بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
قال الله تعالى في كتابه العزيز: ﴿وَالضُّحَى* وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى﴾
سورة الضحى، الآيتان:1- 2.
﴿وَالضُّحَى﴾ وهو أوّل قسم في هذه السورة، والضحى لا يعني النهار، بل قسم منه وهو عندما تطلع الشمس وترتفع قليلًا بحيث يغطي ضياؤها الأرض، أي بعد ساعتين أو ثلاث ساعات بعد طلوع الشمس.
﴿وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى﴾ وهنا ليس القسم بجميع الليل، بل قسم منه وذلك عندما يغطي الظلام جميع الكرة الأرضية وبتبعه يحصل الهدوء لدى الناس.
﴿سَجَى﴾ من مادة «سجو» ولها معنيان:
١ - الهدوء.
٢ - السعة والانتشار، وهذان المعنيان متلازمان، فعندما يتسع الظلام ويغطي جميع الأرض يتحقّق الهدوء ويسود السكون .
سؤال: لماذا أقسم اللَّه تعالى ببعض النهار وبعض الليل ؟
الجواب : لأنّ الليل والنهار نعمتان إلهيتان، ولو عدم كلّ واحد منهما فإنّ الحياة على الأرض ستكون مستحيلة، فلو استمرّ النهار لعدّة أيّام متوالية ولم يحدث ليل فإنّ جميع الكائنات الحيّة ستهلك من شدّة الحرارة، وإذا استمرّ الليل لعدّة أيّام بدون أن يتخلله النهار فإنّ جميع الكائنات الحيّة ستتجمد من البرد وتهلك.
وكما تقدّم سابقاً أنّ النهار على سطح القمر يعادل أربعة عشر يوماً من أيّام الأرض، وكذلك الليل هناك حيث يعادل أربعة عشر يوماً في الأرض، أي أنّ كلّ
يوم كامل بليله ونهاره في القمر يعادل شهراً واحداً على الأرض، ومن هنا كان النصف الليلي من القمر بارداً جدّاً حيث يتجمد كلّ شيء هناك، وفي النصف النهاري من القمر يكون كلّ شيء في حالة غليان من شدّة الحرارة.
ويشير اللَّه تعالى إلى هاتين النعمتين الكبيرتين في قوله:
﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلَا تَسْمَعُونَ * قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ * وَمِنْ رَّحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾، سورة القصص، الآيات: 71-73.
والخلاصة:-
أنّ الليل والنهار نعمتان إلهيتان عظيمتان، ولكنّ كمال النهار في وقت الضحى كما ورد في سورة الضحى، لأنّ الأجواء بعد ساعتين أو ثلاث من طلوع الشمس جيّدة من جميع النواحي، فأشعة الشمس منتشرة على الأرض كافة وحرارة الجوّ متعادلة وتصل إلى جميع الأحياء بشكل معتدل، وفي الشتاء فإنّ وقت الضحى يخفّف من برودة الجوّ في ذلك الوقت، وفي الصيف فالحرارة في ذلك الوقت مناسبة وقابلة للتحمّل، كما أنّ الليل يصل إلى ذروة كماله بعد ساعتين أو ثلاث من ابتداءه، حيث يغطي الظلام جميع المناطق، وتدريجياً تخفت الأصوات وتهدأ النشاطات اليومية للناس، وينقطع الذهاب والإياب ويحلّ السكون والهدوء بشكل كامل في تلك الأجواء تمهيداً لاستراحة الناس .
تعليق