بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
اليقين من صفات العلم ، وهو سكون العلم وثباته وإتقانه بانتفاء الشّك والشبهة عنه بالاستدلال أو الإشراق.
ومتعلّقه في هذا الباب مطلق ما يجب الإذعان به من المبدء تعالىٰ وصفاته وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وجميع آياته وما أنزله على أنبيائه من شرائعه ، وهو بهذا المعنى أشرف صفات النفس وأعلاها وأفضلها وأسماها ، وهو الذي عبّر عنه بالاطمئنان في قصّة إبراهيم الخليل. فإنّه لمّا استدعىٰ من ربّه أن يريه إحياء الموتىٰ قال تعالىٰ ( أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَىٰ وَلَـٰكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي )(١). فأقرّ أوّلاً بالايمان الذي هو : التصديق والعلم ، ثّم سأل ما يزداد به الإيمان حتّىٰ يكون يقيناً ، وببيانٍ آخر أنّه سأل أن يرتقي بمشاهدة العيان من علم اليقين إلى عين اليقين ،
وقد ذكر تعالىٰ في : أنّ الآيات الآفاقيّة والأنفسيّة لا تنفع كما ينبغي ولا تكشف عن وجه الحقيقة كما يليق إلّا لمن تزيّن بهذه الفضيلة النفسيّة والكرامة الالٰهيّة.
وذكر تعالى أيضا : أنّ الملاك في اختيار الصفوة من الناس للإمامة وهداية المجتمع الانسانيّ هو : الصبر واليقين ، وهما وصفان فاضلان لكلٍّ منهما تأثير متقابل في الآخر ، فالصبر في إقامة أحكام الدين وحدوده يزيد في اليقين ، واليقين يزيد في الصبر.
وفي النصوص الواردة عن أهل البيت في المقام ما يغني عن كلّ شيءٍ. فقد ورد أنّ اليقين أفضل من الإيمان (٢) ، فإنّ الإيمان فوق الإسلام ، والتقوىٰ فوق الإيمان واليقين فوق التقوىٰ ، فما من شيءٍ أعزّ من اليقين (٣) ؛ وذلك لأنّ الإقرار بالشهادتين إسلام ، والإذعان بالقلب بعده إيمان ، والعمل بالإذعان تقوىٰ ، وكمال الإيمان بالعمل يقين.
وأنّ الصادق عليهالسلام قال ـ لمن لم يحصل له اليقين ـ : ( إنّما تمسّكتم بأدنى الإسلام ، فإيّاكم أن ينفلت من أيديكم)(4).
عَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ مُسْكَانَ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : (لَمْ يُقَسِّمِ اَللَّهُ بَيْنَ اَلنَّاسِ شَيْئاً أَقَلَّ مِنْ خَمْسٍ اَلْيَقِينُ وَاَلْقَنَاعَةُ وَ اَلصَّبْرُ وَ اَلشُّكْرُ وَ اَلَّذِي يُكْمِلُ هَذَا كُلَّهُ اَلْعَقْلُ) (5).
(وأنّ اليقين تظهر آثاره وتتجلّىٰ حقيقته في الموقن بأمورٍ أكملها أربعة : التوكّل والتسليم والرضا والتفويض) (6).
التوكّل على الله في تنجّز مقاصده عند التّوسّل بأسبابها ، والتسليم لأحكامه وحكومة ولاة أمره ، والرضا بما قضى عليه ربّه في الحوادث الجارية عليه في حياته ، والتفويض الكامل في كلّ ذلك بحيث يرىٰ نفسه وقدرته مضمحلّة في جنب إرادة ربّه وقدرته ، وهذا من مراتب القانتين.
(وأنّه ليس شيء إلّا وله حدّ ، وحدّ اليقين أن لا تخاف مع الله شيئاً) (7).
(وأنّ من صحّة اليقين وتمامه أن لا يرضي الناس بسخط الله، وأن لا يلومهم على ما لم يؤتهم ربّهم. فإنّ الأمر بيد الله) (8).
(وأنّ الله جعل الروح والراحة في اليقين) (9).
عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ يَقُولُ: (إِنَّ اَلْعَمَلَ اَلدَّائِمَ اَلْقَلِيلَ عَلَى اَلْيَقِينِ أَفْضَلُ عِنْدَ اَللَّهِ مِنَ اَلْعَمَلِ اَلْكَثِيرِ عَلَى غَيْرِ يَقِينٍ) (10).
الإمامُ الصّادقُ عليه السلام - في قَولِهِ تعالى : (وكانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما) - : (أما إنّهُ ما كانَ ذَهَباً ولا فِضَّةً، إنّما كانَ أربَعَ كَلِماتٍ : أنا اللَّهُ لا إلهَ إلّا أنا، مَن أيقَنَ بالمَوتِ لَم يَضحَكْ سِنُّهُ، ومَن أيقَنَ بالحِسابِ لَم يَفرَحْ قَلبُهُ، ومَن أيقَنَ بالقَدَرِ لَم يَخشَ إلّا اللَّهَ) (11).
____________________________
١) سورة البقرة، الآية : 260.
٢) مستدرك الوسائل : ج 11 ، ص 197.
٣) نفس المصدر السابق.
4) الكافي : ج 2 ، ص 53 .
5) المحاسن، ج1، ص191.
6) من لا يحضره الفقيه : ج 4 ، ص 376 .
7) بحار الأنوار : ج 70 ، ص 173.
8) نفس المصدر السابق، ص 176.
9) نفس المصدر السابق.
10) الکافي، ج2، ص57.
11) بحار الأنوار : ج 67، ، ص 152.
اللهم صل على محمد وآل محمد
اليقين من صفات العلم ، وهو سكون العلم وثباته وإتقانه بانتفاء الشّك والشبهة عنه بالاستدلال أو الإشراق.
ومتعلّقه في هذا الباب مطلق ما يجب الإذعان به من المبدء تعالىٰ وصفاته وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وجميع آياته وما أنزله على أنبيائه من شرائعه ، وهو بهذا المعنى أشرف صفات النفس وأعلاها وأفضلها وأسماها ، وهو الذي عبّر عنه بالاطمئنان في قصّة إبراهيم الخليل. فإنّه لمّا استدعىٰ من ربّه أن يريه إحياء الموتىٰ قال تعالىٰ ( أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَىٰ وَلَـٰكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي )(١). فأقرّ أوّلاً بالايمان الذي هو : التصديق والعلم ، ثّم سأل ما يزداد به الإيمان حتّىٰ يكون يقيناً ، وببيانٍ آخر أنّه سأل أن يرتقي بمشاهدة العيان من علم اليقين إلى عين اليقين ،
وقد ذكر تعالىٰ في : أنّ الآيات الآفاقيّة والأنفسيّة لا تنفع كما ينبغي ولا تكشف عن وجه الحقيقة كما يليق إلّا لمن تزيّن بهذه الفضيلة النفسيّة والكرامة الالٰهيّة.
وذكر تعالى أيضا : أنّ الملاك في اختيار الصفوة من الناس للإمامة وهداية المجتمع الانسانيّ هو : الصبر واليقين ، وهما وصفان فاضلان لكلٍّ منهما تأثير متقابل في الآخر ، فالصبر في إقامة أحكام الدين وحدوده يزيد في اليقين ، واليقين يزيد في الصبر.
وفي النصوص الواردة عن أهل البيت في المقام ما يغني عن كلّ شيءٍ. فقد ورد أنّ اليقين أفضل من الإيمان (٢) ، فإنّ الإيمان فوق الإسلام ، والتقوىٰ فوق الإيمان واليقين فوق التقوىٰ ، فما من شيءٍ أعزّ من اليقين (٣) ؛ وذلك لأنّ الإقرار بالشهادتين إسلام ، والإذعان بالقلب بعده إيمان ، والعمل بالإذعان تقوىٰ ، وكمال الإيمان بالعمل يقين.
وأنّ الصادق عليهالسلام قال ـ لمن لم يحصل له اليقين ـ : ( إنّما تمسّكتم بأدنى الإسلام ، فإيّاكم أن ينفلت من أيديكم)(4).
عَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ مُسْكَانَ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : (لَمْ يُقَسِّمِ اَللَّهُ بَيْنَ اَلنَّاسِ شَيْئاً أَقَلَّ مِنْ خَمْسٍ اَلْيَقِينُ وَاَلْقَنَاعَةُ وَ اَلصَّبْرُ وَ اَلشُّكْرُ وَ اَلَّذِي يُكْمِلُ هَذَا كُلَّهُ اَلْعَقْلُ) (5).
(وأنّ اليقين تظهر آثاره وتتجلّىٰ حقيقته في الموقن بأمورٍ أكملها أربعة : التوكّل والتسليم والرضا والتفويض) (6).
التوكّل على الله في تنجّز مقاصده عند التّوسّل بأسبابها ، والتسليم لأحكامه وحكومة ولاة أمره ، والرضا بما قضى عليه ربّه في الحوادث الجارية عليه في حياته ، والتفويض الكامل في كلّ ذلك بحيث يرىٰ نفسه وقدرته مضمحلّة في جنب إرادة ربّه وقدرته ، وهذا من مراتب القانتين.
(وأنّه ليس شيء إلّا وله حدّ ، وحدّ اليقين أن لا تخاف مع الله شيئاً) (7).
(وأنّ من صحّة اليقين وتمامه أن لا يرضي الناس بسخط الله، وأن لا يلومهم على ما لم يؤتهم ربّهم. فإنّ الأمر بيد الله) (8).
(وأنّ الله جعل الروح والراحة في اليقين) (9).
عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ يَقُولُ: (إِنَّ اَلْعَمَلَ اَلدَّائِمَ اَلْقَلِيلَ عَلَى اَلْيَقِينِ أَفْضَلُ عِنْدَ اَللَّهِ مِنَ اَلْعَمَلِ اَلْكَثِيرِ عَلَى غَيْرِ يَقِينٍ) (10).
الإمامُ الصّادقُ عليه السلام - في قَولِهِ تعالى : (وكانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما) - : (أما إنّهُ ما كانَ ذَهَباً ولا فِضَّةً، إنّما كانَ أربَعَ كَلِماتٍ : أنا اللَّهُ لا إلهَ إلّا أنا، مَن أيقَنَ بالمَوتِ لَم يَضحَكْ سِنُّهُ، ومَن أيقَنَ بالحِسابِ لَم يَفرَحْ قَلبُهُ، ومَن أيقَنَ بالقَدَرِ لَم يَخشَ إلّا اللَّهَ) (11).
____________________________
١) سورة البقرة، الآية : 260.
٢) مستدرك الوسائل : ج 11 ، ص 197.
٣) نفس المصدر السابق.
4) الكافي : ج 2 ، ص 53 .
5) المحاسن، ج1، ص191.
6) من لا يحضره الفقيه : ج 4 ، ص 376 .
7) بحار الأنوار : ج 70 ، ص 173.
8) نفس المصدر السابق، ص 176.
9) نفس المصدر السابق.
10) الکافي، ج2، ص57.
11) بحار الأنوار : ج 67، ، ص 152.
تعليق