الخميس 928السنة التاسعة عشرة
29 / شهر رمضان الكريم / 1444هـ - 20 /4 /2023م
29 / شهر رمضان الكريم / 1444هـ - 20 /4 /2023م
من الصفات المهمة للمربي والمصلح أن يختلط مع الناس ولا ينعزل عنهم؛ لأنّ التربية والإصلاح لا تقتصر على إلقاء الخطب في المجالس العامة والخاصة، وإنما هي حركة وعمل دؤوب في الأوساط الاجتماعية، تتطلب مشاركة الناس في آمالهم وآلامهم، وأن يعيش المربي معهم كواحد منهم، يشاركهم في نشاطاتهم وفعالياتهم واحتفالاتهم وأحزانهم، وهكذا كان أهل البيت (عليهم السلام) في وسط الأمة، وبهذا استطاعوا تربية وإصلاح الكثير من أتباعهم ومخالفيهم.
قال صعصعة بن صوحان يصف أمير المؤمنين علياً (عليه السلام): (كان فينا كأحدنا، لِين جانب، وشدة تواضع، وسهولة قياد، وكنّا نهابه مهابة الأسير المربوط للسياف الواقف على رأسه) [1]
وقال نافع بن جبير للإمام علي بن الحسين زين العابدين (عليه السلام): إنك تجالس قوماً دوناً، فقال له (عليه السلام): «إني أُجالس مَن أنتفعُ بمجالسته في ديني» [2]
وكانت إرشاداتهم (عليهم السلام) لأصحابهم أن يتعايشوا مع غيرهم من المخالفين، ومن هذه الإرشادات ما جاء عن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) أنّه قال: «كونوا لمن انقطعتم إليه زيناً، ولا تكونوا عليه شيناً؛ صلّوا في عشائرهم، وعودوا مرضاهم، واشهدوا جنائزهم...» [3]
والاختلاط بالمجتمع يسهم مساهمة فعالة في معرفة أحوال وأوضاع الناس المختلفة، وهي مقدمة للإصلاح والتربية، ومن تلك الأوضاع والأحوال:
١- معرفة مستويات الناس المراد تربيتهم.
٢- معرفة الصالحين من الطالحين.
٣- معرفة الأسباب والعوامل المساهمة في الانحراف.
ومن هنا يستطيع المربّي أن يمتلك القدرة على تشخيص الانحراف في بدايته، وعلى اختيار الأُسلوب المناسب للإصلاح والتربية، والتعاون مع بقية المربّين لوضع البرامج والخطط التربوية المناسبة.
(انظر: ملامح المنهج التربوي عند أهل البيت (عليهم السلام): ص76)
[1] -(شرح نهج البلاغة: ١/٢٥).
[2] -(مناقب آل أبي طالب: ٤/١٧٥).
[3] -(الكافي: ٢/٢١٩).
تعليق