مناقشة حديث : ( بعثني رسول الله في هدم القبور وكسر الصور ) سنداً ومتناً .
بسم الله الرحمن الرحيم .
اللهم صل على محمد وآل محمد .
أعظم الله لنا ولكم الأجر بذكرى تهديم القبور العامرة والمبنية لأئمة البقيع (ع) .
مما استدل به السلفية والوهابية لإضفاء الصبغة الشرعية على جريمتهم النكراء التي يندى لها جبين الشرفاء هو ما روي في الكافي عن : (عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن جعفر بن محمد الأشعري ، عن ابن القداح عن أبي عبد الله عليه السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام بعثني رسول الله صلى الله عليه وآله في هدم القبور وكسر الصور ) - 1 -
*** أولاً : مناقشة سند الحديث ، وفيه عدة نقاط :
1 - الحديث ضعيف على رأي المشهور : ومنهم العلامة المجلسي في مرآة العقول والمفيد في المعجم والنجاشي في رجاله والشيخ الطوسي والمحقق الخوئي في معجم رجال الحديث ، ولا يضر إعتبار الخميني والمامقاني لتوثيق رجال الحديث المذكور .
2 - لو فرضنا جدلاً بصحة الحديث على رأي بعض علماء الشيعة فإن ذلك لا يعني الأخذ بالحديث والعمل بها رأساً ، بل يرفض الحديث كما لو خالف للأحاديث الصحيحة الكثيرة الأخرى ، وللعادة الجارية عند العرب من دفن موتاهم والبناء على قبورهم منذ زمن طويل ومن عصر النبي الأكرم محمد (ص) إلى عصر السلفية والوهابية قبل هدم قبور أئمة البقيع (ع) من غير نكير .
*** ثانياً : مناقشة متن الحديث :
لا دلالة في متن الحديث على ما يدّعون من تحريم تعمير قبور أولياء الله تعالى من المسلمين ، لأن الأمر خاص بهدم قبور أهل الجاهلية التي كانت تتّخذ مجالاً لعبادة أهلها على دينهم ، وذلك بدلالة أمره (ص) بكسر صورهم ، فمن المعلوم أن تلك الصور كانت تصوّر آلهتهم التي يعبدونها ، وبقرينة هذا يُعلم أن الأمر بالهدم علّته محو آثار دين الجاهلية والشرك ، وهو مخصوص بقبور أهل الجاهلية التي كانت على هذا النحو ، لا أنه أمر بهدم كل قبر بما في ذلك قبور أهل الإسلام المبنية على وفق الشريعة . وإلا لو كان الأمر عاماً لقبور المسلمين أيضاً لأمر النبي (ص) بتهديم قبر ابنه إبراهيم (ع) ، ولكننا نجد أن النبي (ص) فعل العكس من ذلك فرفع قبر ولده إبراهيم (ع) كما روي في الحديث عن أبي جعفر الباقر عليه السلام : ( إن رسول الله صلى الله عليه وآله سلّ إبراهيم ابنه سلاًّ ، ورفع قبره ) - 2 - وهو يعارض الحديث الأول إن أُخِذ على إطلاقه وعمومه، فلا بدّ من تقييده وتخصيصه بما ذكرناه .
***********************
الهوامش :
1 - الكافي ، الشيخ الكليني ، ج 6 ، ص 528 .
2 - وسائل الشيعة (الإسلامية) ، الحر العاملي ، ج 2 ، ص 856 .
بسم الله الرحمن الرحيم .
اللهم صل على محمد وآل محمد .
أعظم الله لنا ولكم الأجر بذكرى تهديم القبور العامرة والمبنية لأئمة البقيع (ع) .
مما استدل به السلفية والوهابية لإضفاء الصبغة الشرعية على جريمتهم النكراء التي يندى لها جبين الشرفاء هو ما روي في الكافي عن : (عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن جعفر بن محمد الأشعري ، عن ابن القداح عن أبي عبد الله عليه السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام بعثني رسول الله صلى الله عليه وآله في هدم القبور وكسر الصور ) - 1 -
*** أولاً : مناقشة سند الحديث ، وفيه عدة نقاط :
1 - الحديث ضعيف على رأي المشهور : ومنهم العلامة المجلسي في مرآة العقول والمفيد في المعجم والنجاشي في رجاله والشيخ الطوسي والمحقق الخوئي في معجم رجال الحديث ، ولا يضر إعتبار الخميني والمامقاني لتوثيق رجال الحديث المذكور .
2 - لو فرضنا جدلاً بصحة الحديث على رأي بعض علماء الشيعة فإن ذلك لا يعني الأخذ بالحديث والعمل بها رأساً ، بل يرفض الحديث كما لو خالف للأحاديث الصحيحة الكثيرة الأخرى ، وللعادة الجارية عند العرب من دفن موتاهم والبناء على قبورهم منذ زمن طويل ومن عصر النبي الأكرم محمد (ص) إلى عصر السلفية والوهابية قبل هدم قبور أئمة البقيع (ع) من غير نكير .
*** ثانياً : مناقشة متن الحديث :
لا دلالة في متن الحديث على ما يدّعون من تحريم تعمير قبور أولياء الله تعالى من المسلمين ، لأن الأمر خاص بهدم قبور أهل الجاهلية التي كانت تتّخذ مجالاً لعبادة أهلها على دينهم ، وذلك بدلالة أمره (ص) بكسر صورهم ، فمن المعلوم أن تلك الصور كانت تصوّر آلهتهم التي يعبدونها ، وبقرينة هذا يُعلم أن الأمر بالهدم علّته محو آثار دين الجاهلية والشرك ، وهو مخصوص بقبور أهل الجاهلية التي كانت على هذا النحو ، لا أنه أمر بهدم كل قبر بما في ذلك قبور أهل الإسلام المبنية على وفق الشريعة . وإلا لو كان الأمر عاماً لقبور المسلمين أيضاً لأمر النبي (ص) بتهديم قبر ابنه إبراهيم (ع) ، ولكننا نجد أن النبي (ص) فعل العكس من ذلك فرفع قبر ولده إبراهيم (ع) كما روي في الحديث عن أبي جعفر الباقر عليه السلام : ( إن رسول الله صلى الله عليه وآله سلّ إبراهيم ابنه سلاًّ ، ورفع قبره ) - 2 - وهو يعارض الحديث الأول إن أُخِذ على إطلاقه وعمومه، فلا بدّ من تقييده وتخصيصه بما ذكرناه .
***********************
الهوامش :
1 - الكافي ، الشيخ الكليني ، ج 6 ، ص 528 .
2 - وسائل الشيعة (الإسلامية) ، الحر العاملي ، ج 2 ، ص 856 .
تعليق