نعم ، حدث ذلك عندما جاءت مريم تحمل طفلها عيسى ( عليهما السلام ) فثارت في وجهها نساء بني إسرائيل ورجالهم ، واتهموها ووبخوها ، فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيّاً . قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللهِ آتَانِىَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِى نَبِيّاً . فأنطقه الله تعالى بلسان فصيح ، وقول بليغ ، فبُهِتَ المفترون ، وأسقط في أيديهم !
وبعد عيسى ( عليه السلام ) بمدة وجيزة ، أرسل الله طفلاً آخر نبياً هو يحيى بن زكريا ( عليه السلام ) !
وقبل عيسى ويحيى ( عليهما السلام ) جعل الله سليمان بن داود ( عليه السلام ) نبياً ورسولاً ، وحاكماً بعد أبيه ، وهو ابن عشر سنين ! فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلاً آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا .
وهل يمكن أن يكون طفلٌ صغيرٌ إماماً ؟
نعم ، وقد حدث ذلك وأحضره المأمون وتحدى به العباسيين ، وفقهاء الخلافة !
قال لهم : ( ويحكم إن أهل هذا البيت خِلْوٌ ( غير ) من هذا الخلق ! أوَمَا علمتم أن رسول الله بايع الحسن والحسين وهما صبيان غير بالغين ولم يبايع طفلاً غيرهما ! أَوَمَا علمتم أن علياً آمن بالنبي وهو ابن عشر سنين ، فقبل الله ورسوله منه إيمانه
ولم يقبل من طفل غيره ، ولا دعا النبي طفلاً غيره إلى الإيمان ! أوَمَا علمتم أنها ذرية بعضها من بعض ، يجري لآخرهم ما يجري لأولهم ) ! ( الإختصاص / 98 ) .
فكان الإمام الجواد أول إمام من أهل البيت ( عليهم السلام ) يتحمل الإمامة وعمره سبع سنين ، أما علي والحسنان ( عليهم السلام ) فكانوا أئمة وهم صغار ، لكن في ظل النبي ( صلى الله عليه وآله ) .
وبعد الإمام الجواد تحمل الإمامة ابنه علي الهادي ( عليه السلام ) وكان عمره سبع سنين أيضاً ، فكان الإمام الثاني صغير السن .
أما الثالث فكان الإمام المهدي ( عليه السلام ) الذي توفي أبوه وعمره خمس سنين ، فكان أصغر الأئمة سناً ، ولكنه أكبرهم أثراً في الحياة ، كما أخبر جده المصطفى ( صلى الله عليه وآله ) فقال : يملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعد أن ملئت ظلماً وجوراً !
لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ ، وهذه قصة واحد منهم هو الإمام محمد الجواد ( عليه السلام ) .
وقد كتب عنه علماء أجلاء ماضون ومعاصرون منهم : سماحة الشيخ محمد حسن آل ياسين ، والسيد محمد كاظم القزويني ، والشيخ باقر القرشي ، والدكتور محمد حسين الصغير ، وقد قرأت الأخير منها ، وكل كتاب منها لونٌ وجهدٌ مشكور ، ومحاولةٌ لتقديم صورة عن هذا الإمام الطفل المعجزة ( عليه السلام ) .
وهذا الكتاب لونٌ ومحاولة ، أقدمه إلى سيدي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، لأنه تعريف بأحد أنوار عترته ، والأئمة الاثني عشر الربانيين الذين بَشَّرَ بهم أمته ، وبَشَّرَهَا أن إنقاذها من ضلالها سيكون على يد خاتمهم ، صلوات الله عليهم .
كتبه بقم المشرفة في منتصف جمادى الأولى 1433
علي الكَوْراني العاملي عامله الله تعالى بلطفها
تعليق