تويت
علي عبد الجواد
الخميس 928السنة التاسعة عشرة 29 / شهر رمضان الكريم / 1444هـ - 20 /4 /2023م
الخميس 928السنة التاسعة عشرة 29 / شهر رمضان الكريم / 1444هـ - 20 /4 /2023م
يُقال إنه ليس من الصعب الوصول إلى القمة ولكن الصعوبة تكمن في البقاء عليها، فهو يحتاج إلى بذل الجهد الكثير والعمل الجاد والمستمر حتى يبقى محافظاً على مكانته.
لقد تسابق المؤمنون في هذا الشهر المبارك بالاغتراف من أنهاره الفيّاضة وقد حصلوا على مبتغاهم، فكانت لهم نفوس مفعمة بالإيمان وزاخرة بالتقوى، فهي قد نالت من ثمار رحمة الله تعالى اليانعة وتفيّأت بظلال مغفرته الوارفة، وهذه المكتسبات العظيمة قد لا يحصل عليها العبد المؤمن إلا عندما يخوض غمار هذا الشهر الفضيل فينالها.وترى المؤمن قد انصهر في كنف المجتمع الإيماني والأسرة الإيمانية وعاش معها أجواء هذا الشهر العظيم، فتعاون أفرادها على البرّ والتقوى؛ من ترك ذنب أو معصية، وتسامح وتراحم، وبرّ والدين، وإغاثة ملهوف، وإدخال بهجة على قلب فقير، وزرع بسمة على شفتي يتيم، ووصل المنقطع عنهم، ونبذ خلافات قديمة، وتزاور وتسامر، وحجاب وعفاف، ونعيم طاعة، ولذة مناجاة، وأعمال صالحة.
وهذه الأعمال والسلوكيات الإيمانية تنقل المؤمن من كمال إلى آخر لينال رضا الخالق المتعال طوال شهره تعالى، والفطن الحاذق هو من يثبُت على هذه الأعمال بعد وداع شهر الطاعة، ومخطئ من يتصوّر أن وداع الشهر هو إيذان بانتهاء فترة العبادة والطاعة! بل العكس فبعد الشهر الفضيل يتميّز المؤمن الحقيقي عن غيره ممّن التزم بشهر رمضان فقط! فهذا في الواقع لم يستفد من تلك التربية الرمضانية.
فيا أيها المؤمن لا تقطع أعمالك الصالحة وأخلاقياتك بعد شهر الطاعة، لا تقطع صلة رحمك بل تعاهدها بالزيارة والتقرّب إليها، ولا تعودنّ إلى المعاملة السيّئة مع عائلتك بعد أن أصلحت ما بينك وبينهم، وخصّص وقتاً لأولادك ورعاية شؤونهم، ولا تقطع برّك عن الفقير والمحتاج؛ فيمكن أن يكونا بأمسّ الحاجة في بقية الشهور؛ لانقطاع الكثير عن عطاءاتهم بعد الشهر الكريم، واحرص كل الحرص من العجب والرياء والغيبة والنميمة والكبر والحقد والحسد والجشع والغش والربا.. فإنها آفات تحرق كل ما زرعته طوال الشهر، بل ترديك في المهالك.
إذا كنت تعترف بأن شهر رمضان قد غيّر من سلوكياتك وأخلاقياتك فأنت تسير في الطريق الصحيح ووصلت إلى الهدف المبتغى من الدورة التربوية الإيمانية الرمضانية، وهذا التغيير يحتاج إلى مجاهدة للثبات على ما وصلت إليه، فأنت قد خرَجت من هذا الشهر كما ولدتك أمك وهذا ما وعد به الغفور الرحيم.
تعليق