إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

محور المنتدى(وقفات مع مريم الطاهرة عليها السلام )539

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • محور المنتدى(وقفات مع مريم الطاهرة عليها السلام )539

    محور المنتدى(وقفات مع مريم الطاهرة عليها السلام )

    اليوم, 05:22 PM


    • تاريخ التسجيل: 15-04-2013
    • المشاركات: 29712


    #1
    ما الذي جعل مريم (عليها السلام) ابنة عمران متميزة

    24-12-2013, 10:39 AM

    إن الله -سبحانه وتعالى- لم يذكر في كتابه الكريم امرأة باسمِها الصَريح، إلامريم عليها السلام وهذهِ ظاهرة مُلفتة في القُرآن الكريم، فقد ورد اسمها حوالي 34 مرة.. يقول تعالى: (وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ).. والذي جعل مريم (عليها السلام) متميزة:
    أولاً: العفة.. الكلام هُنا ليسَ عن فرعون، ولا عن زَوجٍ مُشاكس، ولا عن بيئةٍ مُزعجة، وإنّما الكلام عن العِفة.. فهذه المرأة وَصلت إلى هذا المقام؛ باستحيائها وعفتها حَملت من عالم الغيب، (وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا)؛ هنيئاً لها بهذا الحَمل المُبارك!.. ولكنها مع ذلك قالت: (يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا)؛ فهي لا تحتمل أن يُقال بأنّها امرأة بَغية، رَغمَ أنّها تَعلم ما هيَّ فيه.
    ثانياً: الإيمان.. إن العفيفات في التأريخِ كَثيرات، ولكن مَريم ابنة عِمران عندها أيضاً بعد إيماني ومعنوي، يقول تعالىوَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ)؛ أي هُناك جَو عبادي، وهُناكَ قنوت، وهناك إنابة، وهناك خضوع.. وأيضاً هُناكَ إيمان مُتغلغل عَميق في الباطن.
    فإذن، إن مريم تميزت لعفتها وعبادتها المتميزة، فقد اتخذت محراباً (كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ)؛


    أيضاً طعامها كان إلهياً، كما أن منزل آسية كانَ منزلاً إلهياً.. وبالتالي، فإن من أرادَ التميز، عليهِ: بالإنابةِ، والعِفة، والإيمان العَميق؛ ليكونَ في رَكب الصالحينَ والصالحات.



    *************************************
    ************
    *******
    اللهم صلّ على محمد وال محمد


    اهلا وسهلا ومرحبا بكل من يتابعنا عبر محورنا الاسبوعي في منتدى الجود والكرم العباسي


    لنكون معكم بمحور جديد يحمل التأسّي بامراة عظيمة

    وايراد قصتها للاستشراق بمحطات عظيمة مليئة بالعفة والكرامة والثقة واليقين بالله



    فكونوا معنا ...



















    الملفات المرفقة

  • #2
    خادمة الساقي
    مشرفة قسم المرأة











    • تاريخ التسجيل: 01-10-2013
    • المشاركات: 2860


    #1
    همسةٌ مع مريم عليها السلام

    27-12-2022, 10:29 AM


    بسم الله الرحمن الرحيم

    وصلاة ربي على الحبيب الهادي واله الاطهار الطيبين ..

    السلام عليكم ورحمةٌ من الله وبركات .

    ..........................................




    "وَ اذْكُرْ فِي الْكِتابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِها مَكاناً شَرْقِيًّا"

    لاحِظ: انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا
    مريم العابدة: أستأنسَت بالله
    فاستوحشَت من كلِّ شيء قد يشغلها عنه حتّى الأهل
    إنّها رحلةٌ من الخلقِ إلى الحق​







    تعليق


    • #3
      خادمة الساقيخادمة الساقي
      مشرفة قسم المرأة











      • تاريخ التسجيل: 01-10-2013
      • المشاركات: 2860


      #1
      سورة ُ مريم ..

      12-02-2020, 12:21 PM



      بسم الله الرحمن الرحيم

      والصلاة والسلام على سيد المرسلين محمد وآله الطيبين الطاهرين

      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

      .....................

      القرأن ذلك النور الساطع وكمالالعلم الجامع والكتاب الناطق بالحق الذي لايأتيه الباطل من بين يديه ولامن خلف


      شفاءٌ لما في الصدور وبهجة وحبور


      به يصل قارئه الى مدارج الرفعة والكمال

      وكم انصت فهمنا لعظيم آياته المباركة


      وقصصه الموجزة التي تهديك منهج حياة


      ومن هذه السور والايات (سورةُ مريم )


      تلك السورة التي تتابع تحقق الحُلم والمعجزة لزكريا عليه السلام


      ومن بعد ذلك لمريم عليها السلام


      وكيف ان كل ماحدث هو على الله هين فهو القادر على كل شي ولايُتعبه شيء ولاينقُص من مُلكه لو أعطى كل العطايا ولكل البشر من اول الخلق الى يوم القيامة ...



      ((كهيعص (1) ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (2) إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا (3) قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا (4) وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا (5) يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آَلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا (6) يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا (7) قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا (8) قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا))


      ثم مع مريم عليها السلام بقوله جل وعلا


      ((قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا (20) قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آَيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا (21) فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا (22) فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا (23) فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا (24) وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا (25) فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا))

      ثم تتسلسل السورة المباركة بذكر أيات الله مع انبيائه المكرمين وكيف انه جازاهم بالخير خيرا وبالهداية نورا...



      ولو عُدنا لهذه السورة لوجدناها تحاكي قوانين الهية كثيرة


      منها قانون الايمان والثقة بالله جل وعلا


      ومنها قانون الجذب

      ومنها قانون الشكر الذي يهب الانسان الزيادة والضفر


      وكذلك تفتح ابواب كبيرة وواسعة بدعم الثقة بالله وانه لطيف بعبادة


      وتتمثل قوة اللطف بكلمة


      (وحنانا من لدنا )

      أي حنواً من الله وحُبا لعباده المتقين

      هذا علاوة على دُفعة الامل التي تحركها وتفيضها هذه الايات على قارئها


      وكأنه يجدد الشحن باتصاله بركن الله المتين وحصنه الحصين


      وأن من كان مع الله كان الله معه ..


      كذلك تربطنا بقوة اولياء الله وانبيائه التي لاتتزعزع مهما تغيرت الظروف ثقة بالمدخلات التي تترتب عليها المخرجات



      فالمدخلات نية صادقة وطاهرة وعزيمة على طاعة الله


      والمخرجات هباتُ وعطايا وتحقق الوعود الالهية


      مهما كان مستحيلا مابينهما من ظروف


      فاعقد العزم وجدد النوايا ثقة برب كريم رحيم لم ولن ينساك أبدا


      ودع التفكير والسيناريوهات له جل وعلا بتحقيق تلك النوايا الطاهرة


      التي تثمر نوراً وفيضا على البشرية


      كيحيى نبيا ومباركا ..

      وكعيسى صديقا نبيا ...







      تعليق


      • #4
        صدى المهدي صدى المهدي
        خادمة اهل البيت











        • تاريخ التسجيل: 13-11-2013
        • المشاركات: 22900


        #1
        امرأة عمران والسيدة مريم عليهما السلام-دراسة فنية-

        21-12-2019, 07:38 AM





        ربِّ: اني نذرت لك ما في بطني محرراً. فتقبل مني، انك انت السميع العليم.

        فلما وضعتها، قلت:

        ربِّ، اني وضعتها انثى.

        والله اعلم بما وضعت.

        وليس الذكر كالانثى. واني سميتها (مريم). واني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم.


        (فتقبلّها ربها بقبول حسنٍ...).

        وفي ضوء هذا النص، مشفوعاً بالنصوص المفسرة، يمكننا أن نلخص قصة [امرأة عمران] على النحو التالي:

        ثمة امرأة وإسمها: (حنّة)، تنتسب الى آل عمران وهم نفرٌ أشار القرآن الكريم إلى اصطفاء السماء اياهم، مع آدم ونوح وآل ابراهيم، بقوله تعالى: (ان الله اصطفى آدم ونوحاً وآل ابراهيم وآل عمران على العالمين).

        ومن خلال هذه الآية التي أعقبتها قصة امرأة عمران مباشرة، نستكشف طبيعة الوظيفة الفنية للعنصر القصصي في السورة، فيما جاءت في سياق اصطفاء الله لمجموعة تمثّل الصفوة البشرية في الاضطلاع بمهمة الخلافة على الارض، وايصال رسالة السماء إليها.

        والمهم، انّ امرأة عمران وهي شخصية نسوية قُدّر لها أن تُساهم بنحو أو بآخر في ممارسة الوظيفة العبادية على الأرض، قد نذرت للسماء أن تُمحّض وليدها للخدمة في المسجد... ومجرد كونها تمارس موقف (النذر)، وتمحّض وليدها لممارسة الخدمة للمسجد، يفصح عن وعيها العبادي الحاد، وتقديرها لمسؤولية هذا العمل، وإدراكها لمهمة الكائن الانساني على الأرض: وليس مجرد كونه كائناً يدّب على الأرض، ويعمل لاشباع حاجاته الحيوية والنفسية.

        وحين ننساق مع النصوص المفسرة لملاحظة خلفيّات الموقف، نجد انّ بعضها يُشير الى انّ الشخصية النسوية المذكورة، لم يتح لها الإنجاب حتى يئست من ذلك، مما حملها الى ان تدعو الله لان يرزقها ولدا، فيما تمت عملية النذر المذكورة.

        وهناك من النصوص ما يشير الى أن الله تعالى أوحى لزوجها عمران بانه قد وهب له ولداً مباركاً يبرىء الأكمة والابرص ويحيي الموتى باذن الله، وان (عمران) قد اخبر امرأته بذلك.

        ولما حملت، تمت عملية النذر المذكورة.

        والمهم، أن خلفيات الموقف، أياً كانت، فإنّ ممارسة النذر بنحوه المذكور، يظل مفصحاً عن خطورة الوعي العبادي عند الشخصية النسوية المذكورة: أي ادراكها لخطورة الوظيفة الخلافية على الأرض.

        هنا، غمر الموقف حدثٌ مفاجىء. فما هو هذا الحدث؟؟

        هذا الحدث يُلقي ضوء على وعي الشخصية النسوية المذكورة، ويفصح عن المزيد من ادراكها لسمؤولية الكائن الانساني على الأرض.

        فقد كان النذر صائماً على (ولدٍ ذكر) يتمحّض للخدمة في المسجد، وبخاصّة أنّ الرواية المفسرّة، أوضحت ان الله أوحى لعمران بان ولداً ذكراً سيوهب له، يضطلع بمهمة رسالة السماء عصرئذٍ... ولكن (المفاجأة) جاءت بوليدٍ أنثوي، فيما لا تصلح الانثى لحمل الرسالة: أي لا تكون نبياً أو رسولاً،... كما يحتجزها الطمث والنفاس من الاستمرارية في خدمة المسجد... فما هو الحل؟؟ وما هي إستجابة امرأة عمران لهذا الحدث المفاجىء؟ في لغة العمل القصصي، يجيء عنصر (المفاجأة)، واحداً من الأدوات الفنية في إستثارة القاريء أوالمستمع أو المشاهد.

        فانت حينما تتابع الإصغاء لسلسلةٍ من الأحداث والمواقف، ثم يفاجئك حدث لم يكن في الحسبان، حينئذٍ ستغمرك الدهشة والانبهار إزاء المفاجأة المذكورة، مما يضاعف في اهتماماتك بمتابعة الاحداث، وانشدادك نحوها، ثم ترتيب اكثر من أثر على هذه المفاجأة بما تحمله من دلالات، تسحب أثرها على طبيعة استجاباتك...

        واذا عدنا إلى قصة امرأة عمران: الشخصية النسوية التي نذرت ما في بطنها، للقيام بالممارسات العبادية التي تنشدها السماء،... وجدنا أنّ (المفاجأة) قد أذهلتها عندما وجدت أن الوليد (انثى) وليس (غلاماً). إلاّ انّ الذهول هنا محفوف بوعي عبادي لم ينقلها ـ كأية شخصية عادية ـ من صعيد الشخصية المتماسكة الى شخصية مهزوزة.

        بل بقيت على تماسكها، مكتفيةً بقولها:


        (اني وضعتها أنثى)

        وهذا القول كما هو واضح يشير باكثر من دلالة تكاد تحوم على عملية (النذر) وما يواكبها من العدول عنه، متمثلاً بخاصة في التعقيب الأخير على المفاجأة بقولها:

        (وليس الذكر كالانثى).

        إذا: تحددت استجابةُ امرأة عمران على الحدث المفاجىء وفق تماسك واتزان يتناسب مع الشخصية العبادية التي تكل الامور الى السماء، وترضى بالقضاء والقدر اللذين ترسمهما السماء. إلاّ انّها في الحين ذاته لا يعني أنّ (التوتر) قد أزيح من أعماقها. لانّ نفس قولها:

        (وليس الذكر كالانثى).

        يفصح عن (التوتر) المذكور، وهو توتٌر تفرضه تبعات النذر،وما رافقه من الإخبار بانها ستلد غلاماً.

        إنّ عنصر المفاجأة المذكور أي: ولادتها للانثى، سيترك آثاره على سائر الشخوص والاحداث والمواقف، مما يغير المعادلة وتوابعها عند امرأة عمران، وسواها... وسيترك، او سيمهّد لمفاجأت اشدّ إثارة كما سنرى.

        غير أنّ المتلقي ـ المستمع أو القارئ ـ يحرص بطبيعة الحال على معرفة السر في عنصر المفاجأة المذكورة... فهذه المفاجأة حققت له إمتاعاً فنياً، وجعلته أشد إثارة وأهتماماً لمتابعة الاحداث في القصة. إنه قد يتساءل: لقد اوحى الله لعمران بغلامٍ يصبح رسولاً ذات يوم... فلم جاء الوليد انثى؟؟


        إن الامام الصادق ـ عليه السلام ـ يجيب على التساؤال المذكور، قائلاً:

        ((ان قلنا لكم في الرجل قولاً منا فلم يكن فيه، فكان في ولده او ولد ولده ، فلا تنكروا ذلك. ان الله اوحى إلى عمران اني واهب لك ذكراً مباركاً، يبرء الاكمة والابرص، ويحيي الموتى باذني، وجاعله رسولاً الى بني اسرائي، فحدث امراته حنّة بذلك وهي أم مريم فلما حملت بها كان حملها عند نفسها غلاماً ذكراً. فلما وضعتها انثى قالت رب اني وضعتها انثى وليس الذكر كالانثى، لان البنت لا تكون رسولاً... فلما وهب الله لمريم عيسى كان هو الذي بشّر الله به عمران ووعده إياه. فاذا قلنا لكم في الرجل منا شيئاً فكان في ولده أو ولد ولده فلا تنكروا ذلك)).

        إذن: عنصر المفاجاة ـ ميلاد الأنثى لا الغلام ـ في اوضحت النصوص المفسرة دلالته. إلاّ ان الغموض لا يزال ـ بطبيعة الحال ـ يلف الموقف. والأمر يحتاج إلى متابعة الأحداث لفك مغاليق الغموض شيئاً فشيئاً.

        بيد اننا قبل متابعة الأحداث، ينبغي أن نقف عند نهاية الموقف الذي ختمت به القصة عن امرأة عمران: الشخصية النسوية الملتزمة. عبادياً. فقد أنهت الموقف بتسمية ابنتها بإسم (مريم) فيما قالت:


        (وإني سميتها مريم)

        ومعنى مريم في لغتهم عصرئذٍ العابدة والخادمة.

        ثم أنهت الموقف بالدعاء التالي:


        (واني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم)

        و واضح أنّ التسمية والدعاء كليهما، يفصحان عن الطابع الذي اكّدناه عن شخصية إمرأة عمران وهو: الوعي العبادي بوظيفة الانسان على الارض فيما بدأته بالنذر، والتسمية، والدعاء، وتقديم المولود فعلاً، إلى من يعنيهم الأمر في المسجد.

        والأمر لا يتصل بمجرد التسمية، والنذر، والدعاء، بقدر ما تفصح هذه الأشكال عن مضمونات تنطوى عليها مشاعر امرأة عمران، وتركيبتها النفسية التي يكفي أن نتلمس مدى حرارة وفاعلية ما تحمله من صدق عبادي، حينما تبدي ذلك التوجس، وتلك الخيفة من السلوك الملتوي الذي يمكن أن يلحق بابنتها وذريتها...

        إنّ هتافها القائل:

        (أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم).

        هذا الهتاف تعبيرٌ عن اكثر من حقيقة فنّية ينطوي عليها الموقف القصصي الذي نحن في صدد الحديث عنه.

        ففضلاً عن أنه يفصح عن مدى حدة الوعي العبادي عند امرأة عمران، وادراكها لمهمة الكائن الانساني الذي ينبغي ان يتمحض لما خُلق من اجله،... فضلاً عن ذلك كله، فان صدى الهتاف المذكور سيتردد في أجواء الموقف والاحداث التي تلي قصة امرأة عمران... أي، إن الدعاء بابقاء مريم وذريتها بمنأى عن السلوك الملتوي، بمنأى عن الشيطان وتحركاته... هذا الدعاء، سنجد انعكاسه فعلاً، على شخصية مريم، وعلى ذريتها، بالنحو الذي سنقف عليه لاحقاً.

        ويهمنا ان نلفت نظرك إلى انّ قصة امرأة عمران، قد انتهت مع الفقرة التالية وهي قوله تعالى:


        (فتقبلها ربها بقبول حسن).

        فاذا أضفنا عملية تقبل السماء لهذا النذر، اذا اضفناها الى الدعاء الذي أعاذ المنذور وذريته من السوء... حينئذٍ أمكننا ان نُدرك خطورة ما تنطوي القصة المذكورة عليه، من حيث المهمة العضوية ـ أي: المهمة الفنية ـ في توشيح الصلة بين القصص بعضها بالآخر.

        كانت امرأة عمران شخصية نسويةً على وعيٍ حاد بالمهمة العبادية للكائن الانساني. وقد أنهى القرآن الكريم دورها في القصة الأولى ـ أي: قصة امرأة عمران ـ بعملية الوضع لا بنتها (مريم) حينما قدمتها ـ كما تقول النصوص المفسرة ـ للقائمين على شؤون المسجد، تحقيقاً للنذر الذي أخذته على عاتقها، بأن تجعل مولودها متمحضاً لخدمة المسجد.

        وبهذا التسليم لمولودها الانثوي، تنتهي القصة الاولى من القصص الخمس التي تضمنتها سورة آل عمران هنا تجيء القصة الثانية من القصص الخمس، متمثلةً في قصة الفتاة المنذورة نفسها: قصة مريم.

        مريم بدورها تجسد شخصية نسوية، يلفها النشاط العبادي أيضاً، ولكن وفق سلوك يمثل الذرى، حيث تتوالى سلسلةٌ جديدةٌ من المواقف والاحداث والشخوص، تواكب مراحل تنشئتها التي ستتمخض في نهاية المطاف عن اكثر من حدث معجز.

        قلنا، أن قصة امرأة عمران ـ وهي القصة الأول من قصص سورة آل عمران ـ قد مهدت للقصة الثانية، قصة مريم.

        ويتمثل هذا التمهيد فنياً في البنت المنذورة مريم فيما ستولد غلاماً يجسد تحقيقاً لما أوحاه الله لعمران... من انه سيهب له رسولا...

        ويجدر بنا الآن، أن نتابع هذه القصة، وما حفلت به من احداث ومواقف وبيئآت وشخوص، محفوفة بما يُثير الدهشة والانبهار والتشويق...

        ولنلخصها أولاً في ضوء النص القرآن، والنصوص المفسرة... تقول هذه النصوص... انّ امرأة عمران قدمت أبنتها المنذورة مريم إلى القائمين بشؤون المسجد ـ وهم يمثلون صفوة بشرية، وقالت لهم: دونكم النذيرة.

        وتضيف هذه النصوص...

        انّ المعنيين بالأمر تنافسوا على النهوض بتنشئتها، بصفتها منذورة لمهمة عبادية خطيرة، وبصفتها إبنة إمامهم.

        وفي رواية عن الامام الباقر ـ عليه السلام ـ أنّ هؤلاء الشخوص ـ وهم نبيون كما تقول الرواية ـ قد ساهموا عليها ـ أي: استخدموا القرعة ـ فكانت القرعة من نصيب زكريا ـ عليه السلام ـ وهو زوج اختها.

        كما ان الآية القرآنية الكريمة، صريحة في عملية القرعة المذكورة، اذ يقول تعالى مخاطباً النبي ـ صلّى الله عليه وآله وسلم ـ:

        ((وما كانت لديهم إذ يلقون اقلامهم، أيهم يكفل مريم، وما كنت لديهم اذ يختصمون)).

        إن هذا الاختصام والتنافس على كفالة مريم يحمل دلالة ذات خطورةٍ دون أدنى شك... إذ يفصح بوضوح عن مدى الوعي العبادي لدى الشخوص، وتقديرهم الخطير لهذه المهمة، بصفتها إسهاماً في المسابقة إلى العمل الصالح.

        وهذا الوعي العبادي لدى الشخوص، وحرصهم على ممارسة الفضيلة، يتجانس مع الحرص الذي لحظناه عند امرأة عمران أيضاً ويتجانس ثالثاً مع الحرص الذي سنلحظه عند مريم ذاتها.

        وهذا هو مبدأ فني آخر من مبادئ التجانس بين القصص المرسومة في سورة آل عمران، في طبيعة الشخوص والمواقف، بل وفي طبيعة الاحداث والبيئات كما سنرى، عند متابعتنا للعنصر القصصي في السورة.

        ونعود الى شخصية مريم...، وقد رأينا أن زكريا ـ عليه السلام ـ هو الذي اضطلع بتربيتها وتنشئتها، بعد عملية التنافس والاختصام حول: منْ سيكفلها.


        ولقد أشار القرآن الكريم الى أهمية تنشئتها بعامة، وزكريا بخاصة، حينما قال تعالى: (وأنبتها نباتاً حسناً، وكفلها زكريا).

        بيد أن ما يلفت النظر هنا، ان النص القرآني، والنصوص المفسرة، ترسم لنا (بيئةً) لمريم، يطبعها (المألوف) و(النادر) و(المعجز) من الاحداث والمواقف التي تضطرب بها (البيئة) المذكورة.

        ونقصد بـ(المألوف) ما هو عاديٌ نحياه، ونألفه في مجرى الحياة اليومية.

        وأما (النادر) فهو الحدث أو الشخصية أو الموقف الذي يبتعد عما هو عادي، بحيث يندر وقوعه، لكنه غير ممتنع، أي: إنه خاضعٌ لما تسمية اللغة القصصية بـ(الامكان) و(الاحتمال).

        وأمّا (المعجز) فهو الذي ينّد عن [الاسباب الطبيعية] التي جعلتها السماء قوانين عامة تنتظم شؤون الحياة. بحيث لايحدث الا عند [الصفوة البشرية] من انبياء وأئمة وصالحين...

        وأذا عدنا الى (البيئة) التي رسمها القرآن، واكتنفت شخصية مريم، لحظنا ان (المألوف) و(النادر) منها، يتمثل في ابتناء موقع خاصٍ لمريم في المسجد، فيما جعل لها محرابٌ، بابه في الوسط، لا يرقى إليه إلا بسلم مثل باب الكعبة، ولايصعد إليه سوى زكريا.

        وأمّا (المعجز) فهو سلسلة من الاحداث والبيئات المثيرة حقاً. فالنصوص المفسرة، تشير الى انّ المحراب كان يُضيء من نورها، بل إن فاكهة الشتاء في الصيف، وفاكهة الصيف في الشتاء، كانت من اشدّ معالم (البيئة) بروزاً، من حيث الطابع (المعجز)، فيما يُشير القرآن الكريم بوضوح الى (الرزق) الذي كان يأتيها، مما جعل زكريا يتساءل منبهراً:

        أنى لك هذا؟؟

        فكانت تجيبه، كما هو صريح القرآن الكريم:

        (قالت:


        (هو من عند الله، إنّ الله يرزق من يشاء بغير حساب).

        اذن: النور والرزق يشكلان (بيئةً) معجزة، قد اكتنفت مريم عليه السلام...

        لكننا حين نتابع (المعجز) و(النادر)، حينئذٍ نترك للآيات القرآنية الكريمة التالية، ان تتحدث إلينا مباشرة: قال تعالى:

        (واذ قالت الملائكة، يامريم: إن الله اصطفاك وطهرك، واصطفاك على نساء العالمين):


        (يامريم: اقنتي لربك، واسجدي واركعي مع الراكعين).

        هنا، يتمثل المعجز في سلسلةٍ من (المواقف) المتمثلة في محاورة عنصر جديدٍ من الشخصيات، هو عنصر (الملائكة) مع الشخصية البشرية مريم ـ عليه السلام ـ: فيما بشروها باصطفاء الله اياها، وبتطهيرها...

        هنا ايضاً، ينبغي ألا تغفل ذاكرتُك ـ أخي القارىء ـ دعاء امرأة عمران لابنتها، وتطهيرها من الوزر: الشيطان.

        فيما ينبغي أن يذكرك بالتلاحم العضوي بين القصتين: امرأة عمران ومريم، وتمهيد احداهما للاخرى، وإلقائها الضوء عليها...

        ولكن، فلنتابع المحاورة: محاورة الملائكة مع مريم عليه السلام.

        حين نتابع محاورة الملائكة مع مريم عليه السلام، نلحظ أن (المعجز) في الموقف وفي الحدث، يتمثل في: إصطفاء الله لمريم، وفي تطهيرها، وفي تفضيلها على نساء العصر، فترتئذٍ.

        المحاورة ذاتها، بصفة انّ أحد طرفيها هم شخوص غير بشريين... أي (الملائكة)، تفصح عن (المعجز) في الموقف. كما ان عملية الاصطفاء والتفضيل والتطهير، تفصح عن (النادر) في الموقف...

        غير أنّ الحدث، والموقف، يأخذ صفة الإنبهار والدهشة، حينما يكتسب (المعجز) طابعاً جديداً قائماً على (المفاجأة) المذهلة... مفاجأة (الانجاب) من غير فحل.

        ولعلك تتذكر جيداً، كيف ان عنصر (المفاجأة) التي حدثناك عنها عند الحديث عن قصة امرأة عمران، ونعني بها: مفاجأة الوضع لأنثى بدلاً من الحمل بالغلام... لا بدّ انك تتذكر كيف ان عنصر (المفاجأة) المذكور، كان يعكس أثره الفني على المتلقي وكيف كان يعكس أثره النفسي على بطلة القصة امرأة عمران.

        وفي حينه، حدثناك عن أهمية عنصر (المفاجأة) في أي نص قصصي، ومساهمته في استثارة المتلقي وشده الى القصة. كما حدثناك عن الاستجابة التي تركتها مفاجأة امرأة عمران للانثى بدلاً من الغلام...

        هنا، نلفت نظرك الى أثر المفاجأة فنياً ونفسياً على المتلقي، وعلى شخصية مريم عليه السلام... وقبل ان نسرد لك تفاصيل المفاجأة، نذكرك ايضاً، بالتلاحم العضوي بين القصتين، بالتلاحم أولاً بين طبيعة الشخوص في القصتين: قصة إمرأة عمران وقصة مريم عليه السلام، فالشخصيتان كلتاهما: نسويتان، وكلتاهما تعنيان بالممارسة العبادية الواعية... ثم نذكرك بالتلاحم بين عنصري الفن: المفاجأة، فيما طبعت المفاجأة كلاً من الموقفين... ثم نذكرك بسائر عناصر التجانس والتلاحم بين القصتين فيما ألمحنا الى اكثر من واحدٍ منها، في حينه...

        ولكننا نتركك الآن لعنصر المفاجأة الجديد، ولتسمعْ اليه بنفسك، قال تعالى:


        (اذ قالت الملائكة، يا مريم: إن الله يبشّرك بكلمةٍ منه، اسمه: المسيح عيسى بن مريم...).

        هنا، سوف لمن تغمرك المفاجأة بدوّيها الهائل، مالم تستمع بنفسك الى محاورة مريم عليه السلام، عندما هتفت، متسائلة، مستفهمة: (قالت رب انى يكون لي ولدٌ، ولم يمسسني بشر؟؟).

        هنا، ينبغي ان تضع في ذهنك، انّ عنصر (المفاجأة) المذكور، قد رسمه القرآن الكريم في سورة مستقلة تحمل اسم سورة مريم. وهناك في سورة مريم تفصيل للمفاجاة وما يواكبها من احداث ومواقف، سنعالجها عند دراستنا لسورة مريم ان شاء الله.

        إلاّ أننا هنا، نذكرك بحقيقة فنّية هي: ان النصوص القرآنية لا ترسم من احداث القصة ـ أية قصة كانت ـ، إلاّ ما يخدم أو يُنير: الافكار المطروحة في هذه السورة أو تلك.

        وعليه، فان التفصيلات المرسومة في سورة مريم لن تجد لها مكاناً في سورة آل عمران إلاّ ما يفرضه سياق الافكار المطروحة في هذه السورة.

        إن الأفكار المطروحة في سورة آل عمران تُعنى بالحديث عن (المعجز) بصفة عامة، وبما يتصل ـ كما سنرى ـ بمواقف الجمهور حيال رسالة النبي محمد صلّى الله عليه وآله وسلم، وتجانسها مع مواقف الجمهور حيال رسالة عيسى عليه السلام، وتقولاتهم عنه بما لا يتسق مع الواقع، على نحوما سنفصل الحديث عنه، عند وصولنا الى قصة عيسى في هذه السورة التي ندرستها الآن. وفي حينه سنوضح لك صلة هذا الرسم لعنصر المفاجأة في حدوده المعنية بقصة عيسى ـ عليه السلام ـ وموقف الجمهور منه...

        والمهم، أن يقتصر حديثنا الآن عن السياق الفني لهذه المفاجأة، وانعكاسها على المتلقي ثم انعكاسها على استجابة مريم.

        أمّا انعكاسها على المتلقي، فواضحٌ كل الوضوح، ما دام المتلقي يتابع القصص المرسومة في السورة بنحو يضع في اعتباره أنّ (المعجز) هو السمة التي خلعتها السماء ـ في كل الرسالات وشخوصها ـ على أي حدث أو موقف يواكب تلك الرسالات وشخوصها... هذا فضلاً عما يتركه من إمتاع جمالي في عملية التلقي لسلسلة الاحداث والمواقف...

        أما انعكاسها على شخصية مريم، فانه مجانسٌ لانعكاس المفاجأة على شخصية امرأة عمران ... فامرأة عمران ـ كما رأيت ـ استسلمت للامر الواقع، ورضيت بإشاءة السماء، بعد أن استجابت ـ بادىء ذي بدء ـ بدهشةٍ واستفهام عبر تقريرها القائل: (وليس الذكر كالانثى)،... هنا قد استجابت مريم ـ عليه السلام ـ بنفس الاستجابة، حينما تساءلت مستفسرة ومستفهمةً
        : (اني يكون لي غلام، ولم يمسسني بشر؟؟).

        اذن: نحن الآن أمام مجموعة من عناصر التجانس والتلاحم بين قصتي امرأة عمران ومريم... كلتاهما تتحركان من خلال شخصية نسوية، وكلتاهما تخضعان لاستجابة متماثلة في ظاهرة الوعي العبادي، فضلاً عن أنّ كلتيهما تحفلان بعنصر (المفاجأة)، وإتسّام هذا العنصر بما هو معجزٌ ونادر، ثم فضلاً عن إتسام الاستجابة عند الشخصيتين النسويتين، بطابعي: الاستفهام، ثم الاقرار بالأمر الواقع، والاستسلام الواعي لاشاءة السماء...

        هذه الألوان من التجانس والتلاحم، ينبغي أن تضعهما في ذهنك... حتى تخلص من ذلك إلى ادراك أن السورة ـ كما سترى ذلك مفصلاً ـ قد رسمت بنحوٍ ما تخضع له ـ أيةُ عمارة ـ لتخطيط هندسي محكم، حائمٍ على (افكار) خاصة تستهدفها السماء، فيما يجيء العنصر القصصي، واحداً من الادوات التي تنير تلك الافكار.







        الملفات المرفقة

        تعليق


        • #5
          الاسلام الغريب الاسلام الغريب
          عضو ماسي











          • تاريخ التسجيل: 26-03-2021
          • المشاركات: 6558


          #1
          الخَلْق المدهش لعيسى بن مريم عليه السلام‌

          05-08-2021, 03:02 PM



          يقول الله تعالى في الآية 59 من سورة آل عمران:
          «إنَّ مَثَلَ عِيْسَى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ».
          على هذه الآية، فإنَّ ولادة عيسى دون أب لا يدل على الوهيته.
          الشرح والتفسير
          يقول الله في هذه الآية: إنَّ خَلْق عيسى عليه السلام يشبه خَلْقْ آدم عليه السلام في أنَّه خلق من تراب دون دخالة أب وأم في ذلك، بل وجد بمجرد ان قال له الله: كُن.
          تحدث القرآن المجيد في الايات 45 إلى 59 من سورة آل عمران عن عيسى بن مريم عليه السلام وحكى مراحل حياته المختلفة من قبيل كيفية الولادة والتربية ونموه وبعثته ورسالته وكراماته ومعاجزه وعروجه إلى السماء، وقد سعى القرآن خلال هذه الآيات أنْ يرفع الشبهة المثارة حوله.
          سؤال: كيف يمكن أنْ يولد انسان من أم فقط دون أب؟ أو كيف يمكن أو يولد إنسان من دون تركيب بين الأسبرم والبويضة؟
          هل الآية في صدد الاجابة على هذه الشبهة، بحيث تقول: ألم نخلق آدم دون دخالة أب؟ أي كأنها تريد القول بأنَّ خلق آدم اصعب من خلق عيسى؛ لأنَّ في خلق عيسى توسطت الام، أمّا في خلق آدم فلا واسطة، من قبيل أُم أو أب، فكان أصعب خلقاً من عيسى عليه السلام
          . إنَّ أفعالًا من هذا القبيل ليست صعبة بالنسبة لله؛ فإنَّ الله ما إن قال لشي‌ء «كُنْ فَيَكُونُ» «1»
          إنَّ الخلق عند الله لا يفرق فيه بين الصغير والكبير والصعب والسهل.
          إنَّ الله إذا اراد أنْ يَخلق عالماً كعالمنا الحالي بمجراته ونجومه- الذي كشفت الاحصائيات والاكتشافات العلمية عن سعته وعظمته- فإنَّه سينخلق بمجرد أنْ يأمر.
          إنّ الإنسان عند الصلاة إذا تصور امامه خالقاً بهذه القدرة والعظمة وشعر بأنَّه (لا شي‌ء) يتحدث مع (كل شي‌ء) لكانت صلاته وحالاته فيها تختلف بالكامل.
          قدرة الله في كلام أمير المؤمنين عليه السلام
          تحدث الامام علي عليه السلام في الخطبة 185 من نهج البلاغة عن قدرة الله وأشار اليها بجمل جميلة كما نرى هنا: «لو فكروا في عظيم القدرة وجسيم النعمة لرجعوا إلى الطريق وخافوا عذاب الحريق ولكن القلوب عليلة والبصائر مدخولة ألا ينظرون إلى صغير ما خلق كيف أحكم خلقه واتقن تركيبه، وفلق له السمع والبصر ..»، ثم يتعرض إلى خلق النملة وظرافة ما تحتويه هذه الخلقة.
          من الحجب التي تحول دون التفات الإنسان إلى عجيب الخلقة، هو حجاب العادة، وذلك لأنَّ العادة تنسي الإنسان عظمة الشي‌ء. فالنملة، مثلًا، اصبحت عادية باعتبار كثرتها وتعوّدنا على رؤيتها، الأمر الذي يجعل الإنسان غافلًا عن عظمة خلقها، وهي إذا قيست مع أهم صناعات الإنسان لاتضحت عظمتها.
          إنَّ صناعة الطائرة صناعة تعتمد تقنية متقدمة جداً، فهي تحمل في الفضاء أناساً وسلعاً، ولها اجزاء مختلفة تشبه المدينة الصغيرة.
          وهذه الطائرة- التي تكشف عن ذورة التقنية والصناعة البشرية- إذا قيست بالنملة- التي هي من اصغر صناعات قدرة الله اللامتناهية- لكانت النملة اكثر عظمة من الطائرة؛ وذلك لأنَّ النملة تضم كل شي‌ء رغم جثتها الصغيرة والنحيفة، ففيها أجهزة من قبيل: الباصرة
          والسامعة والرجل واليد وجهاز الهضم والدفع والتناسل وتعلم بهندسة بناء البيت وتهيئة الاغذية وخزنها بشكل يحول دون فسادها و .. ويا ترى كيف يمكن لموجود صغير أن يضم هذه الاجهزة جميعها؟!
          أمّا الطائرة فاضافة إلى أنَّها تفقد الكثير من هذه الاجهزة مثل جهاز التناسل وغيره، فهي بنفسها غير قادرة على تحريك نفسها، وتستعين لأجل الحركة بطاقم من التقنيين والمهندسين.
          نعم، إن الإنسان سيهتدي ولا يتعجب من خلق إنسان بلا أب إذا فكر في خلق الله وتدبّر فيه. ينبغي السجود لربٍّ قادرٍ مثل هذا، كما ينبغي الصلاة والسلام على الإنسان الكامل (الإمام علي عليه السلام) حيث استطاع توصيف هذه القدرة اللامتناهية وبشكل بديع ورائع.
          قصة خلق الإنسان
          هناك نظريتان رئيسيتان في خلق الإنسان:
          1- (تنوع الأنواع)، يعتقد أصحاب هذه النظرية أن الإنسان خلق مستقلًا كما خلقت الحيوانات الاخرى. وقد يُسمى هذا التصور وهذه النظرية (ثبوت الانواع).
          2- (تبدّل الانواع)، وهي النظرية المشتهرة بين علماء الطبيعة والقائلة بأنَّ الخلقة بدأت بموجود أحادي الخلية كان يسبح في البحار، نمى هذا الموجود بشكل تدريجي ليتبدل إلى سمكة، تكاثرت هذه السمكة، ثم ألقت أمواج البحر ببيض من أفراد فصيلتها خارج البحر، لتتبدل تدريجياً إلى حيوانات بريّة ومنها القرد، ثم تكاملت بعض أصناف القرد لتتبدل إلى إنسان.
          هل يمتلك أصحاب نظرية (تبدل الانواع) أدلة قاطعة على كلامهم؟
          كلا؛ وذلك لأنّ كلامهم يرجع إلى ملايين من السنوات الغابرة، إلى زمن لم يكن فيه إنسان أبداً، إلى زمن لم تصلنا عنه معلومات دقيقة، وما لدينا من تلك العهود هو شواهد وقرائن أثرية جمعت من قبل منقبي الآثار.
          الاختلاف بين (الفرضية) و (القانون)
          إنّ مجموعة القضايا التي يسعها المختبر ويمكن أن تُحلل وتقع في طريق التجربة العلمية تتبدل إلى قانون إذا ثبتت صحتها، كالقضية القائلة بأنَّ سرعة الضوء 000/ 300 كيلومتر في الثانية. أما مجموعة القواعد التي لا يمكن اخضاعها للتجربة، ويُتمسك لأجل إثباتها بالعقل من خلال القرائن والشواهد الموجودة فهي فرضية.
          وعلى هذا؛ فإنَّ (تبدّل الانواع) فرضية لا قانون. ومن خصائص الفرضية أنَّها تحتمل التبدّل والتغيير والبطلان، كالفرضية القائلة بأنَّ الإنسان قبل أربعين ألف سنة يختلف عن الإنسان الحالي، فإنَّ علماء الآثار وجدوا جماجم تتعلق بمليوني سنة قبل عصرنا هذا كشفت عن شباهة الإنسان في ذلك العصر مع الإنسان الحالي، وبهذا بطلت الفرضية السابقة.
          رأي القرآن في خلق الإنسان
          إنّ نظرية (تنوّع الانواع) هي المستفادة من القرآن المجيد، ويبدو أنَّ القرآن يؤيد هذا الرأي وهذه النظرية، أمَّا (تبدّل الانواع) فلا يمكن النظر إليها كقانون ثابت يستحيل الخدش فيه.
          على أي حال، سواء كانت النظرية الأولى صحيحة أم الثانية، فإنَّ تفسير الآية لا يتغير، وحتى لو قلنا بتبدّل الأنواع فإنَّا سنقول:
          إنّ الذي استطاع أن يخلق الموجود أحادي الخلية يستطيع أن يخلق عيسى عليه السلام دون حاجة إلى أب وأُم. هذا اضافة إلى أنَّ العلماء عثروا على موجودات يمكنها التكاثر دون حاجة إلى التلاقح، وهي حيوانات تستطيع الانثى منها التكاثر دون حاجة إلى لقاح من الذكر. وإذا كان عالم كهذا ممكناً فان ولادة عيسى عليه السلام لا أنّه أمر غير عجيب فحسب، بل قد حصل ما هو أعجب منه.







          الملفات المرفقة

          تعليق


          • #6
            روحي بغيابك حزينة
            عضو نشيط











            • تاريخ التسجيل: 24-10-2013
            • المشاركات: 102


            #1
            العفة يا مريم العصر

            15-04-2015, 08:26 AM


            لعفة يا مريم العصر
            'مريم ابنة عمران' صورة مضيئة من صور العفة والطهر, 'مريم ابنة عمران' أحصنت فرجها فكانت النتيجة المترتبة على ذلك {فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا}, ولماذا اختارها الله واصطفاها من بين الفتيات؟ لأنها{صَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ} [التحريم/ 12]

            عزيزتي الفتاة القارئة المسلمة, لا تقولي: أنا لست مريم ولست من آل عمران ولست من نسل الرسل لأكون في عفة مريم أو طهر مريم، ولست معجزة مثل هذه المعجزات الخارقة، ولكن يمكن أن تقولي ولماذا لا أتخذها قدوة وعبرة؟؟ {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ}....
            عزيزتي الفتاة .. نحن في عصر العلم والتكنولوجيا الذي لا مجال للخوارق فيه, ولكن بعقولنا أيضًا يمكن أن نستشف ونفهم لماذا اصطفى الله مريم تلك المعجزة الخارقة الباقية لتكون أمًا لعيسى ـ رسول الله.
            تعالي معي نتتبع خيوط هذه القصة ـ قصة العفة مع مريم ابنة عمران:
            أولاً: كانت أم مريم ـ حنة امرأة عمران ـ تقية شاكرة, عندما رزقها الله بالحمل توجهت بالشكر إليه، ولكنه شكر من نوع خاص لقد نذرت جنينها لله أي لخدمة بيت المقدس وللعبادة فيه أيضًا:{إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [آل عمران:35].
            إذن نفهم من هذا أن اختيار الزوجة الصالحة شرط لصلاح الأبناء والذرية، فهذه أم مريم زوجة صالحة فرزقها الله الذرية الصالحة وهي مريم.

            ثانيًا: عندما وضعتها وجدتها أنثى وكانت تحب أن يكون ولدًا ليخدم بيت الله ويتعبد فيه ولكن هذه مشيئة الله، فأخذتها وهي في مهدها إلى المسجد لتنفيذ وعدها عندما كان جنينًا في بطنها، وكانتالنتيجة {فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتاً حَسَناً وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقاً قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ}[آل عمران:37].
            سبحانك ربي ما أرحمك 'الله أرحم على العبد من الأم على وليدها' لا تقولي أيتها الفتاة كيف أتزوج بالحجاب، ومن يطلبني وأنا أمشي هكذا بدون مكياج؟
            لا والله كوني صادقة مخلصة مع الله يرزقك من حيث لا تحتسب، فالعفة والحجاب والحياء هو الذي يأتي بالزوج وليس العري والمكياج والميوعة وتقليد المتحررات من الغرب أو الشرق.

            هذه حقيقة ليست خارقة ولكنها تجربة لفتيات كثيرات غير 'مريم ابنة عمران' إذن العفة والحجاب والحياء هم سبب رزقك بالزواج، والسكن والاستمتاع الحقيقي الطاهر النظيف.

            ثالثًا: كيف كان حال مريم وهي فتاة بلغت مبلغ النساء؟
            انزوت مريم في محرابها للصلاة والدعاء وخدمة بيت الله، محافظة على حجابها وحيائها، فتوالت عليها نداءات الملائكة توجها إلى مزيد من الركوع والسجود والقنوت وتخبرها أن الله اصطفاها على نساء العالمين: {وَإِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ[42]يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ} [آل عمران:42ـ43].

            لقد كانت مريم حرية بهذا الاصطفاء ... لماذا؟
            1ـ كان محررة منذ أن كانت جنينًا لخدمة بيت الله وتكفي هذه النية الصادقة من الأم.
            2ـ كانت طاهرة عفيفة حيية.
            3ـ كانت عابدة خادمة في المسجد.
            4ـ لم يخالط قلبها ما يخالط قلوب النساء من اتخاذ الأصدقاء والأحباب، ولم تعرف ما هي الذنوب والآثام، لم تعرف إلا المحراب وما اتخذته من حجاب، إنها نموذج من النساء تستحق أن تصطفى على نساء الأرض.

            عزيزتي الفتاة:
            لنضع أيدينا على الأسباب وهي ليست خارقة خاصة بمريم فقط، ولكنها تخص كل مسلمة حتى يصطفيك الله من بين الفتيات ويرزقك بالزواج الكريم، والسكن الجميل والحب الصادق:
            الصلاة والعفة والحجاب، وليس شرطًا أن تبحثي عن مسجد لتكوني مثل مريم ولكن أعمال الخير كثيرة ووجوه البر متنوعة، والله يقبل العمل من المخلص ولو كان مثقال ذرة وموضوعنا الرئيس هو العفة.

            رابعًا: إليك أيتها الفتاة مشهد العفة يتجسد في ألفاظ القرآن، ومع أن هذا المشهد موغل في القدم لكن ألفاظ القرآن تجعله حيًا شاخصًا متجسدًا كأنه يحدث الآن أمام أعيننا.
            ومريم في خلوتها خاشعة يدخل عليها الروح بشرًا سويًا فتضطرب وترتاع وتستعيذ بالله: {قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيّاً} [مريم ـ 18] ولكن يوضح لها مهمته فتنكر إنجاب الولد: {قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيّاً} [مريم ـ 20] فيبلغها أنه أمر الله ولا راد لأمره وقضاءه.

            عزيزتي الفتاة:
            حفاظ الفتاة على عفتها هو من الفطرة وليس خاصًّا بمريم ابنة عمران.
            وعندما أحست مريم بالحمل يتحرك في أحشائها، يتحرك معه فزعها وحزنها، حتى إذا أجاءها المخاض تتأسف وتتحسر وتقول: {يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْياً مَنْسِيّاً} [مريم ـ 23].







            تعليق


            • #7
              محب الامام علي محب الامام علي
              مشرف قسم القرآن وعلومه وقسم الامام الحسين عليه السلام











              • تاريخ التسجيل: 01-03-2011
              • المشاركات: 1022


              #1
              تساؤلات قرآنية: لماذا قيدت مريم (ع) استعاذتها بقولها: (ان كنت تقياً)؟

              27-08-2017, 03:21 PM



              بسم الله الرحمن الرحيم
              ما وجه تقييد استعاذة السيدة مريم (ع) بقولها (ان كنت تقياً) كما في سورة مريم (ع): ﴿قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا﴾(1)؟
              الجواب:
              لم تكن السيدة مريم (ع) تعلم بهوية مَن فاجئها بالدخول عليها لأنَّه كان في صورة بشر، ولم يعرِّف بعدُ لها عن نفسه ﴿فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا﴾(2) ولهذا أوجست منه خيفة وظنَّت انَّه إنَّما أراد بها سوءً، فاستعاذت بالله تعالى منه، وإنَّما قالت: ﴿إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا﴾(3)لأنَّ تقوى الله تعالى والمحاذرة من غضبه هو ما يردع الإنسان ويحجزه عن مقارفة المعصية.

              فالسيدة مريم (ع) لم تكن تعلم انَّه تقيٌّ أو ليس بتقي ولكنَّه لو كان تقيَّاً واقعاً فإنَّ تذكيره بتقواه سوف يحجزه عن مقارفة الذنب، لأنَّ التقي وإنْ كان قد تجمح به رغبته فتُوقعه في الذنب إلا انَّه إذا ذُكِّر بتقواه أحجم وتراجع، ولذلك رُوي عن عليٍّ أمير المؤمنين (ع) انَّه قال: "علمتْ أنَّ التقي ينهاه التُقى عن المعصية"(4).
              وإنْ لم يكن تقياً فإنَّ تذكيره بالتقوى هو السبيل المتاح لها للردع، فقد تُدركه بهذا التذكير خشيةٌ من الله تعالى فيرتدع عمَّا أراد اقترافه، فقول مريم (ع): ﴿إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا﴾ وعظٌ وتذكير بما يجب أنْ يكون عليه الإنسان العاقل من الاتَّصاف بالتقوى لله جلَّ وعلا، فمساق قولها: ﴿إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا﴾ أشبه شيءٍ بقول الضعيف للقوي الذي يهمُّ بقتله: إنْ كنت انساناً فلا تقتلني، أو قول المرأة له: "إنْ كنتَ شهماً فلا تضربني" وذلك لأنَّ الإنسانية تقتضي الرحمة، والشهامة تقتضي عدم ضرب المرأة، فقول الضعيف: إنْ كنت انساناً تذكيرٌ بما ينبغي أن يكون عليه القويُّ من الاتَّصاف بالإنسانية المساوقة للرحمة، وقول المرأة: إنْ كنتَ شهماً تذكيرٌ بما ينبغي ان يكون عليه الرجل من الاتَّصاف بالشهامة المفضية لعدم التعدِّي على المرأة.
              وكذلك فإنَّ قول مريم (ع): ﴿إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا﴾ تذكيرٌ بما يجب ان يكون عليه الإنسان من التقوى المفضية للإرتداع عن مقارفة الذنب والتعرُّض لسخط الله تعالى وعذابه، فيكون التذكير بالتقوى تذكيراً بسخط الله وعذابه والذي من المنتظر أنْ يكون رادعاً عن التعدِّي.
              والمتحصل إنَّ قول مريم (ع): ﴿إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا﴾ معناه إن كنت تقياً واقعاً فلتردعك تقواك عن مساورة الذنب، وإنْ لم يكن المخاطَب تقياً كانت ثمرة التذكير بالتقوى هي التذكير بسخط الله تعالى الموجب لإحداث التقوى في النفس بما يفضي للإرتداع من الذنب.





              الملفات المرفقة

              تعليق


              • #8
                عطر الولايه
                عضو ماسي











                • تاريخ التسجيل: 20-09-2010
                • المشاركات: 8101


                #1
                لماذا مريم وليس زكريا؟

                13-11-2017, 03:31 PM


                بسم الله الرحمن الرحيم
                الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على محمّد وآله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين



                لماذا مريم بالذات وهي امرأة، ولم ينتدب لتلك المهمة، زكريا وهو رجل، وقد كان نبياً؟
                إن التعرّض لنقاء وطهر امرأة مثل مريم بنت عمران، يكون أشبه باللغم الذي ينفجر ويكشف عن وجود المعتدين، لذا كانت المهمة شاقة وصعبة للغاية على مريم، ربما من الصعب على أي امرأة تصور مهمة كهذه وأن تفعل ما فعلته مريم، وهي فتاة صغيرة، وبين ليلة وضحاها تأتي بطفل وليد على يديها وتعرضه على الناس. لذا كان خطابها للسماء: (قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُنْ بَغِيّاً). (سورة مريم/20) بيد أن الله تعالى هوّن عليها الخطب: (قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْراً مَقْضِيّاً). (سورة مريم/21)








                تعليق


                • #9
                  ضيف

                  #1
                  مريم الطف

                  22-01-2011, 06:45 PM



                  بسم الله الرحمن الرحيم

                  ياواحة الأرض ياصبراً نما فيها
                  تأبى المروءت الا ان تكونيها
                  ماأنت الا..سماء في تألقها
                  من ذا الذي في العلى مجداً يدانيها
                  كنت امتدادا لبيت كله ألق
                  بل سيرة ازهرن والدهر يرويها
                  يامريم الطف ياأخت الحسين قفي
                  ذي نخلة المجد في كفيك هزيها
                  انت البهاء الذي عم السماء سنا
                  من دوحة اينعت والله يسقيها
                  اذ انت انت الفدا والسيف سيدتي
                  منك الطفوف استقت اسمى معانيها
                  يازينب المرتقى صلى الزمان لكم
                  مذ كربلا اذنت فيها اضاحيها
                  هذا مقام الندا ام صوت فاجعة
                  والطف من ههنا للناس يحكيها
                  يا كل زهو الابا يابنت فاطمة
                  اذ ليس مستغربا من ان تحاكيها
                  الوحي في بيتها كانت منازله
                  والله آياته كانت تغذيها

                  السلام عليك ياجبل الصبر








                  تعليق


                  • #10
                    مصباح الدجى
                    عضو ذهبي











                    • تاريخ التسجيل: 02-01-2017
                    • المشاركات: 4756


                    #1
                    السيدة مريم ( عليها السلام ) في اللحظات الأخيرة الحرجة

                    23-12-2017, 04:28 PM


                    اللهم صل على محمد وآله محمد


                    نص الشبهة:

                    إذا كانت السيدة مريم (عليها السلام) تعيش في ظل الكرامة الإلهية، حتى إنه: ﴿ ... كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّىٰ لَكِ هَٰذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ . فلماذا حين امتحنت بالحمل بنبي الله عيسى (عليه السلام) تخلى الله عنها، وهي في أمس الحاجة إلى لطفه وعونه، ورعايته، فأصبحت بحاجة إلى أن تهز إليها بجذع النخلة لتساقط عليها رطباً جنياً؟! . .

                    الجواب:
                    ان عنايات الله سبحانه بالسيدة مريم (عليها السلام) كانت ظاهرة في كل حالاتها وشؤونها.. ومنها: أنه تعالى قد ﴿ ... وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا ... ﴾ 1 حين كانت في المحراب، فكانت تقوم بواجباتها كاملة، ولم يكن يطلب منها، أو فقل: لم تكن تشعر بالحاجة إلى السعي في سبيل الرزق ـ لأن النبي زكريا (عليه السلام) كان هو المتكفل لها وبها.
                    فإذا جاءت الكرامة الإلهية في هذه الحال بالذات، فإن النبي زكريا (عليه السلام) سيدرك أنها كرامة إلهية لها، إذ لا يمكن تفسيرها إلا بذلك بالنسبة إليه، وذلك:
                    أولاً: لأنه يعرف أن أحداً من البشر لم يأتها برزق..
                    وثانياً: لأنه يعلم أيضاً: أنها لم تسع للحصول على شيء من ذلك الذي يجده عندها، لعلمها بأنه هو الكافل لها، فهي غير مكلفة بهذا السعي لتشعر بالحاجة إليه، حيث إنها في مسجد مخصص للعبادة..
                    وثالثاً: هو يعلم بأن إعطاء الرزق لها من الله، لم يكن بسبب حاجة، اقتضت منها التوسل والدعاء، والطلب والابتهال، حتى استجاب الله دعاءها وطلبها، ورفع الشدة عنها..
                    فمعرفة النبي زكريا (عليه السلام) بذلك كله، تجعله على يقين من أن الله سبحانه قد أراد بإعطائها هذا الرزق أن يظهر كرامتها عنده، ومحبته لها، ولطفه بها..
                    كما أن السيدة مريم (عليها السلام) نفسها، لا بد أن تشعر بذلك كله، فيزيد يقينها بالله، ويتعمق حبه تعالى في قلبها.. وهذا مطلوب أيضاً، لجهة تهيئتها للحدث الكبير، والأشد حساسية في حياتها كلها. وهو الحمل بنبي الله عيسى (عليه السلام).
                    هذا كله عدا عن أن ذلك يزيد من قوة موقفها، وتحصينها من التهمة من قبل قومها، فيما يمكن أن يرموها به.
                    وأما حين أصبحت في الصحراء، ولم يعد هناك من يتكفل لها بالرزق، فإنها أصبحت تشعر بالحاجة إلى السعي في سبيل تحصيله. فإذا جاءتها الكرامة بإحضاره لها من دون تعب، فإن من الجائز أن يُفْهَم ذلك على أنه استجابة لنداء الحاجة لديها، وبداعي الشفقة عليها.. وإجابة لطلبها، النابع من الأعماق، والممتزج بالخوف من أن تلسعها أفاعي الجوع مثلاً..
                    وقد يفهم بعض الناس من ذلك أنه يشير إلى عدم توفر عنصر التوكل على الله، والثقة به لديها بالشكل الكامل والتام في بعض الحالات..
                    وفي جميع الأحوال، فإن الكرامة الإلهية إذا جاءت من خارج دائرة التكليف، أو في مورد يفتقد فيه الإحساس بلزوم السعي الاختياري.. فإن وقعها يكون أشد، ودلالاتها على اللطف والرضا الإلهي تكون أوضح وأصرح..
                    وعلى حد تعبير بعض الإخوة: إنها برغم أن الله سبحانه قد كلفها بأن تهز إليها بجذع النخلة، فإنه كان قد عرّفها كرامتها عنده، حين جعل طفلها، وهو حديث الولادة، ينطق ببراءتها، وأرسل لها ملكاً يخبرها بأن ربها قد جعل تحتها سرياً..
                    كما أن هذا السعي الضئيل منها لم يخل هو الآخر من إظهار الكرامة لها، حيث لم يكلفها بالصعود إلى الشجرة. بل اكتفى منها بتحريك جذعها الذي لا يمكن تحريكه لأقوياء الرجال.. فكيف بالمرأة الضعيفة الموهونة بالحمل والولادة..
                    وعلى كل حال: فإن الحكمة تقتضي إظهار ما لدى هؤلاء الصفوة الأولياء من ملكات وفضائل.. ومنها فضيلة الصبر والتسليم والرضا، من أجل أن يقتدي بهم الناس، وليَظْهَرَ استحقاقهم لما حباهم الله به، بصورة حية ومتجسدة على صفحة الواقع، سلوكاً وموقفاً وممارسة اختيارية منهم ولهم.. ومن دون أي تدخل من الغيب..
                    فكان ما جرى للسيدة مريم (عليها السلام) قد جاء في هذا السبيل، وفي هذا الاتجاه..
                    ولعل مما يدخل في هذا السياق أيضاً: أن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، في مبادرة منه غير مسبوقة بطلب من أصحابه، يطعم الجيش كله من كفٍ من تمر، ومن شاة عجفاء، وهي مبادرة تهدف إلى حفظ إيمانهم ويقينهم، وإحساسهم بحب الله، وبرعايته لهم..
                    ولكنه (صلى الله عليه وآله) لا يثير لهم المعجزة التي تعفيهم من عناء حفر الخندق.. لأن هذا هو واجبهم وتكليفهم، الذي لا بد أن يبادروا لإنجازه باختيارهم. وليس لهم أن ينتظروا من ينوب عنهم فيه..
                    وفي كربلاء أيضاً، قد أظهر الله الكثير من الأمور الدالة على مقام الإمام الحسين (عليه السلام) عنده. وعلى أن الله سبحانه يعطيه ـ لو أراد (عليه السلام) ـ النصر على أعدائه، ويفتح له خزائن رحمته، وليس أدل على عناية ومحبة الله بالإمام الحسين (عليه السلام) من أن السماء قد مطرت عليه دماً عجب منه الناس كما أخبرت السيدة زينب (عليها السلام): «أفعجبتم أن مطرت السماء دماً عبيطاً..».
                    كما أنه لم يرفع حجر في بيت المقدس، وفي بلاد أخرى.. إلا ووجد تحته دم عبيط..
                    وقد أظهرت المعجزات والكرامات المتوالية للإمام الحسين (عليه السلام) أنه كان قادراً على إيجاد الماء في كربلاء لنفسه، ولمن معه.. ولعياله وأطفاله، ولكنه لم يفعل ذلك، لأن تكليفه كان هو أن يتعاطى مع أعدائه بالوسائل العادية.. ولم يكن له أن يتعامل معهم بالمعجزة، وبعلم الإمامة، وبالقدرات الغيبية التي منحه الله







                    تعليق

                    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                    حفظ-تلقائي
                    Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
                    x
                    يعمل...
                    X