بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
إنّ دور الإمام (عليه السلام) في المجتمع هو نفس دور الأنبياء والرسل (عليهم السلام)، يتمثل في بناء وصياغة الإنسان النموذج ؛ لأنّ النبي أو الإمام هو شاهد منتخب من قبل عالم الغيب، ويتحمل في عالم الشهادة مسؤولية تأسيس أُمّة صالحة من الداخل، بعد أن يغرس في أعماقها كل المعاني والمُثُل والقيم الفاضلة، ثم قيادتها وفق الأوامر الإلهية، للوصول إلىٰ المجتمع التوحيدي المتكامل.
ومن خلال استقراء منهج الأنبياء والرسل في قيادة البشرية وهدايتها عبر سلسلتهم الطويلة الممتدة منذ بدء الخليقة المتمثلة بالإنسان الأول، والذي كان نبياً أيضاً، وحتىٰ الرسالة الخاتمة المتمثلة بأشرف الأنبياء والرسل (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وهو خاتمهم ، نجد أنّ هذا المنهج يعتبر الإنسان محور حركته...
الإنسان لا كعقل مجرد ، بل الإنسان صاحب العقل والروح والأحاسيس والمشاعر.. الإنسان صاحب القلب والعواطف..
وعليه فمشروع الأنبياء عليهم السلام وأوصيائهم ـ وخاتمتهم الأئمة الاثني عشر (عليهم السلام) ـ في صياغة الإنسان وتربيته وصنعه، يتم من خلال التعامل مع تلك المقومات الإنسانية التي ذكرنا بشكل عاطفي وعملي ، وليس كالفلاسفة الذين يتعاملون ويتجاذبون مع العقول المجردة.
بعد هذه المقدمة الموجزة نستعرض بعض المرويات عن إمامنا جواد الأئمة (عليه السلام) والتي تكشف لنا كيفية توعيته لأصحابه وشيعته وعموم الاُمّة وارشادهم إلىٰ السلوك الإيماني القويم ومن ذلك ؛ الخبر الذي أورده ابن شعبة في تحف العقول حيث نقل أنَّ أَبا هَاشِمٍ اَلْجَعْفَرِيُّ فِي يَوْمٍ تَزَوَّجَ أُمَّ اَلْفَضْلِ اِبْنَةَ اَلْمَأْمُونِ يَا مَوْلاَيَ لَقَدْ عَظُمَتْ عَلَيْنَا بَرَكَةُ هَذَا اَلْيَوْمِ.
فَقَالَ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ): (يَا أَبَا هَاشِمٍ عَظُمَتْ بَرَكَاتُ اَللَّهِ عَلَيْنَا فِيهِ.
قُلْتُ: نَعَمْ يَا مَوْلاَيَ فَمَا أَقُولُ فِي اَلْيَوْمِ.
فَقَالَ: قُلْ فِيهِ خَيْراً فَإِنَّهُ يُصِيبُكَ.
قُلْتُ: يَا مَوْلاَيَ أَفْعَلُ هَذَا وَلاَ أُخَالِفُهُ.
قَالَ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ): إِذاً تُرْشَدُ وَلاَ تَرَى إِلاَّ خَيْراً ) (1).
ومن ذلك أيضاً الخبر المروي في تهذيب شيخ الطائفة قدس سره: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَبْدِ اَلْكَرِيمِ مِنْ أَهْلِ هَمَدَانَ عَنْ رَجُلٍ يُقَالُ لَهُ أَبُو تُمَامَةَ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ اَلثَّانِي (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَلْزَمَ مَكَّةَ وَ اَلْمَدِينَةَ وَعَلَيَّ دَيْنٌ فَمَا تَقُولُ فَقَالَ ؟
فَقَالَ(عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ): ( اِرْجِعْ إِلَى مُؤَدَّى دَيْنِكَ وَ اُنْظُرْ أَنْ تَلْقَى اَللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَلَيْسَ عَلَيْكَ دَيْنٌ فَإِنَّ اَلْمُؤْمِنَ لاَ يَخُونُ) (2).
وفي الكافي أورد عَنِ اِبْنِ مِهْرَانَ قَالَ: (كَتَبَ أَبُو جَعْفَرٍ اَلثَّانِي (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) إِلَى رَجُلٍ ذَكَرْتَ مُصِيبَتَكَ بِعَلِيٍّ اِبْنِكَ و ذَكَرْتَ أَنَّهُ كَانَ أَحَبَّ وُلْدِكَ إِلَيْكَ وَكَذَلِكَ اَللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّمَا يَأْخُذُ مِنَ اَلْوَالِدِ وَغَيْرِهِ أَزْكَى مَا عِنْدَ أَهْلِهِ لِيُعْظِمَ بِهِ أَجْرَ اَلْمُصَابِ بِالْمُصِيبَةِ فَأَعْظَمَ اَللَّهُ أَجْرَكَ وَأَحْسَنَ عَزَاكَ وَرَبَطَ عَلَى قَلْبِكَ إِنَّهُ قَدِيرٌ وَعَجَّلَ اَللَّهُ عَلَيْكَ بِالْخَلَفِ وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ اَللَّهُ قَدْ فَعَلَ إِنْ شَاءَ اَللَّهُ تَعَالَى) (3).
ونقل المجلسي في بحاره بسند رفعه إلىٰ بَكْرِ بْنِ صَالِحٍ قَالَ: (كَتَبَ صِهْرٌ لِي إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ اَلثَّانِي (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) أَنَّ أَبِي نَاصِبٌ خَبِيثُ اَلرَّأْيِ وَقَدْ لَقِيتُ مِنْهُ شِدَّةً وَجَهْداً فَرَأْيُكَ جُعِلْتُ فِدَاكَ فِي اَلدُّعَاءِ لِي وَمَا تَرَى جُعِلْتُ فِدَاكَ أَفَتَرَى أَنْ أُكَاشِفَهُ أَمْ أُدَارِيَهُ فَكَتَبَ قَدْ فَهِمْتُ كِتَابَكَ وَمَا ذَكَرْتَ مِنْ أَمْرِ أَبِيكَ وَلَسْتُ أَدَعُ اَلدُّعَاءَ لَكَ إِنْ شَاءَ اَللَّهُ وَاَلْمُدَارَاةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ اَلْمُكَاشَفَةِ وَمَعَ اَلْعُسْرِ يُسْرٌ فَاصْبِرْ إِنَّ اَلْعاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ ثَبَّتَكَ اَللَّهُ عَلَى وَلاَيَةِ مَنْ تَوَلَّيْتَ نَحْنُ وَأَنْتُمْ فِي وَدِيعَةِ اَللَّهِ اَلَّتِي لاَ يَضِيعُ وَدَائِعُهُ قَالَ بَكْرٌ فَعَطَفَ اَللَّهُ بِقَلْبِ أَبِيهِ حَتَّى صَارَ لاَ يُخَالِفُهُ فِي شَيْءٍ ) (4).
وحدّث الشيخ الصدوق عن أبيه قوله : حَدَّثَنِي سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اَللَّهِ عَنِ اَلْهَيْثَمِ بْنِ أَبِي مَسْرُوقٍ اَلنَّهْدِيِّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سَهْلٍ قَالَ: (كَتَبْتُ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) عَلِّمْنِي شَيْئاً إِذَا أَنَا قُلْتُهُ كُنْتُ مَعَكُمْ فِي اَلدُّنْيَا وَاَلْآخِرَةِ قَالَ فَكَتَبَ بِخَطٍّ أَعْرِفُهُ أَكْثِرْ مِنْ تِلاَوَةِ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ وَرَطِّبْ شَفَتَيْكَ بِالاِسْتِغْفَارِ) (5).
________________
1) تحف العقول : 339 طبعة النجف 1380 ه.
2) تهذيب الأحكام، ج 6، ص184 .
3) الفروع من الكافي، ج 3، ص 205.
4) بحار الأنوار، ج 50، ص 55.
5) ثواب الأعمال، ص 165 باب ثواب الاستغفار.
اللهم صل على محمد وآل محمد
إنّ دور الإمام (عليه السلام) في المجتمع هو نفس دور الأنبياء والرسل (عليهم السلام)، يتمثل في بناء وصياغة الإنسان النموذج ؛ لأنّ النبي أو الإمام هو شاهد منتخب من قبل عالم الغيب، ويتحمل في عالم الشهادة مسؤولية تأسيس أُمّة صالحة من الداخل، بعد أن يغرس في أعماقها كل المعاني والمُثُل والقيم الفاضلة، ثم قيادتها وفق الأوامر الإلهية، للوصول إلىٰ المجتمع التوحيدي المتكامل.
ومن خلال استقراء منهج الأنبياء والرسل في قيادة البشرية وهدايتها عبر سلسلتهم الطويلة الممتدة منذ بدء الخليقة المتمثلة بالإنسان الأول، والذي كان نبياً أيضاً، وحتىٰ الرسالة الخاتمة المتمثلة بأشرف الأنبياء والرسل (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وهو خاتمهم ، نجد أنّ هذا المنهج يعتبر الإنسان محور حركته...
الإنسان لا كعقل مجرد ، بل الإنسان صاحب العقل والروح والأحاسيس والمشاعر.. الإنسان صاحب القلب والعواطف..
وعليه فمشروع الأنبياء عليهم السلام وأوصيائهم ـ وخاتمتهم الأئمة الاثني عشر (عليهم السلام) ـ في صياغة الإنسان وتربيته وصنعه، يتم من خلال التعامل مع تلك المقومات الإنسانية التي ذكرنا بشكل عاطفي وعملي ، وليس كالفلاسفة الذين يتعاملون ويتجاذبون مع العقول المجردة.
بعد هذه المقدمة الموجزة نستعرض بعض المرويات عن إمامنا جواد الأئمة (عليه السلام) والتي تكشف لنا كيفية توعيته لأصحابه وشيعته وعموم الاُمّة وارشادهم إلىٰ السلوك الإيماني القويم ومن ذلك ؛ الخبر الذي أورده ابن شعبة في تحف العقول حيث نقل أنَّ أَبا هَاشِمٍ اَلْجَعْفَرِيُّ فِي يَوْمٍ تَزَوَّجَ أُمَّ اَلْفَضْلِ اِبْنَةَ اَلْمَأْمُونِ يَا مَوْلاَيَ لَقَدْ عَظُمَتْ عَلَيْنَا بَرَكَةُ هَذَا اَلْيَوْمِ.
فَقَالَ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ): (يَا أَبَا هَاشِمٍ عَظُمَتْ بَرَكَاتُ اَللَّهِ عَلَيْنَا فِيهِ.
قُلْتُ: نَعَمْ يَا مَوْلاَيَ فَمَا أَقُولُ فِي اَلْيَوْمِ.
فَقَالَ: قُلْ فِيهِ خَيْراً فَإِنَّهُ يُصِيبُكَ.
قُلْتُ: يَا مَوْلاَيَ أَفْعَلُ هَذَا وَلاَ أُخَالِفُهُ.
قَالَ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ): إِذاً تُرْشَدُ وَلاَ تَرَى إِلاَّ خَيْراً ) (1).
ومن ذلك أيضاً الخبر المروي في تهذيب شيخ الطائفة قدس سره: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَبْدِ اَلْكَرِيمِ مِنْ أَهْلِ هَمَدَانَ عَنْ رَجُلٍ يُقَالُ لَهُ أَبُو تُمَامَةَ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ اَلثَّانِي (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَلْزَمَ مَكَّةَ وَ اَلْمَدِينَةَ وَعَلَيَّ دَيْنٌ فَمَا تَقُولُ فَقَالَ ؟
فَقَالَ(عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ): ( اِرْجِعْ إِلَى مُؤَدَّى دَيْنِكَ وَ اُنْظُرْ أَنْ تَلْقَى اَللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَلَيْسَ عَلَيْكَ دَيْنٌ فَإِنَّ اَلْمُؤْمِنَ لاَ يَخُونُ) (2).
وفي الكافي أورد عَنِ اِبْنِ مِهْرَانَ قَالَ: (كَتَبَ أَبُو جَعْفَرٍ اَلثَّانِي (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) إِلَى رَجُلٍ ذَكَرْتَ مُصِيبَتَكَ بِعَلِيٍّ اِبْنِكَ و ذَكَرْتَ أَنَّهُ كَانَ أَحَبَّ وُلْدِكَ إِلَيْكَ وَكَذَلِكَ اَللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّمَا يَأْخُذُ مِنَ اَلْوَالِدِ وَغَيْرِهِ أَزْكَى مَا عِنْدَ أَهْلِهِ لِيُعْظِمَ بِهِ أَجْرَ اَلْمُصَابِ بِالْمُصِيبَةِ فَأَعْظَمَ اَللَّهُ أَجْرَكَ وَأَحْسَنَ عَزَاكَ وَرَبَطَ عَلَى قَلْبِكَ إِنَّهُ قَدِيرٌ وَعَجَّلَ اَللَّهُ عَلَيْكَ بِالْخَلَفِ وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ اَللَّهُ قَدْ فَعَلَ إِنْ شَاءَ اَللَّهُ تَعَالَى) (3).
ونقل المجلسي في بحاره بسند رفعه إلىٰ بَكْرِ بْنِ صَالِحٍ قَالَ: (كَتَبَ صِهْرٌ لِي إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ اَلثَّانِي (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) أَنَّ أَبِي نَاصِبٌ خَبِيثُ اَلرَّأْيِ وَقَدْ لَقِيتُ مِنْهُ شِدَّةً وَجَهْداً فَرَأْيُكَ جُعِلْتُ فِدَاكَ فِي اَلدُّعَاءِ لِي وَمَا تَرَى جُعِلْتُ فِدَاكَ أَفَتَرَى أَنْ أُكَاشِفَهُ أَمْ أُدَارِيَهُ فَكَتَبَ قَدْ فَهِمْتُ كِتَابَكَ وَمَا ذَكَرْتَ مِنْ أَمْرِ أَبِيكَ وَلَسْتُ أَدَعُ اَلدُّعَاءَ لَكَ إِنْ شَاءَ اَللَّهُ وَاَلْمُدَارَاةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ اَلْمُكَاشَفَةِ وَمَعَ اَلْعُسْرِ يُسْرٌ فَاصْبِرْ إِنَّ اَلْعاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ ثَبَّتَكَ اَللَّهُ عَلَى وَلاَيَةِ مَنْ تَوَلَّيْتَ نَحْنُ وَأَنْتُمْ فِي وَدِيعَةِ اَللَّهِ اَلَّتِي لاَ يَضِيعُ وَدَائِعُهُ قَالَ بَكْرٌ فَعَطَفَ اَللَّهُ بِقَلْبِ أَبِيهِ حَتَّى صَارَ لاَ يُخَالِفُهُ فِي شَيْءٍ ) (4).
وحدّث الشيخ الصدوق عن أبيه قوله : حَدَّثَنِي سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اَللَّهِ عَنِ اَلْهَيْثَمِ بْنِ أَبِي مَسْرُوقٍ اَلنَّهْدِيِّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سَهْلٍ قَالَ: (كَتَبْتُ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) عَلِّمْنِي شَيْئاً إِذَا أَنَا قُلْتُهُ كُنْتُ مَعَكُمْ فِي اَلدُّنْيَا وَاَلْآخِرَةِ قَالَ فَكَتَبَ بِخَطٍّ أَعْرِفُهُ أَكْثِرْ مِنْ تِلاَوَةِ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ وَرَطِّبْ شَفَتَيْكَ بِالاِسْتِغْفَارِ) (5).
________________
1) تحف العقول : 339 طبعة النجف 1380 ه.
2) تهذيب الأحكام، ج 6، ص184 .
3) الفروع من الكافي، ج 3، ص 205.
4) بحار الأنوار، ج 50، ص 55.
5) ثواب الأعمال، ص 165 باب ثواب الاستغفار.
تعليق