بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
قال الله تعالى في كتابه الكريم: ﴿قُلْ يا أَيُّهَا الَّذِينَ هادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِياءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُاالْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ * وَلا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ * قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾، سورة الجمعة الآيات :6-8.
لمّا كان اليهود مدّعين أنّهم أبناء الأنبياء، وأنّهم أولياء الله، وأولى بالرسالة من العرب والاميين، أمر الله نبيّه صلى الله عليه وآله بتبهيتهم بقوله :
﴿قُلْ﴾أي يا محمد ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ هادُوا﴾ يا أيها الذين تديّنوا بدين اليهودية ﴿إِنْ زَعَمْتُمْ﴾ وتخيّلتم ﴿أَنَّكُمْ أَوْلِياءُ لِلَّهِ﴾ وأحباؤه ﴿مِنْ دُونِ﴾ سائر ﴿النَّاسِ﴾ من العرب والعجم، فلا محالة تعتقدون أنّ لكم الدار الآخرة خاصة، وأنّ الجنة ونعمها مختصة بكم، إذن ﴿فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ﴾ من الله، واسألوه أن يخرجكم من الدنيا كي تصلوا إلى الجنّة والنّعم الدائمة، وتستريحوا من تعب الدنيا ﴿إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ﴾ في الدعوى بزعمكم مطمئنين بحقانيته.
ثمّ أخبر سبحانه بكذبهم في دعوى حبّ الله، وأن الجنّة لهم خاصة، بل هم عالمون بأن لا حظّ لهم في النّعم الاخروية، لعلمهم بكونهم عاصين ومشاقّين لله وللرسول بقوله :
﴿وَلا يَتَمَنَّوْنَهُ﴾ ولا يحبّون لقاء الله ﴿أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ﴾ وارتكبت جوارحهم من الكفر والطّغيان والذنب والعصيان الموجب لاستحقاقهم النار ﴿وَاللهُ﴾ العالم بالسرائر ﴿عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ﴾ مطّلع على خواطرهم وسرائرهم من الكفر والمعاصى الموجبين لأنواع العذاب.
ثمّ أمر سبحانه نبيّه صلى الله عليه وآله بتهديدهم بالموت والعذاب بقوله :
﴿قُلْ﴾ يا محمد لهم ﴿إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي﴾ لا تتمنّونه، بل ﴿تَفِرُّونَ مِنْهُ﴾ مخافة أن تعاقبوا على كفركم وسيئات أعمالكم لا يفيدكم الفرار منه ﴿فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ﴾ ومدرككم لا محالة ﴿ثُمَ﴾ بعد الموت ﴿تُرَدُّونَ﴾ وترجعون ﴿إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ﴾ والحاكم المطّلع على البواطن والظواهر ﴿فَيُنَبِّئُكُمْ﴾ ويخبركم ﴿بِما كُنْتُمْ﴾ في الدنيا ﴿تَعْمَلُونَ﴾ وترتكبون من الكفر والمعاصي، وتحريف التوراة، وإخفاء أوصاف رسول آخر الزمان وعلائمه، وإضلال الناس، وإلقاء الشّبهات في نبوّته في القلوب، فيعذّبكم بها أشدّ العذاب.
تعليق