حين يصبح الموضع بيتا ،يجمع أهله بالألفة والمودة ، تحلو الأحاديث التي تقترب إلى الأحلام وكل حلم له أطباعه ، حتى إن بعض تلك الأحلام تصبح امتحانا يدرك قداسة المكان ، أي مكان لدى احمد ياسين كان يسمى كربلاء ، وعند كل كربلاء ينبض القلب وا حسيناه ، كل المواقع طف وكل ناصر له رؤآه وتمكنه من الالتحاق بالركب الحسيني ، مسألة تحتاج إلى وعي عالي ليستوعب الإنسان معنى أن يلتحق المقاتل الذي يعيش في القرن الواحد والعشرين بركب الحسين عام 61 هـجرية ، منطق به غرابة لاتستطيع كل العقول استيعاب مدياته ، لكن الكثير ممن استوعب هذه الانتقالة عبر الزمن الماضي بالحاضر ــ فلسفة تعد من أهم فضائل النصرة في قضيتنا ، عندنا ألطف الحسيني لا ينتمي إلى زمن مضى ، هو في كل الأزمنة ، يرى المقاتل ( احمد ياسين ) أصعب الساعات على انصار الحسين عليه السلام كانت ساعات انتظار المواجهة مر الليل بمثابة قرون من الازمنة ، القضية في انتظار المواجهة ــ الحسم ــ الصعوبة تكمن في ان نعيش في مواضعنا وكأننا ننتظر الموت ، ومثل هذا الشعور متعب ، والجلوس في الموضع دون عمل سوى الترصد أمر يحتاج الى ممارسة قادرة على تغيير منهج التفكير ،
:ـ يا احمد هل لدينا شيئا سوى ان ننتظر ــ ان نتوقع في أي وقت تنقض رصاصة تنقلنا إلى مصاف الشهداء ، أليس هذا هو الواقع ؟
:ـ لا هذا ليس الواقع ، إنما الواقع الحقيقي أنني جئت الى هنا لأقاتل العدو ، هو الذي ينتظر هجومي خائفا في موضعه ، هو من يعيش حالة الخوف حد الرعب ، ـ أنا أؤمن بان هناك في الحرب حالتي الغياب والحضور ، يوجد من هو غائب حتى لو كان حاضرا ، وهناك من هو حاضر حتى في غيابه ، ولهذا نشعر بإن روح مباركة تمدنا بالعزيمة ، ويزورنا إلى الجبهات الحسين عليه السلام ، وباقي الأئمة عليهم سلام الله ، قلت له
:ـ احمد نحن ننتظر لنذهب الى أهلنا مرفوعين الرأس ،
:ـ نكون حينها حققنا النصر وحافظنا على قيم الحضور
( كان احمد ياسين يسمي كل المناطق كربلاء ، يقول :ـ من طرائف الامور أن أمي تبحث لي في كربلائها عن زوجة ، وأنا ابحث في كربلائي عن طف ارتقي به الأزمنة ، كنا بعد تحرير كل مدينة ،من براثن داعش ان نحتفي بالناس نطمئنهم بعد مراحل الرعب التي عاشوها ، ونؤمن لهم بيوتهم من التفخيخات المدمرة ، كنت اسمع الى قصته المشوقة ،
:ـ في إحدى المعارك هرب العدو تاركا خلفه البيوت / ومن أساليب داعش تفخيخ كل شيء قبل انسحابه من المنطقة ، ولذلك نعمل باوامر مشددة نمنع بها دخول الأهالي الى تلك البيوت الا بعد تأمينها ، ويستخدم الكثير من القيود والسلاسل والأسلاك المفخخة للانتقام من الأهالي ، وإيصاد الأبواب عليهم باللحام ، في إحدى تلك البيوت وجدنا اللحام أوصد الباب ونسمع استغاثة من أهل البيت عالجنا الابواب صارت أمامنا مهمة أخرى البحث عن العائلة في بيت خربة ،بعدما حررنا العائلة من الأسلاك المفخخة ـ، أزداد بكاء العائلة لعدم وجود ابنتهم خديجة ، أشار الأب :ـ خديجة لم تبعد عن هذه البيوت والبحث عليها لابد أن يتم بأسرع وقت ،ثارت الغيرة عند أحمد ياسين ، ، أخذ يركض اتجاه البيوت يفتحها بيت بيت وينادي خديجة ، طال الأمر وأحمد الذي لا ينتظر الموت صار يبحث عنه ، بين تلك البيوت المفخخة وبعد التعب الشديد ومساعدة رجال الفوج عثروا على خديجة مفخخة ، لاحظ احمد حينها ان التفخيخ يختلف عن التفخيخات العادية ، كان محكما وبعناية عالية ، يبدو ان جمال خديجة أذهل الدواعش فشاءوا ان يهدوها لخليفتهم ،أو يبيعوها في سوق النخاسة بثمن يعادل جمال خديجة ، أمر أحمد بان يبتعد الجميع عن خديجة وصرخ احمد بغضب بوجه جميع من كان في البيت أن يخرجوا وان لا يتقرب احد إليهما ، وهو سيزيل التفخيخ كان إثناء عملية إبطال التفخيخ ينادي يا علي فترد خلفه خديجة يا علي ــ يا علي كانت خديجة تشعر بالأمان لوجود احمد ونداء يا علي التي كانت تردده خلف أحمد ، وأخيرا أنقذها بعد جهد و مخاطرة بحياته عادت خديجة إلى أهلها بخير ، شعور أهل خديجة وأقاربها بالكثير من الامتنان لأحمد ياسين وصارت العوائل تفتخر بهذا الكر بلائي الذي عودهم ان ينادوا عند كل ملمة يا الله يامحمد يا علي ــ يا ابو الحسن ، صارت امنية العائلة تكريم احمد تكريما يعادل هذه التضحية ، انتهت الحرب لكان حكاية خديجة لم تنته ، اتصل بي قبل أيام يبشرني صرت أب وقررت خديجة ان تسمي ابنها ابو الحسن