دعاء الإمام زين العابدين (ع) في توديع شهر رمضان المبارك .
بسم الله الرحمن الرحيم .
اللهم صل على محمد وآل محمد .
وداع شهر رمضان وقد رويناه عن مولانا علي بن الحسين عليه السلام صاحب الأنفاس المقدسة الشريفة ، فيما تضمنه إسناد أدعية الصحيفة ، فقال : وكان من دعائه عليه السلام في وداع شهر رمضان :
اللهم يا من لا يرغب في الجزاء ، ويا من لا يندم على العطاء ، ويا من لا يكافي عبده على السواء ، هبتك ابتداء ، وعطيتك تفضل ، وعقوبتك عدل ، وقضاؤك خيرة ، إن أعطيت لم تشب بمن ، وإن منعت لم يكن منعك بتعد ، تشكر من شكرك وأنت ألهمته شكرك ، وتكافئ من حمدك وأنت علمته حمدك ، تستر على من لو شئت فضحته ، وتجود على من لو أردت منعته ، وكلاهما منك أهل للفضيحة والمنع ، غير أنك بنيت أفعالك على التفضل ، وأجريت قدرتك على التجاوز ، وتلقيت من عصاك بالحلم ، وأمهلت من قصد لنفسه بالظلم ، تستنظرهم بأناتك إلى الإنابة ، و تترك معاجلتهم إلى التوبة ، لكيلا يهلك عليك هالكهم ، ولئلا يشقى بنقمتك شقيهم إلا عن طول الإعذار إليه ، وبعد ترادف الحجة عليه ، كرما من فعلك يا كريم وعائدة من عطفك يا حليم أنت الذي فتحت لعبادك بابا إلى عفوك ، وسميته التوبة ، وجعلت على ذلك الباب دليلا من رحمتك لئلا يضلوا عنه ، فقلت " توبوا إلى الله توبة نصوحا عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنات تجرى من تحتها الأنهار " فما عذر من أغفل دخول ذلك الباب يا سيدي بعد فتحه ، وإقامة الدليل عليه ، وأنت الذي زدت في السوم على نفسك لعبادك ، تريد ربحهم في متاجرتك ، وفوزهم بزيادتك فقلت " من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها " ثم قلت " مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة " وما أنزلت من نظائر هن في القرآن .
وأنت الذي دللتهم بقولك الذي من غيبك ، وترغيبك الذي فيه من حظهم على ما لو سترته عنهم لم تدركه أبصارهم ، ولم تعه أسماعهم ، ولم تلحقه أوهامهم فقلت تباركت وتعاليت " اذكروني أذكركم " و " لئن شكرتم لأزيدنكم " و " وادعوني أستجب لكم " وقلت " من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له " فذكروك و شكروك ودعوك وتصدقوا لك طلبا لمزيدك ، وفيها كانت نجاتهم من غضبك ، وفوزهم برضاك ولو دل مخلوق مخلوقا من نفسه على مثل الذي دللت عليه عبادك منك ، كان محمودا فلك الحمد ما وجد في حمدك مذهب ، وما بقي للحمد لفظ تحمد به ، ومعنى ينصرف إليه .
يا من تحمد إلى عباده بالاحسان والفضل ، وعاملهم بالمن والطول ، ما أفشا فينا نعمتك وأسبغ علينا منتك ، وأخصنا ببرك هديتنا لدينك الذي اصطفيت وملتك التي ارتضيت ، وسبيلك الذي سهلت ، وبصرتنا ما يوجب الزلفة لديك والوصول إلى كرامتك اللهم وأنت جعلت من صفايا تلك الوظائف ، وخصايص تلك الفروض شهر رمضان ، الذي اختصصته من سائر الشهور ، وتخيرته من جميع الأزمنة والدهور ، وآثرته على جميع الأوقات بما أنزلت فيه من القرآن وفرضت فيه من الصيام ، وأجللت فيه من ليلة القدر ، التي هي خير من ألف شهر ، ثم آثرتنا به على سائر الأمم ، واصطفيتنا بفضله دون أهل الأديان ، فصمنا بأمرك نهاره ، وقمنا بعونك ليله ، متعرضين بصيامه وقيامه لما عرضتنا له من رحمتك ، وسببتنا إليه من مثوبتك ، وأنت المليء بما رغب فيه إليك ، الجواد بما سئلت من فضلك ، القريب إلى من حاول قربك ، وقد أقام فينا هذا الشهر مقام حمد وصحبنا صحبة السرور ، وأربحنا أفضل أرباح العالمين ، ثم قد فارقنا عند تمام وقته ، وانقطاع مدته ، ووفاء عدده ، فنحن مودعوه وداع من عز فراقه علينا و غمنا ، وأوحش انصرافه عنا فهمنا ، ولزمنا له الذمام المحفوظ ، والحرمة المرعية ، والحق المقضي . فنحن قائلون :
السلام عليك يا شهر الله الأكبر ، ويا عيد أوليائه الأعظم ، السلام عليك يا أكرم مصحوب من الأوقات ، ويا خير شهر في الأيام والساعات ، السلام عليك من شهر قربت فيه الآمال ، ويسرت فيه الأعمال ، السلام عليك من قرين جل قدره موجودا ، وأفجع فراقه مفقودا ، السلام عليك من أليف آنس مقبلا فسر ، وأوحش منقضيا فأمر ، السلام عليك من مجاور رقت فيه القلوب ، وقلت فيه الذنوب ، السلام عليك من ناصر أعان على الشيطان ، وصاحب سهل سبيل الاحسان السلام عليك ما أكثر عتقاء الله فيك ، وما أسعد من رعى حرمته بك ، السلام عليك ما كان أمحاك للذنوب وأسترك لأنواع العيوب ، السلام عليك ما كان أطولك على المجرمين ، وأهيبك في صدور المؤمنين ، السلام عليك من شهر لا تنافسه الأيام ، ومن شهر هو من كل أمر سلام ، السلام عليك غير كريه المصاحبة ، ولا ذميم الملابسة السلام عليك كما وردت علينا بالبركات ، وغسلت عنا دنس الخطيئات ، السلام عليك غير مودع سأما ، ولا متروك صيامه برما ، السلام عليك من مطلوب قبل وقته ، و محزون عليه عند فوته ، السلام عليك كم من سوء صرف بك عنا ، وكم من خير أفيض بك علينا ، السلام عليك وعلى ليلة القدر التي جعلها الله خيرا من ألف شهر السلام عليك وعلى فضلك الذي حرمناه ، وعلى ما كان من بركاتك سلبناه ، السلام عليك ما كان أحرصنا بالأمس عليك ، وأشد شوقنا غدا إليك .
اللهم إنا أهل هذا الشهر الذي شرفتنا به ، ووفقتنا بمنك له ، حين جهل الأشقياء فضله ، وحرموا لشقائهم خيره وأنت ولي ما آثرتنا به من معرفته ، وهديتنا له من سنته ، وقد تولينا بتوفيقك صيامه وقيامه على تقصير ، وأدينا من حقك فيه قليلا من كثير ، اللهم فلك إقرارنا بالإساءة واعترافنا بالإضاعة ، ولك من قلوبنا عقدة الندم ، ومن ألسنتنا صدق الاعتذار ، فأجرنا على ما أصبنا به من التفريط أجرا نستدرك به الفضل المرغوب فيه ، ونعتاض به من إحراز الذخر المحروص عليه ، وأوجب لنا عذرك على ما قصرنا فيه من حقك ، وأبلغ بأعمارنا ما بين أيدينا من شهر رمضان المقبل ، فإذا بلغتناه فأعنا على تناول ما أنت أهله من العبادة ، وأدنا إلى القيام بما نستحقه من الطاعة ، وأجر لنا من صالح العمل ما يكون دركا لحقك في الشهرين ، وفي شهور الدهر .
اللهم وما ألممنا به في شهرنا هذا من إثم ، وأوقعنا فيه من ذنب ، واكتسبنا فيه من خطيئة ، عن تعمد منا له ، أو على نسيان من ظلمنا فيه أنفسنا ، أو انتهاكنا فيه حرمة من غيرنا ، فاستره بسترك ، واعف عنا بعفوك ، ولا تنصبنا فيه لأعين الشامتين ولا تبسط علينا ألسنة الطاعنين واستعملنا بما يكون حطة وكفارة لما أنكرت منا فيه برأفتك التي لا تنفد ، وفضلك الذي لا ينقص .
اللهم صل على محمد وآل محمد ، واجبر مصيبتنا بشهرنا ، وبارك لنا في يوم عيدنا واجعله من خير يوم مر علينا ، أجلبه للعفو ، وأمحاه للذنب واغفر لنا ما خفي من ذنوبنا وما علن ، اللهم صل على محمد وآل محمد ، واسلخنا بانسلاخ هذا الشهر من خطايانا ، وأخرجنا بخروجه عن سيئاتنا ، واجعلنا من أسعد أهله به ، وأوفرهم قسما اللهم ومن رعا حرمة هذا الشهر حق رعايتها ، وحفظ حدوده حق حفظها ، واتقى ذنوبه حق تقاتها ، أو تقرب إليك بقربة أوجبت رضاك عنه ، وعطفت برحمتك عليه فهب لنا مثله من وجدك وإحسانك ، وأعطنا أضعافه من فضلك ، فان فضلك لا يغيض وإن خزائنك لا تنفد ، وإن معادن إحسانك لا تفنى ، وإن عطاءك للعطاء المهنا .
اللهم اكتب لنا مثل أجور من صامه بنية ، أو تعبد لك فيه إلى يوم القيامة ، اللهم إنا نتوب إليك في يوم فطرنا الذي جعلته للمسلمين عيدا وسرورا ، ولأهل ملتك مجمعا ومحتشدا ، من كل ذنب أذنبناه ، أو سوء أسلفناه ، أو خطرة شر أضمرناه أو عقيدة سوء اعتقدناها ، توبة من لا ينطوي على رجوع إلى ذنب ، ولا عود في خطيئة توبة نصوحا خلصت من الشك والارتياب ، فتقبلها منا ، وارض بها عنا وثبتنا عليها ، اللهم ارزقنا خوف غم الوعيد وشوق ثواب الموعود حتى نجد لذة ما ندعوك به ، وكآبة ما نستجير بك منه ، واجعلنا عندك من التوابين ، الذين أوجبت لهم محبتك ، وقبلت منهم مراجعة طاعتك ، يا أعدل العادلين ، الله تجاوز عن آبائنا وأمهاتنا ، وأهل ديننا جميعا ، من سلف منهم ومن غبر إلى يوم القيامة ، وصل على نبينا وآله ، كما صليت على ملائكتك المقربين ، وأنبيائك المطهرين ، وعبادك الصالحين ، وسلم على آله كما سلمت على آل يس ، وصل عليهم أجمعين ، صلاة تبلغنا بركتها ، وينالنا نفعها ، وتغمرنا بأسرها ، ويستجاب دعاؤنا بها ، إنك أكرم من رغب إليه ، وأعطى من سئل من فضله ، وأنت على كل شيء قدير ) - 1 -
*************************
الهوامش :
1 - بحار الأنوار ، العلامة المجلسي ، ج 95 ، ص 172 - 176 .
بسم الله الرحمن الرحيم .
اللهم صل على محمد وآل محمد .
وداع شهر رمضان وقد رويناه عن مولانا علي بن الحسين عليه السلام صاحب الأنفاس المقدسة الشريفة ، فيما تضمنه إسناد أدعية الصحيفة ، فقال : وكان من دعائه عليه السلام في وداع شهر رمضان :
اللهم يا من لا يرغب في الجزاء ، ويا من لا يندم على العطاء ، ويا من لا يكافي عبده على السواء ، هبتك ابتداء ، وعطيتك تفضل ، وعقوبتك عدل ، وقضاؤك خيرة ، إن أعطيت لم تشب بمن ، وإن منعت لم يكن منعك بتعد ، تشكر من شكرك وأنت ألهمته شكرك ، وتكافئ من حمدك وأنت علمته حمدك ، تستر على من لو شئت فضحته ، وتجود على من لو أردت منعته ، وكلاهما منك أهل للفضيحة والمنع ، غير أنك بنيت أفعالك على التفضل ، وأجريت قدرتك على التجاوز ، وتلقيت من عصاك بالحلم ، وأمهلت من قصد لنفسه بالظلم ، تستنظرهم بأناتك إلى الإنابة ، و تترك معاجلتهم إلى التوبة ، لكيلا يهلك عليك هالكهم ، ولئلا يشقى بنقمتك شقيهم إلا عن طول الإعذار إليه ، وبعد ترادف الحجة عليه ، كرما من فعلك يا كريم وعائدة من عطفك يا حليم أنت الذي فتحت لعبادك بابا إلى عفوك ، وسميته التوبة ، وجعلت على ذلك الباب دليلا من رحمتك لئلا يضلوا عنه ، فقلت " توبوا إلى الله توبة نصوحا عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنات تجرى من تحتها الأنهار " فما عذر من أغفل دخول ذلك الباب يا سيدي بعد فتحه ، وإقامة الدليل عليه ، وأنت الذي زدت في السوم على نفسك لعبادك ، تريد ربحهم في متاجرتك ، وفوزهم بزيادتك فقلت " من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها " ثم قلت " مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة " وما أنزلت من نظائر هن في القرآن .
وأنت الذي دللتهم بقولك الذي من غيبك ، وترغيبك الذي فيه من حظهم على ما لو سترته عنهم لم تدركه أبصارهم ، ولم تعه أسماعهم ، ولم تلحقه أوهامهم فقلت تباركت وتعاليت " اذكروني أذكركم " و " لئن شكرتم لأزيدنكم " و " وادعوني أستجب لكم " وقلت " من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له " فذكروك و شكروك ودعوك وتصدقوا لك طلبا لمزيدك ، وفيها كانت نجاتهم من غضبك ، وفوزهم برضاك ولو دل مخلوق مخلوقا من نفسه على مثل الذي دللت عليه عبادك منك ، كان محمودا فلك الحمد ما وجد في حمدك مذهب ، وما بقي للحمد لفظ تحمد به ، ومعنى ينصرف إليه .
يا من تحمد إلى عباده بالاحسان والفضل ، وعاملهم بالمن والطول ، ما أفشا فينا نعمتك وأسبغ علينا منتك ، وأخصنا ببرك هديتنا لدينك الذي اصطفيت وملتك التي ارتضيت ، وسبيلك الذي سهلت ، وبصرتنا ما يوجب الزلفة لديك والوصول إلى كرامتك اللهم وأنت جعلت من صفايا تلك الوظائف ، وخصايص تلك الفروض شهر رمضان ، الذي اختصصته من سائر الشهور ، وتخيرته من جميع الأزمنة والدهور ، وآثرته على جميع الأوقات بما أنزلت فيه من القرآن وفرضت فيه من الصيام ، وأجللت فيه من ليلة القدر ، التي هي خير من ألف شهر ، ثم آثرتنا به على سائر الأمم ، واصطفيتنا بفضله دون أهل الأديان ، فصمنا بأمرك نهاره ، وقمنا بعونك ليله ، متعرضين بصيامه وقيامه لما عرضتنا له من رحمتك ، وسببتنا إليه من مثوبتك ، وأنت المليء بما رغب فيه إليك ، الجواد بما سئلت من فضلك ، القريب إلى من حاول قربك ، وقد أقام فينا هذا الشهر مقام حمد وصحبنا صحبة السرور ، وأربحنا أفضل أرباح العالمين ، ثم قد فارقنا عند تمام وقته ، وانقطاع مدته ، ووفاء عدده ، فنحن مودعوه وداع من عز فراقه علينا و غمنا ، وأوحش انصرافه عنا فهمنا ، ولزمنا له الذمام المحفوظ ، والحرمة المرعية ، والحق المقضي . فنحن قائلون :
السلام عليك يا شهر الله الأكبر ، ويا عيد أوليائه الأعظم ، السلام عليك يا أكرم مصحوب من الأوقات ، ويا خير شهر في الأيام والساعات ، السلام عليك من شهر قربت فيه الآمال ، ويسرت فيه الأعمال ، السلام عليك من قرين جل قدره موجودا ، وأفجع فراقه مفقودا ، السلام عليك من أليف آنس مقبلا فسر ، وأوحش منقضيا فأمر ، السلام عليك من مجاور رقت فيه القلوب ، وقلت فيه الذنوب ، السلام عليك من ناصر أعان على الشيطان ، وصاحب سهل سبيل الاحسان السلام عليك ما أكثر عتقاء الله فيك ، وما أسعد من رعى حرمته بك ، السلام عليك ما كان أمحاك للذنوب وأسترك لأنواع العيوب ، السلام عليك ما كان أطولك على المجرمين ، وأهيبك في صدور المؤمنين ، السلام عليك من شهر لا تنافسه الأيام ، ومن شهر هو من كل أمر سلام ، السلام عليك غير كريه المصاحبة ، ولا ذميم الملابسة السلام عليك كما وردت علينا بالبركات ، وغسلت عنا دنس الخطيئات ، السلام عليك غير مودع سأما ، ولا متروك صيامه برما ، السلام عليك من مطلوب قبل وقته ، و محزون عليه عند فوته ، السلام عليك كم من سوء صرف بك عنا ، وكم من خير أفيض بك علينا ، السلام عليك وعلى ليلة القدر التي جعلها الله خيرا من ألف شهر السلام عليك وعلى فضلك الذي حرمناه ، وعلى ما كان من بركاتك سلبناه ، السلام عليك ما كان أحرصنا بالأمس عليك ، وأشد شوقنا غدا إليك .
اللهم إنا أهل هذا الشهر الذي شرفتنا به ، ووفقتنا بمنك له ، حين جهل الأشقياء فضله ، وحرموا لشقائهم خيره وأنت ولي ما آثرتنا به من معرفته ، وهديتنا له من سنته ، وقد تولينا بتوفيقك صيامه وقيامه على تقصير ، وأدينا من حقك فيه قليلا من كثير ، اللهم فلك إقرارنا بالإساءة واعترافنا بالإضاعة ، ولك من قلوبنا عقدة الندم ، ومن ألسنتنا صدق الاعتذار ، فأجرنا على ما أصبنا به من التفريط أجرا نستدرك به الفضل المرغوب فيه ، ونعتاض به من إحراز الذخر المحروص عليه ، وأوجب لنا عذرك على ما قصرنا فيه من حقك ، وأبلغ بأعمارنا ما بين أيدينا من شهر رمضان المقبل ، فإذا بلغتناه فأعنا على تناول ما أنت أهله من العبادة ، وأدنا إلى القيام بما نستحقه من الطاعة ، وأجر لنا من صالح العمل ما يكون دركا لحقك في الشهرين ، وفي شهور الدهر .
اللهم وما ألممنا به في شهرنا هذا من إثم ، وأوقعنا فيه من ذنب ، واكتسبنا فيه من خطيئة ، عن تعمد منا له ، أو على نسيان من ظلمنا فيه أنفسنا ، أو انتهاكنا فيه حرمة من غيرنا ، فاستره بسترك ، واعف عنا بعفوك ، ولا تنصبنا فيه لأعين الشامتين ولا تبسط علينا ألسنة الطاعنين واستعملنا بما يكون حطة وكفارة لما أنكرت منا فيه برأفتك التي لا تنفد ، وفضلك الذي لا ينقص .
اللهم صل على محمد وآل محمد ، واجبر مصيبتنا بشهرنا ، وبارك لنا في يوم عيدنا واجعله من خير يوم مر علينا ، أجلبه للعفو ، وأمحاه للذنب واغفر لنا ما خفي من ذنوبنا وما علن ، اللهم صل على محمد وآل محمد ، واسلخنا بانسلاخ هذا الشهر من خطايانا ، وأخرجنا بخروجه عن سيئاتنا ، واجعلنا من أسعد أهله به ، وأوفرهم قسما اللهم ومن رعا حرمة هذا الشهر حق رعايتها ، وحفظ حدوده حق حفظها ، واتقى ذنوبه حق تقاتها ، أو تقرب إليك بقربة أوجبت رضاك عنه ، وعطفت برحمتك عليه فهب لنا مثله من وجدك وإحسانك ، وأعطنا أضعافه من فضلك ، فان فضلك لا يغيض وإن خزائنك لا تنفد ، وإن معادن إحسانك لا تفنى ، وإن عطاءك للعطاء المهنا .
اللهم اكتب لنا مثل أجور من صامه بنية ، أو تعبد لك فيه إلى يوم القيامة ، اللهم إنا نتوب إليك في يوم فطرنا الذي جعلته للمسلمين عيدا وسرورا ، ولأهل ملتك مجمعا ومحتشدا ، من كل ذنب أذنبناه ، أو سوء أسلفناه ، أو خطرة شر أضمرناه أو عقيدة سوء اعتقدناها ، توبة من لا ينطوي على رجوع إلى ذنب ، ولا عود في خطيئة توبة نصوحا خلصت من الشك والارتياب ، فتقبلها منا ، وارض بها عنا وثبتنا عليها ، اللهم ارزقنا خوف غم الوعيد وشوق ثواب الموعود حتى نجد لذة ما ندعوك به ، وكآبة ما نستجير بك منه ، واجعلنا عندك من التوابين ، الذين أوجبت لهم محبتك ، وقبلت منهم مراجعة طاعتك ، يا أعدل العادلين ، الله تجاوز عن آبائنا وأمهاتنا ، وأهل ديننا جميعا ، من سلف منهم ومن غبر إلى يوم القيامة ، وصل على نبينا وآله ، كما صليت على ملائكتك المقربين ، وأنبيائك المطهرين ، وعبادك الصالحين ، وسلم على آله كما سلمت على آل يس ، وصل عليهم أجمعين ، صلاة تبلغنا بركتها ، وينالنا نفعها ، وتغمرنا بأسرها ، ويستجاب دعاؤنا بها ، إنك أكرم من رغب إليه ، وأعطى من سئل من فضله ، وأنت على كل شيء قدير ) - 1 -
*************************
الهوامش :
1 - بحار الأنوار ، العلامة المجلسي ، ج 95 ، ص 172 - 176 .
تعليق