بسم الله الرحمن الحيم
قال ابن حزم في المحلى ج 2 ص 56 رقم المسألة :
200- مسألة - وأما قولنا في الرجلين فان
القرآن نزل بالمسح،
قال الله تعالى
(وامسحوا برءوسكم وأرجلكم)
وسواء قرئ بخفض اللام أو بفتحها هي على كل حال عطف على الرؤوس: إما على اللفظ وإما على الموضع، لا يجوز غير ذلك، لانه لا يجوز أن يحال بين المعطوف والمعطوف عليه بقضية مبتدأة.
وهكذا جاء عن ابن عباس: نزل القرآن بالمسح - يعني في الرجلين في الوضوء *
وقد قال بالمسح على الرجلين جماعة من السلف،
منهم علي بن أبى طالب وابن عباس والحسن وعكرمة والشعبي
وجماعة غيرهم، وهو قول الطبري، ورويت في ذلك آثار * منها أثر من طريق همام عن اسحاق بن عبد الله بن أبى طلحة ثنا علي بن يحيى بن خلاد عن أبيه عن عمه - هو رفاعة بن رافع - أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
(انها لا يجوز صلاة أحدكم حتى يسبغ الوضوء كما أمره الله عزوجل ثم يغسل وجهه ويديه إلى المرفقين ويمسح رأسه ورجليه إلى الكعبين) *
وعن اسحاق بن راهويه ثنا عيسى بن يونس عن الاعمش عن عبد خير
عن علي (كنت أرى باطن القدمين أحق بالمسح حتى رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح ظاهرهما) * قال علي بن أحمد: وانما قلنا بالغسل فيهما لما حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله ثنا ابراهيم بن أحمد ثنا الفربري ثنا البخاري ثنا مسدد ثنا أبو عوانة، عن أبى بشر عن يوسف بن ماهك عن عبد الله بن عمر وبن العاص قال: (تخلف النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فادركنا وقد أرهقنا العصر، فجعلنا نتوضأ ونمسح على أرجلنا، فنادى بأعلى صوته ويل للاعقاب من النار، مرتين أو ثلاثا) *
المصدر
الكتاب : المحلى
عدد الأجزاء : 11
مصدر الكتاب : موقع يعسوب
[ ترقيم الكتاب موافق للمطبوع ]
وقال الرازي في مفاتيح الغيب ج 5 ص 487 :
المسألة الثامنة والثلاثون :
اختلف الناس في مسح الرجلين وفي غسلهما ،
فنقل الفقال في تفسيره
عن ابن عباس وأنس بن مالك وعكرمة والشعبي وأبي جعفر محمد بن علي الباقر :
أن الواجب فيهما المسح ،
وهو مذهب الإمامية من الشيعة .
وقال جمهور الفقهاء والمفسرين : فرضهما الغسل ،
وقال داود الأصفهاني : يجب الجمع بينهما
وهو قول الناصر للحق من أئمة الزيدية .
وقال الحسن البصري ومحمد بن جرير الطبري : المكلف مخير بين المسح والغسل .
حجة من قال بوجوب المسح مبني على القراءتين المشهورتين في قوله { وَأَرْجُلَكُمْ }
فقرأ ابن كثير وحمزة وأبو عمرو وعاصم في رواية أبي بكر عنه بالجر ، وقرأ نافع وابن عامر وعاصم في رواية حفص عنه بالنصب ، فنقول : أما القراءة بالجر فهي تقتضي كون الأرجل معطوفة على الرؤوس ، فكما وجب المسح في الرأس فكذلك في الأرجل .
فإن قيل :
لم لا يجوز
أن يقال : هذا كسر على الجوار كما في قوله :
جحر ضب خرب ،
وقوله
كبير أناس في بجاد مزمل ...
قلنا : هذا باطل من وجوه :
الأول : أن الكسر على الجوار معدود في اللَّحن الذي قد يتحمل لأجل الضرورة في الشعر ،
وكلام الله يجب تنزيهه عنه .
وثانيهما : أن الكسر إنما يصار إليه حيث يحصل الأمن من الالتباس كما في قوله : جحر ضب خرب ،
فإن من المعلوم بالضرورة أن الخرب لا يكون نعتاً للضب بل للجحر ، وفي هذه الآية الأمن من الالتباس غير حاصل .
وثالثها : أن الكسر بالجوار إنما يكون بدون حرف العطف ، وأما مع حرف العطف فلم تتكلم به العرب ،
وأما القراءة بالنصب فقالوا أيضاً : إنها توجب المسح ، وذلك لأن قوله
{ وامسحوا بِرُؤُوسِكُمْ } فرؤوسكم في النصب ولكنها مجرورة بالباء ، فإذا عطفت الأرجل على الرؤوس جاز في الأرجل النصب عطفاً على محل الرؤوس ، والجر عطفاً على الظاهر ،
وهذا مذهب مشهور للنحاة .
المصدر
الكتاب : مفاتيح الغيب
المؤلف : أبو عبد الله محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين التيمي الرازي الملقب بفخر الدين الرازي
عدد الأجزاء : 11
مصدر الكتاب : موقع التفاسير
تعليق