عن الإمام الرضا عليه السلام : { ما استودع الله عبداً عقلاً إلّا استنقذه به يوما } . بحار الأنوار - ج ١ - ص٨٨
أستوقفتني هذه المقولة لإمامنا الرضا صلوات الله وسلامه عليه ونحن نعيش أجواء ذكرى ولادته في الحادي عشر من ذي القعدة الجاري .. وأنا سأتكلم عنها بحدود فهمي طبعاً :
أفهم من لفظ ( عقلاً ) هنا أحد أمرين :
الأول : علماً ، فالإنسان يحتاج الى العلم في كل تفصيلات حياته ، فضلاً عن المهمّ منها ، من كلام لأمير المؤمنين ؏ لكميل : يا كميل ما من حركة إلا وأنت محتاج فيها إلى معرفة ..
الثاني : التمكّن من إعمال العقل ، فليس كل عالم عاقل ، فالحمق هو التصرف بجهالة بغض النظر عن كونه جاهلاً بالفعل أو لا .. والتعقل هو خلطة متجانسة من الأخلاق يتحلّى بها المرء العاقل ، من حلم وعلم ، بصيرة وحكمة ، فطنة وحسن تدبير .. الخ .
ثم أن الإمام ؏ استعمل لفظ ( استودع ) ، وهو لا يخلو من الإشارة الى معنيين ، الأول هو الهبة والعطاء والمنّة الإلهية للعلم والتعقل اللذين يوفق لهما الإنسان .. والثاني هو أن المستودع يقابل المستقرّ ، وكأنما يقول لصاحبهما احذر فإن علمك وعقلك مرهونان بالعمل بهما وإلا ففرّا منك .. فـ ( العلم يهتف بالعمل فإن أجاب وإلا فارتحل ) .
أما ( استنقذه ) فإشارتها واضحة الى أن كل معلومة أو خصلة أخلاقية ايجابية عبارة عن سلاح يذبّ عن صاحبه الخطر في لحظة ما ، ورصيد من الإغاثة الإلهية المؤجلة لوقتها وساعتها ..
أقول : هل يوجد أعلى وأروع من هذا التعبير في الترغيب والحثّ على التعلّم والتعقّل وكسب الأخلاق الحسنة ..!!
مبارك لكم ولادة الرضا من آل محمد صلى الله عليهم أجمعين