لم يثبت ابدا ان امير المؤمنين بايع ابا بكر ولا عمر ولا عثمان بل الروايات ومن كلا الجانبين توافرت وتضافرت على عدم مبايعة علي عليه السلام لابي بكر واحتشد معه جمع من الصحابة في داره حينما تولى ابو بكر الخلافة وهذا الذي دفع خالد وعمر وقنفذ وغيرهم الى الهجوم على بيت الزهراء وعلي عليهما السلام بل وحدث تقاتل بينهم بحسب كتب العامة وكما ذكرنا في مظلومية الزهراء في موضوع اخر وقلنا انه في تاريخ الطبري ج 2 ص 443 حيث يذكر اجتماع طلحة والزبير وغيرهم من المهاجرين والانصاار وخروج احدهم مصلتا سيفه فسقط منه …. الخ . وذكر البلاذري : إنّ أحمد بن يحيى بن جابر البغدادي ، الكاتب الكبير، صاحب التاريخ المعروف ، نقل الحادثة المريرة في كتابه وقال: في ضمن بحث مفصل عن أمر السقيفة: لما بايع الناس ابا بكر اعتذر علي والزبير، إلى أن قال: إنّ أبا بكر أرسل إلى علي يريد البيعة، فلم يبايع ، فجاء عمر ومعه فتيلة، فتلقته فاطمة على الباب ، فقالت فاطمة: يا ابن الخطّاب ، أتراك محرقاً عليّ بابي؟ قال : نعم ، وذلك أقوى فيما جاء به أبوك. (أنساب الاشراف 1: 586، طبع دار المعارف بالقاهرة). بقي أتباع الخليفة يصرون على أن يبايع الإمام (عليه السلام) فاضطر أخيراً لان يضع يده في يد أبي بكر لكنه وضعها مضمومة لكن القوم رضوا منه بتلك البيعة وأعلنوا في المسجد ان الإمام قد بايع، ولقد كانت تلك البيعة بعد تهديد للإمام (عليه السلام) بالقتل وتهديد مسبق بحرق داره، قال الإمام الصادق (عليه السلام): (والله ما بايع علي (عليه السلام) حتى رأى الدخان قد دخل عليه بيته) (الشافي في الإمامة ج2 ص241)، وانه (عليه السلام) كان يقول في ذلك اليوم لما أكره على البيعة: (يا بن أم ان القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني فلا تشمت بي الاعداء ولا تجعلني مع القوم الظالمين) ويردد ذلك ويكرره. من كل هذا نفهم ان الإمام (عليه السلام) لم يبايع عن رضا واختيار وانه كان مكرهاً على ذلك والبيعة بالإكراه لا تعطي أية شرعية لخلافة أبي بكر. وقال بعض علمائنا في دراسة عقلية ونقلية لموضوع المبايعة انه (عليه السلام ) لم يبايع ساعة قط ، مما يدل على انه لم يبايع البتة أنّه ليس يخلو تأخره من أن يكون هدى وتركه ضلالاً ، أو يكون ضلالاً وتركه هدى وصواباً ، أو يكون صواباً وتركه صواباً ، أو يكون خطأً وتركه خطأً ، فلو كان التأخر ضلالاً وباطلاً ، لكان أمير المؤمنين (عليه السلام) قد ضل بعد النبي (صلى الله عليه وآله) بترك الهدى الذي كان يجب المصير إليه ، وقد أجمعت الأمة على أن أمير المؤمنين (عليه السلام) لم يقع منه ضلال بعد النبي (صلى الله عليه وآله) ولا في طول زمان أبي بكر وأيام عمر وعثمان وصدراً من أيامه حتى خالفت الخوارج عند التحكيم وفارقت الامة ، وبطل أن يكون تأخره عن بيعة أبي بكر ضلالا . وإن كان تأخره هدى وصواباً وتركه خطأً وضلالاً، فليس يجوز أن يعدل عن الصواب إلى الخطأ ولا عن الهدى إلى الضلال لا سيما والإجماع واقع على أنّه لم يظهر منه ضلال في أيام الثلاثة الذين تقدموا عليه، ومحال أن يكون التأخر خطأً وتركه خطأً للإجماع على بطلان ذلك أيضاً ولما يوجبه القياس من فساد هذا المقال . وليس يصح أن يكون صواباً وتركه صواباً لأنّ الحق لا يكون في جهتين مختلفتين ولا على وصفين متضادين . فثبت بما بيناه أنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) لم يبايع أبا بكر على شيء من الوجوه كما ذكرناه .
المصدر
موقع لا فتى الا علي ولا سيف الا ذو الفقار
المصدر
موقع لا فتى الا علي ولا سيف الا ذو الفقار