بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِ على محمد واله الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السؤال :
هل صحيح أنّ الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام بايع أبا بكر بعد ستّة شهور ؟
الجواب :
لم يبايع الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام أبا بكر أصلاً وليس هناك سند تاريخي صحيح يدلّ على ذلك ؛ نعم ادّعى بعض علماء السنّة أنّه بايع بعد وفاة الزهراء عليها السّلام أو بعد ستّة أشهر وهو مجرّد ادّعاء لا حجّة عليه ، بل أخبارهم في ذلك متعارضة جدّاً يظهر منها كذب القضيّة وأنّه لم يبايع عليه السّلام.
قال اليعقوبي في [ تاريخه ۲ / ۱۱٦ ] : « ولم يبايع عليّ إلّا بعد ستّة أشهر . وقيل : أربعين يوماً ».
وقال ابن أبي الحديد : « والذي يقوله جمهور المحدّثين وأعيانهم ؛ فإنّه امتنع عن البيعة ستّة أشهر ولزم بيته ، فلم يبايع حتّى ماتت فاطمة ».
والطريق إنّ عائشة بنت أبي بكر هي التي تروي بيعة عليّ عليه السّلام قالت : كما في أنساب الأشراف : « لم يبايع عليّ أبا بكر حتّى ماتت فاطمة بعد ستّة أشهر ».
وفي تلخيص الشافي : « ثمّ يقال لهم : قد علمنا أنّ أمير المؤمنين تأخّر عن البيعة ، وامتنع منها علماً لا يتخالجنا فيه الشكّ ، واختلف الناس مدّة تأخّرها ، فمنهم مَن قال : ستّة أشهر ، ومنهم ما قال : أربعين يوماً ، منهم مَن قال : أقلّ أو أكثر يدلّ على إنكاره للبيعة ، نسخّطه لها ، فمَن أدّعى أنّه بايع بعد ذلك مختاراً راضياً فعليه الدلالة ».
بل حتّى السنّة الذين ادّعوا أنّ عليّاً بايع فقد صرحّوا بأنّه كان مكرهاً على ذلك وساخطاً يرى نفسه مظلوماً.
روى البلاذري بسنده عن عون : « إنّ أبا بكر أرسل عمر إلى عليّ يريده للبيعة فلم يبايع. فجاء عمر مع بقبس ، فتلقته فاطمة على الباب فقالت : يا بن الخطّاب أتراك محرقاً عليّ بابي ؟ قال : نعم ، وذلك أقوى فيما جاء به أبوك ، وجاء عليّ فبايع ».
وقد روى إبراهيم الثقفي بسنده عن أبي عبد الله جعفر بن محمّد عليه السّلام قال : « والله لم يبايع عليّ حتّى رأى الدخان قد دخل بيته ».
والظاهر أنّهم طلبوا البيعة ، وأصرّوا على ذلك ، وأخرجوه إلى المسجد ، لكنّ الزهراء عليها السّلام دافعت عنه دفاع المستميت حتّى ضربوها وكسروا ضلعها وأسقطوا جنينها ، فمرضت واستشهدت بسبب ذلك ، فترك القوم عليّاً عليه السّلام لشأنه ، واكتفوا بأن لا يعارضهم ، ويكون جليس داره مع همومه ، وأحزانه لفقد فاطمة عليها السّلام.