.
انهض ميسرة لألتقيك وعداً ودليل بهجة وعنوان... أنا الذي أسرجت القرون اليك، وكل الأزمنة الموغلة في الصمت تنهض معي لتسمع الحكاية من وارد السبيل، قالت لي مولاتي خديجة: رافق محمداً في هذه الرحلة التجارية، ولا تعصِ له أمراً، ولا تخالف له رأياً، فسرتُ خلفه أحمل صمت يقظتي متابعا، فتفرقت على اطباق حكايا تسرح في عفة احلامها اخلاق باذخة النبل، ومواقف وسمات تتصل بالسماء، يهوي الطرف الى الأرض، احببته دخل القلب بحسن تعامله، واعجبت بصدق حديثه، وأدهشتني خوارق عجيبة جاست خطاه أرض المواجد كلها، شهق الوجد فيّ، قلت: حدثني يا ميسرة عن تلك الخوارق التي ادهشتك؟ قال:ـ كنت اسير خلفه والصحراء الممتدة لهبا، تأكل جسدينا، وإذا بي ارتل دهشتي توقا لمنظر غريب.. غمامة كبيرة وكأنها على مقاس وجوده ظهرت تظلله.. صرت اسميه مازحا:ـ يا مظلل بالغمام..
قلت:ـ وبعد يا ميسرة؟
أجابني وهو يبتسم:ـ في طريق الشام، نزل ليستريح في ظل شجرة قريباً من صومعة راهب من الرهبان اسمه (نسطور) فخرج من صومعته ثائراً مندهشاً، يحمل في عينيه خصوبة استفهام، حتى تجمهر وحده معشراً في سؤال:ـ ويحك.. من هذا الرجل؟ قلت:ـ انه رجل من قريش من اهل الحرم، هل بدر منا شيئا يا ايها الراهب نسطور؟
:- لا.. لكن اتدري انه ما نزل تحت هذه الشجرة قط إلا نبي..! فدنا منه الراهب نسطور وقال: السلام عليك، وراح يقبل رأسه وقدميه.. وقال:ـ اشهد انك الذي ذكره الله في التوراة؛ لأنه رآه مظللا بالغمام.
قلت: لمحاتك مشوقة يا ميسرة.. ألا تحدثني عن المواجهة.. ماذا قلت لسيدتك خديجة? وكيف استقبلت منك تلك الأخبار؟
حدثته بما رأيت من احوال النبي(ص) العجيبة وأخلاقه، وحدثها ابن عمها ورقة بن نوفل، عن نبوءته: انه يا ابنة العم نبي هذه الامة، ثم يرى البعض انها خطبته لنفسها فقد عرضت عليه الزواج لما يمتلك من اخلاق عالية، وانا ارى ان اختها هالة حدثت عمار بن ياسر، وعمار حدث النبي (ص)، فقرر خطبتها وما كان يمنعه إلا الخجل، ويقال: ان امرأة من الاقارب شجعته، فقالت له: ان أية امرأة في قريش تراك كفئاً لها، نقل ذلك لعمّه الحبيب الذي سُرَّ وقال له: (إن هذا رزقٌ ساقهُ الله تعالى إليك).
ووصل الخبر الى عم السيدة خديجة، فأرسل الى رؤساء مُضَر، وكبراءِ مكة وأشرافها لحضور عقد الزواج المبارك، فكان وكيل السيدة خديجة عمّها عمرو بن أسد، وشركه ابن عمها ورقة بن نوفل، ووكيل الرسول(ص) عمّه أبو طالب، وتزوج النبي(ص) السيدة خديجة قبل البعثة بخمس عشرة سنة.
وبعد الزواج الميمون بخمسة عشر عاماً، نزل الوحي على النبي(ص)، فآمنت به خديجة، وصدقت بما جاءه من الله تعالى، ووازرته على أمره، وكانت أول من آمن بالله وبرسوله، وصدق بما جاء منه، فخفف الله تعالى بذلك عن نبيه(ص)، لا يسمع شيئاً مما يكرهه من رد عليه وتكذيب له، فيحزنه ذلك، إلا فرج الله تعالى عنه بها إذا رجع إليها، تثبته وتخفف عليه وتصدقه، وتهون عليه أمر الناس، قال الرسول(ص): (أمرت أن أبشر خديجة ببيت من قَصَب - اللؤلؤ المنحوت -، لا صخب فيه ولا نصب).
مهلا يا ميسرة.. ففضل خديجة الكبرى(عليها السلام) قد وسع السماء حيث جاء جبريل إلى الرسول(ص) فقال: (إن الله يقرأ على خديجة السلام). فقالت: (إن الله هو السلام، وعلى جبريل السلام، وعليك السلام ورحمة الله). قال رسول الله(ص): (خيرُ نسائها مريم، وخير نسائها خديجة).
وعقب ميسرة قائلاً:
قد أثنى رسول الله(ص) على السيدة خديجة، ما لم يثن على غيرها: (لا والله ما أبدلني الله خيراً منها، آمنتْ بي إذْ كفرَ الناس، وصدَّقتني إذ كذّبَني الناس، وواستني بمالها إذ حرمنـي الناس، ورزقني منها الله الولد دون غيرها من النساء). (مكاتيب الرسول: ج3/ ص50).
انهض ميسرة لألتقيك وعداً ودليل بهجة وعنوان... أنا الذي أسرجت القرون اليك، وكل الأزمنة الموغلة في الصمت تنهض معي لتسمع الحكاية من وارد السبيل، قالت لي مولاتي خديجة: رافق محمداً في هذه الرحلة التجارية، ولا تعصِ له أمراً، ولا تخالف له رأياً، فسرتُ خلفه أحمل صمت يقظتي متابعا، فتفرقت على اطباق حكايا تسرح في عفة احلامها اخلاق باذخة النبل، ومواقف وسمات تتصل بالسماء، يهوي الطرف الى الأرض، احببته دخل القلب بحسن تعامله، واعجبت بصدق حديثه، وأدهشتني خوارق عجيبة جاست خطاه أرض المواجد كلها، شهق الوجد فيّ، قلت: حدثني يا ميسرة عن تلك الخوارق التي ادهشتك؟ قال:ـ كنت اسير خلفه والصحراء الممتدة لهبا، تأكل جسدينا، وإذا بي ارتل دهشتي توقا لمنظر غريب.. غمامة كبيرة وكأنها على مقاس وجوده ظهرت تظلله.. صرت اسميه مازحا:ـ يا مظلل بالغمام..
قلت:ـ وبعد يا ميسرة؟
أجابني وهو يبتسم:ـ في طريق الشام، نزل ليستريح في ظل شجرة قريباً من صومعة راهب من الرهبان اسمه (نسطور) فخرج من صومعته ثائراً مندهشاً، يحمل في عينيه خصوبة استفهام، حتى تجمهر وحده معشراً في سؤال:ـ ويحك.. من هذا الرجل؟ قلت:ـ انه رجل من قريش من اهل الحرم، هل بدر منا شيئا يا ايها الراهب نسطور؟
:- لا.. لكن اتدري انه ما نزل تحت هذه الشجرة قط إلا نبي..! فدنا منه الراهب نسطور وقال: السلام عليك، وراح يقبل رأسه وقدميه.. وقال:ـ اشهد انك الذي ذكره الله في التوراة؛ لأنه رآه مظللا بالغمام.
قلت: لمحاتك مشوقة يا ميسرة.. ألا تحدثني عن المواجهة.. ماذا قلت لسيدتك خديجة? وكيف استقبلت منك تلك الأخبار؟
حدثته بما رأيت من احوال النبي(ص) العجيبة وأخلاقه، وحدثها ابن عمها ورقة بن نوفل، عن نبوءته: انه يا ابنة العم نبي هذه الامة، ثم يرى البعض انها خطبته لنفسها فقد عرضت عليه الزواج لما يمتلك من اخلاق عالية، وانا ارى ان اختها هالة حدثت عمار بن ياسر، وعمار حدث النبي (ص)، فقرر خطبتها وما كان يمنعه إلا الخجل، ويقال: ان امرأة من الاقارب شجعته، فقالت له: ان أية امرأة في قريش تراك كفئاً لها، نقل ذلك لعمّه الحبيب الذي سُرَّ وقال له: (إن هذا رزقٌ ساقهُ الله تعالى إليك).
ووصل الخبر الى عم السيدة خديجة، فأرسل الى رؤساء مُضَر، وكبراءِ مكة وأشرافها لحضور عقد الزواج المبارك، فكان وكيل السيدة خديجة عمّها عمرو بن أسد، وشركه ابن عمها ورقة بن نوفل، ووكيل الرسول(ص) عمّه أبو طالب، وتزوج النبي(ص) السيدة خديجة قبل البعثة بخمس عشرة سنة.
وبعد الزواج الميمون بخمسة عشر عاماً، نزل الوحي على النبي(ص)، فآمنت به خديجة، وصدقت بما جاءه من الله تعالى، ووازرته على أمره، وكانت أول من آمن بالله وبرسوله، وصدق بما جاء منه، فخفف الله تعالى بذلك عن نبيه(ص)، لا يسمع شيئاً مما يكرهه من رد عليه وتكذيب له، فيحزنه ذلك، إلا فرج الله تعالى عنه بها إذا رجع إليها، تثبته وتخفف عليه وتصدقه، وتهون عليه أمر الناس، قال الرسول(ص): (أمرت أن أبشر خديجة ببيت من قَصَب - اللؤلؤ المنحوت -، لا صخب فيه ولا نصب).
مهلا يا ميسرة.. ففضل خديجة الكبرى(عليها السلام) قد وسع السماء حيث جاء جبريل إلى الرسول(ص) فقال: (إن الله يقرأ على خديجة السلام). فقالت: (إن الله هو السلام، وعلى جبريل السلام، وعليك السلام ورحمة الله). قال رسول الله(ص): (خيرُ نسائها مريم، وخير نسائها خديجة).
وعقب ميسرة قائلاً:
قد أثنى رسول الله(ص) على السيدة خديجة، ما لم يثن على غيرها: (لا والله ما أبدلني الله خيراً منها، آمنتْ بي إذْ كفرَ الناس، وصدَّقتني إذ كذّبَني الناس، وواستني بمالها إذ حرمنـي الناس، ورزقني منها الله الولد دون غيرها من النساء). (مكاتيب الرسول: ج3/ ص50).
تعليق