حين طافت بها الرؤيا وهي تطل على مشهد قمر منير ينـــّور حجرها انتبهت على بشارة خير ....
وحين كرّ امير المؤمنين عليه السلام بالسؤال الى اخيه عقيل وجدان نبؤة يطلب القرب من رؤيا تطل على ولادة ابن يمتلك مواصفات خاصة ويعد لظرف خاص. راحت القبائل تتعرى في قوائم عقيل صاحب الرؤيا الثاقبة في علم الانساب.. والتحمت الرؤيا بالنبؤة لولادة شجاع يؤازر اخاه الحسين يوم الطف العظيم في كربلاء ..
وهي نبؤة تستيقظ لتبكي ذراعي طفل صغير !!!
فتسأل الام :ـ ما الذي يبكيك يا امير المؤمنين ؟ فتروي النبؤة حين ذاك مدامعها:ـ انها ستقطعان في يوم الطف يا ام البنين !!!!
ورمز مثل هذا المعين الذي تمخض عبر نبؤة امير المؤمنين عليه السلام لايمكن ان يقيد باتجاه معنى واحد رغم عظمة هذا المعنى الذي يحمل معنى الوفاء لاخيه الحسين عليه السلام ومعنى الوفاء لوعد اخته العقيلة زينب عقيلة الهاشميين وام الصبر عليها السلام لكن علينا فقط ان نحمل المعنى الاوسع لمن تربى في حجر الايمان ومراكز التقوي وهو الذي نهل من الاباء وعزة النفس ..
فان نصرة العباس يوم الطف لاتنحصر في المعنى الضيق الذي راح النواصب ينشروه لغايات مرسومة هي نصرة طبيعية من اخ لاخيه .. فالنبؤة كانت تشير الى نصرة اخيه في حمل اعباء الرسالة الجهادية ..
دعني احمل تقواي بيانا فاقول كانت نصرة الواهب ابي الفضل عليه السلام نصرة حق لدين الله ونصرة حق لنبي الرسالة محمد (ص) وكانت نصرة حق لامير المؤمنين عليه السلام ونصرة حق لثورة عظيمة رفضت الذل والخنوع .. فهذه المرؤة التي اوغلت فيه الصبر والتسامي وروح التضحية.... وهذا التاريخ يفتح ذراعية بين ايديكم واتحدى كبيرهم على صغيرهم ان وجد كلمة واحدة للعباس دونتها الاشهاد تدل على السخط او الملل وعدم الرضا .. انما كان ايمانا سلم امره الى الله تعالى ..ولنتحدث بعد ذلك عن خصيصة الوفاء تحت أي تفسير يريدون لان الوفاء خصيصة مؤمنة وهو العباس اوفى الناس لدينه ومعناه ومن اشدهم دفاعا عنه فعندما تعرض الاسلام للخطر الماحق من قبل طغمة اموية منحرفة ممن تنكروا للاسلام لم ير الناس على امتداد الرؤى وفاءا مثل وفاءه لامامه وقائده وسيده واخيه الحسين عليه السلام .. كانت ارادته قيادة لوحدها ... ومنها لندخل الى التفاصيل الدقيقة التي اسبغها المؤرخون على شخصيته الفذة دون ان يقدروا ان يصلوا ولن يصلوا الى العمق الحقيقي لها ..
ونفرش سؤالنا امام حكمة التواريخ يقظة .. هل يقدر انسان بهذه الصفات وبهذه الجذور الانسانية المتينة في عمق الوجدان ان يقف ساكتا امام انين اطفال مرد قلبوهم العطش ؟.... الاتروون ملايين العطاشا ومن مختلف العالم الاسلامي يقفون اليوم حاملين انينهم وعطشهم ولوعتهم الى ضريحه المبارك؟ فاي فضيلة نذكرها لهذا الواهب وهو بحد ذاته من اعظم الفضائل التي منّ الله بها وأي كرامة تعدونها وهو رايه الكرامة وحامل لواءها ..
هي النبؤءة كما يروي التاريخ انه حين اشتدالوطيس في الواقعة استدرج الاعداء بعض شجعان الطف الى عزلة واحاطوهم بالسيوف الغادرة وما ان نظر الحسين (ع) الى عمرو بن خالد الصيداوي وسعد مولاه وجابر بن الحارث ومجمع بن عبد الله العائذي وقد عطف عليهم القوم واصبحوا في عداد المقتولين ضمن خطة مكشوفة لحصارهم .. دمعت عين الحسين (ع) وأستنهضت في داخله نبؤة الامام علي فانتد ب لها العباس ابو الغيرة وباب الحوائج يا ابا الفضل اليهم .. اليهم يا ابا الفضل .. فهب حيدرة فيه لهذه الندبة وكر اسدا هصورا واذا بهم يفرون امامه واستنقذ القوم منهم ....
ونحن اليوم نندبك يا ابا الفضل في بلد الجراح لتنقذ شيعة أهل البيت عليهم السلام فهم ما بين مهجر قسرا وما بين لائذ وعائذ بكم وسيوف النواصب تحز رقابهم باسم الدين ..
رغم نجيع الحرب الا ان كل شيء ما زال مطمئنا في معسكر الحسين عليه السلام الحرم مطمئن واللواء مطمئن ما دام هو في يد ابي الفضل العباس .. واذا بالعباس يتقدم لاخيه :ـ سيدي امهلني كي ادرك الثأر منهم ... والثأر هنا يعني تجاوزهم على الدين والنبوة والامامة وتجاوزهم على قدر ابن بنت رسول الله ودماء اخوته ... فتنتخي الغيرة فيه .
ليصيح بعمر بن سعد يعلمه اصول القتال حسب نهج اورثته الفضيلة فالعيال والاطفال لاذنب لهم كي يعاملوا معاملة العسكر ولكنه حين سمع الرد الغير منطقي والغير انساني انتفض لانين الاطفال واصبحت مهمته الاولى هو رواء الورد الهاشمي الذي كاد يذبل من حر العطش وجمر الواقعة.. وهناك تقول الرواة كانت واقعة الطف ترفع هامتها شامخة حيث ارغم جيشا بمفرده ليتنازل عن ثغر الفرات .. وكأن كل قطرة ماء في هذا الفرات تستغيث به وتريد ان تبارك شفتيه لكن كيف يشرب والظمأ يزحف هناك في معسكر اليقين حيث الحرم والاطفال والحسين بعظمته لا..
اليست هذه ابعاد النبؤة بكل يقينها المتجذر في الوفاء ..
لكن غفاة التواريخ كمنوا خلف سواد النخيل وامطروه بوابل من سهام سقائفهم المقيتة وتكاثروا عليه وكأنهم وربي ما زالوا يتكاثرون عليه الى اليوم .. وسقطت الارض خجلى لتحضنه ..
النبؤءة تنزف جراح الاسى وهوينادي سيدي واخي حسين عليك مني السلام يا ابا عبد الله..
وكانه يريد ان يخاطب تلك النبؤة الاولى نبؤءة ابيه علي (ع) يسألها .. هل كفيت .؟