يسعى الشاعر الحسيني الى إمتلاك الذاكرة التاريخية والاحاطة الشمولية بتأريخ الطف ،واستعراض تلك الاحداث باستحضار الرمز الحسيني لتعظيم مصائبية الحدث التاريخي ، تلك هي مهام الكتابة، وسمات تجربة الشاعر عودة ضاحي التميمي تمتلك حيوية غير طبيعية ، استحضار الرمز الحسيني عنده بمثابة لم الشمل ، التأريخ مع الحاضر، أي ان عملية استحضار الرموز هي عملية سحب التأريخ الى الحاضر ... الى مناطق سياسية واجتماعية وإنسانية ، هناك من الشعراء من يحافظ على زمانية الرموز وتأريخ الاحداث وهذا تحديد يجعل التأريخ متحفا ويجعل من الشعور استجداء مشاعر ، الشاعر عودة ضاحي التميمي يعمل للمحافظة على الذات الحاضرة من خلال حيوية الرموز التاريخية
( وصوت أبو ذر يحدي بينه )
الشاعر التميمي انتبه الى مسألتين مهمتين في عالم الكتابة .. الاولى ... لكل رمز تأريخي سمات لها فعلها الخاص الذي عرفت به
( وتظل صرخات زينب علرمال أدموع
وتظل اجفوف أبو فاضل عله مجرى الفرات شموع )
التأمل في مفرد ( اتظل ) هذه التظل كسرت أي تحديد زمني
( لجن مسلم يظل مسلم وألف هاني اليطش عمره ويزرع اسنينه كناطر )
سمات الرمز التاريخي لها مواقف داخل روح الشاعر ، تمكنه الاشتغال على مرونة الجملة وقابليتها على الاحتواء المنطقي والتأويلي ، أقصد خلق محفزات شعورية تدفع المتلقي الى المشاركة الوجدانية / الأغراء الشعوري والذي يعتمد الغواية
( يا حسافة أيخيم أبحينه يزيد
وبينه كل حبة رمل تصبح يزيد
وبينه كل غفوة جرح يولد يزيد
يا يزيد / يا يزيد/ يا يزيد
أشجم يزيد
ولو يزيد بوكته واحد أحنه يومية يعت بينه يزيد )
نلاحظ وجود ترابط وتآلف جملي بحيث لا نستطيع ان نحذف كلمة من الجمل الشعرية لقوة هذا الترابط ونلاحظ وجود المتعلقات الرمزية ،
تل .....دلالة من دلالات زينب عليها السلام
الكف.... دلالة من دلالات العباس عليه السلام
الرمح يماثل قضية الرأس ، مداليل هذه المتعلقات تملأ أجواء القصيدة ، هذه المتعلقات هي مساحة اشتغال شعرية الشاعر عودة ضاحي التميمي ، لا يريد أن يرسخ في ذهنية المتلقي أن القبر متعلق من متعلقات الحسين عليه السلام ، فيرسم متعلقات جديدة كوكب ... سماء ... القبة الشماء ... الشمس .... الروح .... الروابي الخضر ... الالقاب ... الاسماء ... الحرية ، ويصبح الرمز الحسيني حيدرة ... الزهراء ... النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، واوداج الحسين نور الله ، هذا الاستنتاج يدلنا على ان الشاعر ليس مؤرخا ، لهذا نجد قوة الأنا الشعرية داخل السرد التاريخي
( أوكتلك عرس / وخلي أنزيح الهم بعرسك يا وطني / ومن ردت اتعرس ما أدري شردني العاشور / وعرسك شفته عرس القاسم ويزفك شعر المنظور )
&&&
المحور الثاني
كيف يحافظ الشاعر الحسيني على فرادته ؟ هذا السؤال مهم في تجربة الشاعرعودة ضاحي التميمي ، شاعر له اطلاع واسع على النشاطات والابداعات الفكرية من معينها الصافي حلال معايشته لرموزالابداع الحسيني ، فاغلب الذين عايشوا الحاج كاظم المنظور وتأثروا به حتى وصلت تلك التأثيرات لدرجة استعارة الصوت / الهوية الشعرية أي التناصات الشكلية والمضمونية لدرجة الاستنساخ الا الشاعر عودة ضاحي وبعض التجارب المبدعة انقذهم الوعي فابتعدوا عن أي تماس شعري مع اي تجربة
&&&
المحور الثالث .. الوعي الجمالي
يتميز الشاعر التميمي بحراك اسلوبي في كل قصيدة له اشياء جديدة ، لكل قصيدة اسلوبها ، الكثير من الشعراء يعتمد على بناء هندسي موحد لجميع القصائد وهذا يسبب الجمود ، وينظر اغلب الشعراء الى خصوبة التاريخ والشاعر التميمي ينظر الى خصوبة الواقع المعاصر فيتحرك فيه ، بين الشعر والرسم صلة قربى ، الشاعر يرسم صوره بالكلمات والرسام يجسدها بالخطوط وعندما يكون الشاعر رساما نقرأ له لوحات مكتوبة ،
الشاعر الرسام عودة ضاحي التميمي
( رسم وردة بيضاء / وعاد شارد الذهن تثقل حقيبته الهموم/ وحين فتح عينه / وجد فوق دفتره فراشة تحوم )
ولو تأملنا في قصيدة أبن زبيبة
( يذكرونك .. بالوطن بعد ان زرعوا نسيانه فيك وتركوك منسيا فيه / وما عليك الا أن تموت من أجلهم )
للشاعر ضاحي حضور وله صرخة مدوية في العالمين / الداخل النصي ـــ الواقع الخارجي ، لما يمتلك من وعي درامي ليصف أبن زبيبة معادلا موضوعيا لأبن الواقع المعاش / قدرة استيعاب موقف الشعر وسماته وقيمه ، أبن زبيبة ليس فردا بل هو ظاهرة اجاد الشاعر استخدامها ليصهر بها تجربته الدرامية لتعبر عن جوهر الظاهر وتنامي الانفعال عبر لازمة الحب
( وحين تغرق في دمك / يتفضلون عليك بمقبرة تتوارى فيها / اذا لم يتركوا جسدك وليمة للذئاب )تجربة كبيرة لا يمكن استيعابها والذي نقدر عليه هو التعبير عنه بهذا الممكن