الباب الاول
الفصل الاول
لا تبقوا لاهل هذا البيت باقيه (الفصل الاول) اليهود يعرفون محمد (صلى الله عليه واله ) كما يعرفون ابنائهم
قال تعالى : (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ)
روى أحمد بن حنبل بإسناده عن رسول الله (صلى الله عليه واله ) أنه قال:
كنت أنا و علي نورا بين يدي الرحمن قبل أن يخلق عرشه بأربعة عشر ألف عام
وقال الحمويني في فرائد السمطين (1)
عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
خلقت انا وعلي بن أبي طالب من نور عن يمين العرش نسبح الله ونقدسه من قبل أن يخلق الله عز وجل آدم بأربعة عشر الف سنة، فلما خلق الله آدم نقلنا إلى أصلاب الرجال وأرحام النساء الطاهرات، ثم نقلنا إلى صلب عبد المطلب وقسمنا نصفين بجعل النصف في صلب أبي عبد الله وجعل النصف في صلب عمي أبي طالب، فخلقت من ذلك النصف وخلق علي من النصف الآخر، وإشتق الله تعالى لنا من أسمائه، فالله عز وجل المحمود وانا محمد، والله الاعلى وأخي علي، والله الفاطر وإبنتي فاطمة، والله محسن وإبناي الحسن والحسين، وكان إسمي في الرسالة والنبوة وكان إسمه في الخلافة والشجاعة فانا رسول الله وعلي سيف الله.(1)
نور محمد ينتقل مِن صُلبٍ إِلَي صُلبٍ فِي أَصلَابِ الطّاهِرِينَ وَ أَرحَامِ المُطَهّرَاتِ حَتّي انتَهَى إِلَي صُلبِ عَبدِ الله
عَن أَبِي ذَرّ رَحمَةُ اللّهِ عَلَيهِ قَالَ
سَمِعتُ رَسُولَ اللّهِ (صلى الله عليه واله) وَ هُوَ يَقُولُ خُلِقتُ أَنَا وَ عَلِيّ بنُ أَبِي طَالِبٍ مِن نُورٍ وَاحِدٍ نُسَبّحُ اللّهَ يَمنَةَ العَرشِ قَبلَ أَن خَلَقَ آدَمَ بأِلَفيَ عَامٍ فَلَمّا أَن خَلَقَ اللّهُ آدَمَ ع جَعَلَ ذَلِكَ النّورَ فِي صُلبِهِ وَ لَقَد سَكَنَ الجَنّةَ وَ نَحنُ فِي صُلبِهِ وَ لَقَد هَمّ بِالخَطِيئَةِ وَ نَحنُ فِي صُلبِهِ وَ لَقَد رَكِبَ نُوحٌ ع السّفِينَةَ وَ نَحنُ فِي صُلبِهِ وَ لَقَد قُذِفَ اِبرَاهِيمُ ع فِي النّارِ وَ نَحنُ فِي صُلبِهِ فَلَم يَزَل يَنقُلُنَا اللّهُ عَزّ وَ جَلّ مِن أَصلَابٍ طَاهِرَةٍ إِلَي أَرحَامٍ طَاهِرَةٍ حَتّي انتَهَي بِنَا إِلَي عَبدِ المُطّلِبِ فَقَسَمَنَا بِنِصفَينِ فجَعَلَنَيِ فِي صُلبِ عَبدِ اللّهِ وَ جَعَلَ عَلِيّاً فِي صُلبِ أَبِي طَالِبٍ وَ جَعَلَ فِيّ النّبُوّةَ وَ البَرَكَةَ وَ جَعَلَ فِي عَلِيّ الفَصَاحَةَ وَ الفُرُوسِيّةَ وَ شَقّ لَنَا اسمَينِ مِن أَسمَائِهِ فَذُو العَرشِ مَحمُودٌ وَ أَنَا مُحَمّدٌ وَ اللّهُ الأَعلَي وَ هَذَا عَلِيّ (2)
عَن أَبِي الجَارُودِ قَالَ سَأَلتُ أَبَا جَعفَرٍ ع عَن قَولِهِ عَزّ وَ جَل
(وَ تَقَلّبَكَ فِي السّاجِدِينَ)
قَالَ يَرَي تَقَلّبَهُ فِي أَصلَابِ النّبِيّينَ مِن نبَيِّ إِلَي نبَيِّ حَتّي أَخرَجَهُ مِن صُلبِ أَبِيهِ مِن نِكَاحٍ غَيرِ سِفَاحٍ مِن لَدُن آدَمَ (عليه السلام )
إن الله أخذ ميثاق نبيه (صلى الله عليه و آله) على الأنبياء أن يؤمنوا به و ينصروه و يخبروا أممهم بخبره
قال تعالى:
{ وَإِذْ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَاقَ ٱلنَّبِيِّيْنَ لَمَآ آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَىٰ ذٰلِكُمْ إِصْرِي قَالُوۤاْ أَقْرَرْنَا قَالَ فَٱشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُمْ مِّنَ ٱلشَّاهِدِينَ (ال عمران 81 ) }
قوله تعالى: { وَإِذْ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَاقَ ٱلنَّبِيِّيْنَ لَمَآ آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ } - إلى قوله- { مِّنَ ٱلشَّاهِدِينَ }
إن الله أخذ ميثاق نبيه (صلى الله عليه و آله) على الأنبياء أن يؤمنوا به و ينصروه و يخبروا أممهم بخبره واتباعه عند ظهوره
(الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ )
ذكر القرآن الكريم ان أهل الكتاب يعرفون محمد (صلى الله عليه واله) في كتبهم السابقة، باسمه وصفته وهيئته كما يعرفون أبناءهم
قال تعالى:
(الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ )( البقره 146)
كما يجدون إسمه مذكورا في كتبهم قال تعالى :
(الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ)(ال عمران 157)
وقد بين الحق سبحانه وتعالى أن أهل الكتاب يعلمون حق اليقين نبوة محمد (صلى الله عليه واله ) وصدق دعوته قال تعالى:
(وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ )(البقره 146)
وأعلن نبي الله عيسى بن مريم (عليه السلام ) إسم محمد (صلى الله عليه واله ) صراحة فقال:
(وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يا بني إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ)(الصف6)
وقد أخبر القرآن الكريم أن هناك من آمن به من أهل الكتاب فقال:
(الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ (52) وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ(53) ( القصص 53- 52 )
وقال ابن إسحاق:
(حدثني محمد بن أبي محمد، عن عكرمة، أو عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس:
أن يهود كانوا يستفتحون على الأوس والخزرج برسول الله صلى الله عليه واله قبل مبعثه، فلما بعثه الله من العرب كفروا به وجحدوا ما كانوا يقولون فيه ، فقال معاذ بن جبل، وبشر بن البراء بن معرور، وداود بن سلمة: يا معشر يهود اتقوا الله وأسلموا، فقد كنتم تستفتحون علينا بمحمد (صلى الله عليه واله) ونحن أهل شرك، وتخبرونا بأنه مبعوث وتصفونه بصفته ، فقال سلام بن مشكم، أخو بني النضير: ما جاءنا شيء نعرفه، وما هو بالذي كنا نذكر لكم )
فأنزل الله تعالى:
( فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين) ( البقره 89 )
نبّوة محمد (صلى الله عليه واله ) في الكتب السماوية
1- سفر التثنية
جاء في سفر التثنية في الإصحاح الثالث والثلاثين:
(جاء الرب من سيناء، وأشرق لهم من سَعير، وتلأْلأ من جبال فَارَان، وأتى من ربْوات القدس، وعن يمينه نار شريعة لهم )
قال د. فاضل السامرائي:
( وهذا النص ينطبق تماما على سيدنا محمد، فقد ذكرت هذه البشارة مواطن الرسالات الثلاث، فقد ذكرت (سيناء): وهو الجبل الذي كلم الله تعالى عليه موسى، و(ساعير ): في أرض الخليل، وهو موطن عيسى، و(فاران) وهي مكة كما هو معلوم من كتب اللغة، وكتب أهل الكتاب ) (3)
فذكر النص أن الرب سبحانه وتعالى استعلن من جبل فاران أي: من جبل مكة، وهذا ما حصل فقد نزل الوحي على سيدنا محمد في أعلى جبال فاران، وهو جبل حرا فيه غار، وفاران باتفاق أهل العلم هي مكة
2- سفر التكوين
وهذا ما ذكرته التوراة أيضا فقد جاء في (سفر التكوين) في الإصحاح الحادي والعشرين عن إسماعيل عليه السلام:
( سكن في برية فاران، وأخذت له أمه وزوجة من أرض مصر)
3- سفر حبقوق
وجاء في (سفر حبقوق) في الإصحاح الثالث:
( الله جاء من تيمان، والقدوس من جبل فاران، جلاله غطى السموات والأرض امتلأت من تسبيحه، وكان لمعان كالنور….قدامه ذهب الوباء، وعند رجليه خرجت الحمى، وقف وقاس الأرض، نظر فرجف الأمم ودكت الجبال الدهرية، وخسفت آكام القدم مسالك الأزل له )
4 - سفر أشعيا
وجاء في سفر (أشعيا) في الإصحاح الحادي والعشرين:
( 13 وحي من جهة بلاد العرب في الوعر في بلاد العرب تبيتين يا قوافل الددانيين 14 هاتوا ماء لملاقاة العطشان يا سكان أرض تيماء، وافوا الهارب بخبزه 15 فإنهم من إمام السيوف قد هربوا، ومن أمام السيف المسلول، ومن أمام القوس المشدودة، ومن أمام شدة الحرب 16 فإنه هكذا قال لي السيد في مدة سنة كسنة الأجير يفنى كل مجد قَيْدَار وبقية عدد قسي إبطال بني قيدار؛ لأن الرب إله إسرائيل قد تكلم)
هذا النص فيه دلالة صريحة على نبوة محمد (صلى الله عليه واله) فقد نزل الوحي على محمد في الوعر في بلاد العرب في غار حراء وهو جبل وعر ولم ينزل في السهل (4)
وقوله:
(فإنهم من أمام السيوف قد هربوا، من أمام السيف المسلول، ومن أمام القوس المشدودة ومن أمام شدة الحرب)
ينطبق على محمد الله عليه وسلم فقد اجتمع عليه رجال من قريش لقتله (صلى الله عليه واله) فأنجاه الله منهم، وقد حاربته قريش حربا شديدة لا هوادة فيها مدة ثلاثة عشر عاما
ثم أشار هذا النص إلى وقعة بدر التي وقعت بعد سنة واحدة من الهجرة وذكر انتصار الرسول (صلى الله عليه واله ) فيها قال النص: ( فإنه هكذا قال لي السيد مدة سنة كسنة الأجير يفنى كل مجد قيدار وبقية عدد قسي أبطال بني قيدار تقل )(5)
وهذا الذي حصل فإنه بعد سنة كسنة الأجير انتصر (صلى الله عليه واله ) وجبابرة قيدار قد هلكو
وبنو قيدار هم العرب ـ كما هو معلوم ـ فإن قيدار هو ابن إسماعيل
جاء في سفر التكوين في الإصحاح الخامس والعشرين :
(12 وهده مواليد إسماعيل بن إبراهيم الذي ولدته هاجر المصرية جارية سارة لإبراهيم 13 وهذه أسماء بني إسماعيل بأسمائهم حسب مواليدهم: نبايوت- بكر – إسماعيل وقيدار) (6)
وجاء في هدية الحيارى: (وقيدار جد النبي (صلى الله عليه واله ) وهو أخو بنايوت بن إسماعيل (7)
5- إنجيل يوحنا
جاء في إنجيل يوحنا في الإصحاح الرابع عشر 26 قول عيسى عليه السلام:
(والفَارْقلِيط روح القدس الذي يرسله الأب باسمي هو يعلمكم كل شيء ويذكركم كل ما قلته لكم)
وجاء في الأجوبة الفاخرة:
(والفارقليط عند النصارى الحماد، وقيل الحامد، وجمهورهم أنه المخلص، ونبينا (صلى الله عليه واله) مخلص الناس من الكفر ) (8)
والوصف بالحمد ينطبق تماما على سيدنا محمد (صلى الله عليه واله )، فمن أسمائه : محمد، وأحمد، كما جاء في الحديث قال النبي لي خمسة أسماء:
(أنا محمَّدٌ، وأحمدُ، وأنا المَاحِي الذي يمحو الله به الكفر، وأنا الحَاشِر الذي يُحشر الناس على قدمي، وأنا العَاقِب )
أي الذي يمحو الكفر ويعفي آثاره. (9)
6 - أنجيل برنابا
جاء في الإصحاح 39 :14 من هذا الإنجيل:
(فلما انتصب آدم على قدميه رأى في الهواء كتابة تتألق كالشمس نصها: لا إله إلا الله محمد رسول الله )
وجاء في الإصحاح الحادي والأربعين 29:
(فاحتجب الله وطردهما الملاك ميخائيل من الفردوس 30: فلما التفت آدم رأى مكتوبا فوق الباب: لا إله إلا الله محمد رسول الله )
وفي الإصحاح الرابع والخمسين يتكلم على يوم الحشر إلى أن يقول: 9:
( ثم يجيئ الله بعد ذلك سائر الأصفياء الذين يصرخون: اذكرنا يا محمد )
وفي 97: 14: ( أجاب يسوع أن اسم مسيا عجيب) إلى أن يقول: ( قال الله: اصبر يا محمد…17 أن اسمه المبارك محمد)
وفي 17 :112: (ولكني متى جاء محمد رسول الله المقدس تزال عني هذه الوصمة
وفي 163: (أجاب التلاميذ: يا معلم من عسى أن يكون ذلك الرجل الذي تتكلم عنه الذي سيأتي إلى العالم؟ 8: أجاب يسوع بابتهاج قلب: إنه محمد رسول الله )
اليهود يتوسلون الله بالنبي محمد (ص) قبل نبوته
قال أمير المؤمنين (ع):
( إن الله تعالى أخبر رسوله بما كان من إيمان اليهود بمحمد (ص) قبل ظهوره، ومن استفتاحهم على أعدائهم بذكره،
قال (ع): ” و كان الله عز و جل أمر اليهود في أيام موسى (ع) و بعده إذا دهمهم أمر، أو دهتهم داهية أن يدعوا الله عز و جل بمحمد و آله الطيبين، و أن يستنصروا بهم، و كانوا يفعلون ذلك حتى كانت اليهود من أهل المدينة قبل ظهور محمد (ص) بسنين كثيرة يفعلون ذلك، فيكفيهم الله البلاء و الدهماء و الداهية
ثلثمائه يهودي ينتصرون على ثلاثه الاف بمحمد وال محمد(صلى الله عليه واله)
وفي تفسير الامام العسكري (ص 393 )يقول
و كانت اليهود قبل ظهور محمد (صلى الله عليه وعلى اله) وسلم بعشر سنين تعادي أسد و غطفان- قوم من المشركين- و يقصدون أذاهم، فكانوا يستدفعون شرورهم و بلاءهم بسؤالهم ربهم بمحمد و آله الطيبين، حتى قصدهم في بعض الأوقات أسد و غطفان في ثلاثة آلاف فارس إلى بعض قرى اليهود حوالي المدينة، فتلقاهم اليهود و هم ثلاثمائة فارس، و دعوا الله بمحمد و آله فهزموهم
فقالت أسد و غطفان بعضهما لبعضهم: تعالوا نستعين عليهم بسائر القبائل فاستعانوا عليهم بالقبائل و أكثروا حتى اجتمعوا قدر ثلاثين ألفا، و قصدوا هؤلاء الثلاثمائة في قريتهم، فألجئوهم إلى بيوتها، و قطعوا عنها المياه الجارية التي كانت تدخل إلى قراهم، و منعوا عنهم الطعام، و استأمن اليهود فلم يأمنوهم، و قالوا: لا، إلا أن نقتلكم و نسبيكم و ننهبكم
فقالت اليهود بعضها لبعض: كيف نصنع؟
فقال لهم ذوو الرأي منهم: أما أمر موسى أسلافكم و من بعدهم بالاستنصار بمحمد و آله الطيبين؟
أما أمركم بالابتهال إلى الله عز و جل عند الشدائد بهم ؟ قالوا: بلى
قالوا: فافعلوا
فقالوا: اللهم بجاه محمد و آله الطيبين لما سقيتنا، فقد قطع الظلمة عنا المياه حتى ضعف شباننا، و تماوت ولداننا، و أشرفنا على الهلكة فبعث الله تعالى لهم وابلا ، ملأ حياضهم و آبارهم و أنهارهم وأوعيتهم و ظروفهم،
فقالوا: هذه إحدى الحسنيين ثم أشرفوا من سطوحهم على العساكر المحيطة بهم، فإذا المطر قد آذاهم غاية الأذى، و أفسد أمتعتهم و أسلحتهم و أموالهم، فانصرف عنهم لذلك بعضهم، لأن ذلك المطر أتاهم في غير أوانه، في حمارة القيظ، حين لا يكون مطر
فقال الباقون من العساكر: هبكم سقيتم، فمن أين تأكلون؟ و لئن انصرف عنكم هؤلاء، فلسنا ننصرف حتى نقهركم على أنفسكم و عيالاتكم، و أهاليكم و أموالكم، و نشفي غيظنا منكم
فقالت اليهود: إن الذي سقانا بدعائنا بمحمد و آله قادر على أن يطعمنا، و إن الذي صرف عنا من صرفه، قادر على أن يصرف عنا الباقين
ثم دعوا الله بمحمد و آله أن يطعمهم، فجاءت قافلة عظيمة من قوافل الطعام قدر ألفي جمل و بغل و حمار محمله حنطة و دقيقا، و هم لا يشعرون بالعساكر، فانتهوا إليهم و هم نيام، و لم يشعروا بهم، لأن الله تعالى ثقل نومهم حتى دخلوا القرية، و لم يمنعوهم، و طرحوا أمتعتهم و باعوها منهم فانصرفوا و بعدوا، و تركوا العساكر نائمة ، فلما بعدوا انتبهوا، و نابذوا اليهود الحرب، و جعل يقول بعضهم لبعض: إن هؤلاء اشتد بهم الجوع و سيذلون لنا
قال لهم اليهود: هيهات، بل قد أطعمنا ربنا و كنتم نياما، جاءنا من الطعام كذا و كذا، و لو أردنا قتالكم في حال نومكم لتهيأ لنا، و لكنا كرهنا البغي عليكم، فانصرفوا عنا، و إلا دعونا عليكم بمحمد و آله، و استنصرنا بهم أن يخزيكم
فأبوا إلا طغيانا، فدعوا الله تعالى بمحمد و آله و استنصروا بهم، ثم برز الثلاثمائة إلى ثلاثين ألفا، فقتلوا منهم و أسروا واستوثقوا منهم بأسرائهم، فكان لا ينالهم مكروه من جهتهم، لخوفهم على من لهم في أيدي اليهود
المصادر
(1) ) الحمويني في فرائد السمطين ط النجف ص ٢٩ وفي ط بيروت ج ١ ص ٤١، باسناده
( كما أورد الذهبي في ميزان الاعتدال ج ١ ص ٧٠٥. والگنجي الشافعي في كفاية الطالب ص 314 و 315. والرياض النضرة ج 2 ص 164، والقندوزي في ينابيع المودة، ص 10)
(2) (معاني الاخبار)
(3) ( نبوة محمد من الشك إلى اليقين(ص: 257)
(4) ( نبوة محمد من الشك إلى اليقين(ص: 261) )
(5) ( نبوة محمد من الشك إلى اليقين(ص: 261).
(6) ( نبوة محمد من الشك إلى اليقينص(ص: 262). )
(7) ( غريب الحديث لأبي عبيد (ص: 402)
(8) ( الأجوبة الفاخرة عن الأسئلة الفاجرة: لشهاب الدين أحمد بن إدريس المالكي القرافي(ص: 424)
(9) (غريب الحديث لأبي عبيد 4 /305)
تعليق