بسم الله الرحمن الرحيم
قال ابن خلدون في مقدمته ج 1 ص 105 :
قال المسعودي: في أيام عثمان اقتنى الصحابة الضياع والمال،
فكان له يوم قتل عند خازنه خمسون ومائة ألف دينار وألف ألف درهم،
وقيمة ضياعه بوادي القرى وحنين وغيرهما مائة ألف دينار،
وخلف إبلاً وخيلاً كثيرة.
وبلغ الثمن الواحد من متروك الزبير بعد وفاته خمسين ألف دينار،
وخلف ألف فرس وألف أمة.
وكان غلة طلحة من العراق ألف دينار كل يوم،
ومن ناحية السراة أكثر من ذلك.
وكان على مربط عبد الرحمن بن عوف ألف فرس،
وله ألف بعير وعشرة ألاف من الغنم، وبلغ الربع من متروكه بعد وفاته أربعة وثمانين ألفاً.
وخلف زيد بن ثابت من الفضة والذهب ما كان يكسر بالفؤوس،
غير ما خلف من الأموال والضياع بمائة ألف دينار.
وبنى الزبير داره بالبصرة وكذلك بنى بمصر والكوفة والإسكندرية.
وكذلك بنى طلحة داره بالكوفة وشيد داره بالمدينة وبناها بالجص والآجر والساج.
وبنى سعد بن أبي وقاص داره بالعقيق، ورفع سمكها وأوسع فضاءها وجعل على أعلاها شرفات.
وبني المقداد داره بالمدينة وجعلها مجصصة الظاهر والباطن وخلف يعلى بن منبه خمسين ألف دينار وعقاراً وغير ذلك ما قيمته ثلاثمائة ألف درهم. كلام المسعودي.
فكانت مكاسب القوم كما تراه، ولم يكن ذلك منعياً عليهم في دينهم، إذ هي أموال لأنها غنائم وفيوء، ولم يكن تصرفهم فيها بإسراف، إنما كانوا على قصد في أحوالهم كما قلناه، فلم يكن ذلك بقادح فيهم، وإن كان الاستكثار من الدنيا مذموماً فإنما يرجع إلى ما أشرنا إليه من الإسراف والخروج به عن القصد. وإذا كان حالهم قصداً ونفقاتهم في سبل الحق ومذاهبه كان ذلك الاستكثار عوناً لهم على طرق الحق واكتساب الدار الأخرة. فلما تدرجت البداوة والغضاضة إلى نهايتها، وجاءت طبيعة الملك التي هي مقتضى العصبية كما قلناه، وحصل التغلب والقهر كان حكم ذلك الملك عندهم حكم ذلك الرفه والاستكثار من الأموال، فلم يصرفوا ذلك التغلب في باطل ولا خرجوا به عن مقاصد الديانة ومذاهب الحق.
الكتاب : مقدمة ابن خلدون
المؤلف : ابن خلدون
مصدر الكتاب : موقع الوراق
[ الكتاب مرقم آليا غير موافق للمطبوع ]
قال ابن خلدون في مقدمته ج 1 ص 105 :
قال المسعودي: في أيام عثمان اقتنى الصحابة الضياع والمال،
فكان له يوم قتل عند خازنه خمسون ومائة ألف دينار وألف ألف درهم،
وقيمة ضياعه بوادي القرى وحنين وغيرهما مائة ألف دينار،
وخلف إبلاً وخيلاً كثيرة.
وبلغ الثمن الواحد من متروك الزبير بعد وفاته خمسين ألف دينار،
وخلف ألف فرس وألف أمة.
وكان غلة طلحة من العراق ألف دينار كل يوم،
ومن ناحية السراة أكثر من ذلك.
وكان على مربط عبد الرحمن بن عوف ألف فرس،
وله ألف بعير وعشرة ألاف من الغنم، وبلغ الربع من متروكه بعد وفاته أربعة وثمانين ألفاً.
وخلف زيد بن ثابت من الفضة والذهب ما كان يكسر بالفؤوس،
غير ما خلف من الأموال والضياع بمائة ألف دينار.
وبنى الزبير داره بالبصرة وكذلك بنى بمصر والكوفة والإسكندرية.
وكذلك بنى طلحة داره بالكوفة وشيد داره بالمدينة وبناها بالجص والآجر والساج.
وبنى سعد بن أبي وقاص داره بالعقيق، ورفع سمكها وأوسع فضاءها وجعل على أعلاها شرفات.
وبني المقداد داره بالمدينة وجعلها مجصصة الظاهر والباطن وخلف يعلى بن منبه خمسين ألف دينار وعقاراً وغير ذلك ما قيمته ثلاثمائة ألف درهم. كلام المسعودي.
فكانت مكاسب القوم كما تراه، ولم يكن ذلك منعياً عليهم في دينهم، إذ هي أموال لأنها غنائم وفيوء، ولم يكن تصرفهم فيها بإسراف، إنما كانوا على قصد في أحوالهم كما قلناه، فلم يكن ذلك بقادح فيهم، وإن كان الاستكثار من الدنيا مذموماً فإنما يرجع إلى ما أشرنا إليه من الإسراف والخروج به عن القصد. وإذا كان حالهم قصداً ونفقاتهم في سبل الحق ومذاهبه كان ذلك الاستكثار عوناً لهم على طرق الحق واكتساب الدار الأخرة. فلما تدرجت البداوة والغضاضة إلى نهايتها، وجاءت طبيعة الملك التي هي مقتضى العصبية كما قلناه، وحصل التغلب والقهر كان حكم ذلك الملك عندهم حكم ذلك الرفه والاستكثار من الأموال، فلم يصرفوا ذلك التغلب في باطل ولا خرجوا به عن مقاصد الديانة ومذاهب الحق.
الكتاب : مقدمة ابن خلدون
المؤلف : ابن خلدون
مصدر الكتاب : موقع الوراق
[ الكتاب مرقم آليا غير موافق للمطبوع ]
تعليق