حَراكُ الإمامِ الحُسَينِ – عليه السلام – في الخروجِ إلى الشهادةِ
– القسمُ الرابعُ -
______________________________________
– القسمُ الرابعُ -
______________________________________
لقد كانَ الإمامُ الحُسَينُ – عليه السلام – يدرِكُ واقعاً ويَقيناً
كَذِبَ مُكاتباتِ الطاغيةِ يزيدَ اللعينَ التي خاطبَ بها بعضَ الصحابةِ آنذاكَ ومنهم , عبد الله بن عبّاس
بمحاولةِ إقناعهِ – عليه السلام- بتركِ المَسيرِ إلى العراقِ .
ويعرفُ صِدقاً أنّه مقتولٌ لا مَحالةَ ,أينما حَلَّ , وقد بيّنَ – عليه السلام-
ذلك , صراحةً عندما طلبَ منه عبدُ اللهِ بن الزبير بأنْ يعلنَ القيامَ ضد يزيدَ في الحجازِ .
( فقالَ له ابن الزبير , أما أنّكَ لو أقمتَ بالحجازِ
ثم أردتَ هذا الأمرَ ها هنا لما خالفنا عليكَ وساعدناكَ وبايعناكَ ونصحنا لكَ .
فقال له الحُسَين – عليه السلام - إنَّ أبي حدثني أنَّ لها كبشاً به تُستَحلُ حرمتها , فما أحبُّ أنْ أكونَ أنا ذلك الكبشَ ,
قال – ابن الزبير - فأقمْ إنْ شئتَ وتوليني أنا الأمرَ فتُطاعُ و لا تعصى
قال – الحُسين – عليه السلام - ولا أريدُ هذا أيضاً .........
ثم قال له الحُسَينُ :
وأيمُ اللهِ لو كُنتُ في حِجرِ هامّة من هذه الهوام لاستخرجوني حتى يقضوا بي حاجتهم
واللهِ ليعتدنَ عليَّ كما اعتدتْ اليهودُ في السبتِ فقام ابن الزبير فخرجَ من عنده )
: الكاملُ في التاريخ , ابن الأثير ,ج4 ,ص38.
إنَّ طلبَ يزيدَ اللعينَ بقتله – عليه السلام – هو أمرٌ محتومٌ حتى و لو تركَ المَسيرَ والخروجَ ,
لطالما كان طلبه حاجةً يرومُ يزيدُ الفاسقُ قضائها بإراقةِ دمهِ وهتكِ حُرمته يقيناً .
( والله لا يدعونني حتى يستخرجوا هذه العلقةَ مِن جوفي ،
فإذا فعلوا ذلك سَلطَ اللهُ عليهم مَنْ يَذلهم حتى يكونوا أذلَ من فرامِ المرأةِ
( يعني من خِرقة الحَيض ) , وأيم اللهِ لتقتلني الفئةُ الباغيةُ )
: تاريخ الطبري , ج5 , ص231 .
إنّ هذه النصوصَ وغيرها تُثبِتُ حتميّة القتلِ الموعود به والذي سيُلاقيه الإمامُ الحُسَينُ – عليه السلام –
من أعداءِ اللهِ تعالى ورسولهِ وأعدائه .
ولكن هذه الحتميّةَ لا تنافي إرادة الإمام الحُسَين في اختياره السديد
في الخروج من مكةَ إلى العراقِ خاصةً , تدبيراً لأمرِ قد استشرفهُ
– روحي فداه – في قابلِ الوقتِ ولو مِن بعيدٍ كما ذكرنا فيما تقدّمَ من البحثِ السابقِ .
وهو – عليه السلام – كان على يقينٍ مَكينٍ مِن أنّ لكلِّ رسالةٍ نهضويةٍ وإصلاحيةٍ أساليبَ في أدائها .
فقد تُؤدّى بالخطابِ تارةً وقد تُؤدّى بالدمِ أُخرى .
وخيارُ الخروجِ الذي كانَ قد أصرَّ عليه هو خيارٌ بصيرٌ .
جاءَ ليُحرِّكَ الساكِنَ من القيّم الخامدةِ في وقتها والتي قد عَرضَ عليها الفتورُ و النكوصُ بفعلِ التثبطِ , و الهزيمةِ و الإغراءِ و الوعيدِ الأموي .
وقد بيّنَ ذلك بقوله – عليه السلام -
( إنه قد نَزلَ بنا مِن الأمرِ ما ترونَ و أنّ الدنيا قد تحيَّزتْ وتنكرتْ وأدبرَ معروفها
و استمرتْ حذاءَ ولم يبق منها إلاّ صبابةُ كصبابةِ الإناءِ وخسيسِ عيشٍ كالمرعى الوبيل , ألا ترونَ إلى الحقِ لا يُعملُ به , والى الباطلِ لا يُتناهى عنه .
ليرغبَ المؤمنُ في لقاءِ اللهِ مُحقا , فإنِّي لا أرى الموتَ إلاّ سعادةُ
والحياةَ مع الظالمين إلاّ بَرما ثم سارَ – عليه السلام - )
: مُثيِرُ الأحزانِ , ابن نما الحلّي , ص32.
فما كانَ – عليه السلام – ليرى الموتَ بخروجهِ ومَسيرهِ
إلاَّ سعادةٌ والحياةَ مع الظالمين إلاّ برما .
وبالفعلِ لقد دمّرَ الإمامُ الحُسَينُ حصنَ الخوفِ والطغيانِ الذي حُوصِرَ به المُسلمون آنذاك .
وتحرّكَ بقوةٍ وعلانيةٍ للخروجِ ناقماً على المُتقاعسين وناصراً للمُستضعفين
وإنْ كلّفه الأمرُ الشهادةَ وهو يتوقُ إليها طاعةً لربه و حُجةً على خَلقه .
- للبحثِ تكملةٌ ستتبعُ بتوفيق اللهِ تعالى وعنايته –
في القسمِ الخامِسِ
________________________________________________
مُرتضى علي الحلِّي - النجفُ الأشرفُ
____________________________________________
اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا اَبا عَبْدِاللهِ وَعَلَى الاَْرْواحِ الَّتي حَلَّتْ بِفِنائِكَ
عَلَيْكَ مِنّي سَلامُ اللهِ اَبَداً ما بَقيتُ وَبَقِيَ اللَّيْلُ وَالنَّهارُ
وَلا جَعَلَهُ اللهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنّي لِزِيارَتِكُمْ ،
اَلسَّلامُ عَلَى الْحُسَيْنِ وَعَلى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَعَلى اَوْلادِ الْحُسَيْنِ
وَعَلى اَصْحابِ الْحُسَيْنِ.
________________________________________________
ربيِّ عجّل لوليكَ الإمام المَهدي الفرجَ في العالمين من قريب
وانصر واحفظ جُندكَ وحشدكَ المُقاوم في الميدان يا اللهُ
________________________________________________
الرابعُ من مُحرّمٍ الحَرامِ – 1437 هجري .
الأحد - 18 – 10 -2015 م .
________________________________________________
كَذِبَ مُكاتباتِ الطاغيةِ يزيدَ اللعينَ التي خاطبَ بها بعضَ الصحابةِ آنذاكَ ومنهم , عبد الله بن عبّاس
بمحاولةِ إقناعهِ – عليه السلام- بتركِ المَسيرِ إلى العراقِ .
ويعرفُ صِدقاً أنّه مقتولٌ لا مَحالةَ ,أينما حَلَّ , وقد بيّنَ – عليه السلام-
ذلك , صراحةً عندما طلبَ منه عبدُ اللهِ بن الزبير بأنْ يعلنَ القيامَ ضد يزيدَ في الحجازِ .
( فقالَ له ابن الزبير , أما أنّكَ لو أقمتَ بالحجازِ
ثم أردتَ هذا الأمرَ ها هنا لما خالفنا عليكَ وساعدناكَ وبايعناكَ ونصحنا لكَ .
فقال له الحُسَين – عليه السلام - إنَّ أبي حدثني أنَّ لها كبشاً به تُستَحلُ حرمتها , فما أحبُّ أنْ أكونَ أنا ذلك الكبشَ ,
قال – ابن الزبير - فأقمْ إنْ شئتَ وتوليني أنا الأمرَ فتُطاعُ و لا تعصى
قال – الحُسين – عليه السلام - ولا أريدُ هذا أيضاً .........
ثم قال له الحُسَينُ :
وأيمُ اللهِ لو كُنتُ في حِجرِ هامّة من هذه الهوام لاستخرجوني حتى يقضوا بي حاجتهم
واللهِ ليعتدنَ عليَّ كما اعتدتْ اليهودُ في السبتِ فقام ابن الزبير فخرجَ من عنده )
: الكاملُ في التاريخ , ابن الأثير ,ج4 ,ص38.
إنَّ طلبَ يزيدَ اللعينَ بقتله – عليه السلام – هو أمرٌ محتومٌ حتى و لو تركَ المَسيرَ والخروجَ ,
لطالما كان طلبه حاجةً يرومُ يزيدُ الفاسقُ قضائها بإراقةِ دمهِ وهتكِ حُرمته يقيناً .
( والله لا يدعونني حتى يستخرجوا هذه العلقةَ مِن جوفي ،
فإذا فعلوا ذلك سَلطَ اللهُ عليهم مَنْ يَذلهم حتى يكونوا أذلَ من فرامِ المرأةِ
( يعني من خِرقة الحَيض ) , وأيم اللهِ لتقتلني الفئةُ الباغيةُ )
: تاريخ الطبري , ج5 , ص231 .
إنّ هذه النصوصَ وغيرها تُثبِتُ حتميّة القتلِ الموعود به والذي سيُلاقيه الإمامُ الحُسَينُ – عليه السلام –
من أعداءِ اللهِ تعالى ورسولهِ وأعدائه .
ولكن هذه الحتميّةَ لا تنافي إرادة الإمام الحُسَين في اختياره السديد
في الخروج من مكةَ إلى العراقِ خاصةً , تدبيراً لأمرِ قد استشرفهُ
– روحي فداه – في قابلِ الوقتِ ولو مِن بعيدٍ كما ذكرنا فيما تقدّمَ من البحثِ السابقِ .
وهو – عليه السلام – كان على يقينٍ مَكينٍ مِن أنّ لكلِّ رسالةٍ نهضويةٍ وإصلاحيةٍ أساليبَ في أدائها .
فقد تُؤدّى بالخطابِ تارةً وقد تُؤدّى بالدمِ أُخرى .
وخيارُ الخروجِ الذي كانَ قد أصرَّ عليه هو خيارٌ بصيرٌ .
جاءَ ليُحرِّكَ الساكِنَ من القيّم الخامدةِ في وقتها والتي قد عَرضَ عليها الفتورُ و النكوصُ بفعلِ التثبطِ , و الهزيمةِ و الإغراءِ و الوعيدِ الأموي .
وقد بيّنَ ذلك بقوله – عليه السلام -
( إنه قد نَزلَ بنا مِن الأمرِ ما ترونَ و أنّ الدنيا قد تحيَّزتْ وتنكرتْ وأدبرَ معروفها
و استمرتْ حذاءَ ولم يبق منها إلاّ صبابةُ كصبابةِ الإناءِ وخسيسِ عيشٍ كالمرعى الوبيل , ألا ترونَ إلى الحقِ لا يُعملُ به , والى الباطلِ لا يُتناهى عنه .
ليرغبَ المؤمنُ في لقاءِ اللهِ مُحقا , فإنِّي لا أرى الموتَ إلاّ سعادةُ
والحياةَ مع الظالمين إلاّ بَرما ثم سارَ – عليه السلام - )
: مُثيِرُ الأحزانِ , ابن نما الحلّي , ص32.
فما كانَ – عليه السلام – ليرى الموتَ بخروجهِ ومَسيرهِ
إلاَّ سعادةٌ والحياةَ مع الظالمين إلاّ برما .
وبالفعلِ لقد دمّرَ الإمامُ الحُسَينُ حصنَ الخوفِ والطغيانِ الذي حُوصِرَ به المُسلمون آنذاك .
وتحرّكَ بقوةٍ وعلانيةٍ للخروجِ ناقماً على المُتقاعسين وناصراً للمُستضعفين
وإنْ كلّفه الأمرُ الشهادةَ وهو يتوقُ إليها طاعةً لربه و حُجةً على خَلقه .
- للبحثِ تكملةٌ ستتبعُ بتوفيق اللهِ تعالى وعنايته –
في القسمِ الخامِسِ
________________________________________________
مُرتضى علي الحلِّي - النجفُ الأشرفُ
____________________________________________
اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا اَبا عَبْدِاللهِ وَعَلَى الاَْرْواحِ الَّتي حَلَّتْ بِفِنائِكَ
عَلَيْكَ مِنّي سَلامُ اللهِ اَبَداً ما بَقيتُ وَبَقِيَ اللَّيْلُ وَالنَّهارُ
وَلا جَعَلَهُ اللهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنّي لِزِيارَتِكُمْ ،
اَلسَّلامُ عَلَى الْحُسَيْنِ وَعَلى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَعَلى اَوْلادِ الْحُسَيْنِ
وَعَلى اَصْحابِ الْحُسَيْنِ.
________________________________________________
ربيِّ عجّل لوليكَ الإمام المَهدي الفرجَ في العالمين من قريب
وانصر واحفظ جُندكَ وحشدكَ المُقاوم في الميدان يا اللهُ
________________________________________________
الرابعُ من مُحرّمٍ الحَرامِ – 1437 هجري .
الأحد - 18 – 10 -2015 م .
________________________________________________
تعليق