إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الشعائر الحسينية الثابتة.

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الشعائر الحسينية الثابتة.


    بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صل على محمد وآل محمد

    هناك شعائر منصوصٌ عليها، وبما أنه ورد النص فيها، فلا كلام في أنها راجحة ومستحبة في كل زمان وفي كل مكان.


    الشعيرة الأولى: البكاء.


    عندنا روايات معتبرة تدل على استحباب شعيرة البكاء: ”من ذُكِرْنا عنده فسال من عينه مقدار جناح بعوضة غفر الله له ذنوبَه“. هناك بعض الحداثيين الذي يحاول يلغي حتى البكاء، ويقول: هذه الروايات جاءت في ظروف معينة، الروايات التي تحث على البكاء جاءت في ظروف قاتمة، باعتبار أنه في زمن بني أمية لم يكن لدى الأئمة وسيلةٌ لترويج قضية الحسين إلا البكاء، فبما أنه لم تكن هناك وسيلة نتيجة القمع الأموي، ونتيجة الضغط الأموي، لم تكن هناك وسيلة لترويج مبادئ الحسين إلا البكاء، لذلك جاءت الروايات تحث على البكاء، فهذه الروايات ناظرةٌ لمرحلة معينة، وهي تلك المرحلة الزمنية، ولا تدل على استحباب البكاء في كل زمن، وفي كل مجتمع، وهذا ما يعبّر عنه بتاريخية النص، بمعنى أن النص منوطٌ بتاريخ صدوره، وظروف صدوره.
    نحن بحسب موازيننا الحوزوية لا نقبل ذلك، الميزان الحوزوي يقول: هذه الروايات وردت على نحو القضية الحقيقية لا على نحو القضية الخارجية، هذه الروايات جاءت في مقام التشريع، فهي تتكلم عن مبدأ عام وقانون عام وحكم عام، يتجاوز الزمن، ويتجاوز المكان، ويتجاوز الظروف التي صدر فهيا النص. ولو بنينا على ما يطرحه الحداثيون لألغينا أكثر أحكامنا الشرعية؛ لأن نصوصها صدرت في ظروف معينة، كقوله تعالى: ﴿وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾، هذا النص ورد في ظرف لم يكن فيه تضخم في العملة، النقد في ذلك الوقت كان نقدًا من الذهب والفضة، لم يكن هناك مجال لتضخم العملة، في ذلك الوقت الإسلام حرّم الربا، إذن تحريم الربا جاء في ظروف معينة، وهي ظروف ليس فيها تضخم في العملة، لا نستطيع أن نسري هذا الحكم إلى زماننا هذا، وهو زمان التضخم في العملة، وهكذا ننتهي من حرمة الربا.
    كذلك أيضًا قوله تعالى: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ﴾، نقول: القرآن أعطى القوامة للرجل في زمن لم تكن فيه المرأة متعلمة، الآن المرأة أستاذة في الجامعة، الآن المرأة مثقفة، الآن المرأة ترأس الدولة، إذن تغيرت المرحلة، إذن هذا النص ناظر لتلك المرحلة، وهكذا، فهذه النظرة - نظرة بعض الحداثيين - المسماة بتاريخية النص نتيجتها إلغاء الكثير من الأحكام الشرعية. نحن نقول: ظاهر النص مطلق، ومقتضى إطلاقه أنه قضية حقيقية تتجاوز الزمن والمكان والظرف، إذن فالبكاء مستحبٌ في كل زمان وفي كل مكان.

    الشعيرة الثانية: المأتم.

    الحضور في المأتم شعيرةٌ في نفسه، ومستحبٌ في نفسه، سواء أعجبني الخطيب أم لم يعجبني، لا علاقة له بالخطيب، الحضور في المأتم شعيرة، وأمر مستحب في نفسه، كما في معتبرة الفضيل بن يسار: يا فضيل، أتجلسون وتتحدثون؟ قلت: بلى سيدي، قال: ”إني أحب تلك المجالس، فأحيوا فيها أمرنا، من جلس مجلسًا يحيا فيه أمرنا لم يمت قلبه يوم تموت القلوب“. إذن، الحضور نفسه أمر مستحب.

    الشعيرة الثالثة: الندبة والرثاء.

    هذه التي يأتي بها الخطيب، الندبة بالشعر، أو الرثاء بالقصة، هذا أمرٌ نصَّت عليه بعض النصوص، كما في هذه الرواية، لعله يخاطب عنترة بن هارون، يقول له: أزرت جدّي الحسين؟ قلت: بلى، زرت قبر جدك الحسين. قال: سمعت أن الناس يفدون على قبر جدي فبين نادب يندب - الإمام يتكلم وهو في مقام المدح والثناء - وراثٍ يرثي وقاصٍّ يقص. قلت: سيدي، رأيت بعض ذلك. قال: ”الحمد لله الذي جعل من شيعتنا من يفد إلينا، ويندبنا، ويرثينا“، الإمام يمدح ويشجّع على هذه الشعيرة، ثم قال عبارة ينبغي التركيز عليها: ”وجعل من أعدائنا من يقبّح ذلك ويشنِّع عليهم“، أي أن هؤلاء الذين يشنّعون الشعائر الحسينية منذ ذلك اليوم، منذ ذلك الزمن، يقبّحون الشعائر، يشنّعون عليها.
    هذه الكلمة تعطينا مفهومًا: ليس المدار في الشعيرة على ما يستحسنه بعض الناس وما لا يستحسنه، دعه لا يستحسنه، استحسانه وعدم استحسانه لا قيمة له. والله أنا آتي وأقول: الشهادة الثالثة في الأذان لا يستحسنها بعض المذاهب الإسلامية، ويرون فيها غلوًا، أو يرون فيها خروجًا عما هو المرسوم من أذان النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، إذن هذه الشعيرة اتركها! لا، مجرد عدم استحسان بعض الفئات، أو بعض المذاهب الإسلامية، هذا ليس ميزانًا شرعيًا لإلغاء ما هو المستحب. نحن إذا قلنا باستحباب الشهادة الثالثة، طبعًا نحن لا ندّعي الجزئية، لا نقول: الشهادة الثالثة جزء من الأذان، فمن لم يقل الشهادة الثالثة لا يبطل أذانه ولا إقامته، الشهادة الثالثة ليست جزءًا من الأذان، ولكنها مستحبٌ في الأذان، مستحب ظرفه الأذان، مستحب نفسيٌ في نفسه، ومستحبٌ في كل وقت.
    من يقول باستحباب الشهادة في الأذان لا يلغي هذا الاستحباب لأن بعض الفئات من المذاهب الأخرى لا تراه! هذا ليس ميزانًا شرعيًا، فقد ورد عن الإمام الصادق في رواية الاحتجاج: ”من قال: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، فليقل: علي أمير المؤمنين“. إذا بنينا على تمامية هذه الرواية سندًا، وهي رواية واردة في الاحتجاج للشيخ الطبرسي، إذا بنينا على تماميتها سندًا، إذن الشهادة الثالثة مستحبة في كل وقت في الأذان وفي غيره، من قال كذا فكذا فليقل كذا. وإذا لم نبنِ على الرواية فالشهادة الثالثة ذكرٌ لله، وذكر الله راجحٌ في كل وقت. وقد أصبحت شعيرةً من شعائر المبايعين للإمام علي ع، الشهادة الثالثة هي إعلانٌ للبيعة، إعلانٌ لبيعة علي ع بالإمامة، وإعلان البيعة لعلي ع بالإمامة أمرٌ مستحبٌ وراجحٌ في نفسه.


    الشعيرة الرابعة: اللطم على الصدور.

    اللطم على الصدور نستفيد مشروعيته - كما يقول الفقهاء - من الدلالة الإمضائية. نحن ليست عندنا رواية تقول: الطموا، ولكن نستفيد شعيريته من الدلالة الإمضائية. نساء أهل البيت بعد مقتل الحسين حففن بالجسد الشريف ولطمن، وكان ذلك بمرأى وبمسمع من الإمام السجاد، فلم يعترض. نساء أهل البيت لما دخلن الكوفة لطمن، وكان بمرأى وبمسمع، افترض أنه في يوم كربلاء لم يكن قادرًا على ردعهن، لكنه في الكوفة كان يستطيع ردعهن، فلم يعترض ولم يردع. نساء أهل البيت عندما دخلن المدينة، لما رجعن إلى المدينة مرة أخرى، هذا معروف، أنهن دخلن باللطم على الصدور، والناس تشاركهن، والإمام زين العابدين لم يعترض ولم يردع. عدم اعتراض المعصوم وعدم ردعه - مع أنه قادر على الردع - في عدة مواطن يكشف عن إمضائه وإقراره بهذه الطريقة. إذن، هذه شعيريتها مستفادةٌ من دلالة الإمضاء، الدلالة الإمضائية. هذه الشعائر التي نعتبرها شعائر ثابتة.
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X