ورد عن مولانا وسيدنا عالم آل محمد الإمام الرضا(عليه السلام)أنه قال للسيد عبد العظيم الحسني:
*يا عَبدَ العَظيمِ ،أبلِغ عَنّي أولِيائِيَ السَّلامَ،وقُل لَهُم أن لايَجعَلوا لِلشَّيطانِ عَلى أنفُسِهِم سَبيلاً،. ومُرهُم بِالصِّدقِ فِي الحَديثِ وأداءِ الأَمانَةِ.*
"الاختصاص ص247"
شرح وتعليق:
صفتان إيجابيتان ذكرهما إمامنا الرضا عليه السلام وما بعث الله عزوجل نبيا أو رسولا إلا وكانت أبرزصفاته وهماصدق الحديث وأداء الأمانة، لأنهما أساس رسالته و دعوته إلى الله عزوجل ولذلك فإن كل من إدّعى أمرا وليس من صفاته وأخلاقه صدق الحديث وأداء الأمانة فلا إعتبار لدعوته ورسالته، وكان يُلقب نبينا الأكرم صلى الله عليه وآله في قريش بالصادق الأمين، وهاتان الصفتان أراد الله سبحانه وتعالى للإنسان المؤمن أن يلتزمهما في بناء شخصيته الإيمانية، بحيث يشعر الناس عندما يعيشون معه، بأنّهم يأمنون على أموالهم عنده، ويثقون بأحاديثه التي ينقلها إليهم، فهو يمنح الناس الإحساس بالأمان عندما يعيشون معه، بلا فرق بين أن يكون الموقع داخل العائلة، كالأب مع أولاده، أو الزوجة مع زوجها، أو الزوج مع زوجته، أو الناس مع بعضهم البعض، أو أن يكون في مواقع اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية، بل وحتى المواقع الدينية كذلك وهذا هو الأهم.
والمجتمع ينهض بالصدق والأمانة سواء أكان أفراده متدينين أو غير متدينين
وهاتان الصفتان، هما اللتان أراد الله لكل نبي عندما يرسله أن يتّصف بهما كما أسلفنا أول الحديث، لأن حركة الرسالة في حركة النبي ترتكز عليهما. وقد ورد عن الإمام جعفر الصادق(عليه السلام) قوله في تأكيد ذلك: "إن الله عز وجل لم يبعث نبياً إلا بصدق الحديث وأداء الأمانة إلى البرّ والفاجر"، فلا بدّ للنبي من أن يكون منذ بداية حياته، وقبل أن يرسله الله بالنبوّة، أن يكون صادق الحديث، وأن يكون الأمين على أموال الناس وعلى أنفسهم وعلى أعراضهم...
وهذا ما حدثتنا السيرة النبوية الشريفة عنه(صلى الله عليه وآله)، أنه كان قبل أن يُبعث بالرسالة على مدى أربعين سنة، كان يُعرف بصدق الحديث وأداء الأمانة، حتى غلب عليه هذا اللقب، بحيث إنهم استبدلوا اسمه بهاتين الصفتين، فكانوا إذا تحدثوا عنه قالوا: "قال ذهب الصادق الأمين"، و"جاء الصادق الأمين".
وكان النبي (صلى الله عليه وآله) مستودع أمانات الناس، حتى بعد أن بعثه الله تعالى بالرسالة، ، فكانوا إذا أرادوا أن يودعوا أموالهم وأماناتهم أودعوها عنده.
وينقل لنا التاريخ أنه كان سبب تأخر الإمام عليّ (عليه السلام) في مكة عدة أيام عن هجرة النبي، أن النبيّ (صلى الله عليه وآله) أبقاه في مكة من أجل أن يسلّم الناس ودائعهم التي كانت مودعةً عنده. وقد أكد الله مسألة الأمانة في قوله تعالى: {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا}(النساء: 58)، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ}(الأنفال: 27).
إذن أساس إستقرار المجتمع ،إقتصاديا أوإجتماعيا أو سياسيا أو دينيا بالصدق وأداء الأمانة وبدونهما يتحول المجتمع إلى غابة يأكل بعضه بعضا ،وبهاتين الصفتين تؤمن الأعراض وتحفظ الأموال وتضمن الحقوق.جعلنا الله تعالى وإياكم من أهل الصدق وأهل الأمانة
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
مشرف ساحة أهل البيت عليهم السلام