يا لها من مصيبة عظيمة وفادحة جسيمة حدثت يوم عاشوراء، قُتل الحسين .
تداعوا شذاذ الأحزاب، ونبذة الكتاب، وعصبة الآثام وقتلة أولاد الأنبياء واستولت على ضمائرهم سحب قاتمة لا بصيص فيها من نور الكرامة والشرف، ٠اسرعوا کأسراب من الذئاب تتراكض نحو بيوت الرسالة والإمامة.
احرقوها بالنار ، وسلبوا ما فيها من متاع ؛ دموع الأطفال متواصلة تتهاطل كالمطر ، وأصوات البكاء لا تنقطع ، والقلوب ملتهبة ، تأملت العقيلة زينب ذلك الموقف الرهيب وهي ترى أرض الشهادة ترتسم على ربوعها أفظع مأساة ؛ الاهل والاصحاب مجزوري كالاضاحي على الرمال، والخيول على أجسادهم تجول ، وتنظر الى النساء والأطفال وقد علتهن الكآبة والذهول . .
ومن جانب آخر ترى الجيش الأموي يبالغ في اظهار نشوة انتصاره الزائف ، ويستعرض قوته وقدرته الغاشمة . .
اتجهت الحوراء كالجبل لا تحركها العواصف الى ساحة المعركة وهي تشق صفوف الجيش ،تفتش عن جثمان اخيها الإمام العظيم ؛ وقفت عليه .
ماذا تقول أمام هذه الخطوب المذهلة التي تواكبت عليها؟ ... وقفت على جسده المرمل غير مدهوشة، لم تذهلها الرزايا التي تميد منها الجبال، رمت ببصرها الى السماء وهي تقول بحماسة الإيمان وحرارة العقيدة قائلة« اللهم تقبل منا هذا القربان» وأطلقت بذلك أول شرارة للثورة على الحكم الأموي، بعد اخيها، وود الجيش ان تسيخ به الأرض، فقد استبان له عظيم ما اقترفه من الاثم، وانه قد اباد عناصر الإسلام، ومراكز الوعي والإيمان...
سجلت بذلك موقفاً عظيما ينم عن عظم شخصها العظيم لتكون بعدها صاحبة الأدوار والمواقف العظيمة؛ لم تترك عقيلة الهاشميين فرصة لفضح يزيد الا استغلتها ؛ أسكتت أهل الكوفة ووبختهم. حاولت زرع روح اللوعة والندم على ما جرى، حينما القت بالملامة عليهم وحملتهم تبعات ما حصل ، وكان هذا وحده كفيلاً بتأجيج النفوس ولهب الأرواح ..
وقوفها بوجه ابن زياد وقولها له :«ثكلتك امك يبن مرجانه » كلمتها هذه ثوره
اما موقفها في مجلس يزيد وقولها له « فمهلاً مهلاً لا تطش جهلاً، أنسيت قول الله تعالى
