بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين
أولاً: نصر بن مزاحم المنقري في وقعة صفين قال: نصر, عن عبد العزيز بن الخطاب عن صالح بن أبي الأسود عن إسماعيل عن الحسن قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا رأيتم معاوية على منبري يخطب فاقتلوه (وقعة صفين: 221) ورواه أيضاً عن الحكم بن ظهير عن إسماعيل عن الحسن وفيه فقال الحسن فما فعلوا ولا أفلحوا, ورواه عن عمرو بن ثابت عن إسماعيل عن الحسن ثم قال بعده فحدثني بعضهم قال: قال أبو سعيد الخدري : فلم نفعل ولم نفلح (ص216) .
وروى هذا الحديث العقيلي في الضعفاء في ترجمة عمرو بن عبيد قال: حدثنا إبراهيم بن محمد قال حدثنا سليمان بن حرب قال حدثنا حماد بن زيد قال: قلت لأيوب أن عمرو بن عبيد روى عن الحسن (إذا رأيتم معاوية على المنبر فأقتلوه) فقال: كذب عمرو (ضعفاء العقيلي 3: 280) و( الكامل 5: 98, 103, 101) (ميزان الاعتدال 3: 277) .
ورواه البلاذري في أنساب الأشراف قال: حدثنا يوسف بن موسى وأبو موسى وإسحاق الغروي قالا: حدثنا جرير بن عبد الحميد حدثنا إسماعيل والأعمش عن الحسن قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : (إذا رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه) فتركوا أمره فلم يفلحوا ولم ينجحوا (أنساب الأشراف 3: 121 في ترجمة معاوية ) .
وقد صحح العلامة الأمين طريق البلاذري قال:
1- يوسف بن موسى أبو يعقوب الكوفي من رجال البخاري وأبي داود والترمذي والنسائي وابن خزيمة في صحاحهم, وثقة غير واحد.
2- جرير بن عبد الحميد أبو عبد الله الرازي من رجال الصحاح الستة مجمع على ثقته .
3- إسماعيل بن أبي خالد الأحمسي الكوفي أحد رجال الصحاح الستة متفق على ثقته .
4- الأعمش سليمان بن مهران أبو محمد الكوفي أحد رجال الصحاح الستة ليس في المحدثين أصدق منه.
5- الحسن البصري أحد رجال الصحاح مجمع على ثقته .
ثم قال: فلم يبق في الحديث غمز إلا من ناحية ارساله (قبل الحسن البصري) وهو لا يعد علة في مثل المقام إذ لا يهم القوم عرفان الصحابي الراوي للحديث لعدالة الصحابة كلهم عندهم فالحديث صحيح لا مغمز فيه وإرساله يجبر بإسناد المتصل (الغدير 10: 204) .
أقول: وكم عندهم من مثل هذا الإرسال عن الحسن وغيره واعتبروه لشدة وثاقتهم بالحسن البصري وعدم سؤالهم عمن قبله.
وعلى كل فما قاله أيوب في رواية العقيلي عن عمرو بن عبيد من أنه كذب غير صحيح بل هو تحامل شنيع على ابن عبيد يعلم سببه إذا عرفنا ما ذكروه من اعتزال الرجل ومصاحبته لواصل بن عطاء فما كان منهم إلا التشنيع عليه لهذا وعليك بمراجعة ترجمته لتعرف ما قلنا, ومع ذلك فهو هنا لم ينفرد بالرواية عن الحسن كما ادعوا وكذبوه فقد تابعه عليه من لا مطعن لهم به كالأعمش وإسماعيل .
وكذلك لا مجال لرد رواية نصر بن مزاحم بسبب تضعيفهم لصالح بن أبي الأسود والحكم بن ظهير وعمرو بن ثابت بسبب تشيعهم لمّا كان لهم من متابع ثقة عن إسماعيل بن أبي خالد الأحمسي وهو جرير بن عبد الحميد فلاحظ .
ورواه ابن طاووس عن كتاب الفتن لزكريا بن يحيى البزاز النيشابوري ت 298, قال: حدثنا سفيان قال حدثني أبي عن سفيان الثوري عن يونس وإسماعيل بن مسلم عن الحسن قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : ( إذا رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه ) (الملاحم والفتن : 329) وفي علل أحمد بن حنبل : سمعت أبي يقول في حديث ابن نمير عن سفيان قال حدثنا يونس عن الحسن عن النبي (صلى الله عليه وآله) : (إذا رأيتم معاوية على منبري هذا يخطب ..... ) قال أبي ليس هو من حديث يونس (العلل 2: 414) ورواه محمد بن سليمان في مناقب أمير المؤمنين (عليه السلام) بطريق شريك عن إسماعيل عن الحسن البصري (مناقب أمير المؤمنين : 305) .
ثانياً: روى ابن عدي في الكامل قال: أخبرنا الحسن بن سفيان النسوي ثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي أخبرنا عبد الرزاق عن سفيان عيينة عن علي بن زيد بن جدعان عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ( إذا رأيتم معاوية على منبري فأقتلوه) .
ثم قال: وهذا حديث يعرف بعبد الرزاق عن أبي عيينة, وقد روي عن غير عبد الرزاق عن ابن عيينة حدثناه محمد بن سعيد بن معاوية بنصيبين قال: ثنا سليمان بن أيوب الصريفني ثنا ابن عينية عن علي عن زيد بإسناده نحوه ولم أكتبه بعلو إلا عن ابن معاوية هذا, وقد رواه علي بن المديني عن ابن عيينة حدثناه محمد بن العباس الدمشقي عن عمار بن رجاء عن علي بن المديني .
وثنا محمد بن إبراهيم الأصبهاني ثنا أحمد بن الفرات ثنا عبد الرزاق عن جعفر بن سليمان عن علي بن زيد باسناده نحوه وجعفر بن سليمان هذا يعد في الشيعة من أهل البصرة وعبد الرزاق أيضاً يعد في الشيعة وهذا الحديث بجعفر بن سليمان أشبه من ابن عيينة على عن ابن عيينة كوفي وقد قال ابن عيينة في حديث قيل له فيه ذكر عثمان, قال : نعم ولكني سكَتُ لأني غلام كوفي (الكامل 5: 314 ترجمة عبد الرزاق) ( وعنه الذهبي في ميزان الإعتدال 2: 613) .
ورواه في ترجمة علي بن زيد بن جدعان, قال: حدثنا محمد بن سعيد بن معاوية النصيبي, ثنا سليمان بن أيوب الصريفيني أبو عمرو الصريفيني ثنا سفيان بن عيينة عن علي بن زيد بن جدعان عن أبي نضرة عن أبي سعيد أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: (إذا رأيتم معاوية على منبري فأرجموه) .
وهذا الحديث رواه عن ابن عيينة عبد الرزاق وقد روي هذا عن عبد الرزاق عن جعفر بن سليمان عن علي بن زيد, وقد روى هذا الحديث عن علي بن زيد أيضاً حماد بن سلمة في كتابي بخطي عن الفضل بن الحباب حدثنا محمد بن عبد الله الخزاعي ثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: (إذا رأيتم معاوية على هذه الأعواد فأقتلوه ) فقام إليه رجل من الأنصار وهو يخطب بالسيف فقال أبو سعيد ما تصنع؟ قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: ( إذا رأيتم معاوية يخطب على الأعواد فأقتلوه) فقال له أبو سعيد إنا قد سمعنا ما سمعت ولكننا نكره أن نسل السيف على عهد عمر, حتى نستأمره, فكتبوا إلى عمر في ذلك فجاء موته قبل أن يجئ جوابه (الكامل 5: 200 ترجمة علي بن زيد) .
ورواه في ترجمة مجالد بن سعيد قال: ثنا أحمد بن عامر البرقعيدي ثنا بشر بن عبد الوهاب الدمشقي, ثنا محمد بن بشر, ثنا مجالد عن أبي الوداك عن أبي سعيد سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: ( إذا رأيتم معاوية على منبر يخطب فأقتلوه) قال بشر: فما فعلوا .
قال الشيخ (ابن عدي) : وهذا لا أعلم يرويه عن أبي الوداك غير مجالد وعنه ابن بشر وقد رواه غير ابن بشر عن مجالد, (الكامل 6: 422).
وروى هذه الرواية الذهبي في سير أعلام النبلاء : محمد بن بشر العبيدي: حدثنا مجالد عن أبي الوداك عن أبي سعيد مرفوعاً ( إذا رأيتم فلانا ً يخطب على منبري فأقتلوه) رواه جندل بن والق عن محمد بن بشر فقال بدل فلاناً: معاوية وتابعه الوليد بن القاسم عن مجالد وقال حماد وجماعة: عن علي بن زيد عن أبي نضرة عن أبي سعيد مرفوعاً : إذا رأيتم معاوية على منبري فأقتلوه (سير أعلام النبلاء 4: 76 ترجمة معاوية) .
ورواه في ترجمة الوليد بن القاسم قال: أخبرنا علي المثنى ثنا الوليد بن القاسم عن مجالد عن أبي الوداك عن أبي سعيد أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: (إذا رأيتم معاوية على منبري فإقتلوه) قال: وهذا رواه عن مجالد محمد بن بشر وغيره (الكامل 7: 83) .
ورواه في ترجمة جعفر بن سليمان قال: ثنا محمد بن إبراهيم الأصبهاني ثنا أحمد بن الفرات ثنا عبد الرزاق أرنا جعفر بن سليمان عن علي بن زيد عن أبي نضرة عن أبي سعيد عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: (إذا رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه) قال الشيخ: وهذا الحديث إنما رواه عبد الرزاق عن ابن عيينة عن علي بن زيد وهكذا قال أحمد بن الفرات وعبد الرزاق عن جعفر وعلي بن زيد وهو بجعفر أشبه .
ثنا الحسن بن سفيان ثنا إسحاق بن راهوية أرنا عبد الرزاق عن ابن عيينة عن علي ابن زيد فذكر الحديث: وثناه محمد بن سعيد بن معاوية النصيبي ثنا سليمان بن أيوب الصريفيني ثنا ابن عيينة عن علي بن زيد فذكر هذا الحديث .
ورواه حماد بن سلمة عن علي بن زيد كذلك ولم أسمع بذكر جعفر بن سليمان عن علي بن زيد إلا في هذه الرواية التي ذكرتها (الكامل 2: 146) .
وقال ابن حجر العسقلاني في تهذيب التهذيب في ترجمة علي بن زيد: وقال غيره (أي غير ابن حبان) أنكر ما روي ما حدث به حماد بن سلمة عنه عن ابن نضرة عن أبي سعيد رفعه( إذا رأيتم معاوية على هذه الأعواد فاقتلوه) وأخرجه الحسن ين سفيان في مسنده عن إسحاق عن عبد الرزاق عن أبي عيينة عن علي بن زيد والمحفوظ عن عبد الرزاق عن جعفر بن سليمان عن علي ولكن لفظ ابن عيينة فأرجموه أورده ابن عدي عن الحسن بن سفيان (تهذيب التهذيب 4: 601)
ورواه البلاذري في أنساب الأشراف قال: حدثنا بن إسحاق بن أبي إسرائيل وأبو صالح الفراء الأنطاكي, قالا: حدثنا حجاج بن محمد حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن أبي نضرة عن أبي سعيد أن رجلاً من الأنصار أراد قتل معاوية فقلنا له: لا تسل السيف في عهد عمر حتى تكتب إليه قال: إني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: (إذا رأيتم معاوية يخطب على الأعواد فاقتلوه) قالوا: ونحن قد سمعناه ولكن لا نفعل حتى نكتب إلى عمر فكتبوا إليه فلم يأتهم جواب الكتاب حتى مات (أنساب الأشراف 2: 121) .
أقول: انظر إلى ما صنعوا من التحريف في هذا الحديث مما رواه ابن عدي سابقاً: فعند ابن عدي ( فجاء موته قبل أن يجئ جوابه) وظاهرها أن الحادثة وقعت في أواخر عهد عمر فمات قبل أن يجيبهم, وعند البلاذري (فلم يأتهم جواب الكتاب حتى مات) وظاهرها أن الحادثة كانت قبل فترة من زمان عمر ولكنه لم يجيبهم حتى مات وهذا هو الأصح لأن معاوية كان قد أُمر من قبل عمر لعدة سنين ومن الواضح أنه كان يخطب على المنبر منذ أن ولاه, فلاحظ وتأمل !!!
ورواه ابن طاووس عن كتاب الفتن لزكريا بن يحيى البزاز النيشابوري ت289 قال: حدثنا سفيان بن وكيع قال: حدثنا محمد بن بشير عن مجالد عن أبي الوداك عن أبي سعيد الخدري عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: (إذا رأيتم معاوية يخطب على منبري فأقرعوا رأسه بالسيف) (الملاحم والفتن :329)
ورواه ابن حبان في المجروحين في ترجمة أحمد بن محمد بن مصعب بن فضالة, قال: ثنا أبي ثنا يحيى بن عثمان ثنا عثمان بن جبلة عن عبد الملك بن أبي نضرة عن أبيه عن أبي سعيد الخدري عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: (إذا رأيتم معاوية على منبري فأقتلوه) (كتاب المجروحين 1: 157) .
ورواه البخاري واقفاً به على أبي نضرة قاطعاً للحديث قال: وروى حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن أبي نظرة أن معاوية لما خطب على المنبر فقام رجل فقال: قال: ورفعه إذا رأيتموه على المنبر فأقتلوه. وقال آخر اكتبوا إلى عمر فكتبوا فإذا عمر قد قتل, وهذا مرسل ولم يشهد أبو نظرة تلك الأيام . وقال عبد الرزاق عن ابن عيينه عن علي بن زيد عن أبي نضرة عن أبي سعيد رفعه وهذا مدخول ولم يثبت, ورواه مجالد عن أبي الودال عن أبي سعيد رفعه وهذا واه (التاريخ الصغير 1: 162) .
ثالثاًَ: روى نصر بن مزاحم في وقعة صفين قال: وحدثنا الحكم أيضاً عن عاصم بن أبي النجود عن زر بن حبيش عن عبد الله بن مسعود قالا: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ( إذا رأيتم معاوية بن أبي سفيان يخطب على منبري فأضربوا عنقه) (وقعة صفين : 216) .
وعنه ابن أبي الحديد في شرح النهج ٍ(4: 32).
وروى السمعاني في الأنساب في ترجمة عباس بن يعقوب الرواجني قال: وكان رافضياً داعية إلى الرفض ومع ذلك يروي المناكير عن أقوام مشاهير فاستحق الترك, وهو الذي روى عن شريك عن عاصم عن زر عن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (إذا رأيتم معاوية على منبر فاقتلوه) . ( الأنساب 3: 95)
ورواه السيد ابن طاووس في الملاحم والفتن عن كتاب الفتن لأبي يحيى زكريا بن يحيى النيشابوري ت 289: قال: حدثنا سفيان بن وكيع, قال: حدثني أبي عن الحكم بن ظهير عن عاصم عن زر عن عبد الله قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (إذا رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه) ( الملاحم والفتن: 329) .
ورواه ابن حبان في المجروحين في ترجمة الحكم بن ظهير قال: كان يشتم أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) يوري عن الثقات أشياء الموضوعات وهو الذي يروي عن عاصم عن زر عن عبد الله عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: (إذا رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه) (كتاب المجروحين 1: 250), (تهذيب التهذيب 2: 369) .
ورواه في ترجمة عباد بن يعقوب قال: وكان رافضياً داعية إلى الرفض ومع ذلك يروي المناكير عن أقوام مشاهير فاستحق الترك وهو الذي روى عن شريك عن عاصم عن زر عن عبد الله قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ( إذا رأيتم معاوية على منبري فأقتلوه) أخبرناه الطبري قال: حدثنا محمد بن صالح قال: حدثنا عباد بن يعقوب عن شريك (كتاب بالمجروحين 2: 172) (ميزان الإعتدال 2: 380) (تهذيب التهذيب 5: 96) .
ورواه ابن عدي في الكامل في الترجمة الحكم بن ظهير قال: أخبرنا علي بن العباس ثنا عباد بن يعقوب ثنا الحكم بن ظهير عن عاصم عن زر عبد الله أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: (إذا رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه) (الكامل 2: 209) ورواه عن ابن عساكر في ترجمة معاوية (تاريخ دمشق 59: 156) ورواه الذهبي في سير أعلام النبلاء في ترجمة معاوية (3: 149) ورواه في ميزان الإعتدال في ترجمة الحكم بن ظهير (1: 572) ورواه ابن كثير في البداية والنهاية في تجمة معاوية (8: 141) .
ورواه العقيلي في الضعفاء في ترجمة الحكم بن ظهير قال: وروى عاصم عن زر عن عبد الله عن النبي عليه السلام قال: (إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما) وبهذا الإسناد (فإذا رأيتم فلاناً على المنبر فأقتلوه) وله عن عاصم مناكير ولا تصح من هذه المتون عن النبي عليه السلام شيء من وجه ثابت (الضعفاء 1: 259).
رابعاً: روى ذلك أحمد بن أعثم الكوفي في كتابه الفتوح عند ذكره طلب البيعة من الحسين (عليه السلام) ليزيد بن معاوية وماذا أجاب به (عليه السلام) مروان بن الحكم وجاء في جوابه (عليه السلام): وقد سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: الخلافة محرمة على آل أبي سفيان وعلى الطلقاء أبناء الطلقاء فإذا رأيتم معاوية على منبري فابقروا بطنه فوالله لقد رآه أهل المدينة على منبر جدي فلم يفعلوا ما أمروا به (كتاب الفتوح 5: 15) (مقتل الحسين الخوارزمي 1: 184) .
خامساً: وروى ابن عدي الحديث عن سهل بن حنيف في ترجمة ابن إسحاق قال: حدثنا علي بن سعيد ثنا الحسين بن عيسى الرازي ثنا سلمة بن الفضل ثنا محمد بن اسحاق عن محمد ين إبراهيم التيمي عن أبي امامة بن سهل بن حنيف عن أبيه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : (إذا رأيتم فلاناً على المنبر فاقتلوه) قال الشيخ: وهذا بهذا لم أكتبه إلا عن علي بن سعيد ( الكامل 6: 112) .
سادساً: روى ابن عساكر في ترجمة عبد الرحمن عن بن سهل قال: انبأنا أبو علي الحداد قال أنا أبو نعيم الحافظ نا محمد بن أحمد بن حمدان نا الحسن بن سفيان نا إسماعيل بن موسى السدي نا أبو نميلة يحيى بن واضح عن محمد بن إسحاق عن بريدة بن سفيان عن محمد بن كعب القرظي قال غزا عبد الرحمن بن سهل الأنصاري في زمن عثمان ومعاوية أمير على الشام فمرت به رواية خمر تحمل فقام إليها عبد الرحمن برمحه فبقر كل رواية منها فناوشه غلمانه حتى بلغ شأنه معاوية فقال دعوه فإنه شيخ قد ذهب عقله فقال كذب والله ما ذهب عقلي ولكن رسول الله (صلى الله عليه وآله) نهانا أن ندخل بطوننا وأسقيتنا وأحلف بالله لئن بقيت حتى أرى في معاوية ما سمعت من رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأبقرن بطنه أو لأموتن دونه (تاريخ مدينة دمشق 34: 42) ورواه المتقي الهندي في كنز العمال وإشار في آخره أنه من رواية الحسن بن سفيان وابن مندة وأبن عساكر (كنز العمال 5: 492) .
سابعاً: روى ابن طاووس في الملاحم والفتن عن كتاب الفتن لأبي صالح السليلي ابن أحمد ابن عيسى الحساني (القرن الرابع) قال: وذكر بإسناده عن محمود بن لبيد قال حدثني نفر من قومي من بني عبد الأشهل شهدوا بدراً قالوا: كنا عند النبي (صلى الله عليه وآله) ومعنا معاوية فأشار بإصبعه إلى بطنه وقال : ( أن هذا سيطلب الإمارة يومياً فإذا رأيتموه فعل ذلك فأبقروا بطنه) (الملاحم والفتن :231).
ثامناً: روى الطبري في حوادث سنة أربع وثمانين ومئتين كتاب المعتضد بلعن معاوية وجاء فيه: ومنه أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: يطلع من هذا الفج رجل من أمتي يحشر على غير ملتي فطلع معاوية ومنه أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: إذا رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه (تاريخ الطبري 8 : 186) ورواه أبو الغداء في تاريخه (تاريخ أبو العذاء 1: 422) .
تاسعاً: روى ابن عدي في الكامل في ترجمة سفيان بن محمد الفزاري: قال: أنا أحمد بن الحسين الصوفي ثنا سفيان بن محمد الفزاري ثنا منصور بن سلمة ثنا سليمان بن بلال عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر عن النبي (صلى الله عليه وآله) مثله وقبله (إذا رأيتم على منبري فأقتلوه يعني فلاناً) .
قال الشيخ ـ ابن عدي ـ : فسواه سفيان الفزاري هذا فقال عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر ورواه عن منصور بن سلمة عن سليمان بن بلال وسليمان ثقة ومنصور لا بأس به وإنما يروي جعفر بن محمد عن جماعة من أهل بدر عن النبي (صلى الله عليه وآله), ثناه ابن سعيد ثنا أبو شيبة بن أبي بكر بن أبي شيبة عن خالد بن مخلد عن سليمان بن بلال عن جعفر (الكامل 3: 419) (ميزان الإعتدال 2: 172) (لسان الميزان 3: 54)
وأما محاولات رد الحديث وتضعيفه أو وصفه بالوضع:
الاول: فقد رد ابن الجوزي والسيوطي والعقيلي: طريق الحسن بعمرو بن عبيد .
قال ابن الجوزي في الموضوعات: وأما طريق الحسن فإن عمرو بن عبيد كذبه يونس وابن عيينة قال: يحيى ليس بشيء وقال أبو حاتم: متروك الحديث, قال بعض الحفاظ. سرق مجالد هذا الحديث عن عمرو بن عبيد فحدث به عن أبي الوداك ( الموضوعات 2: 26)
ونقل العقيلي قول أيوب بخصوص هذا الحديث: كذب عمرو (الضعفاء للعقيلي 3: 280) ونقل ذلك عنه السيوطي (اللالئ المصنوعة 1: 388) .
أقول: قد ذكرنا عند إيرادنا للحديث عدم تفرد عمرو بن عبيد بهذا الحديث عن الحسن فقد تابعه عليه إسماعيل والأعمش وذكرنا تصحيح الاميني لسند البلاذري في الغدير مع أن جرحهم لعمرو بن عبيد معروف السبب وهو قوله بالإعتزال والمحدثون لشدة كرههم للمعتزلة جعلوا الإعتدال من قبيل الجرح كما جعلوه كذلك في التشيع .
قال السيد محمد بن عقيل في تقوية الإيمان: ثم أفادنا أخونا المحدث الشريف محمد المكي بن عزوز رحمه الله تعالى أن الحافظ البلاذري قال في تاريخه الكبير ما لفضه: ثم أورد ما رواه البلاذري وقال ـ: قال الشريف ابن عزوز رحمه الله تعالى : سنده كلهم من رجال البخاري بلا استثناء وكونه مرسلاً فالحديث الآتي متصل وهو: قال البلاذري رحمه الله: ثم أورد حديث أبي سعيد عندما أراد أحد الأنصار قتل معاوية (تقوية الإيمان : 139)
الثاني: وقد رد ابن الجوزي حديث أبي سعيد بطريقي مجالد عن أبي الوداك وعلي بن زيد عن أبي نضرة, قال: وأما حديث أبي سعيد ففي الطريق الأول مجالد, قال ابن المهدي وأحمد بن حنبل : ليس بشيء, وقال يحيى: لا يحتج بحديثه وقال مرة: كذاب وكذلك قال البخاري وفيه الوليد بن القاسم ضعفه يحيى وقال: ابن حبان : انفرد على الثقات بما لا يشبه حديث الإثبات فخرج عن صد الإحتجاج بأفراده .
وفي الطريق الثاني علي بن زيد, قال أحمد ويحيى: ليس بشيء وذكر شعبة أنه اختلط قال ابن حبان: كان يهم ويخطئ فكثر ذلك فاستحق الترك (الموضوعات 2: 25) .
وقال السيوطي بعد أن أورد الحديث بطريقيه عن أبي عدي: مجالد وعلي ليسا بشيء (اللآليء المصنوعة 1: 388) وضعفهما ابن كثير في البداية والنهاية (8: 141) وقد صحح العلامة الأمين في الغدير حديث أبي سعيد بطريق علي بن زيد الموجود عند البلاذري قال:
1- إسحاق بن أبي إسرائيل أبو يعقوب المروزي من رجال البخاري في الأدب المفرد وأبي داود والنسائي وثقة ابن معين والدار قطني والبغوي وأحمد بن حنبل.
2- حجاج بن أحمد المصيصي أبو محمد الأعور أحد رجال الصحيحين وبقية الصحاح.
3- حماد بن سلمة أبو سلمة البصري من رجال مسلم في صحيحه والبخاري في التعاليق وبقية أصحاب السنن أجمع أئمة أهل النقل على ثقته وأمانته.
4- علي بن زيد بن جدعان أبو الحسن البصري من رواة مسلم في صحيحه والبخاري في الأدب المفرد وأصحاب السنن شيعي صدوق.
5- أبو نضرة المنذر بن مالك العبدي البصري من رجال صحيح مسلم والتعاليق للبخاري وبقية السنن وثقـّه ابن معين وأبو زرعة والنسائي وابن سعد وأحمد بن حنبل.
6- أبو سعيد الخدري الصحابي الشهير (الغدير 10: 205)
وقال أيضاً عن طريق الحسن بن سفيان الذي أورده ابن عدي في الكامل: وطريق الحسن بن سفيان هذا أيضاً صحيح رجاله كلهم ثقات (الغدير 10: 206).
ونقل السيد محمد بن عقيل في تقوية الإيمان قول ابن عزوز في تصحيح حديث أبي سعيد عن البلاذري: حديث أبي سعيد الخدري أول سنده إسحاق من رجال السنن وثقة ابن معين والدار القطني متفق على صدقه وأخرج له البخاري في الأدب المفرد, حجاج بن محمد من رجال الصحيحين, حماد بن سلمة من رجال الصحيح من الأعلام الذين لا سأل عنهم, علي بن زيد من رجال السنن قال الترمذي صدوق, أبو نضرة من رجال الصحيح انتهى (تقوية لإيمان :139)
أقول: علي بن زيد بن جدعان وأن ضعفوه ولكن ليس على أطلاقه فأنه لا يأخذ بحديثه عندهم إذا انفرد فقد قالوا فيه ليس بقوي ويكتب حديثه وروى عنه الناس (الجرح والتعديل 6: 186) وقالوا فيه كان شيخاً جليلاً وكان يهم في الأخبار ويخطئ في الآثار حتى كثر ذلك في أخباره وتبين فيها المناكير التي يرويها عن المشاهير فاستحق الترك والإحتجاج به (كتاب المجروحين 2: 103) وقالوا عنه أنه كان رفاعاً وكان رافضياً (الكامل 5: 195) وقالوا واهي الحديث ضعيف فيه ميل عن القصد (تهذيب التهذيب 7: 283) .
ولكنهم في المقابل قالوا فيه كان من فقهاء البصرة ولا بأس به وثقة صالح الحديث ولا يجالسه إلا الأشراف, وقالوا له لما مات الحسن البصري أجلس مجلس الحسن, ويصلي الليل كله وكان حافظا ًللقرآن (تهذيب الكمال 20: 434) والإمام العالم الكبير وكان من أوعية العلم على تشيع قليل فيه وسوء حفظ يغضه من درجة الإتقان وصدوق (سير أعلام النبلاء 5: 206) وكان من أهل الصدق ويحتمل لرواية الأجلة عنه (تهذيب التهذيب 7: 283) فهم اختلفوا فيه (ميزان الإعتدال 3: 127) وقد روى له البخاري في الأدب المفرد ومسلم مقروناً بثابت البناني والباقون ( تهذيب الكمال 20: 434) .
وهو في هذا الحديث متابع من قبل ابن أبي نضرة عبد الملك عن أبيه أبي نضرة كما عن ابن حبان في المجروحين (1: 157) ومتابع من قبل مجالد عن أبي الوداك .
وهم قد تركوا حديثه لما يعتقدون فيه من نكارة مثل هذا الحديث مورد البحث وقد مر عليك قول ابن حجر العسقلاني في تهذيب التهذيب بأن: أنكر ما روى ما حدث به من هذا الحديث (إذا رأيتم معاوية على هذه الأعواد فاقتلوه)( تهذيب التهذيب 4: 601) .
الثالث: ورد ابن الجوزي حديث ابن مسعود بقوله: أما حديث ابن مسعود ففيه رجلان متهمان بوضعه أحدهما عباد بن يعقوب وكان غالياً في التشيع روى أحاديث أنكرت عليه في فضائل أهل البيت ومثالب غيرهم. قال ابن حبان: كان رافضياً داعية يروي المناكير عن المشاهير فاستحق الترك والثاني الحكم بن ظهير قال يحيى بن معين : ليس بشيء, وقال مرة: كذاب, وقال السعدي: ساقط, وقال النسائي: متروك الحديث, وقال ابن حبان: كان يروي عن الثقات الموضوعات (الموضوعات 2: 25) وكذا فعل السيوطي قال عن الحديث: موضوع عباد رافضي والحكم مترك كذاب (اللآليء المصنوعة 1: 388) وابن كثير في البداية والنهاية قال: وأسنده أيضاً من طريق الحكم بن ظهير وهو متروك عن عاصم عن زرعن ابن مسعود مرفوعاً (البداية والنهاية 8: 141) .
وأنت ترى أن الثلاثة وأقتصروا على روايته من طريق الحكم بن ظهير ولم يرووا طريق عباد بن يعقوب عن شريك عن زر كما عند السمعاني في الأنساب (3: 95) وأبن حبان في المجروحين (2: 172) لما ستعرفه من وثاقة وصدق عباد بن يعقوب.
وقد صحح العلامة الأمين طريق عباد بن يعقوب عن شريك قال:
1- عباد بن يعقوب الأسدي أبو سعيد الكوفي من رجال البخاري والترمذي وأبن ماجة وثقه ابن خزيمة وأبو حاتم وقال الدار قطني شيعي صدوق.
2- شريك النخعي الكوفي, من رجال مسلم في صحيحه والبخاري في التعاليق وأصحاب السنن الأربعة, وثقه ابن معين والعجلي ويعقوب بن شيبة وابن سعيد وأبو داود والحربي.
3- عاصم بن بهدلة الأسدي الكوفي أبو بكر المقري, من رجال الصحاح الستة متفق على ثقته .
4- زر بن حبيش الكوفي مخضرم أدرك الجاهلية من رجال الصحاح الستة.
5- عبد الله بن مسعود الصحابي العظيم.
فالإسناد صحيح رجاله كلهم ثقات (الغدير 10: 207)
أقول: أن في تضعيفهم لعباد بن يعقوب تجد الميل والحيف بأوضح صوره من هؤلاء الذين تصدوا لرد أحاديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) ووصمها بالموضوعات, فهذا ابن حجر ينقل تصريحهم بصدق ووثاقة عباد بن يعقوب بعد أن ذكر أن شيوخه ومن روى عنه كالبخاري والترمذي وابن ماجة وابن حاتم وأبو بكر البزار وغيرهم قال: قال الحاكم كان ابن خزيمة يقول حدثنا الثقة في روايته المتهم في دينه عباد بن يعقوب, وقال أبو حاتم شيخ ثقة, وقال ابن عدي سمعت عبدان يذكر عن أبي بكر بن أبي شيبة أو هناد بن السري أنهما أوحدهما فسقه ونسبه إلى أنه كان يشتم السلف, قال ابن عدي وعباد فيه غلو في التشيع وروى أحاديث أنكرت عليه في الفضائل والمثالب وقال صالح بن محمد كان يشتم عثمان قال وسمعته يقول الله أعدل من أن يدخل طلحة والزبير الجنة لأنهما بايعا علياً ثم قاتلاه وقال القاسم ين زكريا ...ثم نقل عنه قصة بعيدة.
ـ إلى أن قال ـ : وقال إبراهيم بن أبي بكر بن أبي شيبة لولا رجلان من الشيعة ما صح لهم حديث عباد بن يعقوب وإبراهيم بن محمد بن ميمون, وقال الدار القطني شيعي صدوق, وقال ابن حبان كان رافضياً داعية ومعه ذلك يروي المناكير عن المشاهير فإستحق الترك ... الخ ( تهذيب التهذيب 5: 95).
وقال في تقريب التهذيب: صدوق رافضي حديثه في البخاري مقرون بالغ ابن حبان فقال: يستحق الترك : (تقريب التهذيب 1: 469) .
وقال الذهبي: من غلاة الشيعة ورؤوس البدع لكنه صادق الحديث (ميزان الإعتدال 2: 379).
وما أنت قد عرفت سبب تركهم لحديثه من أنه كان يشتم السلف كالزبير وطلحة وعثمان وله أحاديث مناكير فاستحق الترك بها وأنه داعية وأن من قام بهذه الكبرة هو ابن حبان فلننظر ماذا قال: وكان رافضياً داعية إلى الرفض ومع ذلك يروي المناكير عن أقوام مشاهير فاستحق الترك وهو الذي روى عن شريك عن عاصم عن زر عن عبد الله قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) (إذا رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه) (كتاب المجروحين 2: 172).
وقد عرفت أن حديث الأمر بقتل معاوية له أكثر من طريق صحيح وأما قوله بأنه كان داعية فقد أجابه على ذلك السمعاني قال بعد أن نقل عبارة ابن حبان: قلت روى عنه جماعة من مشاهير الأئمة مثل أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري لأنه لم يكن داعية إلى هواه ... الخ (الأنساب 3: 95) .
وأما كلامهم عن الحكم بن ظهير:
فقد نقل العقيلي عن يحيى : ليس بشيء, وعن البخاري منكر الحديث ثم روى عن روايتين قال: وروى عن عاصم عن ذر عن عبد الله عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال (إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما) وبهذا الإسناد (فإذا رأيتم فلاناً على المنبر فاقتلوه) وله عن عاصم مناكير ولا تصح من هذه المتون عن النبي (صلى الله عليه وآله) شيء من وجه ثابت (ضعفاء العقيلي 1: 259) .
ونقل ابن عدي عن العباس عن يحيى قال الحكم بن ظهير ليس بشيء وزاد ابن حماد وقد سمعت منه وليس بثقة وعن السعدي ساقط وعن النسائي كوفي متروك الحديث وعن أبي داود السجستاني يقول سمعت يحيى بن معين يقول كذاب (الكامل 2: 208) .
ونقل المزي عن الجوزجاني قوله: ساقط لميله وأعاجيب حديثه عن أبو زرعة: واهي الحديث متروك الحديث وعن أبو حاتم: متروك الحديث لا يكتب حديثه وعن الترمذي: وقد تركه بعض أهل الحديث, وعن النسائي: متروك الحديث (تهذيب الكمال7: 99) .
وأجابهم السيد محمد بن عقيل في العتب الجميل على أهل الجرح والتعديل تحت عنوان فيمن جروحه من الشيعة قال: الحكم بن ظهير الفزاري أبو محمد الكوفي ذكره في (تهذيب التهذيب) وذكر من ذمه وكذبه ومن قال أنه مائل ساقط متروك الحديث كان يشتم الصحابة ويروي عن الثقات الموضوعات إلى نحو ذلك ثم قال: وهو الذي روى عن عاصم عن ذر عن عبد الله (إذا رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه) وروى حديث (إذا بويع لخليفتين, الخ ) وأقول ـ القول للسيد محمد بن عقيل ـ : أرى ذنب الحكم هذا روايته هذين الحديثين وكلاهما صحيح وقد ذكرت النقل في تصحيح سند الحديث الأول وطرقه وأن رجاله كلهم رجال الصحيح في كتاب (تقوية الإيمان ) والحديث الثاني رواه مسلم ومما يفيد الأمر بقتل معاوية ما أخرجه أحمد في سنده ولفظه (من قاتل علياً على الخلافة فاقتلوه كائناً من كان) فيكون ذنب الحكم روايته لما لا يروق النواصب من صحيح أحاديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) فتأمل (العتب الجميل :63)
الرابع: رد السيوطي الحديث برواية سهل بن حنيف قال: ورواه محمد بن إسحاق عن محمد بن إبراهيم التيمي عن أبي إمامة بن سهل بن حنيف عن أبيه قال ابن عدي وهذا بهذا الإسناد لم أكتبه إلا عن علي بن سعيد عن الحسن بن عيسى الرازي عن سلمة بن الفضل عن محمد بن إسحاق وسلمة ضعفه إسحاق بن راهويه, وقال البخاري في حديثه مناكير والله أعلم (اللآلئ المصنوعة 1: 389).
نقول: أن تضعيف بن راهويه لسلمة لا يضر ووصف البخاري لأحاديثه بالنكارة معروف سببه .
فأما عدم أهمية تضعيف أبن راهويه فلأن الحاكم صحح عدة أحاديث في سندها سلمة بن الفضل الأبرش وقال (هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه) ( المستدرك 2: 142, 215, 3: 160و 4: 244) .
وقال عنه يحيى بن معين ثقة كتبنا عنه كان كيساً مغازيه أتم ليس في الكتب أتم من كتابه, وقال عنه أخرى : كتب عنه وليس به بأس كان يتشيع, وقال مرة ثالثة: سمعت جريراً يقول: ليس من لدن بغداد إلى أن تبلغ خراسان أثبت في أبن إسحاق من سلمة بن الفضل وقال عنه أبو حاتم: محله الصدق في حديثه إنكار لا يمكن أن أطلق لساني فيه بأكثر من هذا يكتب حديثه ولا يحتج به, وقال ابن سعد: ثقة صدوقاً وأنه كان من أخشع الناس في صلاته (تهذيب الكمال 11: 307) وذكره ابن حبان في الثقات وقال: يخالف ويخطئ (8: 287) وقال ابن حجر: صدوق كثير الخطأ (تقريب التهذيب 1: 378) .
وتضعيف من ضعفه راجع إلى ما نسبوا له من مناكير, فقد ضعفه ابن راهويه فقال عنه: في حديثه بعض المناكير (كتاب المجروحين لأبن حبان 1: 337) وقال عنه البخاري: عنده مناكير (التاريخ الكبير 4: 84, الضعفاء الصغير :75)
وأجابهم ابن عدي قال: ولم أجد في حديثه حديثاً قد جاوز الحد في الأنكار وأحاديثه مقاربة محتملة (الكامل 3: 340) ومنه تعرف أن مرادهم من المناكير هو رواية لمناقب أهل البيت (عليهم السلام) ومثالب أعدائهم كهذا الحديث الذي نحن بصدده ولما كان فيه من تشيع, فقد نقلنا قول يحيى بن معين: ليس به بأس كان يتشيع, ولذا قال أبو زرعة: كان أهل الري لا يرغبون فيه لمعان فيه من سوء رأيه وظلم فيه وقال علي بن المديني: ما خرجنا من الري حتى رمينا بحديثه (تهذيب التهذيب 4: 135) وأنت ترى أن التضعيف والجرح جاء من أهل الري لسوء رأيهم في التشيع وقد كان سلمة بن الفضل الأبرش قاضيهم.
الخامس: رد السيوطي الحديث برواية جابر بن عبد الله قال: قلت: قال ابن طاهر في أطراف الكامل ورواه سفيان بن محمد الفزاري عن منصور بن سلمة عن سليمان بن بلال عن جعفر بن محمد بن أبيه عن جابر, قال ابن عدي سوى سفيان الفزاري هذا وإنما يرويه سليمان عن جعفر بن محمد عن جماعة من أهل بدر وسليمان ثقة ومنصور لا بأس به قال ابن طاهر وجعفر وأبوه لم يدركا أحد من الصحابة المتأخرين فكيف بأهل بدر وسفيان الفزاري من أهل المصيصة يسرق حديث الناس ويروي عن الناس المناكير (اللآلئ المصنوعة 1: 388) .
أقول: ما قاله ابن طاهر في سفيان الفزاري صحيح ولكن ابن عدي ذكر سنده إلى جعفر عن غيره كما أوردناه سابقاً.
وأما رده لحديث الإمام الصادق جعفر بن محمد عن أبيه الباقر (عليه السلام) بأنهما لم يدركا أهل بدر فمردود من جهة أن الأئمة من أهل البيت (عليهم السلام) يرون عن آبائهم (عليهم السلام) لا عن أحد من الناس وأبو الباقر (عليه السلام) علي السجاد (عليه السلام) وأبو السجاد (عليه السلام) الحسين (عليه السلام) وأبو الحسين علي (عليه السلام) وهو ممن حضر بدر, هذا وعلى مبنى الشيعة فإن قول المعصوم بنفسه كاف عندهم .
السادس: ومما مضى ظهر لك عدم صحة قول االعقيلي في الضعفاء ولا تصح من هذه المتون عن النبي (صلى الله عليه وآله) شيء من وجه ثابت (الضعفاء 1: 259) فقد أوضحنا عدة طرق صحيحة للحديث لم يذكرها العقيلي ولم يوردها ابن الجوزي ولا السيوطي ولا ابن الكثير فهل كان ذلك منهم خيانة للأمانة دفاعاً عن معاوية؟ الله أعلم !! وإلا كيف تخفى عليهم طرق أخرى للحديث وهو يتصدون للحكم عليه بل لوصمه بالوضع .
ألا ترى فعلهم في دفاعهم عن معاوية نابع من نصب خفي وحب آل أمية ظاهر عندما يحكمون على حديث فيه مثل هذه الطرق بالوضع فعلى أكثر الأحوال فإن رجال الطرق التي ذكروها هم مختلف فيها عندهم أو ضعفاء بإعترافهم فإن مثل عمرو بن عبيد ومجالد وعلي بن زيد والحكم بن ظهير وسلمة بن الفضل ضعفاء عندهم على أشد الأقوال لا وضاعين وأما المصيبة فعند عباد بن يعقوب فهو صدوق ثقة بشهادتهم ...فما عسانا أن نقول ألا أن نترك حسابهم على الله ونكلهم إلى جوابهم لرسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم القيامة !!
السابع: وظهر لك مما ذكرناه من طرق ما في حصر ابن الجوزي روايته عن ابن مسعود وأبي سعيد والحسن (المضوعات 2: 25) فإنا أوردناه أيضاً عن الحسين (عليه السلام) كما في الفتوح لأبن أعثم وسهل بن حنيف كما في الكامل لأبن عدي وعبد الرحمن بن سهل الأنصاري كما في تاريخ دمشق لأبن عساكر وعن قوم من بني عبد الأشهل كما في الملاحم والفتن عن كتاب الفتن للسليلي وعن جعفر الصادق (عليه السلام) كما في الكامل لأبن عدي ولم يثبت عن جابر بن عبد الله الأنصاري .
الثامن: ثم أن البخاري حاول رد متن الحديث فقال في التاريخ الصغير: وقد أدرك أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) معاوية أميراً في زمن عمر وبعد ذلك عشر سنين فلم يقم إليه أحد فيقتله وهذا مما يدل على هذه الأحاديث أن ليس لها أصول ولا يثبت عن النبي (صلى الله عليه وآله) خبره على هذا النحو في أحد من أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) أنما يقوله أهل الضعف بعضهم في بعض إلا ما يذكر أنهم ذكروا في الجاهلية ثم أسلموا فمحا الإسلام ما كان قلبه (التاريخ الصغير 1: 163) .
وتبعه ابن كثير قال: وهذا الحديث كذب بلا شك ولو كان صحيحاً لبادر الصحابة إلى فعل ذلك لأنهم كانوا لا تأخذهم في الله لومة لائم (البداية والنهاية 8: 141) .
وقال ابن حجر الهيثمي في (تطهير الجنان) : زعم بعض الملحدة الكذبة الأغبياء الأشقياء أخوان الضلالة والعناد والبهتان والفساد أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: (إذا رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه) وأن الذهبي صحح هذا الحديث وليس الأمر كما زعم بل ضل وأفترى ولم يصححه الذهبي إنما ذكره في تاريخه ثم بين أنه كذب موضوع لا أصل له على أنه يلزم على فرض ذلك نقيصة سائر الصحابة أن بلغهم ذلك الحديث أو نقيصة من بلغه منهم وكتمه لأن مثل هذا يجب تبلغيه للأمة حتى يعلموا به, على أنه لو كتمه لم يبلغ التابعين حتى نقلوه لمن بعدهم, وهكذا فلم يبق إلا القسم الأول وهو أن يبلغهم فلا يعملون به وهو لا يتصور شرعاً, إذا لو جاز عليهم ذلك جاز عليهم كتم بعض القرآن أو رفض العمل به وذلك محال شرعاً, لا سيما مع قوله (صلى الله عليه وآله) تركتكم على الواضحة البيضاء: الحديث.
ومما يصرح بل يقطع بكذب ناقل هذا الحديث تولية عمر له دمشق الشام مدة ولايته وثناؤه وثناء من مر من الصحابة عليه حتى علي رضي الله عنهم وأخذهم العلم عنه ومما يقطع بمثل كذبه أيضا ً أن مثل هذا الحديث مما تتوفر الدواعي على نقله وإظهاره لا سيما عند وقوع تلك الحروب والفتن وكونه حارب الخليفة الحق الذي معه أكثر الصحابة وقاتله, بل وإحتال عليه حتى خلع نفسه بخلع نائبه له عند التحكيم أبي موسى الأشعري وعمرو بن العاص بل بعد موت علي (عليه السلام) سعى مع الحسن الذي هو الخليفة أيضا ً بإجماع أهل الحل والعقد عليه حتى نزل له عن الخلافة أيضاً بإجماع فسمي يومئذٍ بأنه الخليفة الحق ووافقه كل الصحابة على ذلك, ولم يطعن أحد من أعدائه فضلاً عن أصدقائه بقدح في خلافته بشيء مطلقاً بل كلهم اتفقوا وأجمعوا أنه الخليفة الحق حينئذ فهل بقي مع هذا كله فضلاً عن بعضه تردد في كذب هذا الحديث ووجوب الإعراض عنه وأن لا يحل روايته ألا لتبين أمره وإظهار كذب ناقله ....الخ (تطهير الجنان المطبوع مع الصواعق المحرقة : 38) .
أقول: إننا لا نريد التفصيل في الجواب بعد أن ذكرنا تصحيح عدة طرق للحديث فرده بمثل هذه التمحلات والترهات لا يعدو كونه سماجة وسقاعة وهذر ناتج عن نصبٍ دفين بل ظاهر ومجابه لرسول الله (صلى الله عليه وآله) دفاعاً عن معاوية الطليق ابن الطليق واللعين ابن اللعين.
ولكن ننقل رد العلامة الأميني على أساس دعواهم, قال: ما أحسن ظن هؤلاء القوم بالصحابة وما أجمله لو كان يساعده المنطق لو لم يخالفه التاريخ الصحيح والثابت المسلم من سيرة الصحابة أو ما جاء عن النبي (صلى الله عليه وآله) من أقواله التي تلقتها الأمة بالقبول ورواها أئمة الحديث في الصحاح والمسانيد مما أسلفنا شطراً منه في الجزء الثالث.
وهل عمل الصحابة أو عيونهم بأمره (صلى الله عليه وآله) في قتل ذي الثدية بعد ما عرفه إياهم بشخصه وأنبأهم بهواجسه المكفرة واعترف الرجل بها؟ أو خالفوه وضيعوا أمره ونبذوه وراء ظهورهم وهو بين ظهرانيهم ...
وهل عملوا بما صح وثبت عندهم من قوله (صلى الله عليه وآله) إذا بويع لخليفتين فإقتلوا الآخر منهما؟ أو قوله: من أراد أن يفرق أمر هذه الأمة وهي جميع فأضربوه بالسيف كائناً من كان أو قوله فإن جاء آخر ينازعه ـ الإمام ـ فاضربوا عنق الآخر (الغدير 10: 210) .
أقول: وهل غاب عنهم تخلفهم عن سرية أسامة وعصيانهم أمره بإحضار الدواة والقلم وزعمهم بأنه (صلى الله عليه وآله) يهجر ـ أعوذ بالله ـ وهل ردوا على معاوية لما استلحق زياد أو قتل حجر بن عدي وغيرها وغيرها ...
وننقل أيضاً رد السيد محمد بن عقيل في النصائح الكافية : قلت: أما دعوى وضعه من حيث رجال أسانيده وضعفهم فليس لنا فيه كلام لأن القول ما قالوه وليسوا بمتهمين في ذلك ـ أقول لكنه رجع (ره) ورد تضعيفهم بطريقي البلاذري عن الحسن البصري وأبو سعيد كما ذكرناه عن تقوية الإيمان ـ وأما دعوى فساده من حيث المعنى فمردودة لأن عدم الإنكار عليه وعدم قتله لا يستلزم عصيان من اطلع عليه من الصحابة فضلاً عن إستلزام ارتداده كما زعموا بل هم معذورون في عدم قتله لعجز كل منهم في ذلك ولتيقنهم عدم قبوله للحق مهما أنكروا عليه باللسان بل تخشى منه فتنة عظيمة كيف وهم لا يقدرون على إزالة منكر واحد من منكراته التي يرتكبها بمرأى منهم ومسمع فضلاً عن قدرة أحد منهم على قتله فلا لزوم لما ذكروا ولا فساد من جهة المعنى على أنه لو صح ما ذكروا من الاستلزام للزمهم ذلك أيضاًَ بحديث مسلم (إذا بويع لخليفتين فإقتلوا الآخر منهما) فهذا الحديث كالصريح في الأمر بقتل معاوية ومؤدى الحديث الذي ذكروا أنه موضوع في الأمر بقتل واحد إذ هو منطبق تماماً على معاوية فانه أول من بويع له بالخلافة بالشام والخليفة الحق موجود والصحابة معذورون بعدم إستطاعتهم لأنه متحصن بالآلاف المؤلفة من جنود الشام الذي لم يفرق الكثير منهم بين الجمل والناقة والذين يعتقد الكثير منهم ـ بتغرير معاوية ـ أنه أقرب قريب إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأصرح من حديث مسلم في هذا المعنى ما أخرجه أحمد في مسنده (من قاتل علياً على الخلافة فاقتلوه كائناً من كان) .
وإنما نبهت على هذا وبينته لأني رأيت كثيراً من أنصار معاوية قاموا وقعدوا وشددوا النكير والسباب والحنق على ناقلي ذلك الحديث إستعضاماً منهم للأمر بقتل معاوية الذي أمر الله في القرآن بقتاله وأمر النبي (صلى الله عليه وآله) في حديث مسلم بقتله وقد أجمع أهل السنة والشيعة على وجوب قتال معاوية علينا لو حضرناه وأن قتله إذ ذاك حسنة وفضيلة يثاب فاعلها عليها قال أبو حنيفة رحمه الله أتدرون لم يبغضنا أهل الشام قالوا لا, قال: لأنا نعتقد أن لو حضرنا عسكر علي بن أبي طالب كرم الله وجهه لكنا نعين علياً على معاوية ونقاتل معاوية لأجل علي فلذلك لا يحبوننا كذا في التمهيد في بيان التوحيد لأبي شكور السلمي, وقد كابر الشيخ ابن حجر في تطهير الجنان مكابرة عظيمة لا تليق بذوي العلم والإنصاف عند ذكره فساد ذلك الحديث من جهة المعنى حتى زعم هناك أن معاوية احتال على سيدنا علي كرم الله وجهه حتى خلع نفسه عن الخلافة بخلع نائبه أبو موسى الأشعري عن الخلافة له عند تحكيمه وتحكيم عمرو بن العاص وزعم أيضاً أن الصحابة كلهم اتفقوا على أنه الخليفة الحق وأنه لم يطعن عليه أحد من أعدائه فضلاً عن أصدقائه بقدح في خلافته بشيء مطلقاً هذا كلام ابن حجر سامحه الله نترك الحكم فيه لمن له أدنى إطلاع وإلمام بالحديث والسير والتاريخ (النصائح الكفاية :58) .
أقول: يكفيك لمعرفة حال الصحابة وما وصلوا إليه نفس رواية البلاذري عن الأنصاري الذي أراد قتل معاوية ومنعوه حتى يكتبوا إلى عمر, فهم يعلقون تنفيذ أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) الصريح حتى يستأذنوا عمر فمتى كانت نبوة عمر حاكمة على نبوة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ـ أستغفر الله ـ بل يكفيك ما في الرواية من تهمة لعمر بأنه لم يرد عليهم حتى مات .
فإن فعل عمر بتولية معاوية لا يرد الحديث الصحيح بل يرجع بالطعن والإزراء والتهمة على عمر ـ فتأمل ـ!!
فإن رواية البلاذري تكفي وحدها لرد ما قاله البخاري بأن أحداً لم يقم ليقتله ولكنها توضح لك ما وصل إليه الصحابة من خنوع وغفلة عن طاعة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وتكفي لرد ما قاله ابن كثير أن من الصحابة كانوا لا تأخذهم في الله لومة لائم إذ لو كان ما قاله صحيحاً فلماذا خافوا من لومة عمر وخالفوا أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) . فضلاً عما أوردناه سابقاً من عدم ردهم على معاوية عندما قتل حجر واستلحق زياد وولى أبنه الخمير السكير يزيد !!
ثم ألم ننقل لك رواية ابن أعثم من أن الحسين (عليه السلام) أقسم بأن أهل المدينة رؤوه على منبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولم يفعلوا ما أمروا به, وألم يقل أبو سعيد الخدري (فلن نفعل ولم نفلح) وقول الحسن البصري (فما فعلوا ولا أفلحوا) كما عن نصر في وقعة صفين (ص216) .
وأما ما ذكره الهيثمي الذي هو أشبه بالهذر من الكلام المقبول فهو كلام ناصبي موتور جاش في صدره النصب فقال عن رواة الحديث (الملحدة الكذبة والأغبياء الأشقياء أخوان الضلالة والعناد والهذيان والفساد) و قد أوردنا لك من رواه من العلماء والثقات الذين لو كانوا كما وصفهم الهيثمي لكانت الشنعة عليه وعلى أهل السنة أكثر لأنهم من حملة حديثهم وأسفارهم ومسانديهم.
نقول: نعم يلزم النقيصة على من حضر من الصحابة ولم يقتله وهذا ما ألزمهم به الحسين (عليه السلام) وهل هذه أول مرة ظهر منهم الخذلان والخور عن تنفيذ أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) فبالأمس ظلمت الزهراء وغصب حقها فدخلوا بيوتهم وأغلقوا أبوابهم جبناً وخوراً.
ثم أنهم كم كتموا من أحاديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) خوفاً وتقية وهل هذا الحديث فقط هو الواجب إبلاغه حتى لا يتصور منهم كتمانه بل كل ما قاله رسول الله (صلى الله عليه وآله) واجب إبلاغه فهو من تبليغ الدين ولكنهم طاعوا عمر لما أمرهم بعدم التحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) على أنك عندما تستحضر الإرهاب والمنع الذي مورس ضد الحديث تعجب كيف وصلنا مثل هذا الحديث فما هو إلا معجزة من معاجز نبينا (صلى الله عليه وآله) .
وأما كذبه بثناء علي (عليه السلام) على معاوية فهو لا يستحق الرد ومثله قوله بأخذ الصحابة العلم عن معاوية, ولكن مما يبكي بل ويضحك دفاعه عن خليفة ينص هو على إحتياله لنيل الخلافة وسعيه بالحسن (عليه السلام) للتنازل عنها, فهل يليق مثل هذا الدفاع من الهيثمي إلا لمثل هكذا خليفة وهل لنا إلا أن نهنئ الهيثمي بهذا الخليفة فهو يليق له وهل تصورهم عن الخلافة إلا هذا, اللهم نحن نبرأ إليك من هكذا خلافة وخلفاء.
التاسع: لقد حاول البعض من القوم تحريف الحديث ولكن رد عليهم بني جلدتهم قبل غيرهم قال ابن جوزي في الموضوعات: وقد تحذلق قوم لينفوا عن معاوية ما قذف به (أقول: لقد ظهر صحة هذا الحديث مما مضى وأن من رواه لم يقذف معاوية) في هذا الحديث ثم انقسموا قسمين, فمنهم من غير لفظ الحديث وزاد فيه ومنهم من صرفه إلى غيره.
ذكر من صنع القسم الأول: أنبأنا عبد الرحمن بن محمد القزاز أنبأنا أحمد بن علي الخطيب حدثني الحسن بن محمد الخلال حدثنا يوسف بن أبي حفص الزاهد حدثنا محمد بن إسحاق الفقيه املاءٍ قال حدثني أبو نصر الفاري حدثنا الحسن بن كثير حدثنا بكر بن أيمن القيسي حدثنا عامر بن يحيى الصريمي حدثنا أبو الزبير عن جابر قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا رأيتم معاوية يخطب على منبري فأقبلوه فإنه أمين مأمون) قال الخطيب لم أكتب هذا الحديث إلا من هذا الوجه ورجال إسناده ما بين محمد بن إسحاق وأبي الزبير كلهم مجهولون, ومحمد بن إسحاق كثير المناكير.
ذكر ما صنع القسم الثاني: أنبأنا محمد بن ناصر الحافظ أنبأنا عبد القادر بن محمد أنبأنا أبو إسحاق البرمكي أنبأنا أحمد بن إبراهيم بن شاذان قال قال لي أبو بكر بن أبي داود لما روى حديث معاوية ( إذا رأيتم معاوية على منبري فإقتلوه) قال هذا معاوية التابوت بن نذر أن يقذر على منبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) وليس هو معاوية بن أبي سفيان..
قال المصنف قلت: وهذا يحتاج إلى نقل ومن نقل هذا ومن معاوية بن التابوت (الموضوعات 2: 26) وانظر ما قاله السيوطي في اللآلئ المصنوعة (1: 389) وكذلك العلامة الأميني في الغدير (10: 208) .
منقول عن مركز الأبحاث