مما يُلفتْ الانتباه، أنَّ علماء الانثروبولوجيا المُعاصرين يعتقدون أنَّ الحضارة الإنسانية المُرتقبة ما هي إلاَّ مجرد نوعٍ راقٍ وشكل خاص من الثقافة؛ وهذا يعني أنَّ الثقافة الإنسانية العامة والمتجانسة لها معايير قيَميَّة تتحدد بحسب دراسة الانثروبولوجيا في محددات أهمها:
1- التحيّزاتْ الثقافية، ويعنون بها (القيم والمعتقدات المتجانسة بين الناس أجمعين). وهنا نتحد ونتفق معهم بالتجانس القيمي والإعتقادي الحق: كالإيمان بالخير والعدل، وما يجوز وما لا يجوز عقلانياً.
2- العلاقات الإجتماعيّة التي تربط بني البشر بعضهم ببعض، الناتجة عن التعارف والتواصل الإنساني إيجابياً، وهذا المُحدد المعياري في بوصلة الثقافة الإنسانية العامة، قد أشار إليه القرآن الكريم في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) الحجرات: 13.
3- أنماط وأساليب الحياة العامة، ويعنون بها الحداثة الأسلوبية المُمنهجة، ووسائل التجدد التقني والتكنولوجي. وهذا المحدد الأخير هو ناتج كلي مركب من المُحددَين الأول والثاني. وبهذا التحديد المعياري والقيمي للظاهرة الثقافية الإنسانية، تتمكن الثقافة هذه من أن تهدي الإنسان للتي هي أحسن وأقوم سبيلا.
وبالتالي تتقارب المفاهيم في معقولاتها الأولية والثانوية بين الآيديولوجيتين الأنثروبولوجيا والمهدوية، وربما تتفق معها في آخر الأمر في وحدة المنهج التطبيقي للإصلاح العام بشرياً.