معركة أحد فاصلة الإيمان والنفاق بسم الله الرحمن الرحيم الخامس عشر من شهر شوال من السنة الثالثة للهجرة الشريفة كانت معركة احد وفيها انزل الله سبحانه الآية الكريمة: (وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ) آل عمران:116. قال الإمام الشيرازي في التبيين ص83: (وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ) المسلمون والمشركون في احد حيث تلاقيا (فَبِإِذْنِ اللّهِ) حيث ترككم وشأنكم. وأُحد جبل معروف بالقرب من المدينة، يبعد عنها فرسخاً واحداً ـ أي خمسة كيلومتر ونصف ـ، وذلك ان قريشاً زادت من حقدها وبغضها للمسلمين بعد واقعة بدر، وما برحت تستعد للحرب حتى جمعت خمسة آلاف رجل، مع ثلاثة آلاف بعير ومائتي جواد، فخرجوا يطلبون الحرب مع رسول الله صلى عليه وآله وصحبوا بعض النساء معهم ليبكين على القتلى، ويثرن الحمية في قلوب الرجال، ويشجعنهم على القتال، فلما بلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله خرج مع اصحابه اليهم، وتلاقوا في احد، فجعل صلى الله عليه وآله جبل احد خلفه وجبل عينين على شماله، والمدينة أمامه، وكان في جبل عينين ثغرة يخاف الكمين منها فجعل صلى الله عليه وآله عبد الله بن جبير عليها وقال له: «ان رأيتمونا قد هزمناهم حتى أدخلناهم مكة فلا تبرحوا من هذا المكان وان رأيتموهم قد هزمونا حتى أدخلونا المدينة فلا تبرحوا وألزموا مراكزكم». الرسول يخطب: فلما سوى الصفوف قام وخطب فقال: «ايها الناس أوصيكم بما أوصاني به الله في كتابه من العمل بطاعته، والتناهي عن محارمه ـ وساق الخطبة الشريفة الى قوله ـ قد بين لكم الحلال والحرام غير ان بينهما شبهاً من الأمر لم يعلمها كثير من الناس إلا من عصم، فمن تركها حفظ عرضه ودينه، ومن وقع فيها كان كالراعي الى جنب الحمى أوشك أن يقع فيه وما من ملك لا وله حمى، الا وأن حمى الله محارمه، والمؤمن من المؤمنين كالرأس من الجسد اذا اشتكى تداعى عليه سائر جسده، والسلام عليكم». استعداد المشركين: اما المشركون فانهم استعدوا للحرب وسووا الصفوف، وجعلوا خالد بن الوليد مع خمسمائة رجل على الميمنة، وعكرمة بن أبي جهل مع خمسمائة رجل على الميسرة، وصفوان بن امية مع عمرو بن العاص على الفرسان، وعبد الله بن ربيعة على الرماة، وكانوا مائة رامي، وقدموا هبل وهو على بعير وحملوا النساء خلفهم واعطوا الراية الى طلحة بن أبي طلحة. المسلمون يستعدون: فسأل رسول الله صلى الله عليه وآله عن حامل لواء المشركين قيل نفر من بني عبد الدار فقال: نحن أحق بالوفاء منهم فدعا مصعب بن عمير من بني عبد الدار وأعطاه اللواء فكان يحمله أمام النبي صلى الله عليه وآله. المعركة تبدأ: ثم جاء طلحة بن أبي طلحة كبش الكتيبة وصاحب راية المشركين وطلب المبارزة فبرز اليه أمير المؤمنين عليه السلام وهو يرتجز فقال له: من أنت ياغلام؟ قال: انا علي بن ابي طالب، فقال طلحة: قد علمت ياقضم انه لايجسر علي احد غيرك ـ القَضْم: الأكل بأطراف الأسنان والقَضَم: أي الذي يقضم الناس فيهلكهم ـ فشد عليه طلحة وضربه ضربة فاتقاه أمير المؤمنين عليه السلام بالدرع، ثم ضربه عليه السلام على مقدم رأسه، فشجه وسال مخه منه وصرع على الارض، وبدت عورته، وحلّفه بالرحم، فانصرف علي عليه السلام عنه ... ففرح رسول الله صلى الله عليه وآله بقتله وكبَّر فكبَّر المسلمون معه ثم جاء بعد طلحة أخوه مصعب ورفع اللواء، فقتله علي عليه السلام فجاء كل من كان من بني عبد الدار فقتلوا حتى لم يبق منهم احد، فجاء عبد لهم يسمى صوأب، ورفع الراية، فقتله أمير المؤمنين عليه السلام وألحقه بمواليه. قيل ان صوأب كان غلاماً حبشياً، عظيم الجثة، كأنه برج فلما قتل مواليه احمرت عيناه وكان الزبد يسيل من فمه، فأقسم الا يقتل الا محمد صلى الله عليه وآله فهابه المسلمون، فخرج اليه أمير المؤمنين عليه السلام فضربة شق بها ظهره ووقع على الارض نصفين، ثم |
موقع الشيرازي نت
تعليق