إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

​​​​​​​ التقصيرُ في زيارةِ الأربعين زينب العارضي

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ​​​​​​​ التقصيرُ في زيارةِ الأربعين زينب العارضي


    ماذا لو سألكَ الإمامُ المهدي المُنتظرُ (عجّل اللهُ (تعالى) فرجه الشريف) لِمَ لم تُحاوِلْ أنْ تكونَ من زوّارِ جدّي الحُسين (عليه السلام) في زيارةِ الأربعين؟
    ...................
    أرواحٌ وقلوبٌ، تجِدُّ السيرَ للقاءِ المحبوبِ، إنّه الحُسينُ (عليه السلام) سفينةُ النجاة، وقاربُ الخلاصِ من أدرانِ الحياة، بوابةُ العروجِ للعلياء، وسبيلُ التقرُّبِ من ربِّ السماء، ما قصدَه أحدٌ إلا وعادَ بغزيرِ العطاء، وما نهلَ من معينِه عطِشٌ إلا ارتوى من سلسبيلِ الصمودِ والصبرِ والإباء.
    فلا عجبَ أنْ هُجِرَتِ البيوتُ وأُغلِقَتِ الأسواق، وخلتِ الأزقةُ من الحركةِ لازدحامِ الشوارعِ المؤدّية إلى ضريحِه الأقدس بالعُشاق؛ فلا تعبَ في هذا الطريقِ ولا مشاقّ، حتى تلوحَ منائرُ النورِ للزائرِ فيضطربَ النبضُ وتغلي مراجلُ الاشتياق، فتتحول الخطواتُ إلى هرولةٍ وركضاتٍ أملًا في العناق، ودخولِ ذلك الرواق..
    حينَها تسكتُ الكلماتُ وتهدأُ النبضاتُ لتُعبِّرَ الدموعُ عن الحُزنِ العميقِ فتُبادِرُ للمُواساة، هذه هيَ زيارةُ الأربعينِ لسيّدِ شبابِ أهلِ الجنةِ أجمعين.
    فأيامُ زيارتِه ليستْ كباقي الأيام، ولحظاتُ الوقوفِ تحتَ قُبّتِه لا يُمكِنُ وصفُها بالكلام، وساعاتُ المسيرِ إليه لا تُحسَبُ من رصيدِ العمرِ، وهذه حقيقةٌ وليستْ من الخيالِ والأوهام، فقد وردَ عن صادقِ العترةِ الأطهار (عليهم السلام) أنّه قال: "إنَّ أيامَ زائري الحسين (عليه السلام) لا تُحسَبُ من أعمارِهم ولا تُعَدُّ من آجالِهم"!(1)
    إنّ رحلةَ زيارةِ الأربعين ينبغي أنْ تكونَ رحلةَ البناءِ للذاتِ وحُسنِ الفهمِ للدين، ومحطةَ التزوّدِ ونقطةَ الانطلاقِ في رسمِ حياتِنا على هدي الإسلامِ ونهجِ النبيّ الأمينِ وآله الطيبينِ (صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين)، وهذا ما ينبغي أنْ نلتفتَ إليه، ونحنُ نشدُّ الرحالَ للتشرُّفِ بزيارتِه والمثولِ بينَ يديه.
    وحتى تكونَ زيارتُنا طيبةً مباركةً مُتقبلةً، لا بُدّ أنْ نرعى بعضَ الأمور في هذهِ المسألة، من قبيل:
    1. الإخلاص في العملِ وقصد القُربةِ المُطلقةِ في الزيارة:
    وهذا ما أكّدَ عليه أئمتُنا العظامُ (عليهم السلام) مرارًا في كلماتِهم وزياراتِهم لسيّدِ الشهداء (سلام الله عليه). نقرأ في زيارته: "أتقرّبُ إلى ربّي بوفودي إليك وبُكائي عليك"، فالنيةُ الخالصةُ للهِ (تعالى) تبعثُ على المُراقبةِ الشديدةِ منذُ أولِ الانطلاقِ وحتى الرجوعِ إلى المنزل.
    وردَ عن الإمامِ الصادق (عليه السلام): "من زارَ الحُسينُ (عليه السلام) مُحتسبًا لا أشرًا ولا بطرًا ولا رياءً ولا سُمعةً، مُحِّصَتْ عنه ذنوبُه كما يُمحِّصُ الثوبُ الماءَ، فلا يبقى عليه دنسٌ ويُكتبُ له بكُلِّ خطوةٍ حُجّةٌ وكُلّما رفعَ قدمًا عمرة"(2).
    2. السعيُ للتزوّدِ من معرفةِ الإمامِ الحسينِ (عليه السلام) قبلَ زيارتِه:
    فبقدرِ معرفةِ الزائرِ بعظمةِ المزورِ يتأهّبُ لزيارتِه، ويرتقي بشخصِه للوفودِ عليه وقصدِه، فالمعرفةُ شرطٌ مهمٌ في الحصولِ على نتائجِ الزيارة، وردَ عن هارون بن خارجة قالَ: قُلتُ لأبي عبدِ الله (عليه السلام) إنّهم يروون أنّ من زارَ الحسينَ (عليه السلام) كانتْ له حُجّةٌ وعُمرة؟! قالَ: قالَ لي: "مَنْ زارَه واللهِ عارفًا بحقِّه غفرَ له ما تقدّمَ من ذنبِه وما تأخّر"(3).
    ولا ريبَ أنّ المعرفةَ الحقيقيةَ تقتضي التولّي له ولآبائه العظامِ وأبنائه الكرامِ (عليهم جميعًا أزكى الثناء والسلام)، ومُعاداة أعدائه وخطّهم المُستمر، خطّ الظلمِ والفسادِ والجور.
    3. الالتزامُ بآدابِ زيارتِه (عليه السلام):
    وهي مُقدمةٌ مهمةٌ للقبولِ والعيشِ في أجواءِ الحزنِ على ريحانةِ الرسول، وقد حفلتْ بها الرواياتُ وذكرتها كُتُبُ الأدعيةِ والزيارات، وهي كثيرةٌ، كالصيامِ، والاغتسالِ، وعدمِ اصطحابِ الأطعمةِ اللذيذةِ، ومُراعاةِ أدبِ المشي، وإبداءِ الحُزنِ والألمِ وغيرها.
    وردَ عن الإمامِ الصادق (عليه السلام): "إذا زُرتَ أبا عبدِ الله (عليه السلام) فزُرْه وأنتَ حزينٌ مكروبٌ شعثٌ مُغبرٌ جائعٌ عطشان؛ فإنّ الحُسينَ (عليه السلام) قُتِلَ حزينًا مكروبًا شعثًا مُغبرًا جائعًا عطشانًا"(4).
    4. الالتزامُ بالواجباتِ وتركُ المُحرمات:
    فلا شكّ أنّ من عرفَ مقامَ سيّدِ الشهداء (عليه السلام)، وقصدَه بإخلاصٍ واحترام، لا بُدّ أنّه يمتثلُ لكُلِّ ما أمرَ اللهُ (تعالى) به ويتجنّبُ ما نهى عنه، فيؤدّي ما عليه، ويُحاولُ استثمارَ طريقِ السيرِ بدقائقِ نهارِه ولياليه، في تربيةِ النفسِ وتهذيبِها لتكونَ لائقةً بإلقاءِ السلامِ عليه، والوصولِ إلى رحابِه القُدسيّةِ؛ لتكونَ من المواسين لقلبِ إمامِ الزمانِ (سلام الله عليه) وخُلَّصِ مُعزيه.
    5. استثمارُ طريقِ الزيارةِ في نُصرتِه ونُصرةِ حفيدِه الآخذِ بثأره:

    فحريٌ بالزائرِ المؤمنِ المُتمكّنِ أنْ يدعوَ إليهم ويدلَّ الناسَ عليهم، ويُحاوِلَ استثمارَ سويعاتِ تجمُّعِه مع إخوتِه في البيوتِ والحُسينياتِ المُنتشرةِ على طريقِ الإمامِ (عليه السلام) في الدعوةِ إلى الإسلامِ، وربطِ القلوبِ بمدرسةِ كربلاء وثقافةِ عاشوراء، فيتصدّى -إنْ كانَ أهلًا- لبيانِ حقيقةِ النهضةِ ومُعطياتِها، وغزيرِ أنوارِها لمُرتاديها، ووعيّ وبصيرةِ شخوصِها، وكيفيةِ الاقترابِ منهم ومنها للحصولِ على فيضِها، وأهميةِ التزوّدِ من عطائها بزادٍ يُنظّمُ حياةَ الزائرِ بعدَ رجوعِه إلى بيتِه، حتى يشملَ كُلّ ثنايا حياتِه ووقته، ويُعلِّمه كيفَ يوظّفُ زيارتَه للاقترابِ من إمامِ زمانِه والاستعدادِ لنُصرتِه، وتلبيةِ ندائه ودعوتِه، واللحاقِ بركبِه الميمونِ والانضواءِ تحتَ رايته، إذا حانَ ظهورُه وأذِنَ له الربُّ الكريمُ بإنشاءِ دولته.
    نعم، فزيارةُ الإمامِ الحُسين (عليه السلام)، -وبالأخصِّ زيارة الأربعين-، مدرسةٌ تربويةٌ مُتكاملةٌ، فيها خيرُ الآجلةِ والعاجلة.
    هي إحياءٌ لتلك الصرخةِ المُدويّةِ التي أطلقَها سيدُ الشهداء، واستمرّتْ ذبذباتُها تُلهِبُ القلوبَ وتشحذُ النفوسَ بعدَما حملتها من بعدِه زينبُ الحوراء.
    هي صرخةُ الرفضِ للظلمِ والظالمين، والسعي للإصلاحِ في أُمّةِ النبيّ الأمين (صلوات الله وسلامه عليه وآله الطيبين الطاهرين).
    وإحياؤنا لها يُثبِتُ تمسُكنا بحبلِ الهدايةِ الربّانية، وحُسنَ اتباعِنا لنهجِ أئمتِنا والاستعدادَ لنصرتِهم وتخليدِ عاشوراءِ وعطاءاتِها القُدسية.
    فهنيئًا لكُلِّ الوافدين على رياضِ الجنان، وهنيئًا للمُتزوّدين من هباتِ الرحمنِ تحتَ ظلالِ عِدلِ القرآن، وللمُسلّمين على إمامِ الزمان، المُستعدين لنُصرته بالسيفِ والبنان، وللمُنادين بأرواحِهم وألسنتِهم الصادقةِ:
    لبيكَ يا حفيدَ الحُسين في كُلِّ زمانٍ ومكان.
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
    (1) كامل الزيارات، ج1، ص147
    (2)مسند الإمام الصادق(عليه السلام)، ج4، ص190
    (3) ثواب الأعمال ص ٧٨.
    (4) كامل الزيارات، ج1، ص142​
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X