عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُمْهُورٍ ، قَالَ : كَانَ النَّجَاشِيُّ وَ هُوَ رَجُلٌ مِنَ الدَّهَاقِينِ عَامِلًا عَلَى الْأَهْوَازِ وَ فَارِسَ ، فَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ عَمَلِهِ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ 1 ( عليه السَّلام ) : إِنَّ فِي دِيوَانِ النَّجَاشِيِّ عَلَيَّ خَرَاجاً ، وَ هُوَ مُؤْمِنٌ يَدِينُ بِطَاعَتِكَ ، فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تَكْتُبَ لِي إِلَيْهِ كِتَاباً ؟
قَالَ : فَكَتَبَ إِلَيْهِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ( عليه السَّلام ) : " بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، سُرَّ أَخَاكَ يَسُرَّكَ اللَّهُ " .
قَالَ : فَلَمَّا وَرَدَ الْكِتَابُ عَلَيْهِ ، دَخَلَ عَلَيْهِ وَ هُوَ فِي مَجْلِسِهِ ، فَلَمَّا خَلَا نَاوَلَهُ الْكِتَابَ ، وَ قَالَ هَذَا كِتَابُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ( عليه السَّلام ) .
فَقَبَّلَهُ وَ وَضَعَهُ عَلَى عَيْنَيْهِ ، وَ قَالَ لَهُ مَا حَاجَتُكَ ؟
قَالَ : خَرَاجٌ عَلَيَّ فِي دِيوَانِكَ .
فَقَالَ لَهُ : وَ كَمْ هُوَ ؟
قَالَ : عَشَرَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ .
فَدَعَا كَاتِبَهُ وَ أَمَرَهُ بِأَدَائِهَا عَنْهُ ، ثُمَّ أَخْرَجَهُ مِنْهَا ، وَ أَمَرَ أَنْ يُثْبِتَهَا لَهُ لِقَابِلٍ ، ثُمَّ قَالَ لَهُ : سَرَرْتُكَ ؟
فَقَالَ : نَعَمْ ، جُعِلْتُ فِدَاكَ .
ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِمَرْكَبٍ وَ جَارِيَةٍ وَ غُلَامٍ ، وَ أَمَرَ لَهُ بِتَخْتِ ثِيَابٍ ، فِي كُلِّ ذَلِكَ يَقُولُ لَهُ هَلْ سَرَرْتُكَ ؟
فَيَقُولُ : نَعَمْ جُعِلْتُ فِدَاكَ .
فَكُلَّمَا قَالَ نَعَمْ زَادَهُ ، حَتَّى فَرَغَ .
ثُمَّ قَالَ لَهُ : احْمِلْ فُرُشَ هَذَا الْبَيْتِ الَّذِي كُنْتَ جَالِساً فِيهِ حِينَ دَفَعْتَ إِلَيَّ كِتَابَ مَوْلَايَ الَّذِي نَاوَلْتَنِي فِيهِ ، وَ ارْفَعْ إِلَيَّ حَوَائِجَكَ .
قَالَ : فَفَعَلَ ، وَ خَرَجَ الرَّجُلُ .
فَصَارَ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ( عليه السَّلام ) بَعْدَ ذَلِكَ ، فَحَدَّثَهُ الرَّجُلُ بِالْحَدِيثِ عَلَى جِهَتِهِ ، فَجَعَلَ يُسَرُّ بِمَا فَعَلَ .
فَقَالَ الرَّجُلُ : يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ ، كَأَنَّهُ قَدْ سَرَّكَ مَا فَعَلَ بِي ؟
فَقَالَ : " إِي وَ اللَّهِ ، لَقَدْ سَرَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ " 2 .
1. أي الإمام جعفر بن محمد الصَّادق ( عليه السَّلام ) ، سادس أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) .
2. الكافي : 2 / 190 ، للشيخ أبي جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكُليني ، المُلَقَّب بثقة الإسلام .
________
وفي بحار الأنوار ج ٤۷ ص٧٠ ۳