هيبةٌ تهدد عروش الظالمين
فضيلة المحروس
سخر الله تعالى لكل أمة من بعد شهادة النبي محمد صلى الله عليه وآله إمامًا معصومًا وحجة من بيت النبوة والرسالة ، صيرت له و لخدمته جميع الأفلاك ، وجعل قطبها ومحورها ولولاه لساخ وانخسف وجودها ، ولو فُسح وتُرك المجال أمامه وأمام ما وهبه الباري من نعم ومنن لاستخلف الأرض وأقام دولة الحق ولعمّت خيراته ونعمه وبركاته القريب والبعيد ولأكلت المخلوقات ما تحتها و ما فوقها بإذنه تعالى ،وبما ان ذلك لم يتم إلا بشروطها والمعصوم صلوات الله وسلامه عليه من شروطها وطلب معرفته والتمسك بولايته وإمامته من شروطها ،كما أشار إلى ذلك إمامنا أنيس النفوس وشمس الشموس الإمام علي بن موسى الرضا صلوات الله وسلامه عليه عند نزوله في طوس وجدته الكبرى الصديقة فاطمة الزهراء صلوات الله وسلامه عليها حينما خاطبت المهاجرين والأنصار قائلة لهم في خطبتها الفدكية "طاعتنا نظامًا للملة وإمامتنا أمانًا من الفرقة".
لذلك وجود المعصوم صلوات الله وسلامه عليه بين الناس حجة وفرض من الله تعالى على البشر ،جعلت له هيبة ومقام وعلو منزلة فمن تمسك بها لزمه وتولاه وفاز بنعيم الدارين ومن تعداها وتقدم عليها مَرق وخسر خسرانًا مبينًا .
لهذا وجدنا التاريخ يخبرنا بمسيرة السلاطين وأئمة الجور ومطارداتهم الطويلة لأئمة الحق والفضيلة والتخلص من وجودهم من على البسيطة ،لكونهم المنغص الأول لأهوائهم و المهدد ببقاء حكوماتهم وأنظمتهم البائسة.
كما قرأنا ذلك في سيرة هارون الرشيد العباسي صاحب أعظم وأكبر دولة حاكمة آنذاك كيف كان يفزعه وجود بيت متواضع بعيد عنه كائن في المدينة المنورة للإمام موسى الكاظم والد للإمام علي بن موسى الرضا صلوات الله وسلامه عليهما ويأمر بتقويضه وتدميره وحرقه وترويع أهله وتشريدهم خوفًا من ان يحرض ضده الوضع العام.
كذلك يأتي من بعده أبنه المأمون ويفزعه ويقض مضاجعه وجود الإمام ضامن الجنة علي بن موسى الرضا صلوات الله وحضوره وهيبته بين الناس وانجذابهم الإعجازي حوله في طوس وخراسان و باقي بلاد فارس ،لاسيما عندما خرجوا مأتمين خلفه صلوات الله وسلامه عليه لإقامة وأداء صلاة العيد وصلاة الاِستقساء باعتباره عالِم آل محمد وحجة الله العظمى على الأرض ،قدرت أعدادهم ب20 ألف شخص .كما اضطر المأمون الخؤون مكرهًا أمام ذلك التغيير بتغيير سياسته وشؤونه في الحكم والتظاهر بشفافية ولين واهتمام نحو الإمام الهاشمي العلوي والتقرب منه وتسليمه مقاليد عهده وولايته ، وإضمار ما في باطنه اتجاهه من حقد ودهاءٍ ومكرٍ دفين.
هكذا كانت وتكون سياسات جميع سلاطين الظلم والجور حتى يقوم صاحب الدولة البهية المهدي المنتظر بدولته دولة الحق والقسط والعدل عجل الله تعالى فرجه الشريف.{وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ}.
تعليق