(تُفتحُ السّتارة على شاشة كبيرة ، على جانب المسرح وكر على شكل معبد متروك، يُمثّل بيتَ الشّيطانِ الذي يظهرُ على شكلِ تِمثال ، سلوان يلعب بالموبايل في جهة وفي الجهة المقابلة كاتب منشغل بأوراقه)
(عرض مشاهد من الحجاج في بيت الله الحرا م / صوت قوي يردده الحجاج
:ـ لبيك اللهم لبيك / لبيك لا شريك لك لبيك / إنّ الحمد والنّعمة لك والملك لا شريك لك لبيك / لبيك اللهم لبيك)
(تعرضُ الشّاشة مشهد رمي الحجرات)
التّمثال :ـ (يصرخُ بوجعٍ) آخ ..آخ .آخ
سلوان :ـ(بحيرة/ يكلم نفسه) تمثال حجري من جماد يتكلّم ــ يصرخ ، يتألم، حتّى الحجر لم يخلص من شرور الإنسان.
التّمثال :ـ (يستغيث) سلوان
سلوان :ـ (باستغراب) إنّه ينادي (برهة صمت / مع نفسه ) أنا متأكد أني سمعته يناديني / لأمنح نفسي فرصة علّه يعيدُ النّداء فأكون على يقين .
التّمثال :ـ سلوان ( بصوت أعلى ) سلوان
سلوان :ـ ( تيقن أن التمثال يناديه ) من ؟
التّمثال :ـ ( بوجعٍ) أنا
سلوان :ـ( يتحقق بنفسه) من أنت ؟
التّمثال :ـ ( بتذلل) انا أنت يا سلوان أنا أنت .
سلوان :ـ(لم يفهم من الأمر شيء) من أنا ؟ ومن أنت ؟(برهة) وكيف أكون أنا أنت ؟ أو تكون أنت أنا ؟
التّمثال :ـ ( يتشجّعُ قليلاً ) أنا أعيش فيك ـــ في داخلك ، أكبر معك ، أتنفس فيك .
سلوان :ـ(مستغرباً) تتنفسُ في ؟
التّمثال:ـ أحملك على كتفي لأغوي بك الآخرين
سلوان :ـ( بقلق ) بدأت ترعبني
التّمثال :ـ ( وكأنه يسأل )أنا أرعبك؟ لا يا رجل ( يضحك ) هه هه هه هل أنا مرعب لهذا الحد ؟ وأنا من يبعث للناس اللذة والجمال ،
سلوان :ـ أنت ؟
التّمثال :ـ وأنا من يغدق العالم بالمال ومن أي مصدر كان
سلوان :ـ أنت ؟
التّمثال :ـ أنا أمنك وأمانك ،
سلوان :ـ أنت ؟
التّمثال :ـ أنا خيرك كلّه، لا تقدر أن تعيش عالمك إلا بوجودي
سلوان :ـ أنت ؟
التّمثال :ـ وترى بعيني أنا
سلوان :ـ من تكون
التّمثال :ـ سأغزو الدّنيا بك أنت
سلوان :ـ أنا؟ (يبتسم) هل أنا صاروخ ؟لتغزو بي الدّنيا؟
التّمثال :ـ وأشعل الدّنيا بك أنت يا سلوان ، بك أنت أنتقم ، من كلّ حجرةٍ يرميها الحاج أيّام التّشريق ، أُحوّلها إلى جمر يحرق القلوب
سلوان :ـ أنا؟
التّمثال :ـ أسلحة مبتكرة لا يستطيع أن يدركها عقل الإنسان
(صوت مجاميع الحجاج( تسجيل ):ـ لبيك اللهم لبيك / لبيك لا شريك لك لبيك / إنّ الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك لبيك / لبيك اللهم لبيك )
التّمثال :ـ(يصرخُ متوجعاً) آخ ..آخ
سلوان :ـ (يحاول أن يتدارك الأمر وكأنّه يصد الحجر بصدره) ما الذي يؤذيك؟
التّمثال :ـ هذا الغل الذي يملأ كلّ كياني ، منذ أمر الله بحج البيت ، والنّاس تقاذفني حجراً ، وكلّ حجرة هي إهانة لي ، تحصّنه منّي ، يصعبُ علي الأمر كي لا أقدر أنْ أغويه ، كي لا أقدر أنْ أُقيّد خطوته عند الصّلاة ، لا أقدر أنْ أمنعه من الصّوم والزّكاة ، ولا أقدر أن أُبعده عن سبيل المعروف .
سلوان :ـ وما الذي أقدر أن أفعله لأرضيك ؟
التّمثال :ـ أنت استقراري وحزام الظهر ، أنت ابتسامتي وسعادتي بك أدرك ثأري، وأبتهج حين أرى النّار تحرق قلوبهم جميعاً (برهة صمت)
، تأمّل يا سلوان أنا منحتك اهتمامي
الكاتب من جهة المسرح:ـ كم نصحتك يا سلوان ؟ احذر ..احذر ( مع الجمهور) من هنا يبدأ المنزلق الخطير ، من هنا تبدأ الوسوسة ، وسوسة الشّيطان مهلكة ، تخترقُ الضّعيف ، ضعيف الإيمان ، من يحني ظهره للذنوب ، فيغرق ، كم حذرت هذا السلوان
سلوان :ـ (مع الكاتب)وماذا يقدر أن يفعل إن كان الشيطان أو غيره
الكاتب :ـ يمتلك الشيطان إمكانية أن يفرق الإنسان عن الإنسان ، قلت لك سلوان احذره ، ستشرب من يديه ماء التّبرير ،
سلوان :ـ ما هو ماء التبرير ؟
الكاتب :ـ يصبح لكلّ جرم عندك تبريره الشّافي لنفسك ورادع عن كلّ حساب مع النّفس ، سيُريكَ الجرم لذة وهي في كلّ عمر شر وبيل ، ستحرق الحقول ، وترتعش أمام عينيك النّار وكأنها راقصة تدهشك الغواية
سلوان :ـ (مع الكاتب) هذا يعني أن الشّيطان ، يمتلك اللّذة والغواية والجمال
الكاتب:ـ بالمقابل سيأخذ منك إنسانيتك ،
سلوان :ـ وبعدها ماذا أكون ؟
الكاتب :ـ ستكون أنت شيطان ، صبي شيطان ، تفعل كلّ ما يريد
سلوان : -أي بسيطة
الكاتب :ـستغويهم إلى الشّر؟
سلوان:ـ بسيطة
الكاتب:ـ ستغويهم ليقتل بعضهم البعض ؟
سلوان :ـ بسيطة
الكاتب :ـ أترضى أن ترعب النّاس ؟ أترضى أن تكون شيطاناً رجيماً؟ أكل تلك الجرائم البشعة لديك بسيطة ؟
سلوان :ـ صدقني إّنها فعلاً بسيطة فأنا أفعلها كلّ يوم
الكاتب :ـ لذلك هو اختارك شيطاناً؟
سلوان :ـ كنت أتمنى أنْ تقف معي
الكاتب :ـ(ينظرُ بدهشة) أنا وقفت معك ضد نفسك (برهة ) ضد شيطانك الرّجيم .
سلوان :ـ اقصد معي (يومي بيديه علامة الرّفقة) معي
الكاتب :ـ (بألم شديد وبرهة صمت ينظر بوجه سلوان) كائنٌ غريبٌ أنت يا سلوان ،أنا أريد أن أمنعك عنه ، وأنت تريد أن تأخذني معك إليه (برهة) يا سبحان الله (تأمل) والله حماقة
سلوان :ـ لكنها لذيذة .
الكاتب :ـ وعصيان الله تعالى مرٌ ما بعده مرٌ يا سلوان
سلوان :ـ ( يضحك) دع الله لك أنا ما عندي شغل بالله
صوت مجاميع الحجاج( تسجيل ):ـ لبيك اللهم لبيك / لبيك لا شريك لك لبيك / إنّ الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك لبيك / لبيك اللهم لبيك)
سلوان :ـ(يتوارى من الصّمت ، يتألم كما الشّيطان)
( الكاتبُ يشغل نفسه بالكتابة / يقرأ بصوت مسموع )
الكاتب :ـ من هنا يبدأ السّؤال ، كيف يصل الإنسان إلى يقينه ؟ بالرزق أم بالهداية ؟
سلوان :ـ اذا كان الله يرزقنا الهداية فما ذنبي أنا إذا ضعت واتبعت الشيطان ؟
الكاتب :ـ وإذا كان هداية ؟
سلوان :ـ أين الله عني ؟
الكاتب:ـ الأمر بين الأمرين ، والنّفس أولى بالرشاد ، يقول الله سبحانه تعالى (إنّ الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.)
سلوان :ـ (بشيء من العناد) هل يعجز الله عن اصلاحي ؟
الكاتب :ـ ( يبتسم ) يبدو أن الشيطان يعرف جماعته ، ( برهة صمت ) حتى لو سرت تحت راية الشّيطان لا تطلع عن قدرة الله سبحانه
سلوان :ـ أين الله من الأمر ؟
الكاتب :ـ ( بشيء من الغضب ) استغفر الله سبحانه تعالى ، ( يحاول أن يفهمه )وهبك الله العقل وأعطاك الحكمة والقدرة ، يقول الله سبحانه تعالى (وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى)
سلوان :ـ ( شعر بالخذلان ) الشيطان دعاني وأنا سأذهب اليه ( باستهزاء ) فاكتب أنت ما تشاء في دفترك، وخذها وحدك هنيئاً لك الجنة ،
الكاتب :ـ الحمد لله على الهداية والتقوى ، المذنب لا يمتلك سوى السخرية ليغطي به الفشل ، وهي روحه التي تثقل عليه ،
(مع الجمهور) الضحك عند الفاشلين ألم نفسي مؤجل في الإنسان ، يدركه عند العجز ، من تفوته الصلاة في شبابه سيبكي ندماً على تركها يوم يعجز عن أدائها حين يكبر ويسقم .
سلوان :ـ ( يبتسم ) متى ستتعبون من الموعظة ؟
الكاتب :ـ (لا يعيره اهتماما ، يكتب ويقرأ بصوت مسموع )القضية ليست قضية موعظة ، قضية فكر وإيمان و وجدان ، كيف يرتضي الإنسان أن يرسّخ قوته ، قوة شبابه لآذى النّاس ؟ وهو الذي سيحتاج يوماً اليهم يوم تضعف قوته .
سلوان :ـ مجرد موعظة
الكاتب :ـ أنت تحارب الله سبحانه حين تحارب ، صديقا أو غريباً لا تعرفه .
سلوان :ـ لابد أن يكون الإنسان شجاعاً يعمل ما يريد في شبابه ، للمستقبل الله كريم كما تقولون .
الكاتب:ـ ( مع الجمهور) مستقبلك ترسمه أنت ، الله سبحانه لا يرد لك الأجوبة في الامتحان ، لكنه ييسر لك الفهم والإيمان ويبارك لك النجاح .
سلوان :ـ وإن فعلت ما أريد؟
الكاتب :ـ الله سبحانه حاشاه أن يأمرك بالكذب والغش والسرقة ، الله سبحانه يوصي أن ترسم مستقبلك بالخير ، هيء لك مدرسة هي الخير كله ،الأم والأب مشعلا نور بهما يتجلى نور الله سبحانه والدين والمدرسة والحكمة والموعظة الحسنة ، التي تشن عليها سخريتك المريرة ، وبعدها كل يذهب الى سبيله
سلوان :ـ (بشيء من النكوص ) كلّ ليذهب إلى سبيله
الكاتب :ـ ( بحسرة وألم / مع الجمهور )جذر السقوط الأول في حبائل الشّيطان هو عدم القناعة ، وإلا فالشيطان لا يغن
ي الإنسان بشيء ، الأهل علمونا أن مال الحرام ليس فيه عافية ، ويذهب إلى التّلف .
( برهة صمت / (سلوان :ـ ( يدور مع نفسه ويردد) أنا لا أؤمن بقيامة ولا دين ولا بجنة ولا نار)
الكاتب :ـ لابد للإنسان أن يقاوم كي لا يدخل الشيطان قلبه عبر الوسواس فالابتعاد عن الشيطان هو الدين والتربية والأخلاق
سلوان :ـ ( يدور مع نفسه ويردد) أنا لا اؤمن بقيامة ولا دين ولا بجنة ولا نار ، أنا رجل ملحد ، هل يعرف هذا الكاتب المغرور ،إني رجل ملحد ، بأي وجه تهدد ملحداً بالجحيم ،
الكاتب :ـ( مع الجمهور ) لو كان سلوان يملك فطنة لما ذهب إلى النار بنفسه ، ( برهة ) نكران الله ويوم القيامة لا يعني عدم وجودهما ، يعني أن البصر تخلت عنه البصيرة فتاه ، يؤمن أو يلحد لنفسه ، أما أذى الناس ليس من الحرية بشيء ،
(سلوان :ـ ( يدور مع نفسه ويردد) أنا لا اؤمن بقيامة ولا دين ولا بجنة ولا نار
التمثال :ـ عن ماذا تبحث ؟ لم تتعب نفسك في الجدال يا سلوان ؟(برهة ) أنت أملي (برهة ) أنت يدي التي سأضرب أهل الجمرات ( برهة / يمسد شعر سلوان ) أنت الصّرخة التي تأوي غضبي ( برهة ) أنا اختارك ملكاً على عرش الدنيا ( صمت ) وأنت تبحث عن حوارات لا تجدي نفعاً ، ( برهة صمت ) هل تعرف معنى التّقوى ؟
سلوان :ـ التقوى يعني
التّمثال :ـ( يقاطعه ) أن تصحو فجراً قبل الشّمس لتصلي ، وإن تبتعد عن الملذات وتزكي وأن لا تشرب الخمر وأن تغض البصر إذا رأيت الجميلات ، وإن تبعد نفسك عن مشاريع الكسب ( برهة ) كيف سيعيش الإنسان وسط هذه المعمة صوم ، صلاة ، حج، زكاة ، وكلّ شيء تفعله يقولون لك هذا حرام ،
(صوت مجاميع الحجاج( تسجيل ):ـ لبيك اللهم لبيك / لبيك لا شريك لك لبيك / ان الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك لبيك / لبيك اللهم لبيك )
التّمثال :ـ( يتلوى من الألم ) طيلة أيام الإشراق أنا أتوجع ، آلاف الأطنان من الحجر ترمى على راسي يا سلوان.
سلوان :ـ المسلمون
التمثال :ـ انهم يهينوني ليل نهار ( برهة ) وانا المقدس في اغلب دول العالم ، لي غرف مضاءة بالشموع ، ومعبدي الاسود الصغير ، ( برهة / يصرخ ) انا الشيطان يا سلوان ( برهة ) كن معي / كن انا / لأني انا أنت
سلوان :ـ( بدهشة ) أنا أنت ؟
التّمثال :ـ قم ارتدي بوجهك القناع الأسود
سلوان :ـ أنا لا أحتاج القناع
التمثال :ـ ( بشيء من التعظيم ) لأن وجهك القناع ( برهة صمت ) أنا أحبك يا سلوان ( برهة ) أنا ربك يا سلوان ( برهة صمت ) أنا الذي صيرتني النار إلها ، لي عبادي ومعابدي.
(سلوان :ـ ( يدور مع نفسه ويردد) أنا لا أؤمن بقيامة ولا دين ولا بجنة ولا نار ( يدور ) أنا لا اؤمن بقيامة ولا دين ولا بجنة ولا نار( يدور اسرع ) أنا لا اؤمن بقيامة ولا دين ولا بجنة ولا نار(وإذا به أمام مكتب الكاتب / يسكت ، ينظر إلى الكاتب بخوف )
الكاتب :ـ اذكر الله يا سلوان
سلوان :ـ( يدور ) أنا لا اؤمن بقيامة ولا دين ولا بجنة ولا نار
التّمثال :ـ( يترك مكانه ويتبع سلوان / بمواجهة الكاتب ) احذره يا سلوان ، إنه يتخذ من لعنتي طقس عبادة يتقرب بها إلى ربه ( برهة وبصوت أعلى ) اتركه أنت لست وحدك
الكاتب :ـ( مع سلوان ) له جيش من الأموات الذي ما زالوا على قيد الحياة ، أموات
سلوان :ـ كفى ....أنا قررت واتخذت القرار
الكاتب :ـ أن تكون من اتباعه ( برهة )عوافي عليك
سلوان :ـ( بحدة ) قررت أن أحرق لكم القرآن (برهة ) رداً على جمراتكم في الحج .
( حزن عميق / صمت ببرهة اكبر )
صوت :ـ( ترتيل فيه خشوع ) أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ ..
( الشّاشة تعرضُ فديو حرق القرآن ، أو يمثّل سلوان العمليّة على المسرح )
صوت مجاميع الحجاج( تسجيل ):ـ لبيك اللهم لبيك / لبيك لا شريك لك لبيك / ان الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك لبيك / لبيك اللهم لبيك )
( انتهت بحمد الله )