بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
مزايا حصلت لكربلاء ولم تحصل لأي معركة أخرى، تميزت حرب كربلاء ومشروع الحسين بمزايا لم تتمتع بها معركة قبلها أبداً:
الميزة الأولى: التنوع.
يوم كربلاء شاركت فيه كل الأعمار وكل الأصناف وكل الطاقات، شارك فيه الحر والعبد، شارك الرجل وشاركت المرأة في وسط المعركة تخطب وتندد زينب العقيلة ، يوم كربلاء شارك فيها الكهول والشباب والأطفال والصبيان، جمعت كربلاء كل الأعمار وكل الطاقات وكل العقول وهذا لم يحصل في معركة أخرى، لذلك قال أحد الكوفيين لما سمع خطبة أم كلثوم في الكوفة قال: بأبي أنتم وأمي كهولكم خير الكهول، وشبابكم خير الشباب، ونساؤكم خير النساء، ونسلكم خير نسل لا يخز ولا يبز.
إذن ضمت كربلاء مختلف الطاقات وهذه ميزة لم تتحقق في معركة أخرى أبداً.
الميزة الثانية: يوم الحرية.
الحسين أعطى المجال لكل الأحرار الحرية لأن يشارك أو ينسحب، لا أحد مجبور للمشاركة في المعركة، كان يوماً وفرصة لقيمة الحرية أن من يعيش حراً يشارك أو لا يشارك، لذلك الحر بن يزيد الرياحي أعرض عن المنصب والقيادة وأقبل يحبو على الأرض حتى وصل إلى الحسين وقبل يدي الحسين واستشهد بين يدي الحسين وسجل قيمة الحرية، وقال فيه الحسين بن علي: صدقت أمك حين سمتك حراً، أنت حر في الدنيا وسعيد في الآخرة.
الميزة الثالثة: يوم الإيثار.
هل سمعتم في معركة من معارك النبي أو معارك الإمام علي أخ واسى أخاه، أخ آثر آخاه! إنسان يصل به الظمأ والعطش إلى حد الموت وينزل إلى نهر الفرات ويمسك بالماء البارد ويصل الماء إلى يده ومع ذلك لا يتناول من الماء قطرة إيثاراً لأخيه وحبا له «يا نَفْسُ من بعدِ الحسينِ هُوني وبعدَهُ لاَ كُنْتِ أنْ تَكوني، هذا حسينٌ واردُ المَنونِ وتَشْربينَ بارِدَ المَعينِ، تاللهِ ما هذا فِعالُ دِيني ولا فِعَالُ صَادِقِ اليقينِ» ولذلك تقرأ في زيارته: السلام عليك أيها الأخ المواسي لأخيه. هذه المنقبة من الإيثار لم توجد في معركة أخرى تميزت بها معركة كربلاء.
الميزة الرابعة: الفداء والتضحية.
يوم عاشوراء تسابق فيه الشاب والشيخ والطفل والصبي والمرأة والرجل، يتنافسون على الشهادة ويتسابقون لنصرة ابن بنت رسول الله ، ويبرز الصغير والكبير «أنا علي بن الحسين بن علي نحن وبيت الله أولى بالنبي أضربكم بالسيف أحمي عن أبي، ضرب غلام هاشمي علوي» منطق الفداء ومنطق التضحية تجلى يوم كربلاء.
الميزة الخامسة: ارتباطها من أول يوم إلى آخر نفس بالله تبارك وتعالى.
الحسين مع كل حدث يربط الأمر بالله «هون ما نزل بي أنه بعين الله» وعندما يصدمه السهم المثلث يأخذ الدم بيديه ويصبغ شيبته ويرمق إلى السماء بنظره الضعيف ويقول: «إلهي تركت الخلق طراً في هواك وأيتمت العيال لكي أراك فلو قطعتني في الحب إرباً لما مال الفؤاد إلى سواك، إلهي رضا بقضائك وتسليماً بأمرك يا غياث المستغيثين» وأبى أن يعيش إلا عزيزاً