ذكر علي (ع) عبادة فالنتبرك ولنتقرب إلى الله سبحانه وتعالى معاً بذكره .
بسم الله الرحمن الرحيم .
اللهم صل على محمد وآل محمد .
وروي أنه وفدَ وفدً من بلاد الروم إلى المدينة على عهد أبي بكر وفيهم راهب من رهبان النصارى فأتى مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله ومعه بختي موقر ذهبا وفضة وكان أبو بكر حاضرا وعنده جماعة من المهاجرين والأنصار .
فدخل عليهم ، وحياهم ، ورحب بهم ، وتصفح وجوههم ، ثم قال :
أيكم خليفة رسول الله وأمين دينكم ؟
فأومي إلى أبي بكر فأقبل إليه بوجهه ثم قال أيها الشيخ ما اسمك ؟ قال ، عتيق . قال ثم ماذا ؟ قال : صديق . قال : ثم ماذا ؟ قال : لا أعرف لنفسي اسما غيره . فقال : لست بصاحبي فقال له : وما حاجتك ؟
قال : أنا من بلاد الروم جئت منها ببختي موقر ذهبا وفضة ، لأسأل أمين هذه الأمة من مسألة إن أجابني عنها أسلمت ، وبما أمرني أطعت ، وهذا المال بينكم فرقت وإن عجز عنها رجعت إلى الوراء بما معي ولم أسلم ، فقال له أبو بكر : سل عما بدا لك .
فقال الراهب : والله لا أفتح الكلام ما لم تؤمني من سطوتك وسطوة أصحابك فقال أبو بكر : أنت آمن ، وليس عليك بأس ، قل ما شئت .
فقال الراهب : أخبرني عن شيء : ليس لله ، ولا من عند الله ، ولا يعلمه الله .
فارتعش أبو بكر ولم يحر جوابا ، فلما كان بعد هنيئة قال - لبعض أصحابه - : ائتني بأبي حفص عمر . فجاء به فجلس عنده ثم قال : أيها الراهب سله . فأقبل بوجهه إلى عمر وقال له مثل ما قال لأبي بكر فما يحر جوابا ثم أتى بعثمان ، فجرا بين الراهب وعثمان مثل ما جرى بينه وبين أبي بكر وعمر فلم يحر جوابا .
فقال الراهب : أشياخ كرام ، ذووا فجاج لإسلام . ثم نهض ليخرج .
فقال أبو بكر : يا عدو الله لولا العهد لخضبت الأرض بدمك .
فقام سلمان الفارسي رضي الله عنه ، أتى علي بن أبي طالب عليه السلام وهو جالس في صحن داره مع الحسن والحسين عليهما السلام ، وقص عليه القصة .
فقام علي عليه السلام وخرج ومعه الحسن الحسين عليهما السلام حتى أتى المسجد ، فلما رأى القوم عليا عليه السلام ، كبروا الله ، وحمدوا الله ، وقاموا إليه أجمعهم ، فدخل علي عليه السلام وجلس فقال أبو بكر : أيها الراهب سله فإنه صاحبك وبغيتك ، فأقبل الراهب بوجهه إلى علي عليه السلام ثم قال : يا فتى ما اسمك ؟
قال : اسمي عند اليهود " إليا " وعند النصارى " إيليا " وعند والدي " علي " وعند أمي " حيدرة " قال : ما محلك من نبيكم ؟
قال : أخي وصهري وابن عمي لحا . - 1 -
قال : الراهب : أنت حاصبي ورب عيسى ، أخبرني عن شيء ليس لله ، ولا من عند الله ، ولا يعلمه الله .
قال : عليه السلام على الخبير سقطت :
أما قولك " ما ليس لله " : فإن الله تعالى أحد ليس له صاحبة ولا ولد .
وأما قولك " ولا من عند الله " : فليس من عند الله ظلم لأحد .
وأما قولك " لا يعلمه الله " : فإن الله لا يعلم له شريكا في الملك .
فقام الراهب ، وقطع زناره ، وأخذ رأسه وقبل ما بين عينيه ، وقال : " أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله وأشهد أنك أنت الخليفة وأمين هذه الأمة ، ومعدن الدين والحكمة ، ومنبع عين الحجة ، لقد قرأت اسمك في التوراة إليا ، وفي الإنجيل إيليا ، وفي القرآن عليا ، وفي الكتب السابقة حيدرة ، ووجدتك بعد النبي وصيا ، وللإمارة وليا ، وأنت أحق بهذا المجلس من غيرك ، فخبرني ما شأنك وشأن القوم ؟ " فأجابه بشيء فقام الراهب وسلم المال إليه بأجمعه ، فما برح علي عليه السلام مكانه حتى فرقه في مساكين أهل المدينة ، ومحاويجهم ، وانصرف الراهب إلى قومه مسلما .- 2 -
***********************
الهوامش :
1 -قوله : لحا من لحت القرابة بيننا : لصقت ، يقال : ابن عمى لحا أي لاصق النسب ، ونصبه على الحال لان ما قبله معرفة . من هامش بحار الأنوار ، للعلامة المجلسي ، ج 10 ، ص 53 .
2 - الاحتجاج ، الشيخ الطبرسي ، ج 1 ، ص 307 - 308 .
بسم الله الرحمن الرحيم .
اللهم صل على محمد وآل محمد .
وروي أنه وفدَ وفدً من بلاد الروم إلى المدينة على عهد أبي بكر وفيهم راهب من رهبان النصارى فأتى مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله ومعه بختي موقر ذهبا وفضة وكان أبو بكر حاضرا وعنده جماعة من المهاجرين والأنصار .
فدخل عليهم ، وحياهم ، ورحب بهم ، وتصفح وجوههم ، ثم قال :
أيكم خليفة رسول الله وأمين دينكم ؟
فأومي إلى أبي بكر فأقبل إليه بوجهه ثم قال أيها الشيخ ما اسمك ؟ قال ، عتيق . قال ثم ماذا ؟ قال : صديق . قال : ثم ماذا ؟ قال : لا أعرف لنفسي اسما غيره . فقال : لست بصاحبي فقال له : وما حاجتك ؟
قال : أنا من بلاد الروم جئت منها ببختي موقر ذهبا وفضة ، لأسأل أمين هذه الأمة من مسألة إن أجابني عنها أسلمت ، وبما أمرني أطعت ، وهذا المال بينكم فرقت وإن عجز عنها رجعت إلى الوراء بما معي ولم أسلم ، فقال له أبو بكر : سل عما بدا لك .
فقال الراهب : والله لا أفتح الكلام ما لم تؤمني من سطوتك وسطوة أصحابك فقال أبو بكر : أنت آمن ، وليس عليك بأس ، قل ما شئت .
فقال الراهب : أخبرني عن شيء : ليس لله ، ولا من عند الله ، ولا يعلمه الله .
فارتعش أبو بكر ولم يحر جوابا ، فلما كان بعد هنيئة قال - لبعض أصحابه - : ائتني بأبي حفص عمر . فجاء به فجلس عنده ثم قال : أيها الراهب سله . فأقبل بوجهه إلى عمر وقال له مثل ما قال لأبي بكر فما يحر جوابا ثم أتى بعثمان ، فجرا بين الراهب وعثمان مثل ما جرى بينه وبين أبي بكر وعمر فلم يحر جوابا .
فقال الراهب : أشياخ كرام ، ذووا فجاج لإسلام . ثم نهض ليخرج .
فقال أبو بكر : يا عدو الله لولا العهد لخضبت الأرض بدمك .
فقام سلمان الفارسي رضي الله عنه ، أتى علي بن أبي طالب عليه السلام وهو جالس في صحن داره مع الحسن والحسين عليهما السلام ، وقص عليه القصة .
فقام علي عليه السلام وخرج ومعه الحسن الحسين عليهما السلام حتى أتى المسجد ، فلما رأى القوم عليا عليه السلام ، كبروا الله ، وحمدوا الله ، وقاموا إليه أجمعهم ، فدخل علي عليه السلام وجلس فقال أبو بكر : أيها الراهب سله فإنه صاحبك وبغيتك ، فأقبل الراهب بوجهه إلى علي عليه السلام ثم قال : يا فتى ما اسمك ؟
قال : اسمي عند اليهود " إليا " وعند النصارى " إيليا " وعند والدي " علي " وعند أمي " حيدرة " قال : ما محلك من نبيكم ؟
قال : أخي وصهري وابن عمي لحا . - 1 -
قال : الراهب : أنت حاصبي ورب عيسى ، أخبرني عن شيء ليس لله ، ولا من عند الله ، ولا يعلمه الله .
قال : عليه السلام على الخبير سقطت :
أما قولك " ما ليس لله " : فإن الله تعالى أحد ليس له صاحبة ولا ولد .
وأما قولك " ولا من عند الله " : فليس من عند الله ظلم لأحد .
وأما قولك " لا يعلمه الله " : فإن الله لا يعلم له شريكا في الملك .
فقام الراهب ، وقطع زناره ، وأخذ رأسه وقبل ما بين عينيه ، وقال : " أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله وأشهد أنك أنت الخليفة وأمين هذه الأمة ، ومعدن الدين والحكمة ، ومنبع عين الحجة ، لقد قرأت اسمك في التوراة إليا ، وفي الإنجيل إيليا ، وفي القرآن عليا ، وفي الكتب السابقة حيدرة ، ووجدتك بعد النبي وصيا ، وللإمارة وليا ، وأنت أحق بهذا المجلس من غيرك ، فخبرني ما شأنك وشأن القوم ؟ " فأجابه بشيء فقام الراهب وسلم المال إليه بأجمعه ، فما برح علي عليه السلام مكانه حتى فرقه في مساكين أهل المدينة ، ومحاويجهم ، وانصرف الراهب إلى قومه مسلما .- 2 -
***********************
الهوامش :
1 -قوله : لحا من لحت القرابة بيننا : لصقت ، يقال : ابن عمى لحا أي لاصق النسب ، ونصبه على الحال لان ما قبله معرفة . من هامش بحار الأنوار ، للعلامة المجلسي ، ج 10 ، ص 53 .
2 - الاحتجاج ، الشيخ الطبرسي ، ج 1 ، ص 307 - 308 .
تعليق