها ومشتبهاتها، قد لزمته تبعاتُ جمعِها، وأشرف على فراقها، تبقى لمن وراءه ينعمون فيها، ويتمتّعون بها، فيكون المهنأ لغيره، والعبءُ على ظهره، ووالمرء قد علقت رهونُه بها، فهو يعضُّ يده ندامة على ما أصحر له عند الموت من أمره، ويزهد فيما كان يرغب فيه أيّام عمره، ويتمنّى أنّ الذي كان يغبطه بها ويحسده عليها قد حازها دونَه!
فلم يزل الموتُ يُبالغ في جسده حتّى خالط لسانَه سمعُه، فصار بين أهله لا ينطق بلسانه، ولا يسمع بسمعه، يردّد طرفه بالنَّظر في وجوههم، يرى حركات ألسنتهم، ولا يسمع رجعَ كلامهم، ثمّ ازداد الموتُ التياطًا به، فقُبض بصره كما قبض سمعُه، وخرجت الروح من جسده، فصار جيفةً بين أهله".
اللهمّ إنّا نعوذ بك أن يدركنا الموت على حالِ سوءٍ، ونعوذ بك أن نكون ممّن أصابته فتنة الحياة الدنيا، فلَها عن مصيره، وقصَّر في عمله، وأقلَّ من زادِه!
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
يقول الله تعالى في كتابه العزيز: {كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ..}1، { وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ * كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ }2، {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ}3 ، {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ الله كِتَاباً مُّؤَجَّلاً}4.
ويقول عز وجلّ : {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ}5، { أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ} 6 ، {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} 7، {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاء إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّى وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً } 8.
من خلال هذه الآيات المباركات، نستطيع أن نخلص إلى حقيقةٍ، وهي أنّ الموت قضاءُ الله تعالى على عباده جميعًا، ليس فيه طبقيّة ولا مستوًى اجتماعيّ، وليس فيه صغيرٌ ولا كبير، ولا علاقة للموت بمسألة القرب من الله تعالى، فقد يختار أنبياءه وأولياءه قبل أعدائه والمبارزين لهم بالمعصية، كلُّ ذلك سنّة الله القاهرة لمن في الأرض كلِّهم جميعًا.
والموت يخترق الحصون المشيّدة، والأبراج العالية، وكلّ شروط الأمن والسلامة، حتَّى أنّ الإنسان ليأتيه الموتُ في كلِّ يومٍ، عندما ينامُ على فراشه، وقد ورد عن رسول الله (ص): "والّذي بعثني بالحقّ، لتموتُنَّ كما تنامون، ولتُبعثُنَّ كما تستيقظون"
والله تعالى هو الذي يختار زمان موت الإنسان، ويختار مكانه، وأمّا الإنسان فيختار أمرًا واحدًا، وهو حال الموت: على أيّ حالٍ يأتيه الموت؛ على طاعة الله أم على معصية الله! هل يأتيني الموت وأنا أغتابُ أو أنمّ أو أكذب أو أسرق أو أزني أو ما إلى ذلك! هل يأتيني الموت وأنا أسعى في خدمة الظالمين أو المفسدين أو الفاسقين، أم مع العادلين والصالحين والمصلحين! هل يأتيني الموت وأنا أعين ظالمـــًا في ظلمه، أو أعذره في فساده! هل يأتيني الموت وأنا في مجلس لهوٍ ومجونٍ وعبثٍ! هل يأتيني وأنا آلفُ مجالس البطّالين الذين لا همّ لهم إلا تقطيع الوقت وصرف العمر من دون فائدة!
إذا كنّا لا نملك أن نقدّم في موتنا أو نؤخّر،{ فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ} 9
فلنجعل كلّ جهودنا في ضبط أحوالنا وأوضاعنا، ولنسارع إلى الاستغفار قبل الرحيل، وإلى التوبة قبل السفر، وإلى التصحيح قبل أن ينقطع النفس وتبلغ الروح الحلقوم!
ولنذكّر هنا أنفسنا بما كان يذكّر به عليٌّ (ع) ولده الحسن (ع): اعلم يا بني أنّك إنّما خلقت للآخرة لا للدُّنيا، وللفناء لا للبقاء، وللموت لا للحياة، وأنّك في قُلعةٍ ودار بُلغةٍ وطريقٍ إلى الآخرة، وأنّك طريدُ الموت الذي لا ينجو منه هاربُه، ولا يفوتُهُ طالبُه، ولا بدَّ أنّه مُدركُه، فكن منه على حذرٍ أن يدركك وأنت على حالٍ سيّئة قد كنتَ تحدِّثُ نفسَكَ منها بالتّوبة فيحول بينك وبين ذلك، فإذا أنت قد أهلكْتَ نفسَك".
وعن أمير المؤمنين (ع) في وصفِ المأخوذين على غِرَّةٍ: "اجتمعت عليهم سكرة الموت وحسرةُ الفوت، ففتَرَت لها أطرافهم، وتغيّرت لها ألوانهم، ثمّ ازداد الموتُ فيهم ولوجًا، فحيل بين أحدهم وبين منطِقِه، وإنّه لبينَ أهله ينظر ببصره، ويسمع بأذْنه على صحّة من عقله وبقاءٍ من لُبِّه، يفكّر فيم أفنى عمره! وفيم أذهبَ ذهره! ويتذكّر أموالًا جمعَها، أغمض في مطالبها، وأخذها من مصرحاتها ومشتبهاتها، قد لزمته تبعاتُ جمعِها، وأشرف على فراقها، تبقى لمن وراءه ينعمون فيها، ويتمتّعون بها، فيكون المهنأ لغيره، والعبءُ على ظهره، ووالمرء قد علقت رهونُه بها، فهو يعضُّ يده ندامة على ما أصحر له عند الموت من أمره، ويزهد فيما كان يرغب فيه أيّام عمره، ويتمنّى أنّ الذي كان يغبطه بها ويحسده عليها قد حازها دونَه!
فلم يزل الموتُ يُبالغ في جسده حتّى خالط لسانَه سمعُه، فصار بين أهله لا ينطق بلسانه، ولا يسمع بسمعه، يردّد طرفه بالنَّظر في وجوههم، يرى حركات ألسنتهم، ولا يسمع رجعَ كلامهم، ثمّ ازداد الموتُ التياطًا به، فقُبض بصره كما قبض سمعُه، وخرجت الروح من جسده، فصار جيفةً بين أهله".
اللهمّ إنّا نعوذ بك أن يدركنا الموت على حالِ سوءٍ، ونعوذ بك أن نكون ممّن أصابته فتنة الحياة الدنيا، فلَها عن مصيره، وقصَّر في عمله، وأقلَّ من زادِه!
تعليق