بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
قال تعالى : ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ ۖ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ۖ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ ۚ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾، سورة الحجرات، 11 .
أن القرآن المجيد اهتم ببناء المجتمع الإسلامي على أساس المعايير الأخلاقية فإنه بعد البحث عن وظائف المسلمين في مورد النزاع والمخاصمة بين طوائف المسلمين المختلفة بين في الآية محل البحث قسما من جذور هذه الاختلافات ليزول الاختلاف (بقطعها) ويحسم النزاع!
ففي الآية تعبير صريح وبليغ عن ثلاثة أمور يمكن أن يكون كل منها شرارة لاشتعال الحرب والاختلاف، إذ تقول الآية أولا: يا يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ.
لأنه عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ.
وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ.
والخطاب موجه هنا إلى المؤمنين كافة فهو يعم الرجال والنساء وينذر الجميع أن يجتنبوا هذا الأمر القبيح، لأن أساس السخرية والاستهزاء هو الإحساس بالاستعلاء والغرور والكبر وأمثال ذلك إذ كانت تبعث على كثير من الحروب الدامية على امتداد التاريخ!
وهذا الاستعلاء أو التكبر غالبا ما يكون أساسه القيم المادية والظواهر المادية فمثلا، فلان يرى نفسه أكثر مالا من الآخر أو يرى نفسه أجمل من غيره أو أنه يعد من القبيلة المشهورة والمعروفة أكثر من سواها، وربما يسوقه تصوره بأنه أفضل من الجماعة الفلانية علما وعبادة ومعنوية إلى السخرية منهم، في حين أن المعيار الواقعي عند الله هو " التقوى " التي تنسجم مع طهارة القلب وخلوص النية والتواضع والأخلاق والأدب!.
ولا يصح لأي أحد أن يقول أنا أفضل عند الله من سواي، ولذلك عد تحقير الآخرين والتعالي بالنفس من أسوأ الأمور وأقبح العيوب الأخلاقية التي يمكن أن تكون لها انعكاسات سلبية في حياة الناس جميعا.
ثم تقول الآية في المرحلة الثانية: وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ.
كلمة "تَلْمِزُوا " هي من مادة " لمز " ومعناها تتبع العيوب والطعن في الآخرين، وفسر بعضهم الفرق بين " الهمز " و " اللمز " بأن " اللمز " عد عيوب الناس بحضورهم، و " الهمز " ذكر عيوبهم في غيابهم، كما قيل أن " اللمز " تتبع العيوب بالعين والإشارة في حين أن " الهمز " هو ذكر العيوب باللسان " .
الطريف أن القرآن في تعبير " بأنفسكم " يشير إلى وحدة المؤمنين وأنهم نسيج واحد، ويبين هنا بأن جميع المؤمنين بمثابة النفس الواحدة فمن عاب غيره فإنما عاب نفسه في الواقع!.
وتضيف الآية في المرحلة الثالثة أيضا قائلة: وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ.
هناك الكثير من الأفراد الحمقى قديما وحديثا، ماضيا وحاضرا مولعون بالتراشق بالألفاظ القبيحة، ومن هذا المنطلق فهم يحقرون الآخرين ويدمرون شخصياتهم وربما انتقموا منهم أحيانا عن هذا الطريق، وقد يتفق أن شخصا كان يعمل المنكرات سابقا، ثم تاب وأناب وأخلص قلبه لله، ولكن مع ذلك نراهم يرشقونه بلقب مبتذل كاشف عن ماضيه!
الإسلام نهى عن هذه الأمور بصراحة ومنع من إطلاق أي اسم أو لقب غير مرغوب فيه يكون مدعاة لتحقير المسلم .
ونقرأ في بعض الأحاديث أن " صفية بنت حيي بن أخطب " المرأة اليهودية التي أسلمت بعد فتح خيبر وأصبحت زوجة النبي - جاءت صفية يوما إلى النبي وهي باكية العين فسألها النبي عن سبب بكائها فقالت : إن عائشة توبخني وتقول لي يا ابنة اليهودي، فقال لها النبي (صلى الله عليه وآله) : فلم لا قلت لها: أبي هارون وعمي موسى وزوجي محمد فكان أن نزلت هذه الآية - محل البحث - .
ولذلك فإن الآية تضيف قائلة: بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ أي قبيح جدا على من دخل في سلك الإيمان أن يذكر الناس بسمات الكفر واحتمل بعض المفسرين احتمالا آخر لهذه الجملة المذكورة آنفا وهي أن الله نهى المؤمنين أن يرضوا بأسماء الفسق والجاهلية لأنفسهم بسبب سخرية الناس ولتحاشي استهزائهم.
ولكن مع الالتفات إلى صدر الآية وشأن النزول المذكور يبدو أن التفسير الأول أقرب.
وتختتم الآية لمزيد التأكيد بالقول: وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ.
وأي ظلم أسوأ من أن يؤذي شخص بالكلمات اللاذعة و " اللاسعة " والتحقير واللمز قلوب المؤمنين التي هي " مركز عشق " الله وأن يطعن في شخصياتهم ويبتذل كرامتهم التي هي أساس شخصيتهم.
ماء وجوههم الذي هو أساس حياتهم الأهم.
اللهم صل على محمد وآل محمد
قال تعالى : ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ ۖ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ۖ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ ۚ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾، سورة الحجرات، 11 .
أن القرآن المجيد اهتم ببناء المجتمع الإسلامي على أساس المعايير الأخلاقية فإنه بعد البحث عن وظائف المسلمين في مورد النزاع والمخاصمة بين طوائف المسلمين المختلفة بين في الآية محل البحث قسما من جذور هذه الاختلافات ليزول الاختلاف (بقطعها) ويحسم النزاع!
ففي الآية تعبير صريح وبليغ عن ثلاثة أمور يمكن أن يكون كل منها شرارة لاشتعال الحرب والاختلاف، إذ تقول الآية أولا: يا يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ.
لأنه عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ.
وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ.
والخطاب موجه هنا إلى المؤمنين كافة فهو يعم الرجال والنساء وينذر الجميع أن يجتنبوا هذا الأمر القبيح، لأن أساس السخرية والاستهزاء هو الإحساس بالاستعلاء والغرور والكبر وأمثال ذلك إذ كانت تبعث على كثير من الحروب الدامية على امتداد التاريخ!
وهذا الاستعلاء أو التكبر غالبا ما يكون أساسه القيم المادية والظواهر المادية فمثلا، فلان يرى نفسه أكثر مالا من الآخر أو يرى نفسه أجمل من غيره أو أنه يعد من القبيلة المشهورة والمعروفة أكثر من سواها، وربما يسوقه تصوره بأنه أفضل من الجماعة الفلانية علما وعبادة ومعنوية إلى السخرية منهم، في حين أن المعيار الواقعي عند الله هو " التقوى " التي تنسجم مع طهارة القلب وخلوص النية والتواضع والأخلاق والأدب!.
ولا يصح لأي أحد أن يقول أنا أفضل عند الله من سواي، ولذلك عد تحقير الآخرين والتعالي بالنفس من أسوأ الأمور وأقبح العيوب الأخلاقية التي يمكن أن تكون لها انعكاسات سلبية في حياة الناس جميعا.
ثم تقول الآية في المرحلة الثانية: وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ.
كلمة "تَلْمِزُوا " هي من مادة " لمز " ومعناها تتبع العيوب والطعن في الآخرين، وفسر بعضهم الفرق بين " الهمز " و " اللمز " بأن " اللمز " عد عيوب الناس بحضورهم، و " الهمز " ذكر عيوبهم في غيابهم، كما قيل أن " اللمز " تتبع العيوب بالعين والإشارة في حين أن " الهمز " هو ذكر العيوب باللسان " .
الطريف أن القرآن في تعبير " بأنفسكم " يشير إلى وحدة المؤمنين وأنهم نسيج واحد، ويبين هنا بأن جميع المؤمنين بمثابة النفس الواحدة فمن عاب غيره فإنما عاب نفسه في الواقع!.
وتضيف الآية في المرحلة الثالثة أيضا قائلة: وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ.
هناك الكثير من الأفراد الحمقى قديما وحديثا، ماضيا وحاضرا مولعون بالتراشق بالألفاظ القبيحة، ومن هذا المنطلق فهم يحقرون الآخرين ويدمرون شخصياتهم وربما انتقموا منهم أحيانا عن هذا الطريق، وقد يتفق أن شخصا كان يعمل المنكرات سابقا، ثم تاب وأناب وأخلص قلبه لله، ولكن مع ذلك نراهم يرشقونه بلقب مبتذل كاشف عن ماضيه!
الإسلام نهى عن هذه الأمور بصراحة ومنع من إطلاق أي اسم أو لقب غير مرغوب فيه يكون مدعاة لتحقير المسلم .
ونقرأ في بعض الأحاديث أن " صفية بنت حيي بن أخطب " المرأة اليهودية التي أسلمت بعد فتح خيبر وأصبحت زوجة النبي - جاءت صفية يوما إلى النبي وهي باكية العين فسألها النبي عن سبب بكائها فقالت : إن عائشة توبخني وتقول لي يا ابنة اليهودي، فقال لها النبي (صلى الله عليه وآله) : فلم لا قلت لها: أبي هارون وعمي موسى وزوجي محمد فكان أن نزلت هذه الآية - محل البحث - .
ولذلك فإن الآية تضيف قائلة: بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ أي قبيح جدا على من دخل في سلك الإيمان أن يذكر الناس بسمات الكفر واحتمل بعض المفسرين احتمالا آخر لهذه الجملة المذكورة آنفا وهي أن الله نهى المؤمنين أن يرضوا بأسماء الفسق والجاهلية لأنفسهم بسبب سخرية الناس ولتحاشي استهزائهم.
ولكن مع الالتفات إلى صدر الآية وشأن النزول المذكور يبدو أن التفسير الأول أقرب.
وتختتم الآية لمزيد التأكيد بالقول: وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ.
وأي ظلم أسوأ من أن يؤذي شخص بالكلمات اللاذعة و " اللاسعة " والتحقير واللمز قلوب المؤمنين التي هي " مركز عشق " الله وأن يطعن في شخصياتهم ويبتذل كرامتهم التي هي أساس شخصيتهم.
ماء وجوههم الذي هو أساس حياتهم الأهم.
تعليق