إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

تشريع الخمس

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • تشريع الخمس

    بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صل على محمد وآل محمد


    يظهر من كلمات بعض اللغويين أن فكرة الخمس كانت ثابتة قبل الإسلام لكن بشكل آخر، فينقل التاريخ أنه متى ما حدثت حرب بين طائفتين أخذ الرئيس ربع الغنيمة، ويصطلح على ذلك الربع بالربّاع.

    ومنه حديث عدي بن حاتم: ربّعت في الجاهلية وخمّست في الإسلام[1].
    وقد ورد في بعض الروايات عن الإمام الصادق عليه السلام إن أصل تشريع الخمس كان في عهد شيخ الأنبياء إبراهيم، فقد روي عن السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام (..وأول من أخرج الخمس إبراهيم..)[2].
    لقد شرّع الإسلام الخمس باعتباره واجباً مالياً، وضريبة عامة على كل من تتوفّر فيه مجموعة الشرائط، وليس الخمس منحصراً بمورد محدّدٍ كالغنائم الحربية، بل تعداه إلى أمور متعدّدة أخرى مستفادة من قوله تعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيءِ فَأَنَّ للهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيءِ قَدِيرٌ[3].
    فذهب مشهور الفقهاء إلى أنّ المعنى اللغوي للغنيمة يشمل كل ربح وفائدة وإلى عدم اختصاص الخمس في الآية الكريمة بغنائم الحرب، وهذا ما تؤيده كلمات اللغويين، والنصوص الشريفة.
    فكتب اللغة تفسِّر الغنيمة بالفوز بالشيء من دون مشقة، وما يحصل عليه الإنسان من دون مشقة فهو غنيمة، وإن لم يكن ذلك بواسطة الحرب، بتقريب أن مادة غنَم هي عبارة عن مطلق الفوز بالشيء، كما عليه كلمات أعلام أهل اللغة العربية، الغنم الفوز بالشيء من غير مشقة[4].
    ولعلَّ بعض استعمالاتنا العرفية تؤيّد ذلك فيقال: حصلت اليوم على غنيمة، فلا يقصد من ذلك حصول حرب أعقبتها غنيمة، بل الحصول على شيء من دون تعب.
    وورد ما يؤيّد ذلك في القرآن الكريم قال الله تعالى:
    ﴿تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ[5].
    فلا يقصد أن عند الله في الجنة غنيمة حرب، بل المقصود هو الحور والولدان... وأما ما ورد في النصوص ففيه تصريح بتوسيع الحكم بالخمس على كل فائدة وربح، جاء في الحديث: مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ اِبْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنِ اَلْحُسَيْنِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ سَمَاعَةَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا اَلْحَسَنِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ عَنِ اَلْخُمُسِ فَقَالَ: (فِي كُلِّ مَا أَفَادَ اَلنَّاسُ مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ)
    [6].
    هذا إلى جانب مجموعة من النصوص تصرِّح بتعلّق الخمس بأرباح المكاسب، والمعادن، والكنز، والمال المختلط بالحرام، والجواهر المستخرجة بالغوص والأرض التي يشتريها الكافر الذمي من المسلم.​


    ونظر بعض الفقهاء إلى تاريخ الخمس من منظار جديد، فقسموه إلى ثلاثة أدوار، هي بمثابة أدوار تشريع الخمس.

    1- عصر النبي صلی‌الله علیه و آله ويمكن التعبير عنه بدور السكوت عن الخمس غالباً، وهو يشمل عصور الأئمة المتقدمين إلى الإمام زين العابدين .

    2- عصر الصادقَين وقد تحدّثا عن الخمس في أصل حكمه، وأصرّا على بيانه، ولكنْ صرّحا في كثير من الروايات بإباحة الخمس للشيعة في زمانهما، فقد ورد في الرواية:

    عَنْ يُونُسَ بْنِ يَعْقُوبَ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ فَدَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ الْقَمَّاطِينَ فَقَالَ: (جُعِلْتُ فِدَاكَ، تَقَعُ فِي أَيْدِينَا الْأَرْبَاحُ وَالْأَمْوَالُ وَتِجَارَاتٌ نَعْلَمُ أَنَّ حَقَّكَ فِيهَا ثَابِتٌ، وَأَنَّا عَنْ ذَلِكَ مُقَصِّرُونَ. فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ: مَا أَنْصَفْنَاكُمْ إِنْ كَلَّفْنَاكُمْ ذَلِكَ الْيَوْمَ)[7] .

    3- دور أبي الحسن الرضا والأئمة بعده: وقد كانوا يأخذون الخمس ويصرفونه في موارده، فقد جاء في الرواية:

    عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ‌ وَعَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ جَمِيعاً عَنْ سَهْلٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْمُثَنَّى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ الطَّبَرِيِ‌ قَالَ: كَتَبَ رَجُلٌ مِنْ تُجَّارِ فَارِسَ- مِنْ بَعْضِ مَوَالِي أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا يَسْأَلُهُ الْإِذْنَ فِي الْخُمُسِ فَكَتَبَ إِلَيْهِ: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ كَرِيمٌ، ضَمِنَ عَلَى الْعَمَلِ الثَّوَابَ وَعَلَى الضِّيقِ‌ الْهَمَّ. لَا يَحِلُّ مَالٌ إِلَّا مِنْ وَجْهٍ أَحَلَّهُ اللَّهُ‌؛ إِنَّ الْخُمُسَ عَوْنُنَا عَلَى دِينِنَا وَعَلَى عِيَالاتِنَا وَعَلَى أَمَوَالِنَا، وَمَا نَبْذُلُهُ وَنَشْتَرِي مِنْ أَعْرَاضِنَا مِمَّنْ نَخَافُ سَطْوَتَهُ، فَلَا تَزْوُوهُ عَنَّا وَلَا تَحْرِمُوا أَنْفُسَكُمْ دُعَاءَنَا مَا قَدَرْتُمْ عَلَيْهِ؛ فَإِنَّ إِخْرَاجَهُ مِفْتَاحُ رِزْقِكُمْ وَتَمْحِيصُ ذُنُوبِكُمْ وَمَا تَمْهَدُونَ لِأَنْفُسِكُمْ لِيَوْمِ فَاقَتِكُمْ، وَالْمُسْلِمُ مَنْ يَفِي لِلَّهِ بِمَا عَهِدَ إِلَيْهِ، وَلَيْسَ الْمُسْلِمُ مَنْ أَجَابَ بِاللِّسَانِ وَخَالَفَ بِالْقَلْبِ. وَالسَّلَامُ)[8]​.

    فالمستفاد من الأخبار في الأدوار الثلاثة هو تشريع الخمس مطلقاً في زمن رسول الله صلی‌ الله علیه و آله.
    وأما تنفيذه وبعث العمال لأخذه فقد جرى بصورة تدريجية بعد أن رأى المعصومون المصلحة في عدم أخذ الخمس إلا في موارد معينة ،ولهذا الأمر نظائرُ في سائر الأحكام . للتوسُّع في تحليل تاريخ الخمس
    [9].

    يقول السيّد محمّد صادق الخرسان (حفظه الله):
    إنَّ تشريع الخمس في الإسلام يأتي في سياق الاهتمام بالإنسان وتأمين أسباب استقراره الحياتيّ، وهو ما يتمنّاه ويسعى إليه الجميع، إذ يشارك تقنين أداء الخمس -بشروطه وأحكامه- في تحقيق ضمان مجتمعيّ وبلورة نظام اقتصاديّ يهدف الى توفير حاجة الفرد بما ينتج عنه تنمية الاقتصاد، من خلال تدوير رؤوس الأموال في السوق المحليّة وامتدادها الى الإقليميّة والدوليّة.

    وهو ما يسهم -كثيراً- في مكافحة الفقر والبطالة والجريمة، وفي معالجة بعض تأثيراتها في المجتمع، مع وضع حلول عمليّة يشترك فيها الفقه مع الاقتصاد، لمنح الفرد دوراً في المساهمة بإصلاح المجتمع عبر أدائه الخمس.


    ومعه فلا يمنّ أحد على غيره بما أدّى، ولا يتوانى أو يتفلّت -كما يحاول بعض دافعي الضرائب الوضعية- وما ذلك إلّا لإدراكه معنى كونها عبادة عبر يتقرّب بها إلى الله تعالى، ويؤدّي ما افترضه الله تعالى عليه بشروط معيّنة.​​

    ---------------------------------------------------
    1- نهاية اللغة، ج‏2، ص‏62.
    2- بحار الأنوار، ج‏12، ص:57، كتاب النبوة.
    3- سورة الأنفال، الآية:41.
    4- راجع القاموس المحيط ولسان العرب مادة غنم وكتاب العين، ج‏4.
    5- سورة النساء، الآية:94.
    6- وسائل الشيعة 9، باب 8، ما يجب فيه الخمس، ص 503.
    7- وسائل الشيعة، الحر العاملي، الشيخ أبو جعفر، ج9، ص545، أبواب الأنفال وما يختص بالإمام، ب4، ح6، ط آل البیت.​
    8- وسائل الشيعة، الحر العاملي، الشيخ أبو جعفر، ج9، ص538، أبواب الأنفال وما يختص بالإمام، ب3، ح2، ط آل البیت.
    9- ​​يُراجَعُ: الشيخ ناصر مكارم الشيرازي، أنوار الفقاهة، كتاب الخمس، ص292.​

    ​​

  • #2
    اللهم صل على محمد وال محمد
    احسنتم ويبارك الله بكم
    شكرا لكم كثيرا
    مأجورين
    ​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​

    تعليق


    • #3
      مشكوووووور والله يعطيك الف عافيه












      تعليق

      المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
      حفظ-تلقائي
      Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
      x
      يعمل...
      X